(الصفحة 69)
زوجها خاطباً من الخطّاب ، إن شاءت تزوّجته وإن شاءت لم تفعل ، فإن تزوّجها بمهر جديد كانت عنده على اثنتين باقيتين وقد مضت الواحدة ، فإن هو طلّقها واحدة أخرى على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين ، ثم تركها حتى تمضي اقراؤها فإذا مضت اقراؤها من قبل أن يراجعها فقد بانت منه باثنتين ، وملكت أمرها وحلّت للأزواج ، وكان زوجها خاطباً من الخطّاب ، إن شاءت تزوّجته وإن شاءت لم تفعل ، فإن هو تزوّجها تزويجاً جديداً بمهر جديد كانت معه بواحدة باقية وقدمضت ثنتان، فإن أراد أن يطلّقها طلاقاً لاتحلّ له حتّى تنكح زوجاً غيره، تركها حتى إذا حاضت وطهرت أشهد على طلاقها تطليقة واحدةً، ثم لاتحلّ له حتى تنكح زوجاًغيره. وأمّا طلاق الرّجعة(1) فإن يدعها حتى تحيض وتطهر ثم يطلّقها بشهادة شاهدين ، ثم يراجعها ويواقعها ، ثم ينتظربهاالطهر فإذاحاضتوطهرت أشهد شاهدين على تطليقة أخرى ، ثم يراجعها ويواقعها ثم ينتظر بها الطهر ، فإذا حاضت وطهرت أشهد شاهدين على التطليقة الثالثة ، ثم لا تحلّ له أبداً حتى تنكح زوجاً غيره ، وعليها أن تعتدّ ثلاثة قروء من يوم طلّقها التطليقة الثالثة ، فإن طلّقها واحدة بشهود على طهر ، ثم انتظر بها حتى تحيض وتطهر ثم طلّقها قبل أن يراجعها لم يكن طلاقه الثانية طلاقاً; لأنّه طلّق طالقاً; لأنّه إذا كانت المرأة مطلّقة من زوجها كانت خارجة من ملكه حتى يراجعها ، فإذا راجعها صارت في ملكه ما لم يطلّقها التطليقة الثالثة ، فإذا طلّقها التطليقة الثالثة فقد خرج ملك الرجعة من يده ، فإن طلّقها على طهر بشهود ثمّ راجعها ، وانتظر بها الطهر من غير مواقعة فحاضت وطهرت ، ثم طلّقها قبل أن يدنسها بمواقعة بعد الرجعة لم يكن طلاقه لها طلاقاً; لأنّه طلّقها التطليقة الثانية في طهر الاُولى ، ولا ينقضي الطهر إلاّ بمواقعة بعد الرجعة ، وكذلك
- (1) في الاستبصار : العدّة .
(الصفحة 70)مسألة 1 : لو طلّقها ثلاثاً مع تخلّل رجعتين حرمت عليه ولو بعقد جديد ، ولا تحلّ له إلاّ بعد أن تنكح زوجاً غيره ثم فارقها بموت أو طلاق وانقضت عِدّتها وحينئذ جاز للأوّل نكاحها(1) .
لاتكون التطليقة الثالثة إلاّ بمراجعة ومواقعة بعد الرجعة، ثم حيض وطهر بعد الحيض، ثم طلاق بشهود حتى يكون لكلّ تطليقة طهر من تدنيس المواقعة بشهود(1).
إلى غير ذلك من النصوص(2) ، ولكن مع ذلك يكون الأمر سهلا; لأنّ المهمّ هي الأحكام المترتّبة على الأقسام لا إلى التسمية والعنوان .1 ـ الأصل في هذه المسألة قوله تعالى :
{الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوف أَوْ تَسْرِيحٌ بإحْسَان} إلى قوله تعالى :
{فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا}(3) .
ويدلّ عليه أيضاً بعض ما تقدّم من الروايات والروايات(4) الاُخر أيضاً ، وينبغي أن يعلم أنّه ليس لطلاق الزوج الآخر خصوصيّة ، بل المراد حصول المفارقة بموت أو طلاق وانقضاء عدّتها ، فيصير الزوج الأوّل ـ بتعبير الروايات المتقدّمة ـ كأحد من الخطّاب إن شاءت تزوّجته وإن شاءت لم تتزوّجه .
كما أنّه ينبغي أن يعلم أنّ نكاح الزوج الآخر لابدّ أن يكون بنحو النكاح الدائم الذي يجري فيه الطلاق بقرينة قوله تعالى:
{فَإِن طَلَّقَهَا} والنكاح المنقطع
- (1) الكافي: 6 / 66 ح4 ، التهذيب : 8 / 27 ح84 ، الاستبصار : 3/268 ح959 ، الوسائل: 22 / 104 و 109 ، أبواب أقسام الطلاق ب1 ح3 وب2 ح2 .
- (2) الوسائل: 22 / 101 ـ 110 ، أبواب أقسام الطلاق ب1 و 2 .
- (3) سورة البقرة: 2 / 229 ـ 230 .
- (4) الوسائل: 22 / 101 ـ 110 ، أبواب أقسام الطلاق ب1 و 2 .
(الصفحة 71)مسألة 2 : كلّ امرأة حرّة إذا استكملت الطلاق ثلاثاً مع تخلّل رجعتين في البين ، حرمت على المطلّق حتى تنكح زوجاً غيره ، سواء واقعها بعد كلّ رجعة وطلّقها في طهر آخر غير طهر المواقعة ، وهذا يقال له: طلاق العِدّة ، أو لم يواقعها ، وسواء وقع كلّ طلاق في طهر أو وقع الجميع في طهر واحد ، فلو طلّقها مع الشرائط ثم راجعها ثم طلّقها ثم راجعها ثم طلّقها في مجلس واحد حرمت عليه ، فضلا عمّا إذا طلّقها ثم راجعها ، ثم تركها حتى حاضت وطهرت ثم طلّقها وهكذا(1) .
لا يكون فيه طلاق ، ولعلّه سيجيء البحث فيه إن شاء الله تعالى .1 ـ وقد عرفت أنّ الأصل في ذلك قوله تعالى :
{فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} متفرّعاً على قوله تعالى :
{ الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ} من دون فرق بين طلاق العدّة المفسّر في الروايات بما إذا واقعها بعد كلّ رجعة ، وطلّقها في طهر آخر غير طهر المواقعة ، وبين ما إذا لم تتحقّق المواقعة بعد الرجوع أصلا; وذلك لإطلاق الآية الشريفة ، التي وقع فيها تفريع عدم الحلية يعني بحصول نكاح جديد من زوج جديد وحصول المفارقة منه وانقضاء العدّة بطلاق أو موت كما تقدّم . وكذلك مقتضى الإطلاق عدم الفرق بين أن يتحقّق كلّ طلاق في طهر مستقل ، أو وقع الجميع في طهر واحد ، فلو طلّقها مع الشرائط ثم راجعها ثم طلّقها ثم راجعها ثم طلّقها في مجلس واحد ، حرمت عليه واحتاجت إلى المحلّل . ومن الواضح مغايرة هذا مع الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد الواقع عند مخالفينا(1) دون أصحابنا الإمامية
- (1) الأمّ: 5 / 280 ، المجموع: 18 / 249 ، مغني المحتاج: 3 / 311 ، المغني لابن قدامة: 8/240 ، الشرح الكبير: 8 / 257 ، المبسوط: 6 / 57 .
(الصفحة 72)
رضوان الله تعالى عليهم أجمعين . ومن هذا تستفاد القاعدة الكلية وهو ترتّب الحرمة على الطلاق الثالث مع تخلّل رجعتين في البين ، سواء تحقّقت المواقعة بعد كلّ رجعة أو لم تتحقّق ، وسواء وقع كلّ طلاق في طهر مستقل أو وقع الجميع في طهر واحد بنحو ما عرفت .
ولكن ورد في هذا المجال طائفتان من الأخبار :
فالطائفة الاُولى: ما ظاهرها اعتبار المواقعة بعدالرجوع في صحّة الطلاق الثاني مثل:
صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج قال : قال أبو عبدالله(عليه السلام)في الرجل يطلّق امرأته له أن يراجع ، وقال: لا يطلّق التطليقة الاُخرى حتى يمسّها(1) .
والظاهر أنّ معنى قوله(عليه السلام) «له: أن يراجع» ، عبارة عن التطليقة الاُخرى .
ورواية المعلّى بن خنيس ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) في الرجل يطلّق امرأته تطليقة ثم يطلّقها الثانية قبل أن يراجع ، قال: فقال أبو عبدالله(عليه السلام) : لا يقع الطلاق الثاني حتى يراجع ويجامع(2) .
وموثّقة إسحاق بن عمّار ، عن أبي إبراهيم(عليه السلام) قال : سألته عن رجل يطلّق امرأته في طهر من غير جماع ، ثم يراجعها من يومه ثم يطلّقها ، تبين منه بثلاث تطليقات في طهر واحد؟ فقال: خالف السنّة ، قلت : فليس ينبغي له إذا راجعها أن يطلّقها إلاّ في طهر آخر؟ فقال : نعم ، قلت : حتى يجامع؟ قال : نعم(3) .
ورواية أبي بصير ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : المراجعة في (هي خ ل) الجماع، وإلاّ
- (1) الكافي: 6 / 73 ح2 ، الوسائل: 22 / 141 ، أبواب أقسام الطلاق ب17 ح2 .
- (2) التهذيب: 8/46 ح143 ، الاستبصار: 3/284 ح1004 ، الوسائل: 22/142، أبواب أقسام الطلاق ب17 ح5 .
- (3) الكافي: 6 / 60 ح12 ، الوسائل: 22 / 21 ، أبواب أقسام الطلاق ب8 ح6 .
(الصفحة 73)
فانّما هي واحدة(1) .
وغير ذلك من الروايات الدالّة عليه ، كرواية أبي بصير الطويلة المتقدّمة(2) .
والطائفة الثانية: ما تدلّ على الصحّة وإن لم تتحقّق المواقعة ، مثل:
موثّقة إسحاق بن عمّار ، عن أبي الحسن(عليه السلام) قال : قلت له : رجل طلّق امرأته ثم راجعها بشهود ثم طلّقها ، ثم بدا له فراجعها بشهوة ثم طلّقها فراجعها بشهود تبين منه؟ قال : نعم ، قلت : كلّ ذلك في طهر واحد ، قال : تبين منه ، قلت : فإنّه فعل ذلك بامرأة حامل أتبين منه؟ قال : ليس هذا مثل هذا(3) .
وصحيحة عبد الحميد بن عوّاض ومحمد بن مسلم قالا : سألنا أبا عبدالله(عليه السلام)عن رجل طلّق امرأته وأشهد على الرجعة ولم يجامع ، ثم طلّق في طهر آخر على السّنة أتثبت التطليقة الثانية بغير جماع؟ قال : نعم ، إذا هو أشهد على الرجعة ولم يجامع كانت التطليقة ثابتة (ثانية خ ل)(4) .
وصحيحة البزنطي قال : سألت الرضا(عليه السلام) عن رجل طلّق امرأته بشاهدين ثم راجعها ولم يواقعها بعد الرجعة حتى طهرت من حيضها ، ثم طلّقها على طهر بشاهدين أيقع عليها التطليقة الثالثة وقد راجعها ولم يواقعها؟ قال : نعم(5) .
وحسنة علي بن راشد المضمرة قال : سألته مشافهة عن رجل طلّق امرأته
- (1) الكافي: 6 / 73 ح1 ، التهذيب: 8 / 44 ح135 ، الاستبصار: 3 / 280 ح994 ، الوسائل: 22 / 140 ، أبواب أقسام الطلاق ب17 ح1 .
- (2) في ص68 ـ 70 .
- (3) التهذيب: 8/92 ح317 ، الاستبصار: 3/ 282 ح100 ، الوسائل: 22 / 144 ، أبواب أقسام الطلاق ب19 ح5 .
- (4) التهذيب: 8/45 ح139 ، الاستبصار: 3/ 281 ح997 ، الوسائل: 22 / 143 ، أبواب أقسام الطلاق ب19 ح1 .
- (5) التهذيب: 8/45 ح140 ، الاستبصار: 3/281 ح998 ، الوسائل: 22 / 143 ، أبواب أقسام الطلاق ب19 ح2 .