(الصفحة 84)مسألة 7: لو طلّقها ثلاثاً وانقضت مدّة، وادّعت أنّها تزوّجت، وفارقها الزوج الثاني ومضت العِدّة ، واحتمل صدقها صدِّقت ويقبل قولها بلا يمين ، فللزوج الأوّل أن ينكحها ، وليس عليه الفحص ، والأحوط الاقتصار على ما إذا كانت
ورواية الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه سئل عن الرجل يطلّق امرأته على السنّة فيتمتّع منها رجل ، أتحلّ لزوجها الأوّل؟ قال : لا ، حتى تدخل في مثل الذي خرجت منه(1) .
نعم لا فرق في الزوج المحلّل بين الحرّ والعبد للإطلاق ، مضافاً إلى دلالة بعض الروايات عليه ، مثل:
موثّقة إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن رجل طلّق امرأته طلاقاً ، لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره ، فتزوّجها عبد ثم طلّقها ، هل يهدم الطلاق؟ قال : نعم لقول الله عزّوجلّ في كتابه :
{حَتَّى تَنْكِحَ زَوجَاً غَيْرَهُ} وقال: هو أحد الأزواج(2) .
كما أنّ مقتضى بعض الروايات وجوب تصديق المطلّقة ثلاثاً ، إذا ادّعت أنّها تزوّجت وحلّلت نفسها مع كونها ثقة محتملة الصدق ، وهي صحيحة حمّاد ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) في رجل طلّق امرأته ثلاثاً فبانت منه ، فأراد مراجعتها ، فقال لها: إنّي أريد مراجعتك ، فتزوّجي زوجاً غيري ، فقالت له : قد تزوّجت زوجاً غيرك ، وحلّلت لك نفسي ، أيصدِّق قولها ويراجعها؟ وكيف يصنع؟ قال : إذا كانت المرأة ثقة صدّقت في قولها(3) .
- (1) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: 113 ح284 ، الوسائل: 22 / 132 ، أبواب أقسام الطلاق ب9 ح5 .
- (2) الكافي: 5/425 ح3 ، تفسير العياشي: 1/ 119 ح375 ، الوسائل: 22/133 ، أبواب أقسام الطلاق ب12 ح1.
- (3) التهذيب: 8/34 ح105 ، الاستبصار: 3/275 ح980 ، الوسائل: 22 / 133 ، أبواب أقسام الطلاق ب11 ح1 .
(الصفحة 85)ثقة أمينة(1) .مسألة 8 :
لو دخل المحلّل فادّعت الدخول ولم يكذّبها ، صدّقت وحلّت للزوج الأوّل ، وإن كذّبها فالأحوط الإقتصار في قبول قولها على صورة حصول الاطمئنان بصدقها . ولو ادّعت الإصابة ثم رجعت عن قولها ، فإن كان قبل أن يعقد الأوّل عليها لم تحلّ له ، وإن كان بعده لم يقبل رجوعها(2) .
1 ـ قد تقدّم البحث عن هذه المسألة والرواية الواردة فيها في ذيل المسألة السابقة فراجع .2 ـ لو ادّعت الزوجة دخول المحلّل ولم يكذّبها ، صدّقت وحلّت للزوج الأوّل بعد الطلاق وانقضاء العدّة وعدم الرجوع فيها; لأنّه لا يعلم الدخول إلاّ من قبلهما ، والمفروض إدّعاء الزوجة وعدم تكذيب الزوج المحلّل ، ولا حاجة في هذه الصورة إلى حصول الاطمئنان الشخصي بصدقها . وأمّا إن كذّبها فقد احتاط في المتن وجوباً بالإقتصار في قبول قولها على صورة حصول الاطمئنان بصدقها ، والسرّ فيه أنّ الاطمئنان علم عرفي يعامل معه عند العقلاء معاملة العلم الحقيقي ، ولو ادّعت الإصابة ثم رجعت عن قولها فقد فصّل فيه في المتن بين ما إذا كان قبل أن يعقد الأوّل عليها فلم تحلّ له ، وبين ما إذا كان بعد العقد المذكور فلا يقبل رجوعها ، والوجه فيه أنّ الرجوع عن قولها ـ مضافاً إلى كونه مقتضى الإستصحاب ـ يكون إقراراً على نفسها بعدم حلّية الزوج الأوّل لها فيقبل منها ، وأمّا إذا كان الرجوع بعد عقد الزوج الأوّل إياها ، فلا يكون إلاّ إقراراً على الغير بعدم حليتها له ، ولا مجال لقبول الرجوع في هذه الصّورة خصوصاً مع المسبوقيّة بادّعاء الإصابة ، كما لايخفى .
(الصفحة 86)مسألة 9 : لا فرق في الوطء المعتبر في المحلّل بين المحرّم والمحلّل ، فلو وطأها محرّماً كالوطء في الإحرام أو في الصوم الواجب أو في الحيض ونحو ذلك كفى في التحليل(1) .مسألة 10 : لو شك الزوج في إيقاع أصل الطلاق لم يلزمه ويحكم ببقاء علقة النكاح ، ولو علم بأصله وشك في عدده بنى على الأقلّ ، سواء كان الطرف الأكثر الثلاث أو التسع ، فلا يحكم بالحرمة في الأوّل وبالحرمة الأبدية في الثاني ، بل لو شك بين الثلاث والتسع يبني على الأوّل ، وتحلّ بالمحلّل على الأشبه(2) .
1 ـ في المسألة قولان ، فقول للإسكافي(1) والشيخ(2) في المحكي عنهما بعدم ثبوت الحلّية بالوطء المحرّم; لأنّه منهيٌّ عنه فلا يكون مراداً للشارع ومندرجاً في أدلّة التحليل ، وقول للمشهور(3) بثبوت الحلّية ، لتحقّق الوطء المستند إلى العقد الصحيح ، والمقام من أحكام الوضع ، التي لا مانع من ترتيب الشارع لها على المحرّم كالنسب الحاصل من هذا الوطء ، فإنّه لا إشكال في تحقّق النسب الشرعي وإن كان الوطء مُحرّماً ، فالأقوى ما في المتن تبعاً للمشهور .2 ـ لو شك الزوج الذي من شأنه الطلاق في إيقاع أصله لم يلزمه بل يحكم ببقاء علقة النكاح; لأنّ الأصل البقاء وعدم حصول الطلاق الذي هو أمرٌ حادثٌ
- (1) حكى عنه في مختلف الشيعة: 7 / 378 .
- (2) الخلاف: 4 / 504 ، المبسوط: 5 / 110 .
- (3) الحدائق الناضرة: 25 / 355 ، جواهر الكلام: 32 / 177 .
(الصفحة 87)
مسبوق بالعدم .
ولو علم بأصله وشكّ في عدده بني على الأقلّ المتيقّن; لأنّ الزيادة مشكوكة من دون فرق بين أن يكون الزائد المشكوك هو الطلاق الثالث الذي يترتّب عليه الحرمة المغياة أو الطلاق التسع الذي يترتّب عليه الحرمة الأبديّة ، وبين أن يكون غيرهما كالطلاق الثاني أو الخامس أو غيرهما لعين ما ذكر .
ولو شك بين الثلاث والتسع ففي المتن بنى على الأوّل وتحلّ بالمحلّل على الأشبه ، ويمكن أن يقال بجريان استصحاب الكلّي القسم الثاني; لأنّ حدوث الحرمة معلوم ، وزواله بالمحلّل غير معلوم فتستصحب ، ولكن الجواب أنّ هذا فيما إذا لم يكن مسبباً عن الأقل والأكثر ، وإلاّ فمقتضى عدم تحقق الزيادة العدم كما لايخفى ، فما في المتن هو الأشبه .
(الصفحة 88)