جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 256)

وفي حكم ترك الركن سهواً، ما لو علم بترك ما لا تبطل الصلاة بتركه سهواً، بل يجب عليه أن يقضيه بعد الفراغ من الصلاة، كالتشهد والسجدة الواحدة، فإذا علم بترك التشهد مثلا في أحد المحتملات يجب عليه قضاؤه، ولا تجري قاعدة الفراغ بالنسبة إليه كما عرفت.

ثمّ إنّه لا فرق فيما ذكرنا ـ من وجوب الإتيان بما علم فوته، وإعادة المأتيّ به فاسداً من جهة ترك الركن سهواً ـ بين العلم بعدم الإتيان بواحد معيّن من المحتملات أو ببطلانه، وبين العلم إجمالا بعدم الإتيان بواحد منها أو ببطلانه، فيجب عليه في الصورة الاُولى الإتيان بالصلاة إلى الجهة التي يعلم تفصيلا أنّه لم يصلّ إلى تلك الجهة صلاة صحيحة، وفي الصورة الثانية الإتيان بها إلى أربع جهات في كلا الفرضين لإحراز الصلاة إلى القبلة الواقعيّة.

أمّا لو علم بترك ما لا تبطل الصلاة بتركه سهواً، بل يجب عليه قضاؤه بعد الإتمام، فإن علم بتركه في واحد معيّن من المحتملات، فإن كان هو الأخير يجب عليه قضاؤه بعده إلى الجهة التي صلّى الأخير إليها، وإن كان غيره، كما إذا علم بتركه في المحتمل الأوّل أو الثاني أو الثالث فيعلم حكمه من الفرض الآتي.

وإن علم بتركه إجمالا في أحد المحتملات، فالمسألة مبنيّة على أنّ الأجزاء المنسيّة التي يجب قضاؤها بعد الفراغ من الصلاة، هل تكون جزءاً للصلاة ومتمّمة لها، غاية الأمر أنّه قد تغيّرت مواضعها، واكتفى الشارع بإتيانها بعدها، وأوجب سجدتي السهو لأجل تغيير موضعها، أو أنّها تكون مأموراً بها مستقلّة، والمصلحة الفائتة لأجل نسيانها في الصلاة تتدارك بها؟ فعلى الأوّل: يشترط فيها عدم الإنفصال عنها، وكذا كلّ ما يعتبر فيها من الاستقبال وغيره، بخلاف الثاني; فإنّه بناءً عليه لا يضرّ بها الانفصال وفعل المنافي عمداً أو سهواً.

(الصفحة 257)

فإن قلنا بالثاني فيجب عليه فيما نحن فيه قضاؤها إلى الجهات الأربع، وتتدارك بها ما فاتته من المصلحة، ويعلم حينئذ بالإتيان بالمأمور به الواقعي مع جميع أجزائه وشرائطه.

وأمّا بناءً على القول الأوّل، كما هو الظاهر من الأدلّة، فلا يحصل العلم بإتيان الصلاة التامّة إلى القبلة الواقعيّة بقضاء الجزء المنسي إلى أربع جهات; لأنّه يحتمل حصول الانفصال بينه، وبين الصلاة التي نسي جزءها; لأنّه يحتمل نسيان الجزء في غير المحتمل الأخير، مضافاً إلى احتمال الاستدبار عن القبلة، كما هو واضح.

والمفروض أنّه يجب عليه إحراز الاتّصال وواجديّته لشرائط الصلاة، بل يحصل الاحتياط بقضاء الجزء المنسيّ ـ كالتشهد مثلا ـ بعد الإتيان بالمحتمل الأخير إلى الجهة التي صلّى الأخير إليها، ثمّ الإتيان بثلاث صلوات تامّة إلى الجهات الثلاث الاُخر، أو الإتيان ثانياً بالصلاة إلى أربعة جوانب.

ومن هنا ظهر حكم الفرض السابق; فإنّه إذا علم بترك التشهد في المحتمل الثالث مثلا، فطريق الاحتياط هو أن يأتي بصلاة تامّة إلى الجهة التي صلّى المحتمل الثالث إلى تلك الجهة ثانياً، وهكذا حكم سائر فروضه.

مسألة: قد ظهر من مطاوي ما ذكرنا أنّ مراتب امتثال الأمر المتعلّق بالمأمور به الواقعي ـ وهي الصلاة إلى القبلة الواقعيّة ـ ثلاثة:

الأوّل: العلم التفصيلي بإتيانه مع تمكّنه من تحصيله.

الثاني: التحرّي والاجتهاد والعمل على طبق المظنّة من أيّ شيء حصلت، مع عدم التمكّن من تحصيل العلم التفصيلي.

(الصفحة 258)

الثالث: العلم الإجمالي بإتيانه في صورة التحيّر، وعدم التمكّن من تحصيل العلم والظنّ.

وفي الاكتفاء به في صورة التمكّن من تحصيل واحد منهما وجه، وهل ثبت في الشرع مرتبة اُخرى وهي العمل على طبق الأمارات التي عيّنت شرعاً لتعيين القبلة، كوضع الجدي على القفا، وقبلة بلد المسلمين، وقول صاحب الدار لمن دخل فيها، فيكتفي في مقام الامتثال بالعمل على طبقها وإن لم تفد الظنّ، أو لا؟ ولا يخفى أنّه مع ثبوت كونها مرتبة اُخرى غير المراتب المتقدّمة لا إشكال في تقدّمها على التحرّي والاجتهاد، وفي تساويها مع المرتبة الاُولى في مقام الامتثال تأمّل وإشكال.

وكيف كان، فالظاهر أنّه لا يظهر من الأخبار أنّ ما ذكر يكون أمارة بالخصوص، بحيث كان في العمل بالجدي مصلحة تتدارك بها المفسدة المترتّبة على ترك الصلاة إلى القبلة الواقعيّة على فرض الخطأ، فالأمر بوضع الجدي على القفا في حال الصلاة مع عدم التمكّن من العلم ـ كما هو مورد الرواية ـ إنّما هو لأجل أنّه يفيد الظنّ إن لم نقل بإفادته العلم بالقبلة التي هي جهة الكعبة دون عينها كما عرفت; فاعتباره إنّما هو لذلك، لا لأجل كونه أمارة بالخصوص. وكون وضع الجدي على القفا في حال الصلاة مشتملاً على مصلحة متداركة بها المفسدة كما مرّ.

هذا، وأمّا قبلة بلد المسلمين، ففيه: أنّه لم يدلّ على اعتبارها دليل سوى السيرة المستمرّة بين الناس; فإنّهم إذا دخلوا بلد المسلمين وتحيّروا في القبلة لا يتفحصون عنها، بل يصلّون إلى الجهة التي تطابق محاريب مساجدهم، ولعلّها ليس لكون ذلك عندهم من الأمارات المخصوصة، بل لأجل أنّهم لمّا لم يكونوا

(الصفحة 259)

عالمين بالقبلة، يكون أقصى مراتب الامتثال لهم هو العمل بالظنّ، فاعتمادهم على المحاريب وقبور المسلمين إنّما هو لأجل إفادتهما ظنّاً قويّاً، وكذا قول صاحب الدار لمن دخل فيها. فظهر ممّا ذكرنا أنّ مراتب الامتثال هي الثلاثة المذكورة، ولا يزيد عليها قسم رابع.

مسألة: إذا صلّى إلى الجهة التي كان مأموراً بالتوجّه إليها، ثمّ تبيّن خطؤه بعد الفراغ من الصلاة، فإن كان منحرفاً عن القبلة انحرافاً يسيراً بحيث لم يبلغ حدّ المشرق والمغرب، ففي وجوب الإعادة عليه في الوقت فقط وعدمه مطلقاً قولان(1).

والأقوى هو الثاني، للأخبار المعروفة الدالّة عليه:

كصحيحة معاوية بن عمّار أنّه سأل الصادق(عليه السلام) عن الرجل يقوم في الصلاة ثمّ ينظر بعدما فرغ، فيرى أنّه قد انحرف عن القبلة يميناً أو شمالا؟ فقال له: قد مضت صلاته، وما بين المشرق والمغرب قبلة(2).

وصحيحة زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) أنّه قال: لا صلاة إلاّ إلى القبلة. قال: قلت: أين حدّ القبلة؟ قال: ما بين المشرق والمغرب قبلة كلّه، قال: قلت: فمن صلّى لغير القبلة أو في يوم غيم في غير الوقت؟ قال: يعيد(3).

والظاهر عدم اختصاصهما بالمجتهد المخطئ، بل يعمّ الناسي والغافل.

  • (1) فعن المحقّق الإجزاء، كما في شرائع الاسلام 1: 67ـ68; والمختصر النافع: 71; والمعتبر 2: 74; وعن عدّة الإعادة مطلقاً، كصاحب المقنعة: 97; والكافي في الفقه: 138ـ139; والمراسم: 61; والمبسوط 1: 80ـ81.
  • (2) الفقيه 1: 179، ح846; تهذيب الأحكام 2: 48، ح157; الاستبصار 1: 297، ح1095; وعنها وسائل الشيعة 4: 314، أبواب القبلة، ب10، ح1.
  • (3) الفقيه 1: 180، ح55; وعنه وسائل الشيعة 4: 312، أبواب القبلة، ب9، ح2.
(الصفحة 260)

ورواية عمّار الساباطي، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال في رجل صلّى على غير القبلة فيعلم وهو في الصلاة قبل أن يفرغ من صلاته، قال: إن كان متوجّهاً فيما بين المشرق والمغرب فليحوّل وجهه إلى القبلة ساعة يعلم، وإن كان متوجّهاً إلى دبر القبلة فليقطع الصلاة ثمّ يحوّل وجهه إلى القبلة ثمّ يفتتح الصلاة(1).

ورواية حسن بن ظريف ـ المرويّة في قرب الإسناد ـ عن الحسين بن علوان، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ(عليهم السلام) أنّه كان يقول: من صلّى على غير القبلة وهو يرى أنّه على القبلة، ثمّ عرف بعد ذلك فلا إعادة عليه إذا كان فيما بين المشرق والمغرب(2).

ولا يعارض هذه الأخبار، الأخبار الدالّة على وجوب الإعادة في الوقت وعدمه في خارجه، التي سيأتي ذكرها في الصورة الثانية.

أمّا الصحيحتان، فإن كان المراد منهما أنّ ما بين المشرق والمغرب قبلة حقيقة وبحسب الواقع; بأن يكون مراد الإمام(عليه السلام) في الصحيحة الاُولى ردع السائل عمّا توهّمه; من كون صلاته وقعت على غير القبلة، فهما واردتان على تلك الأخبار; لأنّهما تدلاّن بالمطابقة على تعيين حدّ القبلة، فلا تعرّض فيهم لفرض الصلاة إلى غير القبلة، بخلاف تلك الأخبار; فإنّها تدلّ بظاهرها على حكم من صلّى إلى غير القبلة، فالموضوع فيها أمر وفيهما أمر آخر.

وإن كان المراد منهما أنّ الانحراف عن القبلة إلى ما بين المشرق والمغرب لا يضرّ بصحّة الصلاة، بل الصلاة مع هذا الانحراف اليسير تكون كالصلاة

  • (1) تقدّمت في ص237ـ238.
  • (2) قرب الإسناد: 107، ح381; وعنه وسائل الشيعة 4: 315، أبواب القبلة، ب10، ح5.