جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 363)

توضيح ذلك: أنّ المشهور(1) ذهبوا إلى أنّ معنى النهي هو طلب الترك، وتبعهم جماعة من المتأخّرين، منهم: المحقّق الخراساني(قدس سره) في الكفاية(2)، وعليه: يشترك النهي مع الأمر في أنّ معناه أيضاً هو الطلب، غاية الأمر أنّ الطلب في الأمر متعلّق بوجود الطبيعة، وفي النهي بتركها، وهو خلاف التحقيق; فإنّه يلزم بناءً عليه سقوط النهي بالكلّية عن عهدة من خالفه وعصاه ولو مرّة; فإنّ عدم الطبيعة ليس كوجودها حتّى يكون له أفراد متعدّدة ومصاديق متكثِّرة; لأنّه ليس شيئاً متحقّقاً وأمراً ثابتاً حتّى يكون واحداً أو كثيراً.

غاية الأمر أنّ العقل بعد إضافته إلى الطبيعة التي لا تكون في حدّ ذاتها متكثّرة ـ كما أنّها لا تكون واحدة ـ يعتبرها أمراً واحداً وشيئاً فارداً.

وحينئذ يلزم سقوط النهي بالمخالفة بناءً على ما يقولون من أنّ المعصية مسقطة للتكليف كامتثاله، فيلزم عدم استحقاق العقوبة إذا ارتكبه ثانياً وثالثاً وهكذا، وكذا يلزم عدم الفرق بين من ارتكبه قليلا أو كثيراً، وعدم القدرة على الامتثال أصلا لو خالفه ولو مرّة، وبطلان اللوازم بمكان من الوضوح.

فالتحقيق أن يقال: إنّ معنى النهي ليس هو الطلب، بل معناه الزجر عن إيجاد الفعل المنهيّ عنه، كما أنّ معنى الأمر هو البعث إلى إيجاد الفعل المأمور به، فمتعلّق النهي هو عين متعلّق الأمر، ولكن معناهما متغايران، عكس ما ذكره المشهور.

غاية الأمر أنّ للنهي عصيانات متعدّدة حسب تعدّد وجود الطبيعة المتعلّقة

  • (1) معارج الاُصول للمحقّق الحلّي: 116; معالم الدِّين وملاذ المجتهدين في اُصول الفقه: 90ـ91; هداية المسترشدين 3: 17ـ18; تعليقة على معالم الاُصول 4: 496.
  • (2) كفاية الاُصول: 182.
(الصفحة 364)

للنهي; لأنّ متعلّقه هو الوجود على ما عرفت، وهو يحصل به مخالفته، فتتكثّر المخالفة بتكثّره، كما أنّ متعلّق الأمر يحصل به موافقته وامتثاله.

وتوهّم أنّه لا يعقل تحقّق المعاصي المتعدّدة بالنسبة إلى تكليف واحد; لأنّ المعصية إذا تحقّقت يسقط بها التكليف.

مدفوع بمنع ذلك; إذ لا معنى لكون المعصية مسقطة للتكليف، وسقوطه في بعض موارد العصيان إنّما هو لكون التكليف فيه مشروطاً وموقّتاً بوقت خاصّ، ولم يؤت به في وقته، فسقوطه إنّما هو لمضيّ وقته، وهو يستلزم سلب القدرة على الامتثال المعتبرة في ثبوت التكليف بلا إشكال، ولا دخل للعصيان فيه أصلا.

وهذا بخلاف الامتثال والموافقة في الأمر; فإنّه بمجرّد تحقّقه يوجب سقوط الأمر لحصول الغرض به. فقد ظهر أنّ النهي مع كونه تكليفاً واحداً، له عصيانات متعدّدة موجبة لاستحقاق عقوبات متكثّرة، كما أنّ له أيضاً امتثالات متعدّدة.

غاية الأمر أنّ استحقاق المثوبة إنّما هو فيما إذا كان الاجتناب لملاحظة نهي الشارع، مع كون اقتضاء قوّة الشهويّة أو الغضبيّة هو الارتكاب، وانقدح من جميع ما ذكرنا بطلان القول بانحلال النواهي إلى تكاليف عديدة حسب تعدّد الموضوع.

وثانياً: منع كون التكليف في هذا القسم ـ أي القسم الرابع ـ مشروطاً بوجود الموضوع; إذ المراد من التكليف المشروط أن يكون البعث أو الزجر ثابتاً على فرض وجود الشرط، وحينئذ لا يمكن أن يقال: إنّ الزجر في النواهي مشروط بوجود موضوعاتها; إذ القول به ليس إلاّ كالقول بأنّ النهي مشروط بما إذا اقتضى طبعه الارتكاب الذي يكون الترك فيه غاية للنهي.

(الصفحة 365)

وبالجملة: لا نرى فرقاً بين الأقسام الأربعة، فكما أنّ وجود الضحك أو التكلّم ليس شرطاً للحكم بالحرمة أو الوجوب، فكذلك وجود الموضوع في القسم الرابع; فإنّه أيضاً لا يكون شرطاً للحكم، غاية الأمر أنّ مع فقده يمتنع تحقّق متعلّق التكليف، فقوام التكليف به إنّما يكون كقوام التكليف بمتعلّقه، بل هو عينه.

وثالثاً: لو سلّمنا جميع ذلك لكن لا نسلّم قبح العقاب من المولى في نظر العقل مع كونه محتملا لوجود الموضوع; لأنّ المفروض أنّ البيان من قبله تامّ لا نقص فيه; إذ لا يجب عليه تعريف الصغريات وبيانها حتى على القول بالانحلال، ولم يتوهّم أحد وجوبه، وحينئذ فلا نرى بعد المراجعة إلى العقل قبح العقاب عليه مع المصادقة.

وما يقال: من أنّ الاحتمال لا يمكن أن يكون منجّزاً.

فمدفوع بعد النقض بالشبهة الحكميّة قبل الفحص، وبحكم العقل باستحقاق العقوبة فيما إذا احتمل صدق مدّعي النبوّة مع عدم النظر في آياته ومعجزاته وغيرهما; من الموارد التي يكون الحكم فيها منجّزاً على تقدير ثبوته بمجرّد الاحتمال بأنّه لا مانع من أن يكون منجّزاً له كالعلم، غاية الأمر لا يكون كاشفاً وطريقاً كالعلم والظنّ.

ثمّ لا يخفى أنّه لا فرق فيما ذكرنا من عدم قبح العقاب في الشبهة الموضوعيّة بين أن يكون الارتكاب قبل الفحص أو بعده، كما هو واضح.

ثمّ إنّك عرفت سابقاً أنّه لو قلنا بوجوب الاجتناب في الشبهات الموضوعيّة في التكاليف المستقلّة كشرب الخمر، فلازمه الحكم بالبطلان في مثل المقام ممّا يكون الشك فيه في التكاليف الضمنيّة بطريق أولى. وأمّا لو قلنا بجريان البراءة

(الصفحة 366)

في الاُولى فلا يستلزم ذلك جريانها في الثاني، بل يجري فيه الوجهان.

ولذا ترى الخلاف في المسألة، مع أنّ جريان البراءة في التكاليف المستقلّة كأنّه كان مفروغاً عنه عندهم على ما يظهر من الشيخ(رحمه الله)وتلامذته(1)، حيث إنّه لم يخدش أحد منهم في هذا الحكم، فقد ظهر لك أنّ القول بالصحّة في المسألة مستنداً إلى جريان البراءة العقليّة متوقّف أوّلا على القول به في الشبهات الموضوعيّة في التكاليف المستقلّة.

وقد عرفت أنّ الحقّ عدم الجريان فيها فضلا عن المقام، وعلى تقديره فيتوقّف القول بالصحّة أيضاً على جريان البراءة في الشبهات الموضوعيّة، فيما إذا دار الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين، فينبغي التعرّض لذلك المبحث على سبيل الإجمال ليظهر لك الصحيح عن سقيم المقال.

فنقول وعلى الله الاتّكال: إنّه ذهب جماعة من محقّقي الاُصوليّين إلى وجوب الاحتياط فيما إذا دار الأمر بينهما(2)، واستدلّوا عليه بقاعدة الاشتغال; فإنّ قضيّة العلم باشتغال الذمّة بوجوب الأقلّ هو وجوب العلم بسقوطه المتوقّف على إتيان الأكثر; لتوقّف العلم بحصول الغرض عليه، ومن المعلوم بقاء الأمر ما دام لم يحصل الغرض.

توضيحه: إنّ الأوامر والنواهي تابعة للمصالح الموجودة في المأمور بها، والمفاسد المتحقّقة في المنهيّ عنها على ما ذهب إليه العدليّة، فداعي الأمر بشيء هي المصلحة الملزمة الموجودة في ذلك الشيء، كما أنّ الباعث على النهي عنه

  • (1) فرائد الاُصول (تراث الشيخ الأعظم) 2: 121ـ122; كفاية الاُصول: 385ـ391; نهاية الأفكار 3: 201 وما بعدها; فوائد الاُصول 3: 330 وما بعدها.
  • (2) فرائد الاُصول (تراث الشيخ الأعظم) 2: 352ـ353; كفاية الاُصول: 413.
(الصفحة 367)

هي المفسدة الملزمة المتحقّقة فيه.

وعليه: فالأمر والنهي تابعان حدوثاً لثبوت المفسدة والمصلحة، ويبقيان مادام بقاؤهما; إذ كلّ ما هو علّة للحدوث فهو علّة للبقاء، ففي المقام إذا علم بكون الأقلّ متعلّقاً للتكليف ـ للعلم بتوجّه الأمر الواحد المنبسط على الأجزاء إلى المكلّف على أيّ تقدير; سواء كان الجزء المشكوك أيضاً متعلّقاً لبعض ذلك الأمر أم لم يكن ـ فقد علم بوجوب تحصيل الغرض عليه.

ومن المعلوم أنّه لا يحصل العلم بحصوله مع الإتيان بالأقلّ فقط; لاحتمال كون التكليف متعلّقاً بالأكثر. وعليه: فلا يحصل الغرض بإتيان الأقلّ أصلا; لأنّ المفروض كونهما ارتباطيين، فيجب إتيان الأكثر ليحصل العلم بحصول الغرض.

وفيه: أنّ توقّف العلم بسقوط الأمر على العلم بحصول الغرض ـ المتوقّف على إتيان الأكثر ـ مسلّم، ولكن ليس محلّ الكلام ومورد النقض والإبرام هو العلم بسقوط الأمر وحصول الغرض، بل الكلام إنّما هو في أنّه هل توجّه الأمر الواحد إلى المكلّف على نحو منبسط على الجزء المشكوك أيضاً، أو يختصّ بسائر الأجزاء المعلومة؟ ومقتضى حكم العقل تنجّزه بالنسبة إلى الأجزاء المعلومة فقط، كما يأتي تحقيقه.

[ التمسّك بالاُصول العمليّة في إثبات الصحّة في المقام ]

هذا، وظاهر جماعة من الاُصوليّين جريان البراءة في المسألة، ويمكن تقريبه بوجهين: