(الصفحة 175)مسألة 15 : مقدار الفحص بحسب الزمان أربعة أعوام ، ولا يعتبر فيه الاتصال التام ، بل هو على الظاهر نظير تعريف اللقطة سنة كاملة يكفي فيه ما يصدق عرفاً أنّه قد تفحّص عنه في تلك المدّة(1) .
مسألة 16 : المقدار اللاّزم من الفحص هو المتعارف لأمثال ذلك وما هو المعتاد ، فلا يعتبر استقصاء الممالك والبلاد ، ولا يعتنى بمجرّد إمكان وصوله إلى مكان ولا بالاحتمالات البعيدة ، بل إنّما يتفحص عنه في مظان وجوده فيه
ولامدخليّة لشخص المبعوث أو المكتوب إليه ، بل والمستخبر منهم من المسافرين حتى لو كانت نفس الزوجة بعد رفع أمرها إلى الحاكم وطلب الحاكم منها ذلك; بل لعلّها أقرب إلى المقصود ، وكذا عشيرتها وأسرتها; لعدم الدليل على المدخلية بوجه .1 ـ قد مرّ(1) أنّ مقدار الفحص اللاّزم أربع سنين ، فهل يعتبر فيها الاتصال التام أم لا؟ الظاهر العدم; لعدم الدليل على الاتصال كذلك بل هو كما في المتن ، نظير تعريف اللقطة سنة كاملة ، فكما أنّه لا يعتبر فيه الاتصال ، بل يكفي فيه ما يصدق عرفاً أنّه قد تفحص عنه في تلك المدة ، نعم مناسبة الحكم والموضوع تقتضي لزوم العلم بعدم الانتقال إلى الصقع الذي فحص عنه قبلا ، وإلاّ فمع احتمال الانتقال لا يجدي الفحص القبلي; لكونه بالفعل طرف الاحتمال ، فالاتصال بعنوانه ، وأن لا يكون معتبراً لعدم الدليل عليه كما عرفت ، إلاّ أنّ اطلاق لزوم الفحص عن كلّ صقع محتمل أربع سنين باق على حاله ، فتدبّر جيّداً .
(الصفحة 176)ووصوله إليه وما احتمل فيه احتمالا قريباً(1) .مسألة 17 :
لو علم أنّه قد كان في بلد معيّن في زمان ثم انقطع أثره يتفحّص عنه أوّلا في ذلك البلد على المعتاد ، فيكفي التفقد عنه في جوامعه ومجامعه وأسواقه ومتنزّهاته ومستشفياته وخاناته المعدّة لنزول الغرباء ونحوها ، ولا يلزم استقصاء تلك المحال بالتفتيش أو السؤال ، بل يكفي الاكتفاء بما هو المعتدّ به من مشتهراتها ، وينبغي ملاحظة زيّ المفقود وصنعته وحرفته ، فيتفقّد عنه في المحالّ المناسبة له ويسأل عنه من أبناء صنفه وحرفته مثلا ، فإذا تمّ الفحص في ذلك البلد ولم يظهر منه أثر ولا يعلم موته ولا حياته ، فإن لم يحتمل انتقاله إلى محلّ آخر بقرائن الأحوال سقط الفحص والسؤال واكتفى بانقضاء مدّة التربّص أربع سنين ، وإن احتمل الانتقال فإن تساوت الجهات فيه تفحّص عنه في تلك الجهات ولا يلزم الاستقصاء التامّ ، بل يكفي الاكتفاء ببعض المحالّ المهمّة والمشتركة في كلّ جهة مراعياً للأقرب ثم الأقرب إلى البلد الأوّل ، وإن كان الاحتمال في بعضها أقوى جاز جعل محلّ الفحص ذلك البعض والاكتفاء به ، خصوصاً إذا بعد احتمال انتقاله إلى غيره ، وإذا علم أنّه قد كان في مملكة أو سافر إليها ثم انقطع أثره كفى أن يتفحّص عنه مدّة التربص في بلادها المشهورة التي تشدّ إليها الرحال ، وإن سافر إلى بلد معيّن من مملكة كالعراقي سافر إلى خراسان يكفي الفحص في البلاد والمنازل الواقعة في طريقه إلى ذلك البلد وفي نفس ذلك البلد ، ولا ينظر إلى الأماكن البعيدة عن الطريق فضلا عن البلاد الواقعة في أطراف المملكة ، وإذا خرج من منزله مريداً للسفر أو هرب ولا يدرى إلى أين توجّه وانقطع أثره تفحص عنه مدّة التربّص في الأطراف والجوانب ممّا يحتمل قريباً وصوله إليه ، ولا ينظر إلى ما بعد احتماله(2) .
1 و 2 ـ العمدة في هاتين المسألتين بيان أمرين :
(الصفحة 177)مسألة 18 : قد عرفت أنّ الأحوط أن يكون الفحص والطلاق بعد رفع أمرها إلى الحاكم ، فلو لم يمكن الوصول إليه فإن كان له وكيل ومأذون في التصدّي للاُمور الحسبية ، فلا يبعد قيامه مقامه في هذا الأمر ، ومع فقده أيضاً فقيام عدول المؤمنين مقامه محلّ إشكال(3) .
أحدهما : أنّه يكفي في مقدار الفحص ما هو المتعارف لأمثال ذلك وما هو المعتاد ، ولا يعتبر الاستقصاء بالإضافة إلى جميع الجوانب والممالك ، ولو كان احتمال وجوده فيها بعيداً لا يعتني به العقلاء ، فلابد من التفحص عنه في مظان وجوده وما يحتمل فيه احتمالا كذلك ، وإلاّ فصرف الاحتمال لا يوجب ذلك .
ثانيهما : أنّ كلّ ناحية يتفحّص فيها ، فالتفقّد فيها إنّما هو بالإضافة إلى الجوامع والأسواق والمراكز المعدّة للاجتماعات من المتنزّهات والمستشفيات والخانات المعدّة لنزول الغرباء ، وفي زماننا هذا المصلّيات المعدّة لصلاة الجمعة التي لا تقام نوعاً في بلد واحد إلاّ واحدة ، وفي البلاد التي تمتاز بعنوان الزيارة مراكز الزيارة والمشاهد المشرفة وأمثال ذلك ، كمسجد جمكران الواقع في بلد قم سيّما ليلة الأربعاء التي تعارف الاجتماع فيه من جميع النقاط والبلدان ، ولا يعتبر الفحص الكامل بالنسبة إلى جميع أمكنة البلد ولا جميع رساتيقه ، وإن لم يكن الذهاب إليه متداولا ، كما أنّه لا يعتبر الفحص في جميع المحال الواقعة في حاشية الجادّة إلاّ مع التعارف .3 ـ لو وجد الحاكم الشرعي وأمكن الوصول إليه ، وكان متمكّناً من الفحص في المدّة المذكورة بالنحو المذكور ، فالواجب فتوى أو احتياطاً إرجاع الأمر إليه
(الصفحة 178)مسألة 19 : إن علم أنّ الفحص لا ينفع ولا يترتّب عليه أثر فالظاهر سقوط وجوبه ، وكذا لو حصل اليأس من الاطّلاع عليه في أثناء المدّة ، فيكفي مضيّ المدّة في جواز الطلاق والزواج(1) .
كما عرفت(1) ، وإلاّ فلو كان له وكيل ومأذون في التصدّي للاُمور الحسبية كما هو الشائع في هذه الأزمنة من ثبوت الوكلاء المتعددة فيه للحاكم الشرعي ، وكان متمكناً من الفحص بالنحو المذكور ، فلا يبعد قيامه مقامه في هذا الأمر الحسبي الذي لا يرضى الشارع بتركه الموجب لصيرورتها كالمعلقة بلا زوج ولا نفقة ، ومع فقد الحاكم ووكيله المأذون كذلك فقد استشكل في المتن في قيام عدول المؤمنين مقامه في ذلك ، كما أنّه قد استشكل صاحب الحدائق في تعيّن الرفع إلى الحاكم ، بل قال : بكفاية كونه من الولي أو غيره(2) . والوجه في استشكال المتن أنّه لم يعلم قيام عدول المؤمنين مقام الحاكم حتى في مثل هذا الحكم ، الذي يكون على خلاف القاعدة من جهات مختلفة .
أقول : الظاهر أنّ قيام الوليّ مقام الحاكم في هذه الجهة خصوصاً مع تصدّيه للطلاق غير بعيد ، كما لا يخفى .1 ـ غير خفيّ أنّ الفحص ليس له موضوعية ، بل إنّما هو لأجل كونه مقدّمة لوجدان المفقود الغائب غيبة منقطعة ، فلو فرض العلم بأنّ الفحص لا ينفع ولا يترتّب عليه أثر ولا فائدة ، فالظاهر سقوط وجوبه كما في المتن ، وكذا لو حصل العلم بعدم النفع في أثناء المدّة فإنّه لا يجب الفحص بقية المدّة ، بل الفحص في المدة
- (1) في ص172 .
- (2) الحدائق الناضرة: 25 / 487 ـ 488 .
(الصفحة 179)مسألة 20 : يجوز لها اختيار البقاء على الزوجية بعد رفع الأمر إلى الحاكم قبل أن تطلّق ولو بعد الفحص وانقضاء الأجل ، ولها أن تعدل عن اختيار البقاء إلى اختيار الطلاق ، وحينئذ لا يلزم تجديد ضرب الأجل والفحص(1) .
مسألة 21: الظاهر أنّ العدّة الواقعة بعد الطلاق عدّة طلاق وإن كانت بقدر عدّة الوفاة ، ويكون الطلاق رجعيّاً ، فتستحقّ النفقة في أيّامها ، وإن ماتت فيها يرثها لو كان في الواقع حيّاً، وإن تبيّن موته فيها ترثه ، وليس عليها حداد بعد الطلاق(2).
الماضية كاف في جواز الطلاق بعدها والزواج لو شاءت .1 ـ قد تعرّض في هذه المسألة لأمرين :
أحدهما : أنّه كما أنّ الزوجة لها الاختيار في أصل رفع الأمر إلى الحاكم; لأنّها لها الصبر ، وعدم رفع الأمر إلى الحاكم بلا إشكال ولا خلاف ، كذلك يجوز لها بعد رفع الأمر إلى الحاكم قبل أن تطلّق ولو بعد الفحص وانقضاء الأجل اختيار البقاء على الزوجية; لأنّ الفحص وانقضاء الأجل والطلاق كلّ ذلك إنّما كان لأجل المرأة وبنفعها ، فإذا اختارت البقاء فهو جائز لها كما لو لم ترفع الأمر إلى الحاكم أصلا .
ثانيهما : أنّها لو اختارت البقاء على الزوجية بعد الفحص اللاّزم وقبل حصول الطلاق ، ثم عدلت عن اختيار البقاء إلى اختيار الطلاق ، فهل يلزم تجديد ضرب الأجل والفحص ثانياً أم لا؟ الظاهر العدم; لحصول الفحص الواجب ، واختيار البقاء لا مدخلية له فيه ، فيجوز لها العدول إليه من دون تجديد كما لايخفى .2 ـ قد مرّ(1) البحث في هذه الجهة في الجملة ، وذكر هناك أنّ ظاهر النص