(الصفحة 457)بخلاف ما لو مات في العدّة البائنة ، نعم لو طلّقها في حال المرض ولو بائناً ومات بهذا المرض ، ترثه إلى سنة من حين الطلاق بشرط أن لا يكون الطلاق بالتماس منها ، فلا ترث المختلعة والمبارأة ، وأن لا تتزوّج ، فلو طلّقها حال المرض وتزوّجت بعد انقضاء عدّتها ، ثمّ مات الزوج قبل انقضاء السنة لم ترثه ، وأن لا يبرأ الزوج من المرض الذي طلّقها فيه ، فلو برأ منه ثمّ مرض ولو بمثل هذا المرض لم ترثه ، ولو ماتت هي في مرضه قبل تمام السنة ، لا يرثها إلاّ في العدّة الرجعية(1) .
1 ـ يشترط في التوارث بالزوجية أمران :
الأوّل : أن يكون العقد دائماً ، فلا توارث في النكاح المنقطع لا من جانب الزوج ولا من ناحية الزوجة ، وقد تقدّم تفصيل الكلام في هذا المجال في النكاح المنقطع في كتاب النكاح ، وظهر أنّ من خصوصيات النكاح المنقطع عدم ثبوت التوارث مع الإطلاق وعدم الاشتراط . نعم قد وقع الإشكال بالإضافة إلى صورة الاشتراط ، وحيث إنّا قد فصّلنا الكلام فيه فلا حاجة إلى الإعادة والتكرار فراجع(1) .
الثاني : أن تكون الزوجة في حبال الزوج سواء دخل بها أم لم يدخل ، ولا فرق في التوارث بين الصورتين ، والمطلّقة الرجعية بحكم الزوجة ما دامت في العدّة كسائر الموارد ، فلو مات أحدهما في العدّة الرجعية يرثه الآخر ، بخلاف ما لو مات في العدّة البائنة .
ففي صحيحة محمد بن قيس ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : إذا طلّقت المرأة ، ثمّ توفّي عنها زوجها ، وهي في عدّة منه لم تحرم عليه ، فإنّها ترثه ويرثها ما دامت في الدم من
- (1) تفصيل الشريعة / كتاب النكاح : القول في النكاح المنقطع ، مسألة 15 .
(الصفحة 458)
حيضها الثانية من التطليقتين الأوَّلتين ، فإن طلّقها الثالثة فإنّها لا ترث من زوجها شيئاً ولا يرث منها(1) .
وفي صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : إذا طلّق الرجل وهو صحيح لا رجعة له عليها لم يرثها ، وقال : هو يرث ويورّث ما لم تر الدم من الحيضة الثالثة ، إذا كان له عليها رجعة(2) .
والمراد أنّه لم يرثها ولم ترث منه لا عدم إرثها فقط . وبمثل هاتين الروايتين يجاب عن توهّم أنّه مع الموت لا يبقى مجال للرجوع في الطلاق من دون فرق بين موت الزوج أو الزوجة ، فلا فرق بين الرجعية والبائنة كما لايخفى . نعم استثنى من ذلك صورة الطلاق في حال المرض ولو بالطلاق البائن ، وأنّه لو مات بهذا المرض ترثه إلى حين سنة من الطلاق ، ولو لم يكن له حقّ الرجوع لفرض كون الطلاق بائناً بشروط ثلاثة :
أ : أن لا يكون الطلاق بالتماس منها كالمختلعة والمبارأة ، فإنّه حيث يكون الطلاق بإرادتها وإلتماسها فلا ترث في العدّة منها ، ضرورة أنّ الإرث إلى سنة إنّما هو لأجل منع الزوج عن الإضرار بها ، ومع الالتماس لا يبقى لهذا الاحتمال مجال ، ولو رجعت المختلعة والمبارأة في البذل في العدّة ، ففي محكي القواعد توارثا على إشكال إذا كان يمكنه الرجوع(3) .
ب : أن لا تتزوّج بعد انقضاء عدّتها ، ثمّ مات الزوج قبل انقضاء السنة ، فإنّه لا ترثه حينئذ; لانصراف الدليل عن مثل هذه الصورة التي تكون في حبالة الآخر ،
- (1) الوسائل : 26 / 223 ، أبواب ميراث الأزواج ب13 ح1 .
- (2) الوسائل : 26 / 223 ، أبواب ميراث الأزواج ب13 ح2 .
- (3) قواعد الأحكام : 2 / 178 .
(الصفحة 459)مسألة 3 : لو نكح المريض في مرضه ، فإن دخل بها أو برأ من ذلك المرض يتوارثان ، وإن مات في مرضه ولم يدخل بطل العقد ولا مهر لها ولا ميراث ، وكذا لو ماتت في مرضه ذلك المتصل بالموت قبل الدخول لا يرثها ، ولو تزوّجت وهي مريضة لا الزوج فماتت أو مات يتوارثان ، ولا فرق في الدخول بين القبل والدبر ، كما أنّ الظاهر أنّ المعتبر موته في هذا المرض قبل البرء لا بهذا ، فلو مات فيه بعلّة اُخرى لا يتوارثان أيضاً ، والظاهر عدم الفرق بين طول المرض وقصره ، ولو كان المرض شبه الأدوار بحيث يقال بعدم برئه في دور الوقوف ، فالظاهر عدم التوارث لو مات فيه ، والأحوط التصالح(1) .
ولازمها ثبوت التوارث بينهما من جهة الزوجية ، ولا وجه للتوارث أو الإرث من هذه الجهة من ناحية شخصين ، كما لا يخفى .
ج : أن لا يبرأ الزوج من مرضه الذي طلّقها فيه ، فلو بَرِئ منه ثمّ مرض ولو بمثل المرض الأوّل ، فلا ترث منه في العدّة البائنة ولو قبل مضي السنة ، ما لم يكن عروضه ثانياً كاشفاً عن عدم برئه كاملا ، وإلاّ ففي صورة الكشف يجري الحكم المتقدّم ولو بمعونة الاستصحاب التعليقي ، كما أنّه من الواضح أنّ محلّ البحث ما إذا كان الطلاق بائناً ، وأمّا إذا كان الطلاق رجعياً ولم تمض عدّتها فالتوارث ثابت ، وإن كان المرض جديداً لا كاشفاً عن عدم برء المرض السابق ، ووجهه ظاهر . وينبغي التنبيه على أمر; وهو أنّه لو ماتت الزوجة في مرضه المستمر قبل تمام السنة لا يرث الزوج منها ، إلاّ في خصوص العدّة الرجعية على ما عرفت .1 ـ لو نكح المريض في مرضه ، فثبوت التوارث بين الزوجين مشروط بالدخول بها أو البرء من ذلك المرض ، فلو تحقّق الموت في مرضه مع عدم الدخول
(الصفحة 460)
بطل العقد ، ولا مهر لها ولا ميراث .
ففي رواية زرارة ، عن أحدهما(عليهما السلام) قال : ليس للمريض أن يطلّق ، وله أن يتزوّج ، فإن هو تزوّج ودخل بها فهو جائز ، وإن لم يدخل بها حتّى مات في مرضه فنكاحه باطل ، ولا مهر لها ولا ميراث(1) .
وفي صحيحة عبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام)عن المريض ، أله أن يطلّق؟ قال : لا ، ولكن له أن يتزوّج إن شاء ، فإن دخل بها ورثته ، وإن لم يدخل بها فنكاحه باطل(2) .
وفي رواية أبي ولاّد الحنّاط قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن رجل تزوّج في مرضه ، فقال : إذا دخل بها فمات في مرضه ورثته ، وإن لم يدخل بها لم ترثه ونكاحه باطل(3) .
وصرّح بعضهم بأنّ المراد ببطلان العقد في الروايات عدم لزومه على وجه يترتّب عليه جميع أحكامه حتّى بعد الموت من الميراث والعدّة ، لا البطلان وعدم الصحّة حقيقة ، وإلاّ لزم عدم جواز وطئه لها في المرض بذلك العقد ، خصوصاً بعدما كان مقتضى الأصل العدم ، بل زاد بعضهم أنّه لو كان كذلك لزم الدور; لتوقّف جواز الوطء على الصحّة وهي عليه على ما هو المفروض .
وأجاب عنه في الجواهر : بأنّه يمكن أن يكون ذلك على جهة الكشف ، بمعنى أنّه إن حصل الدخول علم صحّة النكاح من أوّل الأمر ، وإلاّ انكشف فساده كذلك ،
- (1) الوسائل : 26 / 232 ، أبواب ميراث الأزواج ب18 ح3 .
- (2) الوسائل : 26 / 232 ، أبواب ميراث الأزواج ب18 ح2 .
- (3) الوسائل : 26 / 231 ، أبواب ميراث الأزواج ب18 ح1 .
(الصفحة 461)مسألة 4 : إن تعدّدت الزوجات فالثمن مع وجود الولد فالربع مع عدمه يقسّم بينهنّ بالسّوية ، فلهنّ الربع أو الثمن من التركة ، ولا فرق في منع الولد عن نصيبها الأعلى بين كونه منها أو من غيرها ، أو كان من دائمة أو منقطعة ، ولا بين كونه بلا واسطة أو معها ، والزوجة المطلّقة حال مرض الموت شريكة في الربع أو الثمن مع الشرائط المتقدّمة(1) .
وله الوطء بالعقد الصادر لظاهر النصوص وغيرها(1) .
وظهر ممّا ذكرنا أنّه لو ماتت الزوجة في مرض موت الزوج قبل تحقّق الدخول ، لا يرث الزوج منها لفرض عدم الدخول ، ولو كانت الزوجة مريضة دون الزوج فماتت أو مات يتوارثان .
وقد استظهر في المتن أنّ المعتبر موته في هذا المرض قبل البرء لا بهذا ، فلو مات فيه بعلّة اُخرى لا يتوارثان أيضاً ، والسرّ فيه أنّ كلمة «في» في قوله : «مات في مرضه» هل هي للظرفية أو السببية ، واستظهار المتن مبنيّ على الأوّل وهو مشكل جدّاً . والظاهر أنّه لا فرق بين طول المرض وقصره ، نعم لو كان طويلا جدّاً خصوصاً إذا لم يكن مانعاً عن المشي ونحوه فيه إشكال ، كمرض السلّ والسرطان الشائع في هذا الزمان ، الذي يطول دوره . ولو كان المرض شبه الأدوار فظاهر المتن التفصيل بين ما إذا صدق البرء في دور الوقوف وعدمه ، فعلى الأوّل الظاهر ثبوت التوارث وعلى الثاني الأحوط التصالح ، والوجه في كليهما واضح .1 ـ إنّ فرض الزوجة مع عدم الولد للزوج وهو الربع ، وكذا فرضها مع وجود الولد له وهو الثمن لا يتغيّر بين صورة تعدّد الزوجات وعدمه ، فإنّه مع فرض التعدّد
- (1) جواهر الكلام : 39 / 221 .