(الصفحة 462)
يقسّم الربع أو الثمن بين المتعدّدة بالتساوي ، كما يستفاد ذلك من الكتاب العزيز(1) ، ومن رواية أبي عمر العبدي ، عن علي بن أبي طالب(عليه السلام) في حديث ، أنّه قال : ولا يزاد الزوج على النصف ولا ينقص من الربع ، ولا تزاد المرأة على الربع ولا تنقص من الثمن ، وإن كنّ أربعاً أو دون ذلك فهنّ فيه سواء ـ إلى أن قال الفضل الواقع في سند الحديث : ـ وهذا حديث صحيح على موافقة الكتاب(2) .
غاية الأمر أنّه لابدّ من ملاحظة جهات متعدّدة في المجال ، وهو أنّ اختلاف فرض الزوجة من جهة وجود الولد للزوج وعدمه ، سواء كان الولد منها أو من غيرها من الزوجات الاُخر ، كما أنّه لا فرق بين كون الولد من زوجة دائمة أو منقطعة . نعم قد عرفت(3) أنّه في النكاح المنقطع لا توارث بين الزوجين في صورة الإطلاق وعدم الاشتراط ، بل في صورة الاشتراط على إشكال على ما مرّ ، ولكنّ الكلام هنا في مقدار فرض الزوجة الوارثة مع ثبوت الولد من النكاح المنقطع ، وكذلك لا فرق بين كون الولد بلا واسطة أو معها ، فإنّ الولد وإن نزل يحجب الزوجة وكذا الزوج عن النصيب الأعلى إلى الأدنى ، كما مرّ في حجب النقصان(4) .
وقد عرفت أيضاً أنّ الزوجة المطلّقة في حال مرض الموت شريكة مع الاُخريات في الربع أو الثمن مع الشرائط والخصوصيات المتقدّمة آنفاً .
نعم ، هنا كلام وهو أنّ ثبوت الربع أو الثمن بالإضافة إلى الزوجة هل هو من الجميع أو البعض؟ وسيأتي البحث فيه إن شاء الله تعالى في المسألة الآتية ، فانتظر .
- (1) سورة النساء : 4 / 12 .
- (2) الوسائل : 26 / 196 ، أبواب ميراث الأزواج ب2 ح1 .
- (3) في ص457 ـ 459 .
- (4) في ص355 .
(الصفحة 463)مسألة 5 : يرث الزوج من جميع تركة زوجته من منقول وغيره ، وترث الزوجة من المنقولات مطلقاً ، ولا ترث من الأراضي مطلقاً لا عيناً ولا قيمةً سواء كانت مشغولةً بالزرع والشجر والبناء وغيرها أم لا ، وترث القيمة خاصّة من آلات البناء كالجذوع والخشب والطوب ونحوها ، وكذا قيمة الشجر والنخل من غير فرق بين أقسام البناء كالرحى والحمّام والدكّان والإصطبل وغيرها ، وفي الأشجار بين الصغيرة والكبيرة واليابسة التي معدّة للقطع ولم تقطع والأغصان اليابسة ، والسعف كذلك مع اتصالها بالشجر(1) .
1 ـ هذه هي المسألة المعروفة ، وهي مسألة إرث الزوجة التي هي معركة للآراء والنظرات ومورد للفتاوى والأقوال ، ولنبسط الكلام فيها إن شاء الله تعالى ، كما أنّه قد صنّف فيها رسائل مستقلّة وكتب خاصّة ليكون بمنزلة رسالة وجيزة في هذا المجال .
فنقول : ـ وعلى الله الاتّكال في جميع الأحوال ، ومن الله أستمدّ لإراءَة طريق الصواب من الضلال ، فإنّه من المزالّ سيّما مع عموم الابتلاء به في كلّ زمان من الماضي والحال والاستقبال ـ الظاهر أنّه لا خلاف بين المسلمين في أنّ الزوج كسائر الورثة غير الزوجة يرث من جميع ما تركته زوجته من أرض وبناء وغيرهما عيناً ، ولا خلاف معتدّ به بيننا في أنّ الزوجة في الجملة محجوبة ولا ترث من بعض تركة زوجها ، بل في محكي الإنتصار : ممّا انفردت به الإمامية حرمان الزوجة من أرباع الأرض(1) ، بل عن الخلاف(2) والسرائر(3) الإجماع على حرمانها من العقار . نعم
- (1) الانتصار : 301 .
- (2) الخلاف : 4 / 116 مسألة 131 .
- (3) السرائر : 3 / 258 ـ 259 .
(الصفحة 464)
حكي عن الإسكافي : أنّه إذا دخل الزوج أو الزوجة على الولد والأبوين كان للزوج الربع وللزوجة الثمن من جميع التركة عقاراً أو أثاثاً وصامتاً ورقيقاً وغير ذلك(1) ، وعن غاية المراد بعد أن حكى إجماع أهل البيت على حرمان الزوجة من شيء ما ، وأنّه لم يخالف فيه إلاّ ابن الجنيد ، قال : وقد سبقه الإجماع وتأخّر عنه(2) . نعم ربّما يقال : بأنّ خلوّ جملة من كتب الأصحاب كالمقنع(3) للصدوق والمراسم(4)لسلاّر والتبيان(5) للشيخ الطوسي ومجمع البيان(6) وجوامع الجامع للطبرسيّ(7)وغيرها عن هذه المسألة ، خصوصاً مع وقوع التصريح في الجميع بكون إرث الزوجة ربع التركة أو ثمنها ، ومع عدم الفرق في الكتاب(8) بين إرث الزوجين إلاّ من جهة المقدار الذي منشأه وجود الولد وعدمه ، ربما يؤيّد ما عن الإسكافي(9) بل عن دعائم الإسلام ـ التي هي إحدى مصادر المستدرك للوسائل ـ : إنّ إجماع الاُمّة والأئمّة على قول ابن الجنيد(10) .
ولابدّ في هذا المجال من ملاحظة الروايات خصوصاً بعدما عرفت من ظهور
- (1) حكى عنه في مختلف الشيعة : 9 / 53 .
- (2) غاية المراد : 3/583.
- (3) المقنع : 491 ـ 494 .
- (4) المراسم : 223 ـ 234 .
- (5) التبيان : 3 / 134 .
- (6) مجمع البيان : 3 / 32 .
- (7) جوامع الجامع : 81 ذيل الآية 4 من سورة النساء .
- (8) سورة النساء : 4 / 12 .
- (9) حكى عنه في مختلف الشيعة : 9 / 53 .
- (10) دعائم الإسلام : 2 / 396 .
(الصفحة 465)
الكتاب في أنّه لا فرق في إرث الزوجين من هذه الجهة ، فنقول :
منها : رواية الفضل بن عبد الملك و(أو خ ل) ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال : سألته عن الرجل ، هل يرث من دار امرأته أو أرضها من التربة شيئاً؟ أو يكون في ذلك بمنزلة المرأة فلا يرث من ذلك شيئاً؟ فقال : يرثها ، وترثه من كلّ شيء ترك وتركت(1) .
ولا إشكال في أنّ الرواية معرض عنها عند المشهور وإعراضهم قادح في الاعتبار ، كما أنّ استنادهم إلى رواية ضعيفة جابر لضعفها على ما قرّرنا في محلّه .
ومنها : رواية زرارة ، عن أبي جعفر(عليه السلام) : أنّ المرأة لا ترث ممّا ترك زوجها من القرى والدور والسّلاح والدواب شيئاً ، وترث من المال والفرش والثياب ومتاع البيت ممّا ترك ، وتقوّم النقض والأبواب والجذوع والقصب ، فتعطى حقّها منه(2) .
ومنها : رواية محمد بن مسلم قال : قال أبو عبدالله(عليه السلام) : ترث المرأة الطوب ، ولا ترث من الرباع شيئاً ، قال : قلت : كيف ترث من الفرع ، ولا ترث من الرباع شيئاً؟ فقال : ليس لها منه (منهم) نسب ترث به ، وإنّما هي دخيل عليهم ، فترث من الفرع ، ولا ترث من الأصل ، ولا يدخل عليهم داخل بسببها(3) .
ومنها : رواية ميسر بياع الزطي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سألته عن النساء ، ما لهنّ من الميراث؟ قال : لهنّ قيمة الطوب والبناء والخشب والقصب ، فأمّا الأرض والعقارات فلا ميراث لهنّ فيه ، قال : قلت : فالبنات ؟ قال : البنات لهنّ نصيبهنّ منه ، قال : قلت : كيف صار ذا ، ولهذه الثمن ، ولهذه الربع مسمّى؟ قال : لأنّ المرأة
- (1) الوسائل : 26 / 212 ، أبواب ميراث الأزواج ب7 ح1 .
- (2) الوسائل : 26 / 205 ، أبواب ميراث الأزواج ب6 ح1 .
- (3) الوسائل : 26 / 206 ، أبواب ميراث الأزواج ب6 ح2 .
(الصفحة 466)
ليس لها نسب ترث به ، وإنّما هي دخيل عليهم ، إنّما صار هذا كذا لئلاّ تتزوّج المرأة ، فيجيء زوجها أو ولدها من قوم آخرين ، فيزاحم قوماً آخرين في عقارهم(1) .
ومنها : رواية اُخرى لمحمد بن مسلم رواها عنه زرارة ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : النساء لا يرثن من الأرض ، ولا من العقار شيئاً(2) .
ومنها : رواية زرارة وبكير وفضيل وبريد ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السلام) ، منهم من رواه عن أبي جعفر(عليه السلام) ، ومنهم من رواه عن أبي عبدالله(عليه السلام) ، ومنهم من رواه عن أحدهما(عليهما السلام) : أنّ المرأة لا ترث من تركة زوجها من تربة دار أو أرض إلاّ أن يقوّم الطوب والخشب قيمة فتعطى ربعها أو ثمنها(3) .
ومنها : صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : لا ترث النساء من عقار الدور شيئاً ، ولكن يقوّم البناء والطوب ، وتعطى ثمنها أو ربعها ، قال : وإنّما ذلك لئلاّ يتزوجّن ، فيفسدن على أهل المواريث مواريثهم(4) .
وإضافة العقار إلى الدور المركّبة من الأرض والبيوتات نوعاً دليل على أنّ المراد به أرض الدور ، والمحكي عن الصحاح أنّ العقار بالفتح : الأرض والضياع والنخل(5) ، والمحكي عن مفردات الراغب الإصبهاني(6) أنّ العقر يقال على كلّ شيء له أصل ، فالعقر بمنزلة الفرع ، فلا يقال في الأرض الخالية : عقر ، ولكن يقال :
- (1) الوسائل : 26 / 206 ، أبواب ميراث الأزواج ب6 ح3 .
- (2) الوسائل : 26 / 207 ، أبواب ميراث الأزواج ب6 ح4 .
- (3) الوسائل : 26 / 207 ، أبواب ميراث الأزواج ب6 ح5 .
- (4) الوسائل : 26 / 208 ، أبواب ميراث الأزواج ب6 ح7 .
- (5) الصحاح : 2 / 754 باب «ر» فصل «ع» .
- (6) المفردات : 341 . ولكن ليس فيه ذلك ، ولعلّه نقل بالمعنى .