جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 328)

النبيّ(صلى الله عليه وآله) والأئـمّة(عليهم السلام) من غير ردع منهم على الانتفاع بالجلود وأكل اللحوم من غير تفحّص وتتبّع عن أصل وقوع التذكية، أو عن صحّة التذكية الواقعة، فيستكشف من ذلك ثبوت دليل على الجواز، وحاكم على دليل المنع.

ثمّ لا يخفى أنّ التذكية عبارة عن مجرّد فري الأوداج الأربعة مع سائر الشرائط من الاستقبال والتسمية وغيرهما، ولا تكون أمراً اعتباريّاً واقعيّاً حاصلا بفري الأوداج وسائر الشرائط في بعض الحيوانات لخصوصيّة فيه، كما يظهر من بعض(1)، وذلك لعدم دلالة الأدلّة على أزيد ممّا ذكرنا، فإذا تحقّق جميع الشرائط المعتبرة تتحقّق التذكية، وليس مورد يشكّ في قابليّة حيوان للتذكية وعدمها.

نعم، يمكن الشك في أنّه إذا ذكّي هل يكون طاهراً أو لا؟ والمرجع حينئذ هو استصحاب الطهارة; إذ الموضوع لها في حال الحياة هو الجسم فقط لا مع تعلّق الروح به، فالموضوع باق في زمان الشك، وعلى فرض عدم الجريان يكون المرجع قاعدة الطهارة، وكذا إذا شكّ في أنّه بعد الذبح هل يكون حلالا أو حراماً؟ لأنّه يجب الرجوع إلى أصالة الإباحة. هذا في الشبهة الحكميّة.

وأمّا فيما نحن فيه من الشبهة الموضوعيّة، فقد عرفت أنّ مقتضى الأصل الأوّلي هي الحرمة والنجاسة; لجريان استصحاب عدم التذكية، بناءً على ما هو الظاهر من أنّ الميتة في نظر العرف كلّ ما لم يذكّ; سواء مات حتف أنفه أو بالحديد، أو غيره مع عدم تحقّق شرائط التذكية، خلافاً لبعضهم، حيث خصّها بالأوّل، وسيأتي الكلام فيه.

  • (1) كتاب الصلاة للمحقّق الحائري(رحمه الله): 50; درر الفوائد له: 453ـ454.
(الصفحة 329)

هذا، مضافاً إلى ما يظهر من بعض الأخبار من الحكم بالحرمة فيما إذا رمى صيداً وأصابه، ولكن شكّ في أنّ موته هل كان لإصابة الرمي، أو لتحقّق سبب آخر من السقوط عن الجبل، أو الوقوع في الماء; إذ مع وجود سبب آخر مقتض للموت لاتنفع إصابة الرمي، فمع احتماله يكون مقتضى استصحاب عدم التذكية، الحرمة والنجاسة.

ثمّ إنّ صاحب المدارك وجمعاً ممّن تبعه ذهبوا إلى أنّ الحكم بالنجاسة في الجلد المطروح وترتيب آثارها عليه يتوقّف على العلم بها، أو الظنّ الحاصل من البيّنة لو سلّم عموم دليلها(1)، ويمكن أن يستدلّ على مذهبه بما يظهر من الأخبار الواردة في هذه المسألة، مثل:

صحيحة الحلبي قال: سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن الخفاف التي تباع في السوق؟ فقال: اشتر وصلِّ فيها حتّى تعلم أنّه ميتة بعينه(2).

ومضمرة أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبّة فرا لا يدري أذكيّة هي أم غير ذكيّة أيصلّي فيها؟ قال: نعم، ليس عليكم المسألة، إنّ أبا جعفر(عليه السلام) كان يقول: إنّ الخوارج ضيّقوا على أنفسهم بجهالتهم، إنّ الدين أوسع من ذلك(3).

ورواية أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرضا(عليه السلام) قال: سألته عن الخفاف

  • (1) مدارك الأحكام 2: 387; مفاتيح الشرائع 1: 108; كشف اللثام 4: 417ـ420; وكذا ابن فهد في الموجز الحاوي (الرسائل العشر): 69.
  • (2) تهذيب الأحكام 2: 234، ح920; الكافي 3: 403، ح28; وعنهما وسائل الشيعة 3: 490، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، ب50، ح2.
  • (3) الفقيه 1: 167، ح787; تهذيب الأحكام 2: 368، ح1529; وعنهما وسائل الشيعة 3: 491، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، ب50، ح3.
(الصفحة 330)

يأتي السوق فيشتري الخفّ لا يدري أذكيّ هو أم لا، ما تقول في الصلاة فيه وهو لا يدري أيصلّي فيه؟ قال: نعم، أنا أشتري الخفّ من السوق ويصنع لي وأُصلّي فيه وليس عليكم المسألة(1).

ورواية الحسن بن الجهم قال: قلت لأبي الحسن(عليه السلام): اعترض السوق فأشتري خفّاً لا أدري أذكيّ هو أم لا؟ قال: صلِّ فيه. قلت: فالنعل؟ قال: مثل ذلك، قلت: إنّي أضيق من هذا، قال(عليه السلام): أترغب عمّا كان أبو الحسن(عليه السلام)يفعله؟!(2).

والاستدلال بهذه الروايات المشتملة على ذكر السوق مبنيّ على أن يكون ذكر السوق فيها لبيان منشأ الشك في أنّه منتزع من المذكّى أو الميتة، لا لكونه أمارة على ثبوت التذكية.

ولو نوقش في الاستدلال بها من هذه الجهة ـ بتقريب أنّ سوق المسلمين أمارة شرعيّة على ثبوت التذكية، فيمكن أن يكون الحكم بالطهارة وجواز الصلاة فيه لأجل وجود هذه الأمارة، لا لأجل كفاية مجرّد عدم العلم بالنجاسة ـ يمكن الاستدلال له ببعض الأخبار الواردة في هذا الحكم، الدالّة بإطلاقها على ما إذا لم يكن في البين أمارة تدلّ على أنّه منتزع من المذكّى.

كرواية عليّ بن أبي حمزة أنّ رجلا سأل أبا عبدالله(عليه السلام) ـ وأنا عنده ـ عن الرجل يتقلّد السيف ويصلّي فيه؟ قال: نعم، فقال الرجل: إنّ فيه الكيمخت، قال(عليه السلام): وما الكيمخت؟ قال: جلود دوابّ منه ما يكون ذكيّاً، ومنه ما يكون ميتة،

  • (1) تهذيب الأحكام 2: 371، ح1545; قرب الإسناد: 385، ح1357; وعنهما وسائل الشيعة 3: 492، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، ب50، ح6.
  • (2) الكافي 3: 404، ح31; تهذيب الأحكام 2: 234، ح921; وعنهما وسائل الشيعة 3: 493، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، ب50، ح9.
(الصفحة 331)

فقال: ما علمت أنّه ميتة فلا تصلِّ فيه(1).

ونحوها رواية سماعة بن مهران أنّه سأل أبا عبدالله(عليه السلام) عن تقليد السيف في الصلاة وفيه الفرا والكيمخت؟ فقال: لا بأس ما لم تعلم أنّه ميتة(2).

ورواية جعفر بن محمّد بن يونس أنّ أباه كتب إلى أبي الحسن(عليه السلام) يسأله عن الفرو والخفّ، ألبسه وأُصلّي فيه ولا أعلم أنّه ذكيّ؟ فكتب(عليه السلام): لا بأس به(3)، والظاهر منها بمقتضى ترك الاستفصال عدم الفرق بين ما لو كان السيف أو الفرو والخفّ واصلا إليه من يد المشركين أو غيرهم.

وأظهر منها في الدلالة على العموم ما رواه السكوني، عن أبي عبدالله، عن آبائه(عليهم السلام) أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة، يكثر لحمها وخبزها وجبنها وبيضها، وفيها سكّين؟ فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): يقوّم ما فيها، ثمّ يؤكل; لأنّه يفسد وليس له بقاء، فإذا جاء طالبها غرموا له الثمن. قيل له: يا أمير المؤمنين لا يدرى سفرة مسلم أم سفرة مجوسيّ؟ فقال: هم في سعة حتّى يعلموا(4).

هذا، ولا يخفى أنّه لا يجوز الاعتماد على إطلاقها; للروايات الاُخرى الدالّة على التقييد، مثل:

  • (1) تهذيب الأحكام 2: 368، ح1530; وعنه وسائل الشيعة 3: 491، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، ب50، ح4.
  • (2) الفقيه 1: 172، ح811; تهذيب الأحكام 2: 205، ح800; وعنهما وسائل الشيعة 3: 493، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، ب50، ح12.
  • (3) الفقيه 1: 167، ح789; وعنه وسائل الشيعة 4: 456، أبواب لباس المصلّي، ب55، ح4.
  • (4) الكافي 6: 297، ح2; المحاسن 2: 239، ح1737; وعنهما وسائل الشيعة 3: 493، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، ب50 ح11; وج24: 90، أبواب الذبائح، ب38، ح2.
(الصفحة 332)

ما رواه الكليني عن عمر بن أذينة، عن فضيل وزرارة ومحمّد بن مسلم، أنّهم سألوا أبا جعفر(عليه السلام) عن شراء اللحوم من الأسواق، ولا يدرى ما صنع القصّابون؟ فقال(عليه السلام): كُلْ إذا كان ذلك في سوق المسلمين ولا تسأل عنه(1); فإنّ مقتضى مفهومها أنّه لو كان شراؤها من غير أسواقهم لا يجوز أكلها من دون سؤال.

والظاهر أنّ المراد من سوق المسلمين هو السوق الذي كان أكثر أهله مسلماً، لا السوق المنعقد في البلد الذي يكون تحت سلطنة الإسلام وحكومة المسلمين، ولو كان جميع أهله أو أكثره مشركاً.

وأيضاً الظاهر أنّ اعتبار السوق إنّما هو بالنسبة إلى من كان مجهول الحال ولا يعلم أنّه مسلم أو كافر; فإنّه يبنى على إسلامه لمكان غلبة المسلمين فيه، ويكون إسلامه أمارة على وقوع التذكية الشرعيّة على الحيوان، وإلاّ فلو علم بكفر البائع والذابح أو بكفر الأوّل فقط مع الشك في كفر الثاني، فلا يؤثِّر في حلّية اللحم المشترى منه كون أكثر أهل السوق مسلماً، كما هو واضح، فيرجع اعتبار السوق إلى اعتبار يد المسلم، غاية الأمر أنّه لا فرق بين ما إذا أُحرز إسلامه بالقطع أو بني عليه للغلبة ونحوها.

ثمّ إنّ مقتضى الرواية جواز الأكل مع السؤال عند الاشتراء من غير المسلم، والظاهر أنّ المراد به هو السؤال عن البائع دون غيره، فيرجع إلى اعتبار قوله عند الإخبار بوقوع التذكية، أو بجريان يد المسلم عليه.

كما يدلّ عليه منطوق رواية إسماعيل بن عيسى القمّي قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن جلود الفراء يشتريها الرجل في سوق من أسواق

  • (1) الكافي 6: 237، ح2; الفقيه 3: 211، ح976; تهذيب الأحكام 9: 72، ح306 و 307; وعنها وسائل الشيعة 24: 70، أبواب الذبائح، ب29، ح1.