(الصفحة 62)مسألة 10 : لو طلّق الوكيل عن الزوج لا يكتفى به مع عدل آخر في الشاهدين ، كما لا يكتفى بالموكّل مع عدل آخر(1) .
مسألة 11 : المراد بالعدل في هذا المقام ما هو المراد به في غيره ممّا رتّب عليه بعض الأحكام ، كما مرّ في كتاب الصلاة(2) .
{وأَشْهِدُوا ذَوَىْ عَدْل مِنْكُمْ}(1) مع كون الخطاب متوجّهاً إلى المطلّقين من الأزواج ، والشاهد في المفروض معلوم الفسق لا محرز العدالة . وقد تكلّمنا في بحث العدالة وفي الأمارة الشرعية عليها مفصّلا بما لا مزيد عليه في بحث اعتبار العدالة في مرجع التقليد ، وفي بيان معناها في كتاب الاجتهاد والتقليد من هذا الكتاب في المسائل الأخيرة منه(2) . وأحلنا إلى ذلك في مسألة اعتبار العدالة في الشاهد من كتاب الشهادات في بحث صفات الشهود ، فراجع .1 ـ وجه عدم الاكتفاء أنّ الظاهر المتفاهم عرفاً من أدلّة اعتبار شاهدين عدلين من الكتاب والسنّة إعتبار شاهدين خارجين عن المطلّق; ومن الواضح عدم ثبوتهما في الفرض الأوّل; لأنّ المطلّق أحد الشاهدين . والوجه في عدم الاكتفاء في الفرض الثاني صدق المطلّق على الزوج الموكّل ، فلا يجوز أن يكون أحد الشاهدين بل لابدّ أن يكون غيره،لكن في محكي المسالك(3) مايظهر منه خلاف ذلك،ومن الواضح خلافه.2 ـ قد عرفت أنّ معنى العدالة في الشريعة واحد ، غاية الأمر أنّ الشارع جعل
- (1) سورة الطلاق: 65 / 2 .
- (2) تفصيل الشريعة / الاجتهاد والتقليد : 75 ـ 79 .
- (3) مسالك الافهام: 9 / 115 .
(الصفحة 63)مسألة 12 : لو كان الشاهدان عادلين في اعتقاد المطلّق ـ أصيلا كان أو وكيلا ـ وفاسقين في الواقع يشكل ترتيب آثار الطلاق الصحيح لمن يطّلع على فسقهما ، وكذلك إذا كانا عادلين في اعتقاد الوكيل دون الموكّل ، فإنّه يشكل جواز ترتيب آثار الصحّة عليه ، بل الأمر فيه أشكل من سابقه(1) .
لها أمارة شرعية وهي حسن الظاهر ، على ما استفيد من الرواية الواردة في تفسيرها وبيان الأمارة لها ، وهي صحيحة ابن أبي يعفور المعروفة المذكورة في الوسائل في الباب الحادي والأربعين من كتاب الشهادات(1) . ولا يختلف معنى العدالة باعتبار اختلاف الأحكام المترتّبة عليها ، غاية الأمر قيام الدليل على ترتّب بعض الأحكام عند وجود الأمارة المزبورة كباب الجماعة ، وإن انكشف الخلاف وعدم قيامه على الصحّة مع انكشاف الخلاف بمجرّد قيام الأمارة الشرعية كباب الطلاق ، وإلاّ فلا يكون هناك اختلاف في معنى العدالة وتعريفها ، وكذا في وجود الأمارة الشرعية عليها ، كما لا يخفى .1 ـ يظهر الوجه في عدم الاعتبار ممّا ذكرنا ، كما أنّ الظاهر أنّ الوجه في كون الفرض الثاني أشكل من الفرض الأوّل هو وضوح كون المطلّق حقيقة هو الموكّل ، فمع عدم اعتقاده بعدالة الشاهدين كيف يمكن أن يقال بوقوع الطلاق الصحيح منه ، ولو كان إنشاء الطلاق صادراً من الوكيل والشاهدان عادلان عنده ، وهذا كالبيع الصادر من الوكيل مع اعتقاده الصحّة ، وعلم الموكّل بالبطلان ، كما لايخفى .
- (1) الفقيه: 3 / 24 ح65 ، الوسائل: 27 / 391 ، كتاب الشهادات ب41 ح1 .
(الصفحة 64)
(الصفحة 65)القول في أقسام الطّلاق
الطلاق نوعان : بدعي وسنّي :
فالأوّل: هو غير الجامع للشرائط المتقدّمة ، وهو على أقسام فاسدة عندنا صحيحة عند غيرنا .
والثاني: ما جمع الشرائط في مذهبنا ، وهو قسمان: بائن ورجعي ، فالبائن ما ليس للزوج الرجوع إليها بعده ، سواء كانت لها عدّة أم لا ، وهو ستّة :
الأوّل: الطلاق قبل الدخول .
الثاني: طلاق الصغيرة ، أي من لم تبلغ التسع وإن دخل بها .
الثالث: طلاق اليائسة ، وهذه الثلاث ليست لها عدّة كما يأتي .
الرابع والخامس: طلاق الخلع والمبارات مع عدم رجوع الزوجة فيما بذلت ، وإلاّ كانت له الرجعة .
السادس: الطلاق الثالث إذا وقع منه رجوعان إلى الزوجة في البين ، بين الأوّل والثاني ، وبين الثاني والثالث ولو بعقد جديد بعد خروجها عن العدّة(1) .
1 ـ تقسيم الطلاق إلى البدعي والسنّي إنّما هو باعتبار لفظه الذي يقع على الأعمّ
(الصفحة 66)
من الصحيح والفاسد لغةً وعرفاً وشرعاً ، وإلاّ فالطلاق البدعي لا يكون صحيحاً كما أنّ الطلاق البدعي ما أُنشئ بعنوان المشروعية ، ضرورة أنّ نفس التلفّظ بالصيغة مع العلم بعدم تأثيرها لا يكون بمحرّم أصلا ، فالمحرّم ما إذا أُنشِئ بعنوان المشروعية ، غاية الأمر أنّا ذكرنا غير مرّة أنّ الحرمة لا تسري من متعلّقها إلى شيء آخر ، فالمحرّم هي البدعة ، والإنطباق على الطلاق لا يوجب حرمته بوجه . والتحقيق في محلّه .
ثم إنّ الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد ، الذي قد ذكرنا(1) أنّه تقع واحدة منها بدعي وسنّي معاً ، ضرورة أنّها بدعية بالإضافة إلى الثلاثة المقصودة الباطلة ، وسنّية بالإضافة إلى الواحدة الصحيحة غير المقصودة ، فتدبّر .
ثم إنّ الطلاق السنّي ينقسم إلى بائن ورجعي ، فالبائن ما ليس للزوج فيه الرجوع بعده; لأجل عدم ثبوت العِدّة فيها أصلا كالطلاق قبل الدخول ، وطلاق الصغيرة وإن وقعت مدخولا بها بالدخول المحرّم أو غيره وطلاق اليائسة ، أو لأجل عدم ثبوت حقّ الرجوع فيه وإن كانت لها عدّة كطلاقي الخلع والمبارات مع عدم رجوع الزوجة فيما بذلت وإلاّ كانت له الرجعة ، والطلاق الثالث مع وقوع تجدّد الزوجية في البين بين الأوّل والثاني وبين الثاني والثالث ، سواء كان بالرجوع في العدّة أو بالتزويج بعد الخروج من العدّة ، وسيأتي التفصيل إن شاء الله تعالى .
والمحقّق في الشرائع قسّم طلاق السنّة إلى أقسام ثلاثة: بائن ورجعي وطلاق العدّة(2) . وفي محكي القواعد للعلاّمة تقسيم الطلاق الشرعي إلى طلاق عدّة وسنّة ،
- (1) في ص48 ـ 52 .
- (2) شرائع الإسلام: 3 / 23 .