(الصفحة 67)
ثم بعد ذلك قسّمه إلى البائن والرجعي(1) ، وكذلك فعل في الإرشاد(2) إلاّ أنّه قدّم التقسيم إلى البائن والرّجعي على السنّي والعدّي .
وفي محكي المسالك التحقيق أنّ الطلاق العدّي من أقسام الرجعي ، والطلاق السنّي ـ بالمعنى الأخصّ ـ بينه وبين كلواحد من البائن والرجعي عموم وخصوص من وجه يختصّ البائن عنه بما إذا لم يتزوّجها بعد العدّة مع كونه بائناً ، ويختصّ السنّي عنه بما إذا كان رجعياً ولم يرجع ويتزوّجها بعد العدّة ، ويتصادقان فيما إذا كان الطلاق بائناً وتزوّجها بعد العِدّة ، ويختصّ العدّي عنه بما إذا رجع في العدّة ، ويختص السنّي عنه بما إذا كان الطلاق بائناً وتزوّج بعد العدّة ، ويتصادقان فيما إذا كان الطلاق رجعياً ولم يرجع فيه إلى أن انقضت العدّة ثمّ تزوّجها بعقد جديد ، انتهى(3) .
وقال في الجواهر : الأجود في التقسيم أن يقسم الطلاق السنّي إلى البائن والرجعي والقسمة حاصرة غير متداخلة ، ويقسم أيضاً إلى طلاق العِدّة وطلاق السنّة بالمعنى الأخص وغيرهما لا أن يقتصر عليهما(4) .
هذا ولكن الروايات المستفيضة تدلّ على تقسيم الطلاق إلى طلاق العِدّة وطلاق السنّة ، ففي:
صحيحة زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) أنّه قال: كلّ طلاق لايكون على السنّة أو طلاق على العدّة فليس بشيء . قال زرارة: قلت لأبي جعفر(عليه السلام): فسّر لي طلاق السنّة وطلاق العِدّة ، فقال : أمّا طلاق السنّة فإذا أراد الرجل أن يطلّق امرأته ، فلينتظر
- (1) قواعد الاحكام: 2 / 64 .
- (2) إرشاد الأذهان: 2 / 44 .
- (3) مسالك الافهام: 9 / 112 .
- (4) جواهر الكلام: 32 / 117 .
(الصفحة 68)
بها حتى تطمث وتطهر ، فإذا خرجت من طمثها طلّقها تطليقة من غير جماع ، ويُشهد شاهدين على ذلك ، ثم يدعها حتى تطمث طمثتين فتنقضي عدّتها بثلاث حيض وقد بانت منه ، ويكون خاطباً من الخطّاب إن شاءت تزوجته وإن شاءت لم تزوّجه وعليه نفقتها والسكنى ما دامت في عِدّتها ، ويتوارثان حتى تنقضي عدّتها .
وأمّا طلاق العِدّة الذي قال الله عزّوجلّ:
{فَطَلِّقُوهنّ لِعِدَّتِهنَّ وَأَحْصُوا العِدّة}(1)فإذا أراد الرجل منكم أن يطلّق امرأته طلاق العِدّة ، فلينتظر بها حتى تحيض وتخرج من حيضها ، ثم يطلّقها تطليقة من غير جماع بشهادة شاهدين عدلين ، ويراجعها من يومه ذلك إن أحبّ أو بعد ذلك بأيّام قبل أن تحيض ، ويشهد على رجعتها ، ويواقعها حتى تحيض ، فإذا حاضت وخرجت من حيضها طلّقها تطليقةً أخرى من غير جماع ، ويشهد على ذلك ، ثم يراجعها أيضاً متى شاء قبل أن تحيض ، ويشهد على رجعتها ويواقعها ، وتكون معه إلى أن تحيض الحيضة الثالثة ، فإذا خرجت من حيضتها الثالثة طلّقها التطليقة الثالثة بغير جماع ، ويشهد على ذلك ، فإذا فعل ذلك فقد بانت منه ، ولا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره . قيل له: وإن كانت ممّن لا تحيض؟ فقال : مثل هذه تطلّق طلاق السّنة(2) .
وفي صحيحة أبي بصير ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سألته عن طلاق السنّة؟ فقال : طلاق السنّة إذا أراد الرجل أن يطلّق امرأته يدعها إن كان قد دخل بها حتى تحيض ثم تطهر ، فإذا طهرت طلّقها واحدة بشهادة شاهدين ، ثم يتركها حتى تعتدّ ثلاثة قروء ، فإذا مضى ثلاثة قروء فقد بانت منه بواحدة وحلّت للأزواج ، وكان
- (1) سورة الطلاق: 65 / 1 .
- (2) الكافي: 6 / 65 ح2 ، التهذيب: 8 / 26 ح83 ، الوسائل: 22 / 103 و 108 ، أبواب أقسام الطلاق ب1 ح1 وب2 ح1 .
(الصفحة 69)
زوجها خاطباً من الخطّاب ، إن شاءت تزوّجته وإن شاءت لم تفعل ، فإن تزوّجها بمهر جديد كانت عنده على اثنتين باقيتين وقد مضت الواحدة ، فإن هو طلّقها واحدة أخرى على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين ، ثم تركها حتى تمضي اقراؤها فإذا مضت اقراؤها من قبل أن يراجعها فقد بانت منه باثنتين ، وملكت أمرها وحلّت للأزواج ، وكان زوجها خاطباً من الخطّاب ، إن شاءت تزوّجته وإن شاءت لم تفعل ، فإن هو تزوّجها تزويجاً جديداً بمهر جديد كانت معه بواحدة باقية وقدمضت ثنتان، فإن أراد أن يطلّقها طلاقاً لاتحلّ له حتّى تنكح زوجاً غيره، تركها حتى إذا حاضت وطهرت أشهد على طلاقها تطليقة واحدةً، ثم لاتحلّ له حتى تنكح زوجاًغيره. وأمّا طلاق الرّجعة(1) فإن يدعها حتى تحيض وتطهر ثم يطلّقها بشهادة شاهدين ، ثم يراجعها ويواقعها ، ثم ينتظربهاالطهر فإذاحاضتوطهرت أشهد شاهدين على تطليقة أخرى ، ثم يراجعها ويواقعها ثم ينتظر بها الطهر ، فإذا حاضت وطهرت أشهد شاهدين على التطليقة الثالثة ، ثم لا تحلّ له أبداً حتى تنكح زوجاً غيره ، وعليها أن تعتدّ ثلاثة قروء من يوم طلّقها التطليقة الثالثة ، فإن طلّقها واحدة بشهود على طهر ، ثم انتظر بها حتى تحيض وتطهر ثم طلّقها قبل أن يراجعها لم يكن طلاقه الثانية طلاقاً; لأنّه طلّق طالقاً; لأنّه إذا كانت المرأة مطلّقة من زوجها كانت خارجة من ملكه حتى يراجعها ، فإذا راجعها صارت في ملكه ما لم يطلّقها التطليقة الثالثة ، فإذا طلّقها التطليقة الثالثة فقد خرج ملك الرجعة من يده ، فإن طلّقها على طهر بشهود ثمّ راجعها ، وانتظر بها الطهر من غير مواقعة فحاضت وطهرت ، ثم طلّقها قبل أن يدنسها بمواقعة بعد الرجعة لم يكن طلاقه لها طلاقاً; لأنّه طلّقها التطليقة الثانية في طهر الاُولى ، ولا ينقضي الطهر إلاّ بمواقعة بعد الرجعة ، وكذلك
- (1) في الاستبصار : العدّة .
(الصفحة 70)مسألة 1 : لو طلّقها ثلاثاً مع تخلّل رجعتين حرمت عليه ولو بعقد جديد ، ولا تحلّ له إلاّ بعد أن تنكح زوجاً غيره ثم فارقها بموت أو طلاق وانقضت عِدّتها وحينئذ جاز للأوّل نكاحها(1) .
لاتكون التطليقة الثالثة إلاّ بمراجعة ومواقعة بعد الرجعة، ثم حيض وطهر بعد الحيض، ثم طلاق بشهود حتى يكون لكلّ تطليقة طهر من تدنيس المواقعة بشهود(1).
إلى غير ذلك من النصوص(2) ، ولكن مع ذلك يكون الأمر سهلا; لأنّ المهمّ هي الأحكام المترتّبة على الأقسام لا إلى التسمية والعنوان .1 ـ الأصل في هذه المسألة قوله تعالى :
{الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوف أَوْ تَسْرِيحٌ بإحْسَان} إلى قوله تعالى :
{فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا}(3) .
ويدلّ عليه أيضاً بعض ما تقدّم من الروايات والروايات(4) الاُخر أيضاً ، وينبغي أن يعلم أنّه ليس لطلاق الزوج الآخر خصوصيّة ، بل المراد حصول المفارقة بموت أو طلاق وانقضاء عدّتها ، فيصير الزوج الأوّل ـ بتعبير الروايات المتقدّمة ـ كأحد من الخطّاب إن شاءت تزوّجته وإن شاءت لم تتزوّجه .
كما أنّه ينبغي أن يعلم أنّ نكاح الزوج الآخر لابدّ أن يكون بنحو النكاح الدائم الذي يجري فيه الطلاق بقرينة قوله تعالى:
{فَإِن طَلَّقَهَا} والنكاح المنقطع
- (1) الكافي: 6 / 66 ح4 ، التهذيب : 8 / 27 ح84 ، الاستبصار : 3/268 ح959 ، الوسائل: 22 / 104 و 109 ، أبواب أقسام الطلاق ب1 ح3 وب2 ح2 .
- (2) الوسائل: 22 / 101 ـ 110 ، أبواب أقسام الطلاق ب1 و 2 .
- (3) سورة البقرة: 2 / 229 ـ 230 .
- (4) الوسائل: 22 / 101 ـ 110 ، أبواب أقسام الطلاق ب1 و 2 .
(الصفحة 71)مسألة 2 : كلّ امرأة حرّة إذا استكملت الطلاق ثلاثاً مع تخلّل رجعتين في البين ، حرمت على المطلّق حتى تنكح زوجاً غيره ، سواء واقعها بعد كلّ رجعة وطلّقها في طهر آخر غير طهر المواقعة ، وهذا يقال له: طلاق العِدّة ، أو لم يواقعها ، وسواء وقع كلّ طلاق في طهر أو وقع الجميع في طهر واحد ، فلو طلّقها مع الشرائط ثم راجعها ثم طلّقها ثم راجعها ثم طلّقها في مجلس واحد حرمت عليه ، فضلا عمّا إذا طلّقها ثم راجعها ، ثم تركها حتى حاضت وطهرت ثم طلّقها وهكذا(1) .
لا يكون فيه طلاق ، ولعلّه سيجيء البحث فيه إن شاء الله تعالى .1 ـ وقد عرفت أنّ الأصل في ذلك قوله تعالى :
{فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} متفرّعاً على قوله تعالى :
{ الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ} من دون فرق بين طلاق العدّة المفسّر في الروايات بما إذا واقعها بعد كلّ رجعة ، وطلّقها في طهر آخر غير طهر المواقعة ، وبين ما إذا لم تتحقّق المواقعة بعد الرجوع أصلا; وذلك لإطلاق الآية الشريفة ، التي وقع فيها تفريع عدم الحلية يعني بحصول نكاح جديد من زوج جديد وحصول المفارقة منه وانقضاء العدّة بطلاق أو موت كما تقدّم . وكذلك مقتضى الإطلاق عدم الفرق بين أن يتحقّق كلّ طلاق في طهر مستقل ، أو وقع الجميع في طهر واحد ، فلو طلّقها مع الشرائط ثم راجعها ثم طلّقها ثم راجعها ثم طلّقها في مجلس واحد ، حرمت عليه واحتاجت إلى المحلّل . ومن الواضح مغايرة هذا مع الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد الواقع عند مخالفينا(1) دون أصحابنا الإمامية
- (1) الأمّ: 5 / 280 ، المجموع: 18 / 249 ، مغني المحتاج: 3 / 311 ، المغني لابن قدامة: 8/240 ، الشرح الكبير: 8 / 257 ، المبسوط: 6 / 57 .