(الصفحة 230)
وتعلّق النهي بالإجهار في القراءة تغاير تعلّقـه با لقراءة التي يجهر بها ، والثاني خارج عن مورد النزاع ; لأنّـه في تعلّق النهي با لوصف لابا لموصوف .
وممّا ذكرنا يظهر الكلام في النهي عن الوصف المفارق .
وأمّا الشرط:
فإن كان أمراً عبادياً ، فا لنهي عنـه يوجب فساده ، وإن كان أمراً غير عباديّ ، فليس الإتيان بـه إلاّ ارتكاب المحرّم ، وعلى التقديرين لايضرّ بصحّـة العمل أصلاً ; لأنّ المفروض أنّ متعلّق النهي هو القسم الخاصّ من الشرط ، كا لنهي عن التستّر با لحرير مثلاً بناء على أن يكون النهي للتحريم ، فإنّ التستّر بـه وإن كان يوجب مخا لفـة النهي إلاّ أنّ شرط الصلاة ـ وهو الستر ـ متحقّق ، وعدم اختلافهما في الخارج لايضرّ أصلاً ; لأنّ متعلّق الأحكام هي الطبائع ، والشيء الواحد يمكن أن يكون مقرّباً ومبعّداً من جهتين ، كما عرفت .
نعم ، لو كان الشرط من الاُمور العباديـة واقتصر عليـه المكلّف في مقام الامتثال ، تكون العبادة فاسدةً من جهـة بطلان الشرط ، وهذا غير سرايـة الفساد إليـه ، كما هو واضح .
فتحصّل أنّ النهي عن الجزء أو الشرط أو الوصف اللازم أو المفارق لايوجب فساد العبادة من حيث هو ، كما عرفت .
هذا تمام الكلام في مبحث النواهي .
(الصفحة 231)
المقصد الثالث
في المفاهيم
(الصفحة 232)
(الصفحة 233)مقدّمـة
في تعريف المفهوم
اعلم أنّ المفهوم عندهم عبارة عن القضيـة الخبريـة أو الإنشائيـة المستفادة من قضيّـة اُخرى ، والاختلاف بينهم إنّما هو في منشأ الاستفادة ، فا لمنسوب إلى القدماء أنّ وجـه استفادتـه أنّ القيود الواقعـة في الكلام ، الصادرة من المتكلّم المختار إنّما هو لكونها دخيلاً في ثبوت الحكم ، وإلاّ يلزم أن يكون لغواً(1) ، وسيأتي التعرّض لـه على التفصيل .
وا لمعروف بين محقّقي المتأخّرين أنّ وجـه استفادة المفهوم هو كون أدوات الشرط دالّـة على العلّيـة المنحصرة إمّا با لوضع أو بقرينـة عامـة(2) ، وعليـه يكون ا لمفهوم من المدلولات الالتزاميـة للقضايا التي لها مفهوم ، فكما أنّ المفردات لها مدلولات التزاميـة ، وهي المعاني التي ينتقل إليها النفس بمجرّد تصوّر معاني تلك
- 1 ـ الحاشيـة على كفايـة الاُصول، البروجردي 1: 438، نهايـة الاُصول: 291.
- 2 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 1: 476 ـ 478، الحاشيـة على كفايـة الاُصول، البروجردي 1: 436.
(الصفحة 234)
ا لمفردات ، فكذلك للقضايا مدلولات التزاميـة ينتقل إليها الذهن بمجرّد تصوّر معانيها المطابقيـة .
وعلى الأوّل لايكون وصف المفهوميـة وصفاً للمدلول أو الدلالـة ; لعدم استفادتـه من اللّفظ أصلاً ، بل إنّما هو حكم العقل بأنّ المتكلّم العاقل المختار إذا تكلّم بكلام وأخذ فيـه قيوداً لايكون أخذه لها لغواً ، بل لكونها دخيلاً في ترتّب الحكم .
وأمّا على الثاني فيصير نظير وصف الالتزاميـة والتضمّنيـة والمطابقيـة في مدا ليل المفردات بمعنى أ نّـه يمكن أن يتّصف بها المدلول ، ويمكن أن يتّصف بها الدلالـة ، كما يمكن أن يتّصف بها الدالّ ; لأنّـه كما تكون الدلالـة با لمطابقـة كذلك يكون المعنى مطابقاً ـ با لفتح ـ واللّفظ مطابقاً ـ با لكسر ـ وهكذا في الالتزام والتضمّن .
وفي المقام نقول : إنّ وصف المفهوميـة يمكن أن يكون وصفاً لتلك القضيـة المستتبعـة ، ويمكن أن يكون وصفاً للدلالـة باعتبار أنّ الدلالـة على تلك القضيـة دلالـة مستفادة من الدلالـة على القضيـة المنطوقيـة ، وبهذا الاعتبار يمكن أن يتّصف بها الدالّ ، كما لايخفى .
ثمّ إنّ النزاع على قول المتأخّرين إنّما يكون في الصغرى ; إذ الكلام إنّما هو في دلالـة أدوات الشرط مثلاً على العلّيـة المنحصرة المستتبعـة للقضيـة الاُخرى قهراً ، وأمّا على فرض تسليم الدلالـة فلا إشكال في حجّيـة تلك القضيـة ، كما هو واضح .
وأمّا على قول القدماء فقد يقال بأنّ النزاع بناء عليـه إنّما يكون في الكبرى ; نظراً إلى أنّ لزوم حمل القيود على معنى حذراً من اللغويـة يقتضي ثبوت المفهوم ،