(الصفحة 335)
وثالثـة:
يكون كلٌّ منهما متكرّراً ، وفي هذا القسم قد تكون الأحكام مختلفةً با لصنف ، وقد لا تكون كذلك .
وفي هذا القسم يتردّد الأمر بين الرجوع إلى الجميع أو خصوص الأخيرة ، ولا دليل على التعيين ، وعلى التقدير الثاني فا لظاهر هو الرجوع إلى الجميع في مثل الصورة الثانيـة في التقدير الأوّل دون البواقي ، فتدبّر .
ثمّ إنّ الرجوع إلى الأخيرة في موارد الإجمال متيقّن على كلّ تقدير ، وفي غيرها من الجُمل لايجوز التمسّك بأصا لـة العموم ; لاكتنافـه بما يصلح للقرينيّـة ، ولم يحرز استقرار بناء العقلاء على التمسّك بها في أمثال المقام ، فلابدّ في مورد الاستثناء فيـه من الرجوع إلى الاُصول العمليّـة .
وذكر في التقريرات:
أنّ توهّم كون المقام من قبيل اكتناف الكلام بما يصلح للقرينيّـة غير صحيح ; لأنّ المولى لو أراد تخصيص الجميع ومع ذلك قد اكتفى في مقام البيان بذكر استثناء واحد مع تكرار عقد الوضع في الجملـة الأخيرة ، لكان مخلاّ ببيانـه ; إذ بعد أخذ الاستثناء محلّـه من الكلام لايكون موجب لرجوعـه إلى الجميع(1) .
ولايخفى أنّ ذلك يوجب سدّ باب الإجمال ; فإنّـه كيف لايجوز أن يكون غرضـه تخصيص الجميع ومع ذلك أجمل كلامـه لمصلحـة مقتضيـة لـه كما في سائر المجملات .
وأمّا قولـه بعد أخذ الاستثناء محلّـه من الكلام : فلم نعرف لـه معنى .
وحكي عن المقالات أنّـه قال في المقام ما ملخّصـه:
أنّ إطلاق الاستثناء والمستثنى يوجب الرجوع إلى الجميع ، وحينئذ فلو كان العموم في الجُمل
- 1 ـ أجود التقريرات 1: 497.
(الصفحة 336)
ا لمستثنى منها مستفاداً لا من الإطلاق ، يوجب ذلك عدم انعقاد الإطلاق في الاستثناء والمستثنى ; لصيرورة العموم في غير الجملـة الأخيرة قرينةً على اختصاصهما بها ، وأمّا لو كان العموم مستفاداً من مقدّمات الحكمـة ، فهنا إطلاقان يكون انعقاد كلٍّ منهما معلّقاً على عدم الآخر ، فلاينعقدان ، فيصير الكلام با لنسبـة إلى غير الجملـة الأخيرة مجملاً(1) .
أقول:
ما ذكره في الشقّ الأوّل من صيرورة العموم قرينـة على اختصاص الاستثناء با لجملـة الأخيرة ، محلّ نظر بل منع .
أمّا فيما كان المستثنى مشتملاً على الضمير : فلأنّ رجوعـه إلى الجميع أو خصوص الأخيرة متوقّف على تعيين مرجع الضمير ، وأ نّـه اُشير بـه إلى الجميع أو إليها .
وأمّا فيما لم يكن كذلك : فقد عرفت أنّ أصا لـة العموم في غير هذه الأخيرة في أمثال المقام غير جاريـة ، فتدبّر .
- 1 ـ مقالات الاُصول 1: 475 ـ 476.
(الصفحة 337)
المقصد الخامس
في المطلق والمقيّد
وفيـه فصول:
(الصفحة 338)
(الصفحة 339)الفصل الأوّل
في تعريف المطلق
قد عرّف المطلق بأ نّـه ما دلّ على شايع في جنسـه(1) .
ولكنّـه مخدوش من وجوه كثيرة :
منها:
أنّ ظاهره كون الإطلاق وصفاً لنفس اللّفظ مع أ نّـه من صفات المعنى ، ضرورة أ نّـه يتّصف بـه المعنى ولو لم يكن في العا لم لفظ فإنّ ماهيّـة الإنسان مطلقـة ولو لم يوضع بإزائها لفظ أصلاً فإنّها أمر شائع في أفراده الذاتيـة ، ومعرّاة عن القيود والخصوصيات الوجوديـة المجامعـة مع كلّ واحد منها ، كما لايخفى .
منها:
أنّ اعتبار الشيوع في الجنس إن كان قيداً للمدلول بما أ نّـه مدلول بحيث كان مرجعـه إلى دلالـة اللّفظ على الشيوع والسريان أيضاً ، فليس في العا لم مطلق أصلاً ، ضرورة أنّ اللّفظ لايحكي إلاّ عن نفس الماهيّـة المطلقـة ، وكونها بذاتها شائعـة في أفرادها ، ساريـة في وجوداتها لا ارتباط لـه بدلالـة اللّفظ
- 1 ـ قوانين الاُصول 1: 321 / السطر 16.