(الصفحة 365)
هذه الصورة ; للزوم الدور .
قال في بيانـه ما ملخّصـه:
أنّ هنا إطلاقين ومقيّدين : أحدهما في ناحيـة الواجب ، وهو عتق الرقبـة وعتق الرقبـة المؤمنـة ، ثانيهما في ناحيـة الوجوب والتكليف ، وهو وجوب العتق غير مقيّد بسبب ، ووجوبـه مقيّداً بسبب ، كا لظهار في المثال ، وتقييد كلٍّ من الإطلاقين يتوقّف على تقييد الإطلاق الآخر ، وذلك لأنّ حمل المطلق على المقيّد يتوقّف على وحدة التكليف ، وفي المثال تقييد أحد الوجوبين بصورة تحقّق سبب الآخر يتوقّف على وحدة المتعلّق ; إذ مع اختلافـه لا موجب لحمل أحد التكليفين على الآخر ، كما هو واضح ، ووحدة المتعلّق في المقام يتوقّف على حمل أحد التكليفين على الآخر ; إذ لو لم يحمل أحدهما على الآخر ولم يقيّد وجوب العتق المطلق بخصوص صورة الظهار لم يتحقّق وحدة المتعلّق(1) . انتهى .
أقول:
توقّف تقييد أحد الوجوبين بصورة تحقّق سبب الآخر على وحدة متعلّق التكليفين ممّا لاريب فيه ; إذ مع اختلاف المتعلّقين لا ربط لإحدى القضيّتين بالاُخرى ; إذ لو قال : إن ظاهرت فأعتق رقبـة ، ثمّ قال : أطعم ستّين مسكيناً ، مثلاً ، لايتوهّم أحد تقييد وجوب الإطعام بصورة تحقّق الظهار ، كما هو واضح .
وأمّا توقّف وحدة المتعلّق على تقييد التكليف المطلق بصورة وجود القيد ، فلانعرف لـه وجهاً أصلاً ، فإنّ اتّحاد المتعلّقين وتغايرهما أمر وجدانيّ واقعي لايتوقّف على شيء أصلاً ; فإنّ تغاير الإطعام مع العتق واتّحاد عتق الرقبـة مع عتق الرقبـة المؤمنـة لايتوقّف إحرازه على إحراز وحدة التكليف أصلاً ; وحينئذ فمن وحدة المتعلّق المحرزة با لوجدان يستكشف وحدة الحكم ، وهي توجب حمل
- 1 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 1: 580 ـ 581.
(الصفحة 366)
أحد التكليفين على الآخر ، كما هو واضح .
هذا ، مضافاً إلى أنّ لزوم الدور ـ على تقدير تسليمـه ـ لايقدح با لجمع العرفي لو تحقّق هنا .
والتحقيق أن يقال:
إنّ العرف والعقلاء لايرون التنافي بين المطلق والمقيّد في مثل المقام ، ولايحملون الأوّل على الثاني أصلاً ، بل يعملون بمقتضى ظاهر الدليلين من تعدّد التكليف ، كما فيما إذا ذكر السبب في كلّ منهما مع اختلافـه .
تنبيـه: لا فرق بين الأحكام الوضعيّـة والتكليفيّـة في حمل المطلق
لايخفى أنّ جميع ما ذكرنا في المقام يجري فيما إذا كان الدليلان واردين لإفادة الحكم الوضعي من الجزئيـة والشرطيـة والمانعيّـة ، فإنّ موارد حمل المطلق على المقيّد فيها هي بعينها موارد الحمل في الأحكام التكليفيـة ، كما هو واضح ، كما أنّ جميع ما ذكرنا في الأحكام التكليفيّـة الوجوبيـة يجري في التكا ليف المستحبّـة ، ولكنّ بناءهم فيها على حمل الأمر با لمقيّد على تأكّد الاستحباب .
ولعلّ السرّ فيـه هو : كون الغا لب في هذا الباب هو تفاوت الأفراد بحسب المراتب ، وأمّا احتمال كون ذلك بملاحظـة التسامح في أدلّـة السنن ـ كما في الكفايـة ـ فمدفوع : بأنّ التسامح فيها إنّما هو بعد فرض تماميّـة دلالـة دليلها ، ولو قيل با لحمل على المقيّد لايبقى هنا دلالـة في الإطلاق أصلاً ، كما لايخفى .
ولنختم بذلك الكلام في مباحث الألفاظ ومن اللّـه نستمدّ وبـه الاعتصام وكان ختامـه في اليوم الرابع عشر من شهر شعبان من شهور سنـة 1373
(الصفحة 367)
المقصد السادس
في أحكام القطع
(الصفحة 368)
(الصفحة 369)
بسم اللّـه الرحمن الرحيم، وبـه نستعين
الحمد للّـه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على خير
خلقـه محمّد أشرف النبيّين، وعلى آلـه الطيّبين،
ولعنـة اللّـه على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
مقدّمـة
وبعد ، فلايخفى أنّ مباحث القطع لايكون خارجاً عن مسائل علم الاُصول كما قيل(1) ; لعدم الفرق بينـه وبين الأمارات المعتبرة شرعاً ، التي يكون البحث عنها داخلاً في علم الاُصول قطعاً .
وماذكره الشيخ(قدس سره)
في «الرسالـة»:
من أنّ إطلاق الحجّـة على القطع ليس كإطلاق الحجّـة على الأمارات المعتبرة شرعاً ; لأنّ الحجّـة عبارة عن الوسط الذي بـه يحتجّ على ثبوت الأكبر للأصغر ، ويصير واسطـة للقطع بثبوتـه لـه ، كا لتغيّر لإثبات حدوث العا لم ، وهذا المعنى متحقّق في الظنّ ، فيقال : «هذا مظنون الخمريـة ، وكلّ مظنون الخمريـة يجب الاجتناب عنـه» ، بخلاف القطع ; لأنّا إذا قطعنا بخمريـة شيء يقال : «هذا خمر ، وكلّ خمر حرام» ، ولايقال : «هذا معلوم