(صفحه 115)
كالتهذيب والاستبصار.
والمستفاد من أدلّة الحول المتقدّمة(1) اعتبار الحلول بالإضافة إلى شخصالعين الزكوي، وأن تكون عند المكلّف طول الحول، ولا يستفاد منها الاكتفاءبالحلول بالإضافة إلى الجنس ولو كان مثله، فإذا كان عنده أربعون من الغنم،فاللازم في وجوب الزكاة وتعلّقها مضيّ الحول على شخص تلك الأربعين،فإنبدّلها بعد ستّة أشهر بأربعين اُخرى، فاللازم مضيّ الحول عليها، ولايكفيالمضيّ على الجنس.
كما أنّه لا يكفي المضيّ على الشخص وإن كان بعضه عند الغير؛ لعدم تماميّةالتمكّن من التصرّف المعتبر بلا إشكال، مضافاً إلى استلزامه وجوب الزكاةدائماً؛ لثبوت أربعين شاة سائمة، ولو عند أشخاص متعدّدة، كما لا يخفى.
الثاني: فيما لو تحقّقت المعاوضة المذكورة أو مثلها لغرض الفرار عن الزكاةبسبب عدم مضيّ الحول، فالمشهور(2) السقوط حينئذٍ ولو كان للغرضالمذكور، وعن جماعة الثبوت حينئذٍ، منهم: السيّد المرتضى قدسسره على ما حكي(3).
- (2) ذخيرة المعاد: 431 س10، الحدائق الناضرة 12: 76 و 96، مستند الشيعة 9: 77 ـ 78، جواهرالكلام 15: 176، مستمسك العروة الوثقى 9: 99.
وهو خيرة المقنعة: 235، والسرائر 1: 442، وتذكرة الفقهاء 5: 181 ـ 182 مسألة120، وإرشادالأذهان 1: 280، ومجمع الفائدة والبرهان 4: 45 ـ 46، ومدارك الأحكام 5: 74، ومفاتيح الشرائع 1: 196مفتاح: 223، ورياض المسائل 5: 69 ـ 70 و 93، وكتاب الزكاة (تراث الشيخ الأعظم): 163، ومصباحالفقيه 13 (كتاب الزكاة): 174.
- (3) الفقيه 2: 9 ذح26، المقنع: 163، وحكاه عن ابني بابويه في مختلف الشيعة 3: 30 ـ 31، الانتصار: 219،جوابات المسائل الموصليّات الثالثة (رسائل الشريف المرتضى) 1: 224، جمل العلم والعمل (رسائلالشريف المرتضى) 3: 75، المبسوط 1: 210، الخلاف 2: 77 مسألة 90، الجمل والعقود (الرسائلالعشر): 205 ـ 206، تهذيب الأحكام 4: 9 ـ 10.
(صفحه116)
ويدلّ على المشهور ـ مضافاً إلى صراحة بعض الروايات المتقدّمة(1) فيذلك ـ صحيحة عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليهالسلام : رجل فرّ بماله منالزكاة فاشترى به أرضاً أو داراً، أعليه فيه شيء؟ فقال: لا، ولو جعله حليّأو نقراً(2) فلا شيء عليه، وما منع نفسه من فضله أكثر ممّا منع من حقّ اللّهالذي يكون فيه(3).
وأمّا هؤلاء الجماعة، فقد استدلّوا بروايات لا تتجاوز عن أربع:
الاُولى: ما رواه الشيخ عن علي بن الحسن بن فضّال، عن محمّد بن عبداللّه،عن محمّد بن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال: قلت له:الرجل يجعل لأهله الحليّ ـ إلى أن قال: ـ قلت له: فإنّه فرّ به من الزكاة، فقال:إن كان فرّ به من الزكاة فعليه الزكاة، وإن كان إنّما فعله ليتجمّل به فليس عليهزكاة. قال في الوسائل: ورواه ابن إدريس في آخر السرائر نقلاً من كتابمعاوية بن عمّار مثله(4).
والإشكال في السند بلحاظ محمّد بن عبد اللّه المشترك بين الثقة والضعيف،
- (2) قال في مجمع البحرين [3: 1823]: وفي حديث الزكاة، ليس في النقر زكاة، يريد به ما ليس بمضروبمن الذهب والفضّة. منه قدسسره .
- (3) الفقيه 2: 17 ح28، الكافي 3: 559 ح1، وعنهما وسائل الشيعة 9: 159، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الذهبوالفضّة ب11 ح1.
- (4) تهذيب الأحكام 4: 9 ح25، الاستبصار 2: 8 ح22، مستطرفات السرائر: 21 ح2، وعنها وسائلالشيعة 9: 162، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الذهب والفضّة ب11 ح6.
(صفحه 117)
وإن دفعه في محكيّ الحدائق(1) بما رواه ابن إدريس في آخر السرائر الخالي عنمحمّد بن عبداللّه، ولكن استظهر بعض الأعلام قدسسره ـ مع تبحّره في هذه الجهة،وكمال تتبّعه في مثلها ـ أنّ المراد به هو محمّد بن عبد اللّه بن زرارة بن أعين(2)،وهو ثقة ولو لأجل وقوعه في أسناد كتاب كامل الزيارات لابن قولويه(3)،الذي وثّق جميع الأشخاص الواقعين فيها بتوثيق عامّ(4).
فالرواية غير مشكلة من حيث السند، كما أنّها ظاهرة من حيث الدلالة،ولا مجال للمناقشة فيها، إلاّ أنّ الروايات المقابلة موافقة للشهرة الفتوائيّةالمحقّقة، التي هي واقعة في صدر المرجّحات في باب المتعارضين، كما ذكرناهمراراً(5).
الثانية: موثّقة زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليهالسلام : إنّ أباك قال: من فرّ بهمن الزكاة فعليه أن يؤدّيها، فقال: صدق أبي، إنّ عليه أن يؤدّي ماوجب عليه،وما لم يجب عليه فلا شيء عليه منه، ثمّ قال لي: أرأيت لو أنّ رجلاً أُغميعليه يوماً ثمّ مات فذهبت صلاته، أكان عليه وقد مات أن يؤدّيها؟ قلت: لا،قال: إلاّ أن يكون أفاق من يومه. ثمّ قال لي: أرأيت لو أنّ رجلاً مرض فيشهر رمضان ثمّ مات فيه، أكان يصام عنه؟ قلت: لا، قال: وكذلك الرجللا يؤدّي عن ماله إلاّ ما حلّ عليه. ورواه الكليني بسند صحيح عن علي بن
- (1) الحدائق الناضرة 12: 98.
- (2) المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 23: 220.
- (3) كامل الزيارات: 206، الرقم292.
- (4) كامل الزيارات، مقدّمة المؤلّف قدسسره : 37.
- (5) في ص65، 77، 88 و 100.
(صفحه118)
إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد مثله(1).
ولكنّ الإنصاف أنّ هذه الرواية على خلاف مطلوب الجماعة أدلّ،بعد ملاحظة صدرها الدالّ على أنّه «ما لم يجب عليه فلا شيء عليه منه»،وذيلها الدالّ على أنّ الرجل لا يؤدّي عن ماله إلاّ ما حلّ عليه،فتدبّر.
الثالثة: رواية محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليهالسلام عن الحليّ فيهزكاة؟ قال: لا، إلاّ ما فرّ به من الزكاة(2).
وادّعي أنّ من الواضح: كون الرواية مطلقة من حيث كون الفرار بعدالحول أو في أثنائه، فتحمل على ما بعد الحول؛ بقرينة الروايات المصرّحةبسقوط الزكاة إذا كان الفرار أثناء الحول(3).
وفي الوسائل عن الشيخ الحمل على من جعله حليّاً بعد الحول. ومنالواضح: غلبة التقييد في الإطلاقات.
الرابعة: موثّقة إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا إبراهيم عليهالسلام عن رجل لهمائة درهم وعشرة دنانير، أعليه زكاة؟ فقال: إن كان فرّ بها من الزكاة فعليهالزكاة، قلت: لم يفرّ بها، ورث مائة درهم وعشرة دنانيز، قال: ليس عليهزكاة، قلت: فلا تكسر الدراهم على الدنانير ولا الدنانير على الدراهم؟
- (1) تهذيب الأحكام 4: 10 ح27، الاستبصار 2: 8 ح24، الكافي 3: 526 ذح4، وعنها وسائل الشيعة 9: 161،كتاب الزكاة، أبواب زكاة الذهب والفضّة ب11 ح5.
- (2) تهذيب الأحكام 4: 9 ح24، الاستبصار 2: 8 ح21، وعنها وسائل الشيعة 9: 162، كتاب الزكاة، أبواب زكاةالذهب والفضّة ب11 ح7.
- (3) المدّعي هو السيّد الخوئي في المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 23: 221.
(صفحه 119)
قال: لا(1).
والجواب عنها هو الجواب عمّا قبلها بل أولى. وقد انقدح من جميع ماذكرنعدم تماميّة الاستدلال بمثل الروايات للجماعة في مقابل المشهور، فالحقّ معالمشهور، خصوصاً مع ملاحظة ما ذكرنا من أنّ أوّل المرجّحات هي موافقةالشهرة، فتدبّر.
- (1) تهذيب الأحكام 4: 94 ح270، الاستبصار 2: 40 ح122، وعنهما وسائل الشيعة 9: 151، كتاب الزكاة،أبواب زكاة الذهب والفضّة ب5 ح3.