(صفحه 147)
في أنّ الأقلّ من العشرين لا يكون متعلّقاً للزكاة أصلاً، وأمّا الزائد علىالعشرين قبل أن يبلغ أربعة، فليس خارجاً عن تعلّق الزكاة بالكليّة، بلمرجع تعلّق العفو به إلى عدم زيادة الزكاة قبل تحقّق الأربعة.
والثمرة تظهر في بعض الموارد السابقة، وفي عدم جواز التصرّف فيه قبلأداء الزكاة، بناءً على القول بعدم جواز التصرّف في العين الزكويّة.
ثمّ ليعلم أنّ ما تداول في زماننا ومكاننا ممّا يصنع من الذهب، ويعبّر عنهبـ «سكّة» لا يتعلّق به الزكاة وإن بلغت عشرين مثقالاً شرعيّاً؛ لأنّ الظاهر أنّمتعلّق الزكاة هو الذي كان يجعل ثمناً من الدينار، وأمّا ما يكون مبيعاً ومتاعاً،كما هو كذلك بالنسبة إلى ما عندنا، فخارج عن هذه الدائرة.
(صفحه148)
ونصاب الفضّة مائتا درهم، وفيه خمس دراهم، ثمّ كلّما زاد أربعين كان فيهدرهم بالغاً ما بلغ، وليس فيما دون المائتين شيء، وكذا فيما دون الأربعين، لكنبالمعنى المتقدّم في الذهب، والدرهم ستّة دوانيق عبارة عن نصف مثقال شرعيّوخمسه؛ لأنّ كلّ عشرة دراهم سبعة مثاقيل شرعيّة1.
فائدة: الضابط الكلّي في تأدية زكاة النقدين: أنّهما بعد ما بلغا حدّ النصابـ أعني عشرين ديناراً، أو مائتي درهم ـ يُعطي من كلّ أربعين واحداً، فقد أدّىماوجب عليه وإن زاد على المفروض في بعض الصور بقليل، ولا بأس به، بل أحسنوزاد خيراً2.
1ـ قد عرفت(1) أنّه لا خلاف بينهم ظاهراً في نصاب الفضّة وأنّه مائتدرهم، وفيه خمس دراهم، ثمّ كلّما زاد أربعين كان فيها درهم بالغاً ما بلغ،ولايكون فيما دون المائتين زكاة أصلاً، ولا بالإضافة إلى ما بين النصابين، لكنبالمعنى المتقدّم في نصاب الذهب، وقد عرفت دلالة بعض الروايات المعتبرةعلى ذلك، كصحيحة الحلبي المتقدّمة(2)، فلا ينبغي الإشكال في ذلك. والدرهمعبارة عن نصف مثقال شرعيّ وخمسه؛ لأنّ كلّ عشرة دراهم سبعة مثاقيلشرعيّة.
2ـ قد سيقت هذه الفائدة لتسهيل الأمر على المكلّف في تأدية زكاة النقدينوإن لم يكن عارفاً بخصوصيّات الحساب؛ وهي: أنّه بعد إحراز البلوغ إلى حدّالنصاب الأوّل في كلا الجنسين ـ أعني الدينار الذي يكون نصابه
(صفحه149)
عشرين، والفضّة التي تكون نصابها مائتين ـ وعدم إحراز البلوغإلى حدّ النصاب الثاني، الذي يزيد على الأوّل بالأربعة، وعلى الثانيبالأربعين.
وهكذا إذا أعطى من كلّ أربعين فيهما واحداً، فقد أدّى قطعاً ما وجب عليهمن مقدار الزكاة، وربما زاد على المفروض الواجب في بعض الصور بقليل،كما إذا كان مالكاً لثلاث وعشرين ديناراً، أو ثلاثين درهماً بعد المائتين؛ فإنّهلايكون الواجب عليه أداء زكاة هذا المقدار غير البالغ حدّ النصاب الثاني،لكن مع إعطاء واحد من الأربعين يقطع بأداء المفروض مع إضافة قليلة زادبها خيراً، من دون أن تكون واجبة عليه، كما لا يخفى.
ثمّ ليعلم أنّ هذا التعبير الواقع في المتن وفي العروة تبعاً للرواية الواردة بهذالمضمون، وارد فيما إذا اُحرز البلوغ إلى حدّ النصاب الأوّل قطعاً. وأمّا مع عدمالإحراز، فالظاهر عدم وجوب الزكاة، كعدم وجوب الفحص؛ لعدم وجوبه فيالشبهات الموضوعيّة على ما قرّر في علم الاُصول(1)، كما يدلّ عليه مثلالصحيحة الثانية لزرارة(2) في باب الاستصحاب وحجّيته.
حيث تدلّ على عدم لزوم الفحص عن الثوب الذي احتمل إصابة دمالرعاف إليه؛ وإن كان مظنوناً بالظنّ غير المعتبر، مع سهولة الفحص فيه قطعاً،وغير ذلك من الأدلّة، واستلزامه لتحقّق الإخلال بإيتاء الزكاة المقرون مع
- (1) فرائد الاُصول (تراث الشيخ الأعظم) 2: 140 و 441 ـ 446، فوائد الاُصول 4: 301 ـ 302، سيرى كاملدر اُصول فقه 13: 319 ـ 322 و 398 ـ 406.
- (2) تهذيب الأحكام 1: 421 ح1335، الاستبصار 1: 183 ح641، علل الشرائع: 361 ب80 ، وعنها وسائلالشيعة 3: 479، أبواب النجاسات، ب42 ح2، وص477 ب41 ح1، وص402 ب7 ح2.
(صفحه150)
الصلاة في الحكم بوجوبه في كثير من الآيات القرآنيّة(1)، إنّما هو كتحقّقالإخلال بسائر الأحكام في الموارد الاُخرى من الشبهات الموضوعيّةعلى فرض ثبوت الموضوع واقعاً، فتدبّر.
- (1) تقدّم تخريجها في ص13.
(صفحه 151)
الثاني: كونهما منقوشين بسكّة المعاملة من سلطان أو شبهه ـ ولو في بعضالأزمنة والأمكنة ـ بسكّة الإسلام أو الكفر بكتابة أو غيرها؛ ولو صارا ممسوحينبالعارض. وأمّا الممسوحان بالأصل، فلا تجب فيهما إلاّ إذا كانا رائجين فتجبعلى الأحوط، ولو اتّخذ المسكوك حلية للزنية مثلاً فلا تجب الزكاة فيه؛ زادهالاتّخاذ في القيمة أو نقصه، كانت المعاملة على وجهها ممكنة أو لا1.
1ـ يدلّ على اعتبار هذا الأمر ـ مضافاً إلى الإجماع المحكيّ عن غيرواحد(1) ـ روايات متعدّدة، مثل:
صحيحة علي بن يقطين، عن أبي إبراهيم عليهالسلام قال: قلت له: إنّه يجتمععندي الشيء (الكثير قيمته خ ل) فيبقى نحواً من سنة، أنزكّيه؟ فقال: لا، كلّما لم يحل عليه الحول فليس عليك فيه زكاة، وكلّ ما لم يكن ركازاً فليسعليك فيه شيء، قال: قلت: وما الركاز؟ قال: الصامت المنقوش، ثمّ قال: إذأردت ذلك فاسبكه؛ فإنّه ليس في سبائك الذهب ونقار الفضّة شيء منالزكاة(2).
والرواية صحيحة من حيث السند وإن كان فيه إبراهيم بن هاشم، كما أنّهظاهرة من حيث الدلالة؛ نظراً إلى صراحتها في أنّ الركاز هنا هو الذهبالمنقوش، لا الذي يكون من الاُمور المتعلّقة للخمس، كما بيّناه في كتاب
- (1) الانتصار: 214 مسألة 102، غنية النزوع: 118 مسألة62، تذكرة الفقهاء 5: 118 مسألة62، مدارك الأحكام5: 115، مفتاح الكرامة 11: 172 ـ 173، رياض المسائل 5: 84 ـ 85 ، المستند في شرح العروة الوثقى،موسوعة الإمام الخوئي 23: 266، وفي مستند الشيعة 9: 150، وجواهر الكلام 15: 306، ومصباح الفقيه13 (كتاب الزكاة): 297 ـ 298: بلا خلاف بين علمائنا.
- (2) الكافي 3: 518 ح8 ، تهذيب الأحكام 4: 8 ح19، الاستبصار 2: 6 ح13، وعنها وسائل الشيعة 9: 154،كتاب الزكاة، أبواب زكاة الذهب والفضّة ب8 ح2.