(صفحه244)
إلى الأصناف الاُخر.
الرابع: قد ظهر ممّا ذكرنا أنّ العاملين عليها هم المنصوبون من قبلالإمام عليهالسلام أو نائبه، المأذونون من أحدهما لأجل ذلك، ففي زمان الغيبة إذفرض عدم بسط الحاكم في جميع الأقطار لأجل أمر الزكاة، فالقاعدة تقتضيسقوط هذا الصنف، وقد قوّى في المتن عدم السقوط لو كان الحاكم مبسوطاليد ولو في بعض الأقطار الذي يوجد فيه ما يتعلّق به الزكاة من الاُمورالتسعة المتقدّمة؛ لعدم الفرق ووجود الملاك، كما لا يخفى.
(صفحه 245)
الرابع: المؤلّفة قلوبهم؛ وهم الكفّار الذين يراد اُلفتهم إلى الجهاد أو الإسلام،والمسلمون الذين عقائدهم ضعيفة فيعطون لتأليف قلوبهم، والظاهر عدم سقوطهفي هذا الزمان1.
1ـ لا إشكال ولا خلاف في أصل الحكم(1)؛ لعين ما تقدّم من الدليل منالكتاب والسنّة، إنّما الخلاف في الموضوع، فالمنسوب إلى المشهور الاختصاصبالكفّار(2)، حكي ذلك عن تصريح الشيخ والمحقّق في المبسوط(3) والشرائع(4)،وعن المفيد(5) ـ وتبعه جماعة ـ التعميم، وأنّ هذا الصنف على ضربين(6). وعنصاحب الحدائق الاختصاص بالمسلمين(7).
ولا يخفى أنّ مقتضى الإطلاق هو ما ذهب إليه المفيد قدسسره وتبعه الماتن قدسسره ،فإن كان هناك دليل مقيّد اُخذ به، وإلاّ فاللازم الأخذ بمقتضى الإطلاق.
- (1) مستند الشيعة 9: 272، المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 24: 66.
- (2) الحدائق الناضرة 12: 175، رياض المسائل 5: 151، مصباح الفقيه 13 (كتاب الزكاة): 534، مستمسكالعروة الوثقى 9: 246، المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 24: 67.
- (5) حكى عنه في السرائر 1: 457، والمعتبر 2: 573، وتذكرة الفقهاء 5: 251، ومنتهى المطلب 8 : 339،ومدارك الأحكام 5: 214 وغيرها، ولكن لم نجده في كتبه، بل في المقنعة: 241، والإشراف المطبوعضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد 9: 39 خلاف ذلك.
- (6) السرائر 1: 457، مختلف الشيعة 3: 77 مسألة49، تبصرة المتعلّمين: 62، تذكرة الفقهاء 5: 251، جواهرالكلام 15: 569، مصباح الفقيه 13 (كتاب الزكاة): 537، المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمامالخوئي 24: 70 ـ 71.
- (7) الحدائق الناضرة 12: 177، وكذا في مستند الشيعة 9: 275 ـ 276.
(صفحه246)
فنقول: الظاهر أنّه لا دليل على الأوّل، وأمّا الثالث، فقد استدلّ له في محكيّالحدائق بروايات، عمدتها:
صحيحة زرارة، عن أبي جعفر عليهالسلام قال: سألته عن قول اللّه ـ عزّ وجلّ ـ :«وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ»(1)؟ قال: هم قوم وحّدوا اللّه ـ عزّ وجلّ ـ وخلعوا عبادةمن يُعبَد من دون اللّه، وشهدوا أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّداً رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، وهمفي ذلك شُكّاك في بعض ما جاء به محمّد صلىاللهعليهوآله ، فأمر اللّه نبيّه صلىاللهعليهوآله أن يتألّفهم بالمالوالعطاء لكي يَحسُنَ إسلامهم، ويثبُتوا على دينهم الذي دخلوا فيه وأقرّوا به.
وأنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله يوم حنين تألّف رؤساء العرب من قريش وسائر مضر،منهم: أبوسفيان بن حرب، وعينية بن حصين الفزاري وأشباههم من الناس،فغضبت الأنصار ـ إلى أن قال زرارة ـ : فسمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول: فحطّ اللّهنورهم، وفرض اللّه للمؤلّفة قلوبهم سهماً في القرآن(2).
ولكنّ الظاهر أنّه لا دلالة لها على الاختصاص، وأنّ النظر فيها إلى شأننزول الآية، إذن فالتعميم الذي هو مقتضى الآية ومثلها بحاله، وبعد ذلك يظهرأنّ ما في المتن من استظهار عدم السقوط في هذا الزمان أيضاً تامّ.
- (2) الكافي 2: 411 ح2، وعنه بحار الأنوار 21: 177 ح11، والبرهان في تفسير القرآن 2: 798 ح4585،وتفسير كنز الدقائق 4: 217.
وفي بحار الأنوار 96:57 ح8 ، والبرهان في تفسير القرآن 2: 800 ح4595، 2:137 ح11 عن تفسير العيّاشي2:91 ح70.
وفي مستدرك الوسائل7: 102 ح7754 عن العيّاشي صدره.
(صفحه 247)
الخامس: في الرقاب، وهم المكاتبون العاجزون عن أداء مال الكتابة، والعبيدتحت الشدّة، بل مطلق عتق العبد؛ سواء وجد المستحقّ للزكاة أم لا، فهذا الصنفعامّ لمطلق عتق الرقبة، لكن يشترط في المكاتب العجز المذكور1.
1ـ ظاهر المتن أنّ هذا الصنف على ثلاثة أقسام، وقد صرّح بالعدد المذكورسيّد العروة، لكن شرط في الثالث عدم المستحقّ للزكاة(1)، وزاد بعضهم قسمرابعاً(2)؛ وهو من وجب عليه العتق كفّارة ولم يجد ما يكفّر به؛ فإنّه يعتق عنه،خصوصاً إذا كان العتق واجباً تعيينيّاً عليه، كبعض الكفّارات، وكفّارة الجمعفي الإفطار بالمحرّم، وزاد آخر قسماً خامساً(3)؛ وهو الصرف لعتق الرقابمطلقاً بلا قيد ولا شرط.
أمّا ما ورد في القسم الأوّل، فمثل مرسلة الصدوق المعتبرة قال: سئلالصادق عليهالسلام عن مُكاتب عجز عن مكاتبته وقد أدّى بعضها؟ قال: يؤدّى عنهمن مال الصدقة، إنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ يقول في كتابه: «وَ فِى الرِّقَابِ»(4)،(5)،مضافاً إلى أنّه لا خلاف(6) فيه ظاهراً.
- (1) العروة الوثقى 2: 124 ـ 125 الخامس من أصناف المستحقّين للزكاة.
- (2) المختصر النافع: 89 ، تذكرة الفقهاء 5: 255.
- (3) مدارك الأحكام 5: 217، الحدائق الناضرة 12: 183.
- (4) تقدّم تخريجه في ص225.
- (5) الفقيه 3: 74 ح258، تهذيب الأحكام 8 : 275 ح1002، وعنهما وسائل الشيعة 9: 293، كتاب الزكاة،أبواب المستحقّين للزكاة ب44 ح1.
- (6) المبسوط 1: 250، غنية النزوع: 124، السرائر 1: 457، رياض المسائل 5: 153، مستند الشيعة 9: 277،جواهر الكلام 15: 574، مصباح الفقيه 13: 540، وفي منتهى المطلب 8 : 345، ذهب إليه علمائنا، وفيمدارك الأحكام 5: 216، أنّه قول علمائنا وأكثر العامّة.
(صفحه248)
وما يدلّ على القسم الثاني، فهو رواية أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال:سألته عن الرجل يجتمع عنده من الزكاة الخمسمائة والستّمائة، يشتري بهنسمة ويعتقها؟ فقال: إذاً يظلم قوماً آخرين حقوقهم، ثمّ مكث مليّاً ثمّ قال: إلأن يكون عبداً مسلماً في ضرورة، فيشتريه ويعتقه(1).
والظاهر أنّه لا مجال للخدشة في دلالتها وإن نوقش(2) في سندها.
وما يدلّ على القسم الثالث، فموثّقة عبيد بن زرارة قال: سألتأباعبداللّه عليهالسلام عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم، فلم يجد موضعاً يدفعذلك إليه، فنظر إلى مملوك يباع فيمن يريده، فاشتراه بتلك الألف الدراهم التيأخرجها من زكاته فأعتقه، هل يجوز ذلك؟ قال: نعم، لا بأس بذلك إلخ(3).
ولكنّها لا دلالة لها على الاختصاص؛ لأنّ قيد عدم الوجدان مأخوذ فيكلام السائل، لا في الجواب الصادر عن الإمام عليهالسلام .
وحيث إنّ بناء الكتاب ـ أي المتن ـ على عدم التعرّض نوعاً لأحكام العبيدوالإماء؛ لانتفاء الموضوع في هذه الأزمنة والأمكنة، وقد عرفت(4) أنّ بناءالشارع كان على انعدام هذا الموضوع تقريباً، والمقدار الذي ذكر هنا كاناضطراريّاً؛ للتصريح بعنوانهم في كتاب اللّه كما عرفت، فلذا لا نرى طائل
- (1) الكافي 3: 557 ح2، تهذيب الأحكام 4: 100 ح282، وعنهما وسائل الشيعة 9: 292، كتاب الزكاة، أبوابالمستحقّين للزكاة ب43 ح1.
- (2) الناقش هو السيّد الخوئي في المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 24: 71 ـ 72.
- (3) الكافي 3: 557 ح3، تهذيب الأحكام 4: 100 ح281، المحاسن 2: 16 ح1086، المعتبر 2:575، وعنهوسائل الشيعة 9: 292، كتاب الزكاة، أبواب المستحقّين للزكاة ب43 ح2.
- (4) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الصوم: 150.