(صفحه202)
الحاصل بعنوان المقاسمة يكون مستثنى من مورد تعلّق الزكاة، ويدلّ عليهـ مضافاً إلى أنّه مقتضى القاعدة الأوّليّة الدالّة على اعتبار الملكيّة والتمكّن منالتصرّف كما تقدّم(1) ـ روايات متعدّدة، مثل:
صحيحة أبي بصير ومحمّد بن مسلم جميعاً، عن أبي جعفر عليهالسلام أنّهما قالا له:هذه الأرض التي يزارع أهلها ما ترى فيها؟ فقال: كلّ أرض دفعها إليكالسّلطان فما حرثته فيها فعليك ممّا أخرج اللّه منها الذي قاطعك عليه، وليسعلى جميع ما أخرج اللّه منها العُشر، إنّما عليك العشر فيما يحصل في يدك بعدمقاسمته لك(2).
ورواية صفوان بن يحيى وأحمد بن محمّد بن أبي نصر قالا: ذكرنا له الكوفةوما وضع عليها من الخراج وما سار فيها أهل بيته، فقال: من أسلم طوعتركت أرضه في يده ـ إلى أن قال: ـ وما اُخذ بالسيف فذلك إلىالإمام يقبّلهبالذي يرى، كما صنع رسول اللّه صلىاللهعليهوآله بخيبر، وعلى المتقبّلين سوى قبالة الأرضالعُشر ونصف العشر في حصصهم، الحديث(3).
ومنها: غير ذلك من الروايات(4) الدالّة عليه، الواردة في هذا المجال.
الثاني: ما يأخذه السّلطان بعنوان الخراج لا من عين الحاصل، وقد فصّل
- (2) الكافي 3: 513 ح4، تهذيب الأحكام 4: 36 ح93، الاستبصار 2:25 ح70، وعنها وسائل الشيعة 9: 188،كتاب الزكاة، أبواب زكاة الغلاّت ب7 ح1.
- (3) الكافي 3: 512 ح2، تهذيب الأحكام 4: 38 ح96، وص118 ح341، الاستبصار 2: 25 ح73، وعنهوسائل الشيعة 9: 189، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الغلاّت ب7 ح2.
- (4) وسائل الشيعة 9: 188 ـ 190 و 192 ـ 193، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الغلاّت ب7 و 10.
(صفحه 203)
فيه في المتن بين ما إذا كان مضروباً على الأرض باعتبار الجنس الزكوي،فيكون من المؤنة ومستثنى، فالزكاة خارجة عنه، وبين ما إذا كان مضروبباعتبار أنواع الغلاّت التي يزرع فيها، لا خصوص الجنس الزكوي، فاللازمالمحاسبة وملاحظة أنّ أيّ مقدار يقع في مقابل الجنس الزكوي، وأيّ مقدار فيمقابل غير الجنس الزكوي، فلا يرتبط بالزكاة، لكن في مقابل ذلك صحيحةواحدة تدلّ على الخلاف، وهي:
رواية رفاعة بن موسى ـ على طريق الشيخ قدسسره ـ عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال:سألته عن الرجل يرث الأرض أو يشتريها، فيؤدي خراجها إلىالسّلطان، هلعليه فيها عشر؟ قال: لا(1).
ولكنّ الشهرة الفتوائيّة المحقّقة مع سائر الروايات، بل لم ينسب الخلاف إلإلى أبي حنيفة، حيث حكي عنه أنّه لا زكاة في الأراضي الخراجيّة(2).
مضافاً إلى أنّ كلمة «الخراج» في مقابل المقاسمة اصطلاح فقهيّ، وهما مثلالفقير والمسكين، إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا، مع أنّ صحيحةأبي بصير ومحمّد بن مسلم المتقدّمة ـ الدالّة على ثبوت العشر بعد المقاسمة وإن كان يمكن حملها فرضاً على خصوص المقاسمة وعدم الدلالة على الخراج،إلاّ أنّ رواية صفوان وأحمد بن محمّد بن أبى نصر المتقدّمة الصحيحة أيض
- (1) تهذيب الأحكام 4: 37 ح94، الاستبصار 2: 25 ح71، الكافي 3: 543 ح3، وعنها وسائل الشيعة 9: 193،كتاب الزكاة، أبواب زكاة الغلاّت ب10 ح2.
- (2) الخلاف 2: 68 مسألة 80 ، المعتبر 2: 540، تذكرة الفقهاء 5: 154 ـ 156، منتهى المطلب 8 : 210 ـ 211،الحدائق الناضرة 12: 127، بدائع الصنائع 2: 170 ـ 173، تحفة الفقهاء 1: 322 ـ 323، مجمع الأنهر1: 323 ـ 324، المبسوط للسرخسي 2: 207 ـ 208، حاشية ردّ المحتار على الدرّ المختار 2: 355.
(صفحه204)
ـ الدالّة على ثبوت الزكاة في غير الخراج ـ لا يمكن دعوى الاختصاصبالخراج الاصطلاحي غير الشامل للمقاسمة.
ومن هنا يظهر أنّ المراد بالكلمتين أمر واحد؛ وهو ما يأخذه السّلطان،سواء كان من عين الحاصل، أو النقد، أو غيرهما، كما لا يخفى، ويمكن حملالروايتين المتعارضتين على التفصيل المذكور في المتن.
الثالث: ما يأخذه العمّال ظلماً زائداً على ما قرّره السّلطان، وقد فصّل فيهأيضاً بين الأخذ من نفس الغلّة قهراً، فحينئذٍ يكون الظلم وارداً على الكلّ،ولا وجه لضمان المالك لحصّة الفقراء بعد توجه الظلم إلى المجموع، وإنأخذومن غير الغلّة، فقد احتاط بعدم الاحتساب على الفقراء، خصوصاً إذا كانالظلم شخصيّاً، بل نفى فيه خلوّ عدم الجواز عن القوّة.
والوجه في ذلك فيما إذا كان الظلم شخصيّاً متوجّهاً إلى المالك؛ لفرضالتوجّه إليه فقط. وأمّا وجه الاحتياط في غيره أيضاً فواضح؛ لأنّ الأخذ منغير الغلّة يوجب عدم الارتباط بالفقراء، وسيأتي إن شاء اللّه في هذا المجالكلام.
الرابع: أنّ ما يأخذه السّلطان إنّما يعتبر إخراجه من حيث الزكاة؛ بمعنى أنّهيخرج أوّلاً ثمّ يؤدّي العشر أو نصفه ممّا بقي. وأمّا بالإضافة إلى اعتبار النصابولزوم رعايته في وجوب الزكاة، فقد فصّل فيه بين ما إذا كان المضروب علىالأرض بعنوان المقاسمة الاصطلاحيّة، فلا إشكال في أنّ اعتباره بعده؛ بمعنىأنّه يلاحظ النصاب في خصوص حصّته، لا في المجموع منها ومن حصّةالسّلطان؛ والوجه فيه واضح.
(صفحه 205)
ولو كان بغير عنوان المقاسمة الكذائيّة، فقد احتاط فيه لو لم يكن الأقوىبالاعتبار قبل إخراج حصّة السّلطان؛ والسرّ فيه ما عرفت من توجّه الظلماليه، ولا ارتباط للفقير في ذلك.
(صفحه206)
مسألة 1: الظاهر عدم اختصاص حكم الخراج بما يأخذه السّلطان المخالف،المدّعي للخلافة والولاية على المسلمين بغير استحقاق، بل يعمّ سلاطين الشيعةالذين لا يدّعون ذلك، بل لا يبعد شموله لكلّ مستول على جباية الخراج حتّىفيماإذا لم يكن سلطان؛ كبعض الحكومات المتشكّلة في هذه الأعصار، وفي تعميمالحكم لغير الأراضي الخراجيّة ـ مثل ما يأخذه الجائر من أراضي الصلح، أو التيكانت مواتاً فتملّكت بالإحياء ـ وجه لا يخلو من قوّة1.
1ـ في هذه المسألة فرعان:
الأوّل: أنّه استظهر في المتن أنّه لا يختصّ حكم الخراج بما يأخذه السّلطانالمخالف المدّعي للخلافة والولاية على المسلمين بغير استحقاق، كما هو الشأنفي السلاطين في عصر الأئمّـة عليهمالسلام ؛ من الأمويّين والمروانيّين والعبّاسيّين، بليعمّ سلاطين الشيعة الذين لا يدّعون ذلك، كما تدلّ عليه صحيحة صفوان بنيحيى، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر المتقدّمة(1)، التي حكى الإمام عليهالسلام ما صنعهالرسول صلىاللهعليهوآله بخيبر، وما فعله بأهله، بل نفى البعد عن الشمول لكلّ مستول علىجباية الخراج حتّى فيما إذا لم يكن سلطان، كبعض الحكومات المتشكّلة فيهذه الأعصار.
والوجه فيه وحدة الملاك والمناط من دون أن يكون للسلطنة بعنوانهدخالة في ذلك، بل الملاك من يراه العرف متصدّياً للجباية، ويلزم عندهم أداءالخراج اليه كما لا يخفى.
الثاني: هل حكم الأراضي الخراجيّة بالإضافة إلى استثناء الخراج من