(صفحه 155)
إجراء ذلك بالإضافة إلى الدَين أيضاً.
ولكنّ التحقيق هو الأوّل؛ لأنّه بعد ملاحظة اختلاف الأشياء في نفسها،أو في الأزمنة والأمكنة والأعصار والدهور، يسئل عن أنّ المراد من القدرةعلى البيع والاشتراء هل هو القدرة على الذهب أو ما يعادله، أو القدرةعلى الأشياء النازلة مع اختلاف قيمتها أيضاً؟ ولا ضابط في البين وإن قيلبوجوده في مثل البنك المركزي، لكنّه غير صحيح في نفسه، وغير معلوم لأكثرالناس وأغلبهم في كثير من الأزمنة، وحينئذٍ لابدّ من الالتزام بالأوّل، وليسالمراد بالاعتبار الأمر التخيّلي، بل مثل الملكيّة والزوجيّة، كما حقّق في محلّه(1).
- (1) كفاية الاُصول: 454 ـ 459، فوائد الاُصول 4: 380 ـ 384، منتهى الاُصول 2: 518 ـ 535، سيرى كامل دراُصول فقه 14: 326 ـ 366.
(صفحه156)
الثالث: الحول، ويعتبر أن يكون النصاب موجوداً فيه أجمع، فلو نقص عنه فيأثنائه، أو تبدّلت أعيان النصاب بجنسه أو غيره، أو بالسبك ولو بقصد الفرار،لمتجب فيه زكاة وإن استحبّت في هذه الصورة، بل هو الأحوط. نعم، لو كانتالسبك بعد وجوب الزكاة بحول الحول لم تسقط1.
1ـ يدلّ على اعتبار الحول(1) في زكاة النقدين روايات كثيرة:
منها: صحيحة علي بن يقطين المتقدّمة في صدر اعتبار كونهما منقوشينبسكّة المعاملة.
ومنها: صحيحة محمّد الحلبيّ قال: سألت أبا عبد اللّه عليهالسلام عن الرجل يفيدالمال؟ قال: لا يزكّيه حتّى يحول عليه الحول(2).
ومنها: صحيحة عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليهالسلام عن رجلكان له مال موضوع حتّى إذا كان قريباً من رأس الحول أنفقه قبل أن يحولعليه، أعليه صدقة؟ قال: لا(3).
ومنها: صحيحة زرارة، عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال: الزكاة على المالالصامت الذي يحول عليه الحول ولم يحرّكه(4).
- (1) هو إجماعيّ، كما في غنية النزوع: 118، ومنتهى المطلب 8 : 122 و 157، وتذكرة الفقهاء 5: 118 ـ 119،ومجمع عليه بين العلماء، كما في مدارك الأحكام 5: 117، ولا خلاف بين العلماء في اعتباره، كما فينهاية الإحكام في معرفة الأحكام 2: 311، وفي مصابيح الظلام 10: 54، هذا الشرط أيضاً لا شكّ فيهإجماعيّ، بل ضروريّ.
- (2) الكافي 3: 525 ح2، تهذيب الأحكام 4: 35 ح91، وعنهما وسائل الشيعة 9: 169، كتاب الزكاة، أبوابزكاة الذهب والفضّة ب15 ح1.
- (3) الكافي 3: 525 ح2، وعنه وسائل الشيعة 9: 169، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الذهب والفضّة ب15 ح2.
- (4) تهذيب الأحكام 4: 35 ح90، وعنه وسائل الشيعة 9: 75، كتاب الزكاة، أبواب ما تجب فيه الزكاة ب14ح3، وص170، أبواب زكاة الذهب والفضّة ب15 ح4.
(صفحه157)
ومنها: غير ذلك من الروايات الدالّة على ذلك(1).
وقد دلّت صحيحة علي بن يقطين على أنّه لو تبدّلت أعيان النصابولو بالسبك، فلا تجب الزكاة فيها، ومقتضى إطلاقها ذلك ولو كان بقصد الفرارعن الزكاة، غاية الأمر أنّه احتاط استحباباً بالإخراج في هذه الصورة، بخلافما لو كان السبك بعد حول الحول ووجوب الزكاة، والفرق واضح.
- (1) وسائل الشيعة 9: 169 ـ 170، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الذهب والفضّة ب15.
(صفحه158)
مسألة 1: يُضمّ الدراهم والدنانير بعضها إلى بعض بالنسبة إلى تحقّق النصابوإن اختلف من حيث الاسم والسكّة، بل من حيث القيمة واختلاف الرغبة، فيُضمّالقِران الإيراني إلى المجيدي والروپية، بل يضمّ الرائج الفعلي إلى المهجور.
وأمّا بالنسبة إلى إخراج الزكاة، فإن تطوّع المالك بالإخراج من الأرغبوالأكمل، فقد أحسن وزاد خيراً، وإلاّ أخرج من كلٍّ بقسطه ونسبته على الأقوى،ولايجوز الاجتزاء بالفرد الأدون عن الجميع1.
1ـ لا ينبغي الإرتياب في أنّ الدراهم وكذا الدنانير يُضمّ بعضها إلىبعضبالنسبة إلى تحقّق النصاب وإن اختلفت من حيث الاسم والسكّة، بل منحيث القيمة واختلاف الرغبة، فاللازم الضميمة في مثل ما ذكر في المتن منالأمثلة، وفيه: «بل يُضمّ الرائج الفعلي إلى المهجور»، لكن صريح السيّد فيالعروة(1): أنّ الخروج عن رواج المعاملة يوجب سقوط الزكاة، كما إذا اتّخذللزينة.
ويمكن الفرق بين المهجور، وبين ما اتّخذ للزينة؛ بأنّ الأوّل لم يخرج بنظرالعرف عن عنوان الثمنيّة، كما نشاهده بالإضافة إلى الدراهم الباقية منالسلاطين السابقة، بخلاف ما إذا اتّخذ للزينة؛ فإنّه خارج بنظرهم عن ذلكالعنوان، كما فيما فرضناه من سكّة الذهب المتداولة في هذه الأيّام.
هذا كلّه بالإضافة إلى أصل التكليف بالزكاة، وأمّا الإخراج، فالحكم كماهوالمذكور في المتن.
- (1) العروة الوثقى 2: 102 ـ 103، الثاني من نصاب الفضّة، ومسألة2648.
(صفحه159)
مسألة 2: الدراهم المغشوشة ـ بما يخرجها عن اسم الفضّة الخالصة ولو الرديّة لا زكاة فيها حتّى بلغ خالصها النصاب، ولو شكّ فيه ولم يكن طريق إلى التعرّفلمتجب الزكاة، والأحوط التصفية ونحوها للاختبار وإن كان الأقوى عدم وجوبه1.
1ـ الدارهم المصنوعة من الفضّة إن كانت مصنوعة منها ولو الرديّة،لا إشكال في تعلّق الزكاة بها مع الشرائط. وأمّا لو كانت مغشوشة، فإن لميكنالغشّ موجباً للخروج عن اسم الفضّة، فكذلك؛ لأنّ الملاك هو العرف،وإنكان موجباً لذلك، فلا زكاة فيها إلاّ إذا بلغ خالصها النصاب، ومع الشكّوعدم التعرّف وإمكانه، فلا تجب الزكاة؛ لعدم إحراز شرط وجوبها.
كما أنّه احتاط استحباباً بالتصفية ونحوها للاختبار وإن حكم بقوّة خلافه؛لدلالة الصحيحة الثانية لزرارة(1) ـ المستدلّ بها في باب الاستصحاب منالاُصول ـ على عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعيّة التي تكونأسهل من ذلك بمراتب، مضافاً إلى الإجماع كما بيّناه فيه(2).
- (1) تقدّم تخريجها في ص150.