(صفحه 193)
مسألة 11: في المزارعة والمساقاة الصحيحتين ـ حيث إنّ الحاصل مشترك بينالمالك والعامل ـ تجب على كلّ منهما الزكاة في حصّته مع اجتماع الشرائط بالنسبةإليه. بخلاف الأرض المستأجرة للزراعة؛ فإنّ الزكاة على المستأجر مع اجتماعالشرائط، وليس على الموجر شيء وإن كانت الاُجرة من الجنس الزكوي1.
1ـ الغرض من هذه المسألة الفرق بين المزارعة والمساقاة الصحيحتينشرعاً، وبين استئجار الأرض للزراعة وزراعتها كذلك؛ نظراً إلى أنّ الحاصلفي الاُوليين مشترك بين المالك والعامل، وقد عرفت(1) أنّه في مورد الشركةلابدّ من اجتماع الشرائط التي عمدتها النصاب في هذا المقام بالإضافة إلىكلّمن الشريكين أو الشركاء في وجوب الزكاة وثبوتها.
وأمّا الأرض المستأجرة للزراعة، فالحاصل منها ملك لخصوص المستأجر،ولا شركة للموجر أصلاً، فلا تجب عليه الزكاة بوجه، بل على المستأجر معاجتماع جميع الشرائط التي عرفت العمدة منها هنا.
ولا فرق في عدم الثبوت على الموجر بين كون الاُجرة المسمّـاة نقداً مثلأو جنساً، ولو كان من الجنس الزكوي؛ أي غير الحاصل من الأرض؛ لأنّالمفروض صحّة الإجارة، وهي لا تجتمع مع كون الاُجرة المسمّـاة من حاصلنفس الأرض المستأجرة، لما بيّنّاه في كتاب الإجارة(2).
- (2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الإجارة: 545 ـ 552.
(صفحه194)
مسألة 12: في المزارعة الفاسدة تكون الزكاة على صاحب البذر، واُجرةالأرض والعامل من المؤن. وفي المساقاة الفاسدة تكون الزكاة على صاحبالاُصول، وتحسب اُجرة مثل عمل المساقي من المؤن1.
1ـ في المزارعة الفاسدة التي لا تثبت الاُجرة المسمّـاة تكون الزكاة علىصاحب البذر الذي هو العامل نوعاً؛ لأنّه المالك وعليه اُجرة المثل، فيجبعليه الزكاة مع الاجتماع المذكور، غاية الأمر أنّه تُحسب اُجرة الأرض والعاملمن المؤن، وهذا كما في الأرض المغصوبة إذا زرعها؛ لقوله: الزرع للزارعولو كان غاصباً(1)، بناءً على أن يكون المراد منه هو غصب الأرض.
وفي المساقاة الفاسدة تكون الزكاة على صاحب الاُصول؛ لأنّه المالك فقط،غاية الأمر أنّه يجب عليه اُجرة مثل عمل المساقي؛ وهي من المؤن.وأمّا الإجارة الفاسدة، فهي كالأرض المغصوبة، كما لا يخفى.
- (1) السرائر 2: 333، وفيه «الزرع لمن زرعه وإن كان غاصباً، نيل الأوطار 5: 321، وفيه: «الزرع للزارعوإن كان غاصباً»، لكن قال بعد نقله: ولم أقف على هذا الحديث.
والظاهر أنّه مصطاد ممّا روى في سنن ابن ماجة 3: 183 ح2466، وسنن أبي داود: 528 ح3403،وتهذيب الأحكام 7: 206 ح906، والكافي 5: 296 ح1، وعنهما وسائل الشيعة 25: 387، كتاب الغصبب2 ح1.
(صفحه195)
مسألة 13: لو كان عنده أنواع من التمر ـ كالزاهدي والخستاوي والقنطار وغيرذلك ـ يُضمّ بعضها إلى بعض في بلوغ النصاب، والأحوط الدفع من كلّ نوع بحصّته؛وإن كان الأقوى جواز الاجتزاء بمطلق الجيّد عن الكلّ وإن اشتمل على الأجود.ولايجوز دفع الرديء عن الجيّد على الأحوط. وهكذا الحال في أنواع العنب1.
1ـ لو كان عنده أنواع من التمر، كالأنواع والعناوين المذكورة في المتن، فهنأمران:
الأوّل: أنّه هل النصاب المعتبر في زكاة الغلاّت يلاحظ بالإضافة إلىالمجموعويضمّ بعضها إلى بعض، أو أنّه يلاحظ بالإضافة إلى كلّ نوع مشتمل علىفصله الخاصّ؟ الظاهر هو الأوّل؛ لاشتراك الجميع في الجنس، وهو عنوانالتمر، والنصاب معتبر فيهلا في كلّ نوع خاصّ.
الثاني: لا إشكال في جواز الدفع من كلّ نوع بحصّته، فإذا كانت عندهأنواع مختلفة بعضها أجود وبعضها جيّد وثالثها الرّديء، يجوز في مقام أداءالزكاة التثليث، ودفع ثلث الزكاة من كلّ منها، وهذا هو المطابق للاحتياطولجميع المباني في باب الزكاة، حتّى على القول بالشركة الحقيقيّة(1) بين المالكوالأصناف في المال الزكوي.
ولكن جعل في المتن هذا الاحتياط غير واجب، بل جوّز الاجتزاء بمطلقالجيّد عن الجميع وإن اشتمل على الأجود أيضاً، بل صرّح في الذيل بعدم دفعالرديء عن الجيّد احتياطاً، كما في العروة(2).
ولكن بعض الأعلام قدسسره في الشرح اختار الجواز، نظراً إلى انطباق الطبيعة
- (1) يأتي البحث عنها في ص318 ـ 321.
- (2) العروة الوثقى 2: 113 مسألة2687.
(صفحه196)
المأمور بها عليه؛ للاشتراك في الجنس كما عرفت، وإلى عدم وقوع التقييد فيشيء من نصوص الباب بصنف خاصّ، كما كان كذلك في زكاة الأنعام؛ حيثورد المنع عن دفع الشاة الهرمة أو المريضة أو المعيبة(1)، ولم يرد مثل هذالتقييد في زكاة الغلاّت بوجه. نعم، في بعض النصوص: أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله منععن خرص الجعرور ومعافارة ولم يقبلهما عن الزكاة(2).
ولكن هذين من أردأ أنواع التمر قليلة اللحى عظيمة النوى، لا تستعملغالباً إلاّ للإحراق أو أكل الحيوانات، ولا يعدّان من المأكول، بل ربما ينصرفعنهما اسم التمر لشدّة الرداءة(3)، إنتهى.
أقول: لابدّ إمّا من الالتزام بعدم كونهما من التمر، فاللازم القول بعدمالمدخليّة في بلوغ النصاب المعتبر بوجه، ولا يمكن الالتزام به، وإمّا من الالتزامبعدم جواز دفع الرديء عن الجيّد، كما احتاط في المتن تبعاً لما دلّ على أنّالرسول صلىاللهعليهوآله لم يقبلهما كذلك.
- (2) وسائل الشيعة 9: 205 ـ 207، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الأنعام ب19.
- (3) المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 23: 382 ـ 383.
(صفحه 197)
مسألة 14: يجوز تقبّل كلّ من المالك والحاكم أو من يبعثه حصّة الآخر بخرصأهل الخبرة. والظاهر أنّ التخريص هاهنا كالتخريص في المزارعة ممّا وردت فيهالنصوص، وهو معاملة عقلائيّة برأسها، وفائدتها صيرورة المال المشاع معيّناً علىالنحو الكلّي في المعيّن في مال المتقبّل. ولابدّ في صحّتها وقوعها بين المالك ووليّالأمر، وهو الحاكم أو من يبعثه لعمل الخرص، فلايجوز للمالك الاستبداد بالخرضوالتصرّف بعده كيف شاء.
نعم، بعد التقبّل بالتخريص مع الوالي يجوز له التصرّف بما شاء، من دون احتياجإلى الضبط والحساب. ويشترط فيه الصيغة؛ وهي ما دلّت على ذاك التقبّل وتلكالمعاملة. والظاهر أنّ التلف بآفة سماويّة وظلم ظالم على المتقبّل، إلاّ أن يكونمستغرقاً أو بمقدار صارت البقيّة أنقص من الكلّي، فلا يضمن ماتلف، ويجب ردّمابقى إلى الحاكم إن كان المتقبّل المالك دون الحاكم، ثمّ إن زاد ما في يد المالكالمتقبّل عمّا عيّن بالخرص كان له، وإن نقص كان عليه، ووقت الخرص بعد تعلّقالزكاة1.
1ـ التخريص بمعنى التخمين الذي كان بعض الأشخاص متخصّصاً فيه،ويعمل بدلاً عن الكيل والوزن، إمّا لأجل السهولة، أو لعدم الكيل والوزن فيسالف الأزمنة في جميع الأمكنة، سيّما القرى مع كثرتها، وقد وردت الرواياتالكثيرة(1) ـ في باب المزارعة ـ الصحيحة في هذا الباب، مع ثبوت الشركةالواقعيّة بين المالك والعامل على ما توافقا عليه نصفاً أو ثلثاً أو غيرهما.
وأمّا في المقام، فقد وردت بعض الروايات الصحيحة؛ وهي:
- (1) وسائل الشيعة 19: 49 ـ 51، كتاب المزارعة والمساقاة ب14.