(صفحه 69)
صحيحتان:
إحداهما: صحيحة زرارة قال: كنت قاعداً عند أبي جعفر عليهالسلام ـ وليس عندهغير ابنه جعفر عليهالسلام ـ فقال: يا زرارة إنّ أباذرّ وعثمان تنازعا على عهدرسولاللّه صلىاللهعليهوآله ، فقال عثمان: كلّ مال من ذهب أو فضّة يُدار (به خ ل) ويُعمل بهويُتّجر به ففيه الزكاة إذا حال عليه الحول، فقال أبو ذرّ: أمّا ما يتّجر به أو ديروعمل به فليس فيه زكاة، إنّما الزكاة فيه إذا كان ركازاً (أو خ ل) كنزموضوعاً، فإذا حال عليه الحول ففيه الزكاة، فاختصما في ذلك إلى رسولاللّه صلىاللهعليهوآله .
قال: فقال: القول ما قال أبوذرّ، فقال أبو عبد اللّه عليهالسلام لأبيه: ما تريد إلأنيخرج مثل هذا فيكفّ الناس أن يعطوا فقراءهم ومساكينهم؟ فقال أبوه:إليك عنّي لا أجد منها بدّاً(1).
ثانيتهما: صحيحة سليمان بن خالد قال: سئل أبو عبد اللّه عليهالسلام عن رجلكان له مال كثير فاشترى به متاعاً ثمّ وضعه؟ فقال: هذا متاع موضوع، فإذأحببت بعته فيرجع إلىّ رأس مالي وأفضل منه، هل عليه فيه صدقة وهومتاع؟ قال: لا حتّى يبيعه، قال: فهل يؤدّي عنه إن باعه لما مضى إذا كانمتاعاً؟ قال: لا(2).
وهما متعارضتان مع الطائفة الاُولى، ولا مجال للتصرّف في دلالة إحدى
- (1) تهذيب الأحكام 4: 70 ح192، الاستبصار 2: 9 ح27، وعنهما وسائل الشيعة 9: 74، كتاب الزكاة، أبوابما تجب فيه الزكاة ب14 ح1.
- (2) تهذيب الأحكام 4: 70 ح191، الاستبصار 2: 9 ح26، وعنهما وسائل الشيعة 9: 75، كتاب الزكاة، أبوابما تجب فيه الزكاة ب14 ح2.
(صفحه70)
الطائفتين بحيث تخرجان عن التعارض، وليس في البين شهرة مرجّحةلإحديهما على الاُخرى؛ إذاً فلابدّ إمّا من حمل الاُولى على التقيّة، أو الرجوعبعد التعارض إلى أصالة عدم وجوب الزكاة، فالحكم بثبوت الزكاة ولو بنحوالاستحباب في مال التجارة مشكل وإن حكم السيّد في العروة بأنّه أصحّ(1).
وقد مرَّ آنفاً(2) أنّ مجرّد عدم الوجوب لا يكفي في ثبوت الاستحباب، بللابدّ من قيام دليل عليه ولو كان غير واجد لشرائط الحجّية والاعتبار، هذكلّه فيما يتعلّق بمال التجارة.
وأمّا الخيل الإناث، فقد ورد فيه أيضاً روايات:
منها: صحيحة محمّد بن مسلم وزرارة، عنهما جميعاً عليهماالسلام قالا: وضعأميرالمؤمنين عليهالسلام على الخيل العتاق الراعية في كلّ فرس في كلّ عام دينارين،وجعل على البراذين ديناراً(3).
وظاهر الرواية الدلالة على الوجوب. والإشكال في ذلك بأنّ إسناد الوضعإلى أمير المؤمنين عليهالسلام يشعر بعدم ثبوته في أصل الشرع، وإلاّ لأسندهإلىالنبيّ صلىاللهعليهوآله ـ كما في بقيّة الأعيان الزكويّة، فلعلّ ذلك منه كان لمصلحة وقتيّةوسياسة اقتضتها آنذاك ـ مدفوع بأنّه لا مجال لمثل هذا الاحتمال بعد ما كانالناقل الإمام عليهالسلام ، وكان غرضه من النقل بيان الحكم.
ويؤيّده نقل محمّد بن مسلم وزرارة ما صنعه الأمير عليهالسلام من طريق
- (1) العروة الوثقى 2: 92، الثاني ممّا تستحبّ فيه الزكاة.
- (3) الكافي 3: 530 ح1، تهذيب الأحكام 4: 67 ح183، الاستبصار 2: 12 ح34، وعنها وسائل الشيعة 9: 77،كتاب الزكاة، أبواب ما تجب فيه الزكاة ب16 ح1.
(صفحه 71)
إبنيه عليهماالسلام ، كما لا يخفى.
فالإنصاف دلالة الرواية على الوجوب، لكنّ الأخبار المتقدّمة(1) الدالّة علىوجوب الزكاة في خصوص التسعة تمنعنا عن الأخذ بظاهرها.
ومنها: صحيحة زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليهالسلام : هل في البغال شيء؟فقال: لا، فقلت: فكيف صار على الخيل ولم يصر على البغال؟ فقال: لأنّالبغال لا تلقح والخيل الإناث ينتجن، وليس على الخيل الذكور شيء، قال:قلت: فما في الحمير؟ قال: ليس فيها شيء.
قال: قلت: هل على الفرس أو البعير يكون للرجل يركبهما شيء؟ فقال: لا،ليس على ما يعلف شيء، إنّما الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها عامهالذي يقتنيها فيه الرجل، فأمّا ما سوى ذلك فليس فيه شيء(2).
واللاّزم على تقدير الدلالة على الوجوب هو الحمل على الاستحباب،وقد ظهر من حكم هذا المقام حكم الخيل الذكور، والبغال، والحمير،ولاحاجة إلى التطويل.
- (2) الكافي 3: 530 ح2، تهذيب الأحكام 4: 67 ح184، وعنهما وسائل الشيعة 9: 78، كتاب الزكاة، أبوابما تجب فيه الزكاة ب16 ح3.
(صفحه72)
نعم، فيما اشتمل على النيّف ـ وهو ما بين العقدين من الواحد إلى التسعة ···
اعتبار النصاب في زكاة الأنعام
الأوّل: في زكاة الأنعام
وشرائط وجوبها ـ مضافاً إلى الشرائط العامّة السابقة ـ أربعة: النصاب، والسّوم،والحول، وأن لا تكون عوامل.
القول في النصاب
مسألة 1: في الإبل اثنا عشر نصاباً: خمس، وفيها شاة، ثمّ عشر، وفيها شاتان، ثمّخمس عشرة، وفيها ثلاث شياه، ثمّ عشرون، وفيها أربع شياه، ثمّ خمس وعشرون،وفيها خمس شياه، ثمّ ستّ وعشرون، وفيها بنت محاض، ثمّ ستّ وثلاثون، وفيهبنت لبون، ثمّ ستّ وأربعون، وفيها حقّه، ثمّ إحدى وستّون، وفيها جَذَعة، ثمّ ستّوسبعون، وفيها بنتا لبون، ثمّ إحدى وتسعون، وفيها حقّتان.
ثمّ مائة وإحدى وعشرون، ففي كلّ خمسين حِقّة، وفي كلّ أربعين بنت لبون؛بمعنى وجوب مراعاة المطابق منهما، ولو لم تحصل المطابقة إلاّ بهما لو حظا معاً،ويتخيّر مع المطابقة بكلّ منهما أو بهما، وعلى هذا لا يتصوّر صورة عدم المطابقة،بل هي حاصلة في العقود بأحد الوجوه المزبورة.
(صفحه73)
لا تتصوّر المطابقة، فتراعى على وجه يستوعب الجميع ما عد النيّف، ففي مائةوإحدى عشرين تُحسب ثلاث أربعينات، وتدفع ثلاث بنات لبون، وفي مائةوثلاثين تُحسب أربعينان وخمسون، فتدفع بنتا لبون وحِقّه، وفي مائة وأربعينتُحسب خمسينان وأربعون، فتدفع حِقّتان وبنت لبون، وفي مائة وخمسين تُحسبثلاث خمسينات، فتدفع ثلاث حِقَق، وفي مائة وستّين تُحسب أربع أربعينات،وتدفع أربع بنات لبون.
وهكذا إلى أن يبلغ مائتين، فيتخيّر بين أن تُحسب خمس أربعينات ويُعطيخمس بنات لبون، وأن تُحسب أربع خمسينات ويُعطي أربع حِقَق1.
1ـ لا إشكال بل لا خلاف ـ بل ادّعي عليه إجماع المسلمين ـ في اعتبارالنصاب في زكاة الإبل(1)، مضافاً إلى الشرائط العامّة المتقدّمة(2)، وأنّه في الإبلاثنا عشر نصاباً، وكان شروعه من الخمس؛ بمعنى عدم وجوب الزكاة فيه قبلبلوغ الخمس، ويدلّ عليه روايات متعددّة:
منها: صحيحة زرارة، عن أبي جعفر عليهالسلام قال: ليس فيما دون الخمس منالإبل شيء، فإذا كانت خمساً ففيها شاة إلى عشرة، فإذا كانت عشراً ففيهشاتان، فإذا بلغت خمس عشرة ففيها ثلاث من الغنم، فإذا بلغت عشرينففيها أربع من الغنم، فإذا بلغت خمساً وعشرين ففيها خمس من الغنم، فإذ
- (1) غنية النزوع: 121 ـ 122، المعتبر 2: 498 و 500، مدارك الأحكام 5: 53، كفاية الفقه، المشتهر بـ «كفايةالأحكام» 1: 174، الحدائق الناضرة 12: 43، رياض المسائل 5: 57 ـ 58، جواهر الكلام 15: 130 ـ 131،مصباح الفقيه 13 (كتاب الزكاة): 119، مستمسك العروة الوثقى 9: 61 ـ 62، المستند في شرح العروةالوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 23: 145.