(صفحه 361)
مسألة 3: الأحوط عدم نقلها بعد العزل إلى بلد آخر مع وجود المستحقّ1.
1ـ الاحتياط في المتن وجوبيّ، وفي كلام سيّد العروة(1) استحبابيّ،والمشهور(2) في المقام كما في زكاة المال هو جواز النقل بعد العزل ولو مع وجودالمستحقّ؛ للأخبار(3) الصريحة هناك، الدالّة على الجواز ولو في هذه الصورة،والظاهر أنّه لا فرق بين المقامين من هذه الجهة، لكن هنا روايتان ظاهرتان فيعدم جواز نقل زكاة الفطرة مع وجود المستحقّ.
إحداهما: موثّقة الفضيل، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال: كان جدّي صلىاللهعليهوآله يعطيفطرته الضعفة (الضعفاء خ ل) ومن لا يجد، ومن لا يتولّى. قال: وقالأبوعبداللّه عليهالسلام : هي لأهلها إلاّ أن لا تجدهم، فإن لم تجدهم فلمن لا ينصب،ولاتنقل من أرض إلى أرض. وقال: الإمام يضعها حيث يشاء ويصنع فيهما رأى(4).
ثانيتهما: صحيحة علي بن بلال قال: كتبت إليه: هل يجوز أن يكونالرجل في بلدة، ورجل آخر من إخوانه في بلدة اُخرى يحتاج أن يوجّه لهفطرة، أم لا؟ فكتب: تقسّم الفطرة على من حضر، ولا يوجّه ذلك إلى بلدةاُخرى وإن لم يجد موافق(5).
- (1) العروة الوثقى 2: 170 مسألة2866.
- (2) المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 24: 477.
- (3) وسائل الشيعة 9: 282 ـ 284، كتاب الزكاة، أبواب المستحقّين للزكاة ب37.
- (4) تهذيب الأحكام 4: 88 ح260، الاستبصار 2: 51 ح173، وعنهما وسائل الشيعة 9: 360، كتاب الزكاة،أبواب زكاة الفطرة ب15 ح3.
- (5) تهذيب الأحكام 4: 88 ح258، الاستبصار 2: 51 ح171، وعنهما وسائل الشيعة 9: 360، كتاب الزكاة،أبواب زكاة الفطرة ب15 ح4.
(صفحه362)
والظاهر أنّ سيّد العروة حملهما على الاستحباب، وجعل مقتضى الاحتياطالاستحبابي عدم النقل مع وجود المستحقّ في البلد؛ مع أنّ الظاهر أنّه لا وجهللحمل المذكور بعد عدم وجود نصّ في المقام دالّ على الجواز حتّى يكونمقتضى الجمع ذلك؛ فإنّك عرفت أنّ الروايات المتعدّدة الصريحة موردها زكاةالمال، ولا دليل ظاهراً على الملازمة بين الزكاتين في هذا الحكم وإن كان فيبادئ النظر ذلك، خصوصاً مع أنّ العزل على خلاف القاعدة، ومع أنّه يكونهدف الشارع خروج الفقراء والمستحقّين عن هذا الوصف ولو في أيّام قلائل،فالإنصاف أنّ ما أفاده الماتن قدسسره من الاحتياط الوجوبي غير قابل للالتزامبأقلّ منه، فتدبّر.
(صفحه 363)
(صفحه364)
مصرف زكاة الفطرة
القول في مصرفه
الأقوى أنّ مصرفها مصرف زكاة المال وإن كان الأحوط الاقتصار على دفعهإلى الفقراء المؤمنين وأطفالهم، بل المساكين منهم وإن لم يكونوا عدولاً، ويجوزإعطاؤها للمستضعفين من المخالفين عند عدم وجود المؤمنين.
والأحوط أن لا يدفع إلى الفقير أقلّ من صاع أو قيمته؛ وإن اجتمع جماعةلاتسعهم كذلك. ويجوز أن يُعطى الواحد أصواعاً، بل إلى مقدار مؤونة سنته،والأحوط عدم الإعطاء والأخذ أزيد من مؤونتها.
ويستحبّ اختصاص ذوي الأرحام والجيران وأهل الهجرة في الدين والفقهوالعقل وغيرهم ممّن يكون فيه بعض المرجّحات. ولا يترك الاحتياط بعدم الدفعإلى شارب الخمر والمتجاهر بمثل هذه الكبيرة، ولا يجوز أن يدفع إلى من يصرفهفي المعصية1.
1ـ في هذه المسألة جهات من الكلام:
الاُولى: أنّ مصرف زكاة الفطرة هو مصرف زكاة المال، وفي محكيّالمدارك(1) أنّه مقطوع به في كلامهم، وعمدة الدليل على ذلك عموم الصدقات
- (1) مدارك الأحكام 5: 353.
(صفحه365)
الواقع في آية الصدقة(1)، والجمع المحلّى باللام مفيد للعموم، مع أنّ في المقامخصوصيّة أشرنا إليها مكرّراً(2)؛ وهو: أنّ أوّل ما نزلت في الزكاة إنّما كان فيزكاة الفطرة؛ لأنّه لم يكن للناس في ذلك الزمان أموال حتّى يتعلّق بها زكاةالمال، فالآية تشمل زكاة الفطرة قطعاً.
وأمّا كون الاحتياط الاقتصار على الدفع إلى فقراء المؤمنين وأطفالهم، بلالمساكين منهم؛ فلأجل بعض الروايات الظاهرة في تعيّن الدفع إلى الفقراءوالمساكين، مثل:
صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام في حديث: أنّ زكاة الفطرة للفقراءوالمساكين(3).
ونظيره ما ورد في بعض الروايات الاُخر من أنّها لمن لا يجد(4). ولكنلا دلالة لشيء منها على الانحصار، خصوصاً مع التوجّه إلى عموم الآيةكما عرفت، وإلى أنّ الفقراء هم المنظورون في أصل تشريع الزكاة، فهي محمولةعلى الاستحباب كما في المتن.
ثمّ إنّه لا دليل على اعتبار العدالة كما في زكاة المال، خصوصاً بعد عدمإمكان اتّصاف الصغار بالعدالة أصلاً.
الثانية: جواز إعطاؤها للمستضعفين من المخالفين عند عدم وجود
- (3) تهذيب الأحكام 4: 75 ح210، الاستبصار 2: 42 ح134، وعنهما وسائل الشيعة 9: 357 ـ 358، كتابالزكاة، أبواب زكاة الفطرة ب14 ح1.
- (4) وسائل الشيعة 9: 358، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الفطرة ب14 ح3 و 4.