(صفحه341)
مسألة 8 : تحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي. والمدار هو المعيل لا العيال،والأحوط مراعاة كليهما1.
1ـ أمّا حرمة فطرة غير الهاشمي على الهاشمي؛ فلأنّ المذكور في طائفة منالأخبار ـ كما تقدّم(1) في بحث زكاة المال ـ هو عنوان الزكاة المفروضة،أو عنوان الصدقة الواجبة، ولا شبهة في الشمول لزكاة الفطرة، خصوصاً بعدملاحظة ما ذكرنا(2) من أنّ زكاة الفطرة قد شرّعت قبل زكاة المال.
ولا إشكال فيما ذكرنا إلاّ على رواية منقولة في الجواهر(3) هكذا: أبياُسامةزيد الشحّام، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال: سألته عن الصدقة التي حرّمت عليهم؟فقال: هي الزكاة المفروضة ـ المطهّرة للمال ـ ولم يحرّم علينا صدقة بعضنعلى بعض(4)، مع أنّ هذا التفسير والتوصيف بـ «المطهّرة للمال» غير موجودلا في الوسائل ولا في غيرها.
ثمّ إنّ المدار على المعيل لا العيال؛ لأنّه المكلّف بزكاة الفطرة، وقد فرّع عليهفي العروة أنّه لو كان العيال هاشميّاً دون المعيل، لم يجز دفع فطرته إلىالهاشمي،وفي العكس يجوز(5)، وإن كان يظهر من صاحب الحدائق الخلاف(6)،وقد جعل مقتضى الاحتياط الاستحبابي مراعاة كليهما، والوجه فيه واضح.
- (4) تهذيب الأحكام 4: 59 ح157، الاستبصار 2: 35 ح108، وعنهما وسائل الشيعة 9: 274، كتاب الزكاة،أبواب المستحقّين للزكاة ب32 ح4.
- (5) العروة الوثقى 2: 164 مسألة2842.
- (6) الحدائق الناضرة 12: 317.
(صفحه342)
مسألة 9: تجب فيها النيّة كغيرها من العبادات، ويجوز أن يتولّى الإخراج منوجبت عليه، أو يوكّل غيره في التأدية، فحينئذٍ لابدّ للوكيل من نيّة التقرّب،وإنوكّله في الإيصال يجب عليه أن ينوي كون ما أوصله الوكيل إلى الفقير زكاة.ويكفي بقاء النيّة في خزانة نفسه، ولا يجب خطورها تفصيلاً. ويجوز أن يوكّلغيره في الدفع من ماله والرجوع إليه، فيكون بمنزلة الوكيل في دفعه من مالالموكّل، ولا يبعد جواز التوكيل في التبرّع؛ بأن يوكّله أن يؤدّي زكاته من ماله بدونالرجوع إليه. نعم، أصل التبرّع بها بلا توكيل محلّ إشكال1.
1ـ قد ذكرنا(1) في هذا المجال مفصّلاً في بحث زكاة المال، ولا نرى حاجةإلىالإعادة أصلاً، والذي ينبغي التعرّض له هنا أنّه تارة: يتولّى الإخراجبالمباشرة من كانت الزكاة واجبة عليه، فلا إشكال، واُخرى: يتحقّق التوكيلوالاستنابة، وهذه على صور:
إحداها: أن يوكّل وكيله العامّ، أو في خصوص أداء الزكاة بالتأدية عنه،فحينئذٍ يجب على الوكيل ما يجب عليه في فرض المباشرة؛ من اعتبار التعيينوقصد القربة.
ثانيتها: أن يوكّل غيره في مجرّد الإيصال إلى الفقير مثلاً، فالواجبعلى الموكّل أن ينوي كون ما أوصله الوكيل إلى الفقير زكاة، ويكفي بقاء هذهالنيّة في خزانة نفسه، ولا يجب خطورها تفضيلاً؛ بأن يعلم زمان الإيصالوسائر خصوصيّاته، بل ينوي حصول التقرّب عند الأداء، ويستمرّ هذه النيّةفيه من دون عروض تغيير.
(صفحه343)
ثالثتها: أن يوكّل غيره في أن يدفع الغير الزكاة عنه، ثمّ يرجع بها إليه،وهذه الصورة كالصورة الاُولى تجب فيها رعاية النيّة من ناحية الوكيل؛ لعدمالفرق بين الصورتين من هذه الجهة.
رابعتها: ما نفى عنه البعد من جواز التوكيل في التبرّع؛ بأن يوكّله أنيؤدّيالوكيل زكاته من ماله بدون الرجوع إليه. وفي الختام جعل أصل التبرّع بهمن دون توكيل محلّ إشكال؛ والظاهر أنّ الوجه فيه أنّ التبرّع في الاُمورالقربيّة يكون على خلاف القاعدة، ولا يكاد يصار إليه إلاّ في موارد قيامالدليل، كالحجّ والزيارة التبرّعيّين عن الغير.
وأمّا في مثل المقام، فلم يدلّ دليل عليه، ومنه تظهر المناقشة بالإضافةإلىالصورة الرابعة؛ فإنّه إذا لم يكن أصل التبرّع خالياً عن الإشكال، فكيفيكون التوكيل فيه جائزاً؟ فتدبّر.
(صفحه344)
جنس زكاة الفطرة
القول في جنسه
مسألة 1: لا يبعد أن يكون الضابط فيه ما يتعارف ـ في كلّ قوم أو قطر ـ التغذّيبه وإن لم يكتفوا به، كالبُرّ والشعير والأرُز في مثل غالب بلاد ايران والعراق، والأرُزفي مثل الجيلان وحواليه، والتمر والاُقط واللبن في مثل النجد وبراري الحجازوإنكان الأقوى الجواز في الغلاّت الأربع مطلقاً، فإذا غلب في قطر التغذّي بالذرّةونحوها، يجوز إخراجها كما يجوز إخراج الغلاّت الأربع، ومع عدم الغلبة فالأحوطإخراج الغلاّت الأربع.
ويجوز دفع الأثمان قيمة، وفي إخراج غيرها ممّا لا يكون من جنسها قيمةإشكال، بل عدم الاجتزاء لا يخلو من وجه، وتعتبر في القيمة حال وقت الإخراجوبلده1.
1ـ ما نفى عنه البعد من أنّ الضابط في جنس زكاة الفطرة هو ما يتعارف فيكلّ قوم أو قطر التغذّي به ـ كالأمثلة المذكورة في المتن ـ هو المشهور بينالمتأخّرين من الفقهاء(1)، ولكنّه لهم ـ خصوصاً الأقدمين منهم ـ أقوال مختلفة
- (1) الحدائق الناضرة 12: 279، مصابيح الظلام 10: 590 مفتاح246، وهو خيرة جمل العلم والعمل (رسائلالشريف المرتضى) 3: 80 ، والمقنعة: 249 ـ 250، والنهاية: 190، وغنية النزوع: 127، والسرائر 1: 468،وشرائع الإسلام 1: 174، والمعتبر 2: 605، ومختلف الشيعة 3: 156 مسألة125، والدروس الشرعيّة1: 251، واللمعة الدمشقيّة: 24، ومسالك الأفهام 1: 450، ورياض المسائل 5: 211 ـ 212، وغيرها.
(صفحه345)
ومتكثّرة في هذا المجال، والمنشأ اختلاف الروايات المتكثّرة، لكنّ الظاهر أنّالجواز في الغلاّت الأربع مطلقاً مورد للوفاق، ويدلّ على الاجتزاء بها كذلكروايات، مثل:
صحيحة سعد بن سعد الأشعري، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال: سألتهعن الفطرة كم يدفع عن كلّ رأس من الحنطة والشعير والتمر والزبيب؟ قال:صاع بصاع النبيّ صلىاللهعليهوآله (1)؛ فإنّه وإن كان لا دلالة لها على الانحصار، إلاّ أنّدلالتها على الاجتزاء خصوصاً مع ترك الاستفصال في الجواب لاخدشة فيهأصلاً.
ورواية معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليهالسلام يقول في الفطرة: جرتالسنّة بصاع من تمر، أو صاع من زبيب، أو صاع من شعير، فلمّا كان في زمنعثمان وكثرت الحنطة قوّمه الناس، فقال: نصف صاع من برّ بصاع منشعير(2)؛ فإنّها تدلّ على أنّ الحكم الأوّلى في زمن النبيّ صلىاللهعليهوآله هو صاع منالحنطة، غاية الأمر أنّ عثمان هو الذي غيّر الحكم لقيمة الحنطة.
وفي بعض الروايات ـ غير الخالية عن المناقشة في السند لأجل الإرسال ما يدلّ على الحصر في الأربعة، مثل:
- (1) الكافي 4: 171 ح5، الفقيه 2: 115 ح492، تهذيب الأحكام 4: 80 ح227، الاستبصار 2: 46 ح148، وعنهوسائل الشيعة 9: 333، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الفطرة ب6 ح1.
- (2) تهذيب الأحكام 4: 83 ح239، الاستبصار 2:48 ح159، علل الشرائع: 390 ح2، وعنها وسائل الشيعة9: 335، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الفطرة ب6 ح8 .