(صفحه 283)
الوفاء، ولا يسري الحكم إلى المنذور وإن كان هي الصدقة، كنذر صلاة الليلمثلاً غير الموجب لصيرورة صلاة الليل المستحبّة بالذّات واجبة بالعرض،كما ذكرنا مراراً.
وأمّا الصدقات المندوبة الرائجة بين الناس في كلّ يوم، فلا دليل على عدمالجواز للهاشمي، بل السيرة المستمرّة على خلافه، ولا مجال لتوهّم أنّ دفعالجميع إلى الهاشمي إنّما هو بعنوان سهم السادة، الذي هو أحد السهمين في آيةالخمس(1).
فرع
من شكّ في كونه هاشميّاً أو غيره، ولم يكن هناك بيّنة أو شياع مفيدللاطمئنان بكونه كذلك، ففي المتن أنّه بحكم غيره، فيجوز دفع الزكاة إليه؛وقد استدلّ له سيّد العروة بأنّ جواز الدفع إليه إنّما هي لأصالة العدم عندالشك فيكونه منهم أملا(2)، معأنّه مثلاستصحاب عدم القرشيّة في باب الحيضفي المرأة المشكوك كونها كذلك على تقدير اختلافهما في منتهى سنّ الحيض.
وقد حقّقنا بما لا مزيد عليه في البحث الاُصولي عدم جريان مثل هذالاستصحاب؛ لاختلاف القضيّتين المتيقّنة والمشكوكة(3)، ومع أنّ التحقيقالمزبور كان تبعاً لما أفاده الماتن قدسسره في هذا المجال مكرّراً(4)، لم يظهر لي وجه
- (2) العروة الوثقى 2: 136 مسألة2752.
- (3) سيرى كامل در اُصول فقه 11: 474 ـ 479.
- (4) تهذيب الاُصول 2: 23 ـ 32 و 277 ـ 283.
(صفحه284)
الحكم الذي ذكره في المتن هنا.
نعم، لو اعترف المشكوك بكونه هاشميّاً لا يجوز دفع الزكاة إليه بمقتضىإقراره بعدم الاستحقاق، كما أنّه لا يجوز دفع سهم السادة إليه بمجرّد الدعوىإلاّ بعد إثبات صحّة دعواه من الخارج؛ للزوم إحراز هذا العنوان في دفعالسهم المزبور، كما لا يخفى.
(صفحه 285)
(صفحه286)
بقيّة أحكام الزكاة
القول في بقيّة أحكام الزكاة
مسألة 1: لا يجب بسط الزكاة على الأصناف الثمانية وإن استُحبّ مع سعتهووجود الأصناف، فيجوز التخصيص ببعضها، وكذا لا يجب في كلّ صنف البسطعلى أفراده، فيجوز التخصيص ببعض1.
1ـ ذكر السيّد في العروة أنّ الأفضل بل الأحوط نقل الزكاة إلى الفقيهالجامع للشرائط في زمن الغيبة، لا سيّما إذا طلبها؛ لأنّه أعرف بمواقعها، لكنّالأقوى عدم وجوبه(1)، وقد نسب صاحب المدارك(2) إلى المفيد(3) والحلبي(4)القول بوجوب نقل الزكاة إلى الإمام عليهالسلام مع حضوره، وإلى الفقيه الجامعللشرائط مع غيبته.
وما يمكن أن يستدلّ به أحد هو قوله ـ تعالى ـ : «خُذْ مِنْ أَمْوَ لِهِمْ صَدَقَةًتُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِم بِهَا»(5)؛ نظراً إلى أنّ وجوب الأخذ على النبيّ صلىاللهعليهوآله يستلزم
- (1) العروة الوثقى 2: 136 مسألة2754.
(صفحه287)
وجوب الدفع إليه، والأئمّـة عليهمالسلام قائمون مقامه، والعلماء الجامع قائمون مقامهم،فيجب الدفع إليهم أيضاً.
ويرد عليه: أنّ أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله بالأخذ إنّما كان مقدّمة للتطهير والتزكيةالحاصلة بدفع الزكاة. وأمّا لو فرض أنّ الشخص قد أدّى زكاته في عهدالنبيّ صلىاللهعليهوآله ، فهل كان النبيّ صلىاللهعليهوآله يجبره على الدفع ثانياً لعدم كفاية الاُولى؛ لعدمكونها مسبوقة بأمر النبيّ صلىاللهعليهوآله وأخذه؟ كلاّ، مع أنّ في بعض الروايات جوازتصدّي المالك بنفسه حتّى من غير المراجعة إلى الإمام عليهالسلام ، فضلاً عن المراجعةإلى الفقيه في عصر الغيبة؛ وهي:
رواية جابر قال: أقبل رجل إلى أبي جعفر عليهالسلام وأنا حاضر، فقال: رحمكاللّه أقبض منّي هذه الخمسمائة درهم، فضعها في مواضعها؛ فإنّها زكاة مالي،فقال أبو جعفر عليهالسلام : بل خذها أنت فضعها في جيرانك والأيتام والمساكين، وفيإخوانك من المسلمين، إنّما يكون هذا إذا قام قائمنا؛ فإنّه يقسّم بالسويّة ويعدلفي خلق الرحمن، البرّ منهم والفاجر، الحديث(1).
والذيل دليل على عدم كون الإرجاع إلى الشخص بعنوان الوكالة والنيابةعن الإمام عليهالسلام .
وكيف كان، فقد تعرّض في هذه المسألة لعدم وجوب بسط الزكاةعلى الأصناف الثمانية المذكورة في آية الصدقة(2)؛ وإن استُحبّ مع سعة الصدقةوكثرتها أوّلاً، ووجود الأصناف ثانياً، وكذا لا يجب في كلّ صنف البسط
- (1) علل الشرائع: 161 ح3، وعنه وسائل الشيعة 9: 282، كتاب الزكاة، أبواب المستحقّين للزكاة ب36 ح1.