(صفحه324)
وكيف كان، فالكلام فيها تقع في الاُمور المذكورة في المتن؛ من المكلّف،والجنس، والقدر، والوقت، والمصرف، وسيأتي التفصيل إن شاء اللّه ـ تعالى فانتظر.
(صفحه 325)
(صفحه326)
من تجب عليه زكاة الفطرة
القول فيمن تجب عليه
مسألة 1: تجب زكاة الفطرة على المكلّف الحرّ الغنيّ فعلاً أو قوّة،فلا تجب على الصبّي، ولا المجنون؛ ولو أدواريّاً إذا كان دور جنونه عند دخول ليلةالعيد، ولا يجب على وليّهما أن يؤدّي عنهما من مالهما، بل الأقوى سقوطها عنهمبالنسبة إلى من يعولانه، ولا على من هو مُغمىً عليه عند دخول ليلة العيد،ولا على المملوك، ولا على الفقير الذي لا يملك مؤونة سنته له ولعياله ـ زائدعلى ما يقابل الدين ومستثنياته ـ لا فعلاً ولا قوّة، والأحوط اعتبار الدين الحالّفي هذه السنة لا غيره.
نعم، الأحوط الأولى لمن زاد على مؤونة يومه وليلته صاعٌ إخراجها، بل يستحبّللفقير مطلقاً إخراجها؛ ولو بأن يُدير صاعاً على عياله ثمّ يتصدّق على الأجنبي بعدأن ينتهي الدور إليه، هذا إذا لم يكن بينهم قاصر، وإلاّ فالأحوط أن يقتصر فيالإدارة بينهم على المكلّفين، ولو أخذ الوليّ عن القاصر يصرفها له ولا يردّهإلى غيره1.
1ـ يعتبر في وجوب زكاة الفطرة اُمور:
(صفحه327)
الأوّل: كون المخاطب بها مكلّفاً(1)؛ لأنّ التكاليف الإلزاميّة مرفوعة عنالصبيّ والمجنون، ولا فرق في الصبيّ بين أن يكون مراهقاً أو غيره، كما أنّهلا فرق في المجنون بين أن يكون أطباقيّاً أو أدواريّاً، غاية الأمر تقيّد الثانيبما إذا كان دور جنونه عند دخول ليلة العيد الذي هو وقت تعلّق التكليفبزكاة الفطرة، وأمّا إذا كان دور جنونه غير ذلك الوقت، فالظاهر اللزوم عليه.
ثمّ إنّ الظاهر أنّه لا يجب على وليّهما أن يؤدّي عنهما وإن كان لهما مال كاففي ذلك، بل وإن كان لا يعتبر في العيال ذلك، إلاّ أنّه فرق بين من تجب عليه،وبين من تجب عنه، ولأجله قوّى في المتن السقوط عنهما بالنسبة إلىمنيعولانه؛ لأنّ مرجعه إلى ثبوت التكليف عليهما، مع أنّك عرفت أنّ قلمالتكليف مرفوع عنهما، ويترتّب على اعتبار هذا الأمر أيضاً أنّ من هو مغمىعليه عند دخول ليلة العيد لا تجب الزكاة عليه؛ لفرض الإغماء وعدم ثبوتالتكليف معها.
ثمّ إنّه ورد في مورد الصبيّ بعض الروايات الخاصّة، مثل:
صحيحة محمّد بن القاسم بن الفضيل البصري أنّه كتب إلى أبي الحسنالرضا عليهالسلام يسأله عن الوصيّ يزكّي زكاة الفطرة عن اليتامى إذا كان لهم مال؟فكتب عليهالسلام : لا زكاة على يتيم، وفي بعض النسخ «على مال اليتيم»(2).
ثمّ إنّه ينبغي هنا التنبيه على أمر؛ وهو: أنّ التكليف بزكاة الفطرة مجرّد حكم
- (1) بلا خلاف فيه، كما في ذخيرة المعاد: 471 س10، وجواهر الكلام 16: 174، وهو قول علمائنا أجمع،كما في المعتبر 2: 593، ومنتهى المطلب 8 : 422، وتذكرة الفقهاء 5: 366 مسألة274.
- (2) الفقيه 2: 115 ح495، المقنع: 213، الكافي 3: 541 ح8 ، تهذيب الأحكام 4: 30 ح74، وص334ح1049، وعنها وسائل الشيعة 9: 84، كتاب الزكاة، أبواب من تجب عليه الزكاة ب1 ح4، وص326،أبواب زكاة الفطرة ب4 ح2.
(صفحه328)
تكليفيّ محض، وليس فيه شائبة الحكم الوضعي بوجه، فلا يخالف ماذكرنا هنما أثبتناه في كتابنا القواعد الفقهيّة(1)؛ من عدم اختصاص الأحكام الوضعيّةبالبالغين، وشمولها لغيرهم، من دون فرق بين ما إذا كان رفعه مخالفاً للإمتنانعلى الغير ـ كالضمان في مثل إتلاف مال الغير وغصبه ـ وبين غيره.
الثاني: الحرّية(2)، وقد وردت روايات كثيرة(3) في اعتبارها في زكاة المال،والأمر في زكاة الفطرة يكون كذلك، وإن لا يكون فيها تسالم كالتسالم في زكاةالمال؛ لوجود الاختلاف في بعض مصاديق العبد كالمكاتب، إلاّ أنّ الأمر سهلبعد عدم وجود الموضوع، كما تقدّمت(4) الإشارة إليه في زكاة المال.
الثالث: الغنى، الذي هو عبارة عن ملكيّة مؤونة سنته له ولعياله الواجبيالنفقة بالفعل أو بالقوّة، كما إذا كان قادراً على التكسّب زائداً على ما يقابلالدين ومستثنياته، ويدلّ على اعتبار هذا الأمر ـ مضافاً إلى أنّه المشهور(5)، بلإجماعيّ كما عن الجواهر(6) ـ بعض الروايات، مثل:
صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال: سُئل عن رجل يأخذ من الزكاة
- (1) القواعد الفقهيّة 1: 345 ـ 352.
- (2) بلا خلاف فيه أيضاً، كما في ذخيرة المعاد: 471 س25، والحدائق الناضرة 12: 259، وجواهر الكلام16: 175، بل هو مجمع عليه، كما في تذكرة الفقهاء 5: 368 مسألة277، ومنتهى المطلب 8 : 424، ومداركالأحكام 5: 308.
- (3) وسائل الشيعة 9: 91 ـ 92، كتاب الزكاة، أبواب من تجب عليه الزكاة ب4.
- (5) مختلف الشيعة 3: 137 مسألة106، مفاتيح الشرائع 1: 214 مفتاح242، مصباح الهدى في شرح العروةالوثقى 10: 150 ـ 151، المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 24: 375، وفي الحدائقالناضرة 12: 261 ـ 262، أنّه الأشهر الأظهر.
- (6) جواهر الكلام 16: 179، وكذا في منتهى المطلب 8 : 425، وغيره.