(صفحه238)
مسألة 10: لو ادّعى الفقر، فإن عُرف صدقه أو كذبه عومل به، ولو جُهل حالهاُعطي من غير يمين مع سبق فقره، وإلاّ فالأحوط اعتبار الظنّ بصدقه الناشىء منظهور حاله، خصوصاً مع سبق غناه1.
1ـ لو ادّعى شخص الفقر وأنّه من مصاديق الفقراء والمساكين؛ اللذين هممن المصارف الثمانية، فإن عرف صدقه أو كذبه عومل عليها. ولو كان مجهولالحال، فإن كانت حالته السابقة المتيقّنة الفقر يجري الاستصحاب، وهو يكفيلإحراز كونه فقيراً من دون ضمّ يمين.
وإن لم يكن كذلك، فلادليل على اعتبار قوله وجواز تصديق دعويه، بلمقتضى الاحتياط اللازم ـ مع تعذّر العلم نوعاً ـ اعتبار الظنّ بصدقه ولو كانناشئاً من ظهور حاله، ويتأكّد الاحتياط لو كان مقتضى الاستصحاب العدموبقاء غناه المتيقّن في السابق، وهو ظاهر.
(صفحه239)
مسألة 11: لا يجب إعلام الفقير أنّ المدفوع إليه زكاة، بل يُستحبّ دفعهعلى وجه الصلة ظاهراً والزكاة واقعاً إذا كان ممّن يترفّع ويدخله الحياء منها1.
1ـ الزكاة وإن كانت من الاُمور القربيّة التي يعتبر في تحقّقها قصد القربة،واللازم إرادة انطباق عنوانها على المدفوع، وإلاّ لا يتعيّن بعنوان الزكاة، كسائرعناوين العبادات من الصلاة والصيام والحجّ وغيرها، إلاّ أنّه لا يجب إعلامالفقير الذي تعطى إليه أنّ المدفوع إليه زكاة، بل المستحبّ هو الدفع بعنوانالصلة ظاهراً والزكاة باطناً، خصوصاً إذا كان الفقير ممّن يترفّع ويدخله الحياءبلحاظ أخذ الزكاة، وذلك لحفظ شأنه وترفّعه.
(صفحه240)
مسألة 12: لو دفع الزكاة إلى شخص على أنّه فقير فبان غناه، استرجعت منه معبقاء العين، بل مع تلفها ضامن مع علمه بكونها زكاة وإن كان جاهلاً بحرمتهعلى الغني، بل مع احتمال أنّها زكاة فالظاهر ضمانه.
نعم، مع اعطائه بغير عنوانها سقط الضمان، كما أنّه مع قطعه بعدمها سقط.ولافرق في ذلك بين الزكاة المعزولة وغيرها. وكذا الحال فيما لو دفعها إلى غنيّجاهلاً بحرمتها عليه. ولو تعذّر استرجاعها في الصورتين، أو تلفت بلا ضمانأو معه، وتعذّر أخذ العوض منه، كان ضامناً وعليه الزكاة، إلاّ إذا أعطاه بإذنشرعيّ، كدعوى الفقر بناءً على اعتبارها، فالأقوى حينئذٍ عدم الضمان.
نعم، لو كان إحرازه بأمارة عقليّة كالقطع، فالظاهر الضمان. ولو كان الدافع هوالمجتهد أو وكيله لا ضمان عليه مع عدم التقصير، بل ولا على المالك أيضاً لو دفعهإليه أو إلى وكيله بعنوان أنّه وليّ عامّ على الفقراء. وأمّا إذا كان بعنوان الوكالة عنالمالك، فالظاهر ضمانه، فيجب عليه أداء الزكاة ثانياً1.
1ـ في هذه المسألة فروع:
الأوّل: لو دفع الزكاة إلى شخص بعنوان أنّه فقير ويستحقّ الزكاة لأجلذلك، فبان للدّافع غناه وأنّه لم يكن يستحقّ الزكاة، فإن كانت العين المدفوعةبعنوان الزكاة باقية غير تالفة تسترجع العين. وإن كانت تالفة، فتارة: يكونالشخص عالماً بكونها زكاة؛ سواء كان عالماً بأنّ الزكاة محرّمة على الغنيّ،أم كان جاهلاً، واُخرى: يكون جاهلاً بأنّها زكاة.
ففي الصورة الاُولى: يكون المدفوع إليه ضامناً وإن كان جاهلاً بالحرمة؛لأنّ الحكم التكليفي وإن كان مرفوعاً في صورة الجهل، إلاّ أنّ الحكم الوضعيمحفوظ في حالته أيضاً، كما في الأخذ عن جهل مطلقاً، العين المغصوبة من العالم
(صفحه241)
بالغصب؛ فإنّهم قد صرّحوا بالتفكيك بين الحكمين، خصوصاً في مسألة تعاقبالأيادي(1)، والاختلاف في العلم والجهل، وكما في إتلاف النائم مال الغير(2)؛فإنّه ضامن غير مرتكب للحرام.
ثمّ إنّه في هذا الفرع وسّع دائرة الحكم بالضمان لما إذا احتمل أنّه زكاة، حيثاستظهر الضمان في هذه الصورة أيضاً؛ نظراً إلى ما ذكرنا، وقد استدرك ما إذكان إعطاؤه بغير عنوان الزكاة، كما إذا أعطاه بعنوان الصلة والهديّة؛ فإنّقبولهما لا يكون مستلزماً للضمان وإن كان المال لغيره واقعاً، كما أنّه مع قطعهبعدم الزكاة يكون الضمان ساقطاً، وظاهره أنّه في الصورة الثانية ـ التيقد ذكر بعض مصاديقها ـ لا يترتّب ضمان؛ لفرض الجهل بالموضوع وأنّه زكاة.
الثاني: ما لو دفع الزكاة إلى غنيّ في حال كون الدافع جاهلاً بحرمة الزكاةعليه؛ فإنّ الظاهر ضمانه للزكاة؛ لعدم دفعه إلى مستحقّه، خصوصاً بعد ما وردمن أنّه لو دفع زكاته إلى المخالف يكون عليه الضمان، معلّلاً بأنّه وضعها في غيرموضعها، كما سيأتي(3) إن شاء اللّه تعالى.
الثالث: أنّه لو تعذّر استرجاع العين في مورد جوازه، أو تلفت العينبلاضمان، أو مع الضمان ولكن تعذّر أخذ العوض منه، يكون الدافع ضامنوعليه الزكاة، إلاّ إذا كان إعطاؤه إيّاه مستنداً إلى الحكم الشرعي، كالاستناد
- (1) المبسوط 3: 68، تذكرة الفقهاء 2: 377 س31 ـ 41 (ط.ق)، تحرير الأحكام الشرعيّة 4: 541،الرقم6159، جامع المقاصد 6: 224 ـ 225، الروضة البهيّة 7: 25 ـ 26، كفاية الفقه، المشتهر بـ «كفايةالأحكام» 2: 649، المسألة العاشرة، جواهر الكلام 37: 34 ـ 35 (ط.ق).
- (2) كتاب الغصب للسيّد البروجردي، المطبوع ضمن تقريرات ثلاث: 180، تفصيل الشريعة في شرحتحرير الوسيلة، كتاب الإجارة: 621.
(صفحه242)
إلى دعويه الفقر بناءً على اعتبارها؛ فإنّ الظاهر حينئذٍ عدم الضمان؛ لأنّ الإذنالشرعي لا يلائم الضمان، ولا يقاس ذلك بما إذا اضطرّ إلى أكل طعام الغيرخوفاً من الهلاك؛ فإنّه يجوز له ذلك، ولكن قيمة الطعام على عهدته.
الرابع: لو كان الإحراز بأمارة معتبرة عقلاً كالقطع الطريقي، أو الظنّالانسدادي، بناءً على تماميّة مقدّمات دليله والقول بالحكومة، فقد استظهرثبوت الضمان؛ لأنّ القطع الطريقي لا يغيّر الواقع عمّا هو عليه، بل يثبتالمعذوريّة فقط في المخالفة، كما بيّن في محلّه(1).
الخامس: ما لو كان الدافع هو المجتهد أو وكيله؛ فإنّه لا ضمان عليه فيصورة عدم التقصير بالاستناد مثلاً إلى دعوى الفقر، بناءً على عدم اعتبارهكما ذكرنا، وقد ترقّى إلى المالك لو دفعه إلى الحاكم أو وكيله بعنوان أنّه وليّ عامّعلى الفقراء؛ لأنّ حكمه حينئذٍ حكمه. وأمّا إذا كان بعنوان الوكالة عن المالك،وكان الحاكم أو الوكيل واسطة في الإيصال إلى المستحقّ، فقد استظهر الضمانفي هذه الصورة بالإضافة إلى الدافع، وأنّه يجب عليه أداء الزكاة ثانياً؛ لعدموصولها إلى مستحقّها، كما هو المفروض.
- (1) كفاية الاُصول: 297، سيرى كامل در اُصول فقه 9: 233 ـ 239.