(صفحه306)
مسألة 9: لو اتّجر بما عزله تكون الخسارة عليه والربح للفقير إذا كان الاتّجارلمصلحة الزكاة فأجاز وليّ الأمر، وكذا في الاتّجار بالنصاب قبل إخراج الزكاة علىالأقرب. وأمّا إذا اتّجر بهما لنفسه وأوقع التجارة بالعين الخارجي، فتصحيحهما فيالموردين بالإجازة محلّ إشكال، بل يقع باطلاً في الجميع في الأوّل، وبالنسبة فيالثاني.
وإن أوقع التجارة بالذمّة وأدّي من المعزول أو النِّصاب، يكون ضامناً والربح له،إلاّ إذا أراد الأداء بهما حال إيقاع التجارة؛ فإنّه حينئذٍ محلّ إشكال1.
1ـ قد وردت في هذا المجال رواية علي بن أبي حمزة، عن أبيه ـ الظاهر أنّههو أبو حمزة الثمالي ـ عن أبي جعفر عليهالسلام قال: سألته عن الزكاة تجب عليّ فيمواضع لا تمكنني أن اُؤدّيها؟ قال: أعزلها، فإن اتّجرت بها فأنت لها ضامن ولهالربح، وإن تَوِيَتْ ـ أي هلكت ـ في حال ما عزلتها من غير أنتشغلها في تجارةفليس عليك شيء، فإن لم تعزلها فاتّجرت بها في جملة مالك فلها بقسطها منالربح ولا وضيعة عليها(1).
ولكنّ الرواية ضعيفة، مضافاً إلى الإرسال بجهالة بعض رواتها، إلاّ أنّهمطابقة لمقتضى القاعدة؛ فإنّك عرفت(2) أنّ العزل يوجب التعيّن، فيكونالمعزول مال الغير وفي يده أمانة لا يضمنها إلاّ مع التعدّي أو التفريطأو التأخير مع وجود المستحقّ، على ما دلّت عليه بعض الروايات.
وحينئذٍ يحتاج إلى إجازة ولّي الأمر لو كان الاتّجار لمصلحة الزكاة. وكذ
- (1) الكافي 4: 60 ح2، وعنه وسائل الشيعة 9: 307، كتاب الزكاة، أبواب المستحقّين للزكاة ب52 ح3.
(صفحه307)
الاتّجار بالنصاب قبل إخراج الزكاة منه، إلاّ أن يقال: إنّ صدور الإجازة منولّي الأمر وكون الاتّجار لمصلحة الزكاة لا يقتضي توزيع الربح والخسرانبالنحو المذكور؛ ضرورة أنّه قد تقتضي المصلحة الاتّجار بالزكاة المعزولةـ ولو كان فيه خسران ـ خوفاً من الضياع أو السرقة ونحوهما، فلابدّ أنيقالبأنّ الشهرة موافقة للرواية، وبها يجبر ضعف سندها، وإلاّ لا يبقى مجال لهذالتفصيل، هذا إذا كان الاتّجار لمصلحة الزكاة.
وأمّا إذا كان الاتّجار لنفسه، فتارة: يوقع التجارة بالعين الخارجيّةالشخصيّة؛ وهي شخص الزكاة المعزولة، أو خصوص النصاب. واُخرى:بالذمّة، غاية الأمر يؤدّي ما في الذمّة من المعزولة، أو خصوص النصاب،وثالثة: يريد الأداء بهما حال إيقاع التجارة، وجعل التصحيح في الموردينمحلّ إشكال؛ نظراً إلى عدم ثبوت ولاية للحاكم على هذا النحو من الإجازةمع كون الاتّجار واقعاً لنفسه، بل تقع باطلة في الزكاة المعزولة بأجمعها، وفيالنصاب بنسبة الزكاة.
وأمّا الفرض الثاني، الذي يريد التجارة في الذمّة، غاية الأمر أنّه في مقامالأداء يؤدّي منهما، فلا إشكال في ثبوت الضمان عليه بالإضافة إليه. وأمّالمعاملة، فالظاهر أنّه لا مانع منها إلاّ إذا أراد حين الايقاع الأداء منهما،فقد استشكل في خصوص هذه الصورة، كما إذا دخل الحمّام الذي هو ملكللغير وأراد الاغتسال للجنابة، ونوى دفع الاُجرة من الحرام؛ فإنّ صحّةغسله حينئذٍ محلّ إشكال.
(صفحه308)
مسألة 10: يجوز نقل الزكاة من بلده؛ سواء وجد المستحقّ في البلد أم لا،ولو تلفت يضمن في الأوّل دون الثاني، كما أنّ مؤونة النقل عليه مطلقاً1.
1ـ أمّا أصل الجواز، فلعدم الدليل على العدم، خصوصاً مع ملاحظة عدملزوم البسط على الأصناف، وإمكان كون من في خارج البلد ذات فضيلة.وأمّا الضمان مع وجود المستحقّ في البلد؛ فلدلالة صحيحة محمّد بن مسلمالمتقدّمة(1) عليه، الدالّة على أنّه إذا وجد لها موضعاً فلم يدفعها إليه فهو لهضامن حتّى يدفعها إلخ.
وقد استدللنا بهذه الصحيحة على ثبوت الضمان في هذه الصورة في فرضالعزل الجائز كما تقدّم(2)، وقلنا بأنّه لا منافاة بين الجواز والضمان.
وأمّا كون مؤونة النقل عليه، ففي صورة وجود المستحقّ في بلده واضح؛لأنّه لا وجه للحمل في هذه الصورة، خصوصاً مع ثبوت الضمان. وأمّا فيصورة العدم، فمن الواضح: أنّ الزكاة كالدين يجب الإيصال إلى صاحبه،والمؤونة خارجة عنهما، كما لا يخفى.
(صفحه309)
مسألة 11: لو قبض الفقيه الزكاة بعنوان الولاية على أخذها، برئت ذمّة المالكوإن تلفت عنده بتفريط أو غيره، أو أعطى غير المستحقّ اشتباهاً، وإذا قبضهبعنوان الوكالة عن المالك، لم تبرأ ذمّته إلاّ بعد الدفع إلى المحلّ2.
1ـ تارة: يقبض الفقيه الزكاة بعنوان الولاية الثابتة للفقيه الجامع للشرائط،واُخرى: يقبضها بعنوان الوكالة التي لا تختصّ به، ففي الصورة الاُولى ـ التيعرفت(1) أنّه الأحوط الأولى؛ لأنّه أعرف بمواقعها، بل يجب في صورة الحكملمصلحة الإسلام أو المسلمين ـ تبرأ ذمّة المالك بمجرّد الدفع إليه وإن تلفتعنده، أو أعطى غير المستحقّ اشتباهاً؛ لأنّه لا مجال لعدم البراءة مع هذهالخصوصيّة، وفي الصورة الثانية هو بمنزلة المالك، ولا تبرأ ذمّته إلاّ بعدالصرف في المصرف والوصول إلى أهله، وهو واضح.
(صفحه310)
مسألة 12: اُجرة الكيّال والوزّان والكيل ونحو ذلك على المالك1.
مسألة 13: من كان عليه أو في تركته الزكاة وأدركه الموت، يجب عليهالإيصاء بإخراجها من تركته، وكذا سائر الحقوق الواجبة. ولو كان الورّاثمستحقّين جاز للوصيّ أداؤها إليهم من مال الميّت، وكذا جاز أخذها لنفسه معالاستحقاق وعدم انصرافٍ في الوصيّة إلى أدائها إلى الغير. ويُستحبّ دفع شيءمنها إلى غير الوارث إذا أراد دفعها إليه2.
1ـ الظاهر أنّ الوجه في ذلك ـ أي ثبوت اُجرة المذكورين على المالك ـ هو:أنّ لحاظ الكيل والوزن تكون العمدة فيهما رعاية مصلحة المالك في عدم دفعالزائد على المقدار من الزكاة الواجبة عليه. نعم، يعتبر الاطمئنان بعدم نقصالمقدار المدفوع عن الزكاة، لكن لا يعتبر العلم بالتساوي.
فلو دفع المالك من الاُمور المتعلّقة للزكاة مقداراً يعلم بزيادته على الزكاةالواجبة، فلا مانع منه وإن كان لا يعلم مقدار الزيادة؛ لأنّ ذلك باختيارهورضاه، فرعاية مصلحة المالك أوجبت الافتقار إلى الكيل أو الوزن، فاللازمأن تكون الاُجرة عليه، كما لا يخفى.
2ـ من كان يجب عليه الزكاة، أو كانت في تركته الزكاة ولو كانت متعلّقةبالغير، كما إذا كان وكيلاً عنه في ذلك ولم يؤدّها، وقد شاهد آثار الموت، يجبعليه الإيصاء بإخراجها من تركته. وظاهر إطلاقه أنّه لا فرق بين صورة علمالوارث بذلك مع قطع النظر عن الإيصاء، وعدم علمه. وهكذا سائر الحقوقالواجبة كالخمس والكفّارات؛ للزوم تفريغ الذمّة عقلاً بأيّ نحو أمكن؛بالمباشرة أو التوكيل أو الإيصاء.