(صفحه 167)
ويقع الكلام في زكاة الغلاّت في مطالب:
المطلب الأوّل
يعتبر فيها أمران:
الأوّل: بلوغ النصاب، وهو خمسة أوسق، والوسق ستّون صاعاً، فهو ثلاثمائةصاع، والصاع تسعة أرطال بالعراقي وستّة بالمدني؛ لأنّه أربعة أمداد، والمدّ رطلانوربع بالعراقي، ورطل ونصف بالمدني، فيكون النصاب ألفين وسبعمائة رطلبالعراقي، وألفاً وثمانمائة رطل بالمدني، والرِّطل العراقي مائة وثلاثون درهمعبارة عن أحد وتسعين مثقالاً شرعيّاً وثمانية وستّين مثقالاً وربع مثقال صيرفيّ،وبحسب حُقّة النجف ـ التي هي عبارة عن تسعمائة وثلاثة وثلاثين مثقالاً صيرفيّوثلث مثقال ـ ثماني وزنات وخمس حُقق ونصف إلاّ ثمانية وخمسين مثقالاً وثلثمثقال.
وبحُقّة الاسلامبول ـ وهي مائتان وثمانون مثقالاً ـ سبع وعشرون وزنة وعشرحُقق وخمسة وثلاثون مثقالاً، وبالمنّ الشاهي المتداول في بعض بلاد إيران ـ الذيهو عبارة عن ألف ومائتي مثقال وثمانين مثقالاً صيرفيّاً ـ مائة منّ وأربعة وأربعونمنّاً إلاّ خمسة وأربعين مثقالاً صيرفيّاً، وبالمنّ التبريزي المتداول في بعض بلادإيران مائتان وثمانية وثمانون منّاً إلاّ خمسة وأربعين مثقالاً صيرفيّاً، وبالكيلوالمتعارف في هذا العصر (207/847) تقريباً، فلا زكاة في الناقص عن النصابولو يسيراً، كما أنّه تجب في النصاب ومازاد عليه ولو يسيراً1.
1ـ العمدة في هذا المجال إقامة الدليل على اعتبار بلوغ النصاب؛ وهو خمسة
(صفحه168)
أوسق، ويدلّ عليه الروايات الكثيرة:
منها: صحيحة سعد بن سعد الأشعري قال: سألت أبا الحسن عليهالسلام عن أقلّما تجب فيه الزكاة من البرّ، والشعير، والتمر، والزبيب؟ فقال: خمسة أوساقبوسق النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقلت: كم الوسق؟ قال ستّون صاعاً، قلت: وهل على العنبزكاة، أو إنّما تجب عليه إذا صيّره زبيباً؟ قال: نعم، إذا خرصه أخرج زكاته(1).
ومنها: رواية صفوان بن يحيى وأحمد بن محمّد بن أبي نصر جميعاً قالا:ذكرنا له الكوفة وما وضع عليها من الخراج، فقال: من أسلم طوعاً تركتأرضه في يده ـ إلى أن قال: ـ وليس في أقلّ من خمسة أوساق شيء منالزكاة(2).
ومنها: صحيحة زرارة، عن أبي جعفر عليهالسلام قال: ما أنبتت الأرض منالحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب ما بلغ خمسة أوساق، والوسق ستّون صاعاً،فذلك ثلاثمائة صاع، إلى آخر الحديث(3).
ومنها: صحيحة عبيد اللّه بن علي الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال: ليسفيما دون خمسة أوساق شيء، والوسق ستّون صاعاً(4).
ومنها: رواية سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال: ليس في النخل
- (1) الكافي 3: 514 ح5، وعنه وسائل الشيعة 9: 175، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الغلاّت ب1 ح1.
- (2) الكافي 3: 512 ح2، تهذيب الأحكام 4: 38 ح96، وص118 ح341، الاستبصار 2: 25 ح73، وعنهوسائل الشيعة 9: 175، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الغلاّت ب1 ح2.
- (3) تهذيب الأحكام 4: 13 ح34، الاستبصار 2: 14 ح40، وعنهما وسائل الشيعة 9: 176، كتاب الزكاة، أبوابزكاة الغلاّت ب1 ح5.
- (4) تهذيب الأحكام 4: 18 ح48، الاستبصار 2: 18 ح54، وعنهما وسائل الشيعة 9: 177، كتاب الزكاة، أبوابزكاة الغلاّت ب1 ح6.
(صفحه 169)
صدقة حتّى يبلغ خمسة أوساق، والعنب مثل ذلك حتّى يكون خمسة أوساقزبيباً(1).
ومنها: رواية زرارة وبكير، عن أبي جعفر عليهالسلام قال: وأمّا ما أنبتت الأرضمن شيء من الأشياء فليس فيه زكاة إلاّ في أربعة أشياء: البرّ، والشعير، والتمر،والزبيب، وليس في شيء من هذه الأربعة الأشياء شيء حتّى تبلغ خمسةأوساق؛ والوسق ستّون صاعاً؛ وهو ثلاثمائة صاع بصاع النبيّ صلىاللهعليهوآله .
فإن كان من كلّ صنف خمسة أوساق غير شيء وإن قلّ، فليس فيه شيء،وإن نقص البرّ، والشعير، والتمر، والزبيب، أو نقص من خمسة أوساق صاعأو بعض صاع فليس فيه شيء، فإذا كان يعالج بالرشاء والنضح والدلاء، ففيهنصف العشر، وإن كان يسقى بغير علاج بنهر أو غيره أو سماء، ففيه العشرتامّاً(2).
ومنها: غير ذلك من الروايات(3) الواردة في هذا المجال.
وقد انقدح لك اعتبار بلوغ النصاب في وجوب زكاة الغلاّت أيضاً أوّلاً،وكونه عبارة عن خمسة أوساق ثانياً(4)، وقد وقع التصريح في بعض الرواياتالمتقدّمة بأنّها عبارة عن ثلاثمائة صاع؛ لأنّ كلّ وسق ستّون صاع.
- (1) تهذيب الأحكام 4: 18 ح46، الاستبصار 2: 18 ح52، وعنهما وسائل الشيعة 9: 178، كتاب الزكاة، أبوابزكاة الغلاّت ب1 ح7.
- (2) تهذيب الأحكام 4: 19 ح50، وعنه وسائل الشيعة 9: 177، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الغلاّت ب1 ح8 .
- (3) وسائل الشيعة 9: 175 ـ 179، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الغلاّت ب1.
- (4) وهو مجمع عليه، كما في مسائل الناصريّات: 285، وغنية النزوع: 121، ومنتهى المطلب 8 : 189 ـ 190،ومدارك الأحكام 5: 131، ومفاتيح الشرائع 1: 190 مفتاح215، وص201 مفتاح30، وغيرها، فليراجعمفتاح الكرامة 11: 310، ورياض المسائل 5: 99، وجواهر الكلام 15: 352.
(صفحه170)
والتحقيق في كونه من الرطل العراقي أيّ مقدار، ومن الرطل المدني أيّمقدار، وكذا في المثقال الشرعي والصيرفي، وكذا في المعيار بحسب حقّة النجف،وحقّة الاسلامبول، وكذا بحسب المنّ الشاهي، والمنّ التبريزي الذي هو ضعفالمنّ الشاهي، وكذا بحسب الكيلو ما ذكر في المتن.
(صفحه 171)
مسألة 1: المدار في بلوغ النصاب ملاحظة حال الجفاف وإن كان زمان التعلّققبل ذلك، فلو كان عنده خمسة أوسق من الرطب لكن ينقص عنها حال الجفاف،فلا زكاة، حتّى أنّ مثل البربن وشبهه ـ ممّا يؤكل رطباً ـ إنّما تجب الزكاة فيه إذا بلغالنصاب تمراً وإن قلّ التمر منه، ولو فرض عدم صدق التمر على يابسه لم تجبالزكاة1.
1ـ المدار في بلوغ النصاب ملاحظة حال الجفاف وإن كان زمان تعلّقالوجوب قبل ذلك، وتظهر الثمرة الكثيرة في الغلاّت الأربع بالإضافةإلىالرطب والكرم والعنب؛ فإنّ اختلافهما مع التمر والزبيب فاحش جدّاً،فلو كان عنده خمسة أوسق من الرطب، لكن ينقص عنها حال الجفاف،فلاتجب الزكاة؛ ويدلّ على ذلك من الروايات المتقدّمة ـ مضافاً إلى عدم صدقمثل التمر والزبيب إلاّ على اليابس، وقد جعلا بهذا العنوان متعلّقاً للزكاة صريح رواية سعد بن سعد الأشعري، التي وقع فيها السؤال عن ذلك، وظاهررواية سليمان بن خالد، وبعض الروايات الاُخر.
والتحقيق الدقيق يقضي بدلالة مثل رواية سعد على تعلّق الزكاة بعنوانالعنب وإن لم يكن معدوداً من الاُمور السابقة(1) المذكورة في الرواياتالحاصرة، خصوصاً مع التصدير بكلمة الحصر، وذلك يتوقّف على أمرين لابدّمن الدقّة فيهما:
أحدهما: كون بلوغ العنب زبيباً وصيرورته كذلك، كأنّ وجوب الزكاةوثبوته فيه كان معلوماً عند السائل، ولذا جعل الزبيب من الاُمور المتعلّقة