(صفحه 171)
مسألة 1: المدار في بلوغ النصاب ملاحظة حال الجفاف وإن كان زمان التعلّققبل ذلك، فلو كان عنده خمسة أوسق من الرطب لكن ينقص عنها حال الجفاف،فلا زكاة، حتّى أنّ مثل البربن وشبهه ـ ممّا يؤكل رطباً ـ إنّما تجب الزكاة فيه إذا بلغالنصاب تمراً وإن قلّ التمر منه، ولو فرض عدم صدق التمر على يابسه لم تجبالزكاة1.
1ـ المدار في بلوغ النصاب ملاحظة حال الجفاف وإن كان زمان تعلّقالوجوب قبل ذلك، وتظهر الثمرة الكثيرة في الغلاّت الأربع بالإضافةإلىالرطب والكرم والعنب؛ فإنّ اختلافهما مع التمر والزبيب فاحش جدّاً،فلو كان عنده خمسة أوسق من الرطب، لكن ينقص عنها حال الجفاف،فلاتجب الزكاة؛ ويدلّ على ذلك من الروايات المتقدّمة ـ مضافاً إلى عدم صدقمثل التمر والزبيب إلاّ على اليابس، وقد جعلا بهذا العنوان متعلّقاً للزكاة صريح رواية سعد بن سعد الأشعري، التي وقع فيها السؤال عن ذلك، وظاهررواية سليمان بن خالد، وبعض الروايات الاُخر.
والتحقيق الدقيق يقضي بدلالة مثل رواية سعد على تعلّق الزكاة بعنوانالعنب وإن لم يكن معدوداً من الاُمور السابقة(1) المذكورة في الرواياتالحاصرة، خصوصاً مع التصدير بكلمة الحصر، وذلك يتوقّف على أمرين لابدّمن الدقّة فيهما:
أحدهما: كون بلوغ العنب زبيباً وصيرورته كذلك، كأنّ وجوب الزكاةوثبوته فيه كان معلوماً عند السائل، ولذا جعل الزبيب من الاُمور المتعلّقة
(صفحه172)
للزكاة في عبارته قبل ذلك.
ثانيهما: تغيير التعبير في كلام الإمام عليهالسلام بعد سؤاله عن التعلّق بالعنب؛ فإنّالسائل سأل عن تعلّق الزكاة بالعنب بصورة قضيّة شرطيّة مرجعها إلى أنّههل يتعلّق الزكاة بالعنب بعد صيرورته عند صاحبه زبيباً؟ والجواب بـ «نعم»كان مشروطاً ببلوغ خرصه النصاب المعتبر في جميع الغلاّت الأربع.
والخرص: بمعنى التقدير بالظنّ والتخمين، ومرجعه إلى التعلّق بالعنب إذبلغ خرصه النصاب، كما في بيع الثمرة على الشجرة المذكور في بيع الثمار، وأنّهيكتفى بالتقدير بالظنّ والتخمين. والتقدير المذكور غير كاف في مقدار النصابفي الغلاّت وغيره، إلاّ إذا كان مقروناً بالظنّ الاطمئناني الذي يعامل معهمعاملة اليقين.
ويؤيّد ما ذكرنا أنّ السيّد في العروة ذكر في مثل المسألة كلمة «العنب»(1).وقام بعض الأعلام قدسسره في شرحه بإثباته؛ وأنّ للعنب خصوصيّة مستفادة منالروايات(2). لكنّ الذي يبعّده عدم كون العنب مذكوراً في الروايات(3)الحاصرة بوجه، فتدبّر.
ثمّ إنّ الصحيحة دالّة على ثبوت الزكاة في العنب في الجملة. لكن يقع الكلامفي جريان الحكم بالنسبة إلى جميع أقسام العنب وأنواعه، أم يختصّ بما إذا كانالعنب صالحاً لصيرورته زبيباً.
- (1) العروة الوثقى 2: 106 مسألة2658.
- (2) المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 23: 322 ـ 323، والمراد من الروايات هيالروايات المتقدّمة في المسألة السابقة.
(صفحه 173)
فإنّ المحكي عن بعض أهل الخبرة أنّ قسماً من أقسام العنب الموجود فيبعض بلاد إيران لا يكون صالحاً لذلك بوجه، والمحكيّ عن الميرزا القمّي فيجامع شتاته، وبعض المتأخّرين من الفقهاء بعده(1)، تعلّق الزكاة به أيضاً،والظاهر هو الثاني؛ لدلالة الصحيحة على اعتبار إمكان التخريص زبيباً،والمستفاد منه أنّ ما لا يقبل لا يتعلّق به الزكاة.
ثمّ إنّ مثل البربن وشبهه من الدقل ـ كما في العروة(2) ممّا يؤكل عادة رطباً يجري فيه ما ذكر؛ من أنّه إنّما تجب الزكاة فيه إذا بلغ النصاب تمراً وإن قلّ التمرمنه؛ لما ذكر من تعارف أكله رطباً؛ لأنّ المدار هو عنوان التمر كما عرفت،ولو فرض عدم صدق التمر على يابسه أصلاً لا تجب الزكاة فيه؛ لعدم الصدق.
- (1) جامع الشتات 1: 160 مسألة323، المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 23: 326.
- (2) العروة الوثقى 2: 106 مسألة2260.
(صفحه174)
مسألة 2: إذا كان له نخيل أو كروم أو زروع في بلاد متباعدة ـ يدرك بعضها قبلبعض ولو بشهر أو شهرين أو أكثر ـ يضمّ بعضها إلى بعض بعد أن كانت الثمرتان لعامواحد، وحينئذٍ إن بلغ ما أدرك منه النصاب تعلّق الوجوب به وأخرج ما هو فريضته،وما لم يدرك يجب ما هو فريضته عند إدراكه قلّ أو كثر، وإن لم يبلغ النصاب ما سبقإدراكه تربّص حتّى يدرك ما يكمل النصاب، ولو كان له نخل يطلع، أو كرم يُثمر فيعام مرّتين، ضمّ الثاني إلى الأوّل على إشكال1.
1ـ إذا كانت له أشجار من نخل، أو أشجار من كرم أو زروع ـ ولو في بلادمتباعدة مختلفة من حيث الهواء حرّاً وبرداً، أو من جهات اُخر، ويدرك بعضهقبل بعض ولو مع فصل شهر أو شهرين أو أكثر ـ فاللازم ضمّ البعضإلىالبعض إن كانت الثمرتان لعام واحد.
وحينئذٍ إن بلغ ما أدرك منه النصاب تعلّق الوجوب به؛ لبلوغ النصابوأخرج ما هو فريضته، وما لم يدرك يجب ما هو فريضته عند إدراكه قلّأو كثر وإن كان بمقدار لا يبلغ النصاب؛ لأنّ المفروض بلوغ النصاب قبله،بالغاً بنفسه الحدّ المذكور، أم لا.
والظاهر أنّ وجه الإشكال أنّه لا يعتبر الحول في تعلّق الزكاة بالغلاّت،خصوصاً مع أنّ أكثرها لا يحصل في كلّ عام إلاّ مرّة واحدة، وحينئذٍ لادليلعلى جواز الضمّ فيما إذا كان في عام مرّتين، كما لا يخفى.
(صفحه175)
الأمر الثاني: التملّك بالزراعة إن كان ممّا يزرع، أو انتقال الزرع، أو الثمرة ـ معالشجرة أو منفردة ـ إلى ملكه قبل تعلّق الزكاة، فتجب عليه الزكاة على الأقوى فيمإذا نمت مع ذلك في ملكه، وعلى الأحوط في غيره1.
1ـ الأمر الثاني من الأمرين المعتبرين في تعلّق الزكاة بالغلاّت هو كونهمالكاً للزراعة إن كان ممّا يزرع، إمّا بسبب كونه هو الزارع حقيقة، أو انتقالالزرع إليه بالإرث أو الصلح أو نحوهما، وكونه مالكاً للثمرة في غير مايزرع،إمّا مع الشجرة أو بدونها، والوجه في اعتبار هذا الأمر واضح؛ ضرورة أنّالمخاطب بالزكاة هو المالك دون غيره، ولأجله يحتمل أن تكون الشركةحقيقيّة.
فإذا صار مالكاً وكانت ملكيّته قبل تعلّق الزكاة، ففي المتن قد فصّل بينما إذا نمت مع ذلك في ملكه فقوّى وجوب الزكاة، وبين ما لم يكن كذلكفقد احتاط فيه.
ووجه التفصيل: أمّا القوّة في الصورة الاُولى فواضحة؛ لأنّه ـ مضافإلىكون ملكيّته قبل تعلّق الزكاة ـ فقد تحقّق النماء في ملكه أيضاً، فلا يكون فيالبين نقص متصوِّر. وأمّا الاحتياط في الصورة الثانية، فلأجل أنّ الملكيّةوإنكانت قبل تعلّق الزكاة، إلاّ أنّ المفروض أنّه في هذه الصُوَر لم يتغيّر شيءعنده، ولكن مقتضى الاحتياط هو دفع الزكاة، كما لا يخفى.