(صفحه204)
ـ الدالّة على ثبوت الزكاة في غير الخراج ـ لا يمكن دعوى الاختصاصبالخراج الاصطلاحي غير الشامل للمقاسمة.
ومن هنا يظهر أنّ المراد بالكلمتين أمر واحد؛ وهو ما يأخذه السّلطان،سواء كان من عين الحاصل، أو النقد، أو غيرهما، كما لا يخفى، ويمكن حملالروايتين المتعارضتين على التفصيل المذكور في المتن.
الثالث: ما يأخذه العمّال ظلماً زائداً على ما قرّره السّلطان، وقد فصّل فيهأيضاً بين الأخذ من نفس الغلّة قهراً، فحينئذٍ يكون الظلم وارداً على الكلّ،ولا وجه لضمان المالك لحصّة الفقراء بعد توجه الظلم إلى المجموع، وإنأخذومن غير الغلّة، فقد احتاط بعدم الاحتساب على الفقراء، خصوصاً إذا كانالظلم شخصيّاً، بل نفى فيه خلوّ عدم الجواز عن القوّة.
والوجه في ذلك فيما إذا كان الظلم شخصيّاً متوجّهاً إلى المالك؛ لفرضالتوجّه إليه فقط. وأمّا وجه الاحتياط في غيره أيضاً فواضح؛ لأنّ الأخذ منغير الغلّة يوجب عدم الارتباط بالفقراء، وسيأتي إن شاء اللّه في هذا المجالكلام.
الرابع: أنّ ما يأخذه السّلطان إنّما يعتبر إخراجه من حيث الزكاة؛ بمعنى أنّهيخرج أوّلاً ثمّ يؤدّي العشر أو نصفه ممّا بقي. وأمّا بالإضافة إلى اعتبار النصابولزوم رعايته في وجوب الزكاة، فقد فصّل فيه بين ما إذا كان المضروب علىالأرض بعنوان المقاسمة الاصطلاحيّة، فلا إشكال في أنّ اعتباره بعده؛ بمعنىأنّه يلاحظ النصاب في خصوص حصّته، لا في المجموع منها ومن حصّةالسّلطان؛ والوجه فيه واضح.
(صفحه 205)
ولو كان بغير عنوان المقاسمة الكذائيّة، فقد احتاط فيه لو لم يكن الأقوىبالاعتبار قبل إخراج حصّة السّلطان؛ والسرّ فيه ما عرفت من توجّه الظلماليه، ولا ارتباط للفقير في ذلك.
(صفحه206)
مسألة 1: الظاهر عدم اختصاص حكم الخراج بما يأخذه السّلطان المخالف،المدّعي للخلافة والولاية على المسلمين بغير استحقاق، بل يعمّ سلاطين الشيعةالذين لا يدّعون ذلك، بل لا يبعد شموله لكلّ مستول على جباية الخراج حتّىفيماإذا لم يكن سلطان؛ كبعض الحكومات المتشكّلة في هذه الأعصار، وفي تعميمالحكم لغير الأراضي الخراجيّة ـ مثل ما يأخذه الجائر من أراضي الصلح، أو التيكانت مواتاً فتملّكت بالإحياء ـ وجه لا يخلو من قوّة1.
1ـ في هذه المسألة فرعان:
الأوّل: أنّه استظهر في المتن أنّه لا يختصّ حكم الخراج بما يأخذه السّلطانالمخالف المدّعي للخلافة والولاية على المسلمين بغير استحقاق، كما هو الشأنفي السلاطين في عصر الأئمّـة عليهمالسلام ؛ من الأمويّين والمروانيّين والعبّاسيّين، بليعمّ سلاطين الشيعة الذين لا يدّعون ذلك، كما تدلّ عليه صحيحة صفوان بنيحيى، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر المتقدّمة(1)، التي حكى الإمام عليهالسلام ما صنعهالرسول صلىاللهعليهوآله بخيبر، وما فعله بأهله، بل نفى البعد عن الشمول لكلّ مستول علىجباية الخراج حتّى فيما إذا لم يكن سلطان، كبعض الحكومات المتشكّلة فيهذه الأعصار.
والوجه فيه وحدة الملاك والمناط من دون أن يكون للسلطنة بعنوانهدخالة في ذلك، بل الملاك من يراه العرف متصدّياً للجباية، ويلزم عندهم أداءالخراج اليه كما لا يخفى.
الثاني: هل حكم الأراضي الخراجيّة بالإضافة إلى استثناء الخراج من
(صفحه207)
الزكاة ـ سواء كان السّلطان جائراً أو عادلاً ـ يعمّ أراضى الصلح والأراضيالمباحة المملوكة بالإحياء، التي يأخذ الجائر منها طبعاً شيئاً، أم لا؟ نفى فيالمتن خلوّ وجه التعميم عن القوّة؛ ولعلّ السرّ فيه ما عرفت(1) من وجهالاستثناء في الأراضي الخراجيّة؛ من لزوم أداء الخراج فيها عند العرف. وسائرالأراضي أيضاً كذلك.
(صفحه208)
وجه، لكنّ الأحوط خلافه. وفي احتساب ثمن الزرع والثمر إشكال، لا يبعد ···
مسألة 2: الأقوى اعتبار خروج المؤن جميعها؛ من غير فرق بين السّابقة علىزمان التعلّق واللاحقة، والأحوط ـ لو لم يكن الأقوى ـ اعتبار النصاب قبل إخراجها،فإذا بلغ النصاب تعلّق الزكاة به مع اجتماع سائر الشرائط، ولكن تخرج المؤن منالكلّ، ثمّ يخرج العشر أو نصف العشر من الباقي قلّ أو كثر. ولو استوعبت المؤونةتمام الحاصل فلا زكاة.
والمراد بالمؤونة: كلّ ما يغرمه المالك في نفقة هذه الثمرة ويصرفه في تنميتهوحفظها وجمعها، كالبذر، وثمن الماء المشترى لسقيها، واُجرة الفلاّح والحارثوالحارس والسّاقي والحصّاد والجذّاذ. واُجرة العوامل التي يستأجرها للزرع،واُجرة الأرض ولو كانت غصباً ولم ينو إعطاء اُجرتها لمالكها، ومايصرفه لتجفيفالثمرة وإصلاح النخل وتسطيح الأرض وتنقية النهر، بل وفي إحداثه لو كان هذالزرع والنخل والكرم محتاجاً إليه.
والظاهر أنّه ليس منها ما يصرفه مالك البستان مثلاً في حفر بئر، أو نهر، أو بناءدولاب، أو ناعور، أو حائط، ونحو ذلك ممّا يعدّ من مؤونة تعمير البستان، لا منمؤونة ثمرته.
نعم، إذا صرف ذلك مشتري الثمرة ونحوه لأجل الثمر الذي اشتراه أو ملكهبالإجارة، يكون من مؤونته، ولا يحسب منها اُجرة المالك إذا كان هو العامل،ولااُجرة المتبرّع بالعمل، ولا اُجرة الأرض والعوامل إذا كانت مملوكة له، بلالأحوط عدم احتساب ثمن العوامل والآلات ـ التي يشتريها للزرع والسّقي ممّا يبقى عينها بعد استيفاء الحاصل.
نعم، في احتساب ما يرد عليها من النقص بسبب استعمالها في الزرع والسّقي