(صفحه222)
مسألة 1: الأمطار العادية في أيّام السنة لا تُخرج ما يُسقى بالدوالي عن حكمه،إلاّ إذا استُغني بها عن الدوالي، أو صار مشتركاً بينهما1.
مسألة 2: لو أخرج شخص الماء بالدوالي على أرض مباحة مثلاً عبثأو لغرض، فزرعها آخر وشرب الزرع بعروقه، يجب العشر على الأقوى. وكذا إذأخرجه هو بنفسه لغرض آخر غير الزرع، ثمّ بدا له أن يزرع زرعاً يشرب بعروقه، بلوكذا إذا أخرجه لزرع، فزاد وجرى على أرض اُخرى، فبدا له أنيزرع فيها زرعيشرب بعروقه2.
1ـ قد مرّ آنفاً أنّ الأمطار العادية في أيّام السنة التي لا يوجب خروجالسقي عن كونه بالعلاج نوعاً، لا يوجب ترتّب حكم السقي بالأمطار الذي منالمصاديق الظاهرة للسقي بغير العلاج، وقد استثني منها صورتين:
إحداهما: الاستغناء بتلك الأمطار عن مثل الدوالي بالكليّة، بحيث صارمستنداً إليها فقط عرفاً.
ثانيتهما: ما إذا تحقّق الاستناد إلى كليهما وصار مشتركاً بينهما، فيترتّبعليهما حكمهما.
2ـ في هذه المسألة فروع مشتركة في الحكم:
الأوّل: ما لو أخرج شخص عبثاً أو لغرض، الماء بالدوالي على أرضمباحة مثلاً، ولكنّه لم يزرعها، بل زرعها آخر وشرب الزرع بعروقه من دونأن يسقيها الزارع الفعلي أصلاً، فالواجب كما قوّاه في المتن: العشر؛ لأنّ سقيالأرض وإن كان بالدوالي، إلاّ أنّ هذا الفعل كان مستنداً إلى الشخص الأوّلالذي لم يكن له غرض، أو كان غرضه غير ذلك. وأمّا الزارع، فلم يتحقّق منه
(صفحه223)
إلاّ الزرع والمصّ بالعروق، والمفروض كون الأرض مباحة وإن لم يتغيّر الحكمعلى تقدير العدم أيضاً، كما عرفت.
الثاني: ما إذا أخرجه هو بنفسه لغرض آخر غير الزرع، ثمّ بدا له أنيزرعزرعاً يشرب بعروقه، والحكم فيه مثل الفرع الأوّل؛ لأنّه وإن كان أخرجهبنفسه ـ والمفروض كونه هو الزارع ـ إلاّ أنّ هذا الزرع كان قد شرب بالعروقلا بالسقي المستند إليه، وهو من موارد وجوب العشر كما تقدّم(1).
الثالث: ما إذا أخرجه هو بنفسه لزرع، وكان السقي في ذلك الزرع مستندإلى الدوالى مثلاً، لكنّه لأجل الزيادة أو لغيرها جرى على أرض آخر، فبدا لهأن يزرع ذلك الأرض أيضاً، لكنّها لم تكن محتاجه إلى السقي مثل الأرضالاُولى، بل كان يشرب بعروقه لأجل جريان الماء منها إليها، ففي هذا الفرعأيضاً يجب العشر، كما لا يخفى.
(صفحه224)
أصناف المستحقّين للزكاة ومصارفه
القول في أصناف المستحقّين للزكاة ومصارفه
وهي ثمانية:
الأوّل والثاني: الفقراء والمساكين، والثاني أسوأ حالاً من الأوّل، وهم الذينلا يملكون مؤونة سنتهم اللائقة بحالهم ـ لهم ولمن يقومون به ـ لا فعلاً ولا قوّة، فمنكان ذا اكتساب يموّن به نفسه وعياله على وجه يليق بحاله، ليس من الفقراءوالمساكين، ولا تحلّ له الزكاة. وكذا صاحب الصنعة والضيعة وغيرهما ممّا يحصلبه مؤونته.
ولو كان قادراً على الاكتساب لكن لم يفعل تكاسلاً، فلا يتركالاحتياط بالاجتناب عن أخذها وإعطائها إيّاه، بل عدم الجواز لا يخلومن قوّة1.
1ـ المستحقّون للزكاة، فهي العناوين المذكورة في قوله ـ تعالى ـ : «إِنَّمَالصَّدَقَـتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَـكِينِ وَالْعَـمِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِىالرِّقَابِ وَالْغَـرِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ»(1)، وهل هم ثمانية كما هو
(صفحه225)
المشهور(1)، أم سبعة كما عن الشرائع(2)، بجعل الفقير والمسكين صنفاً واحداً.
ولكن ذكر في المتن أنّ المسكين أسوأ حالاً من الفقير، وهو بظاهره لايغنيعن جوع؛ لأنّه حينئذٍ لا احتياج إلى ذكر الثاني مع ذكر الأوّل، بل يدخل فيهبطريق أولى، وقدعرفت سابقاً(3) أنّالفقير والمسكين عنوانان إذا اجتمعا افترقوإذا افترقا اجتمعا، والظاهر ـ مع قطع النظر عن بعض الروايات الواردة فيهذا المجال ـ أنّ الفقير بمعنى الاحتياج ولو لم يكن هناك احتياج في المال، بل فيمثل الوجود، كقوله ـ تعالى ـ : «يَـآأَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَآءُ إِلَى اللَّهِ وَ اللَّهُ هُوَالْغَنِىُّ الْحَمِيدُ»(4)، لكن كثر استعماله في العرف العامّ في الفقر من حيث المال.
وأمّا عنوان المسكين، فمع قطع النظر عن استعماله في الآية المذكورة عطفعلى الفقير، يكون مقتضى التتبعّ في ظاهر الكتاب العزيز، أنّ المراد بهمايساوق الذلّة والاستضعاف ولو لم يكن هناك فقر ماليّ، خصوصاً مثلماورد في اليهود من قوله ـ تعالى ـ : «ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ»(5).
وماورد في قصّة السفينة من قوله ـ تعالى ـ : «أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْلِمَسَـكِينَ يَعْمَلُونَ فِى الْبَحْرِ»(6)، مع أنّ الملكيّة للسفينة لا تجتمع عادة مع الفقر.
- (1) الحدائق الناضرة 12: 155، مفتاح الكرامة 11: 431، رياض المسائل 5: 138، كتاب الزكاة (تراث الشيخالأعظم): 261 محاضرات في الفقه الإماميّة 2: 70، المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمامالخوئي 24: 1.
- (2) شرائع الإسلام 1: 159.
(صفحه226)
نعم، عملهم في البحر كان ملازماً عادة لحقارتهم واستضعافهم الموجبلعدم قدرتهم على منع الملك الذي يأخذ كلّ سفينة غصباً، وقد كثر استعمالالمساكين في الكتاب العزيز في كفّارة اليمين وغيرها من موارد متعدّدة(1).
ويمكن أن يقال في المقام ـ خصوصاً بلحاظ ما أشرنا إليه من الرواية ـ : إنّالمسكين هو الفقير الذي تكون شدّة فقره موجباً لتحمّله ذلّ السؤال وقبولحقارته وإن كان آبياً عن ذلك.
والرواية هي صحيحة محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام أنّه سأله عن الفقيروالمسكين؟ فقال: الفقير: الذي لا يسأل، والمسكين: الذي هو أجهد منه، الذييسأل(2).
والظاهر أنّ المراد من قوله عليهالسلام : «الذي يسأل» هو الذي كانت شدّة جهدهموجبة لما ذكرنا من تحمّل ذلّ السؤال، وإلاّ فهو أيضاً قد لا يسأل.
وفي رواية أبي بصير ليث المرادي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليهالسلام : قول اللّه ـ عزّوجلّ ـ : «إِنَّمَا الصَّدَقَـتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَـكِينِ»؟ قال: الفقير: الذي لا يسألالناس، والمسكين: أجهد منه، والبائس: أجهدهم، الحديث(3).
وقد فسّرهم في المتن بالذين لا يملكون مؤونة أنفسهم ومن يقومون بهـ اللاّئقة بحالهم ـ لا بالفعل ولا بالقوّة، وفرّع عليه أنّه من كان ذا اكتساب يموّن
- (1) سورة البقرة 2: 83 ، 177 و 215، سورة النساء 4: 8 و 36، سورة المائدة 5: 89 و 95، سورة الأنفال 8 : 41،سورة النور 24: 22.
- (2) الكافي 3: 502 ح18، وعنه وسائل الشيعة 9: 210، كتاب الزكاة، أبواب المستحقّين للزكاة ب1 ح2.
- (3) الكافي 3: 501 ح16، تهذيب الأحكام 4: 104 ح297، وعنها وسائل الشيعة 9: 210، كتاب الزكاة، أبوابالمستحقّين للزكاة ب1 ح3.