(صفحه 277)
مسألة 1: الممنوع إعطاؤه لواجبي النفقة هو ما كان من سهم الفقراء ولأجلفقرهم، وأمّا من غيره ـ كسهم الغارمين والمؤلّفة قلوبهم، وسبيل اللّه، والرقاب،وابن السبيل ـ فيما زاد على نفقته الواجبة في الحضر، فلا مانع منه إذا كانوا منمصاديقها على إشكال في الأخير، فيجوز للوالد إعطاء الزكاة ولده المشتغلبتحصيل العلم لما يحتاج إليه من الكتب العلميّة وغيرها من سهم سبيل اللّه1.
1ـ ما ذكرنا من اعتبار الأمر الثالث ـ الراجع إلى عدم جواز إعطاء الزكاةلمن تجب نفقته على المزكّي، من الأقارب والزوجة ـ إنّما هو فيما إذا أرادالإعطاء إليه بعنوان الفقير ومن سهم الفقراء؛ لعدم الملائمة بين الزكاة، وبينوجوب النفقة الذي مرجعه إلى رفع فقره بذلك، خصوصاً إذا أراد دفع الزكاةإليه دفعة واحدة لأجل جميع مؤونة سنته.
وأمّا إذا أراد الإعطاء من غير هذا السهم، وغير عنوان الفقير، كما إذا كانواجب النفقة من الغارمين، أو المؤلّفة قلوبهم، أو الرقاب، أو سبيل اللّه، كما إذأراد تزويجه، فلا مانع منه مع انطباق شيء من العناوين المذكورة عليه.
وأمّا ابن السبيل، فإن لوحظ بالإضافة إلى نفقته الواجبة في الحضر،فلايجوز الإعطاء منه كما مرّ، وإن لوحظ بالنسبة إلى مازاد على نفقته المزبورة،فقد استشكل فيه في المتن.
وأمّا سيد العروة، فقد جعل ابن السبيل مطلقاً في رديف سائر العناوينالمذكورة، ونفى المنع عن الإعطاء إلى الجميع من غير سهم الفقراء مطلقاً(1).ولعلّ وجه إشكال المتن أنّ اتّصاف ابن السبيل بكونه كذلك لا يكون أمراً غير
- (1) العروة الوثقى 2: 133 مسألة2740.
(صفحه278)
مشروع، خصوصاً على ما ذكرنا(1) من اعتبار أن لا يكون السفر للمعصيةوفيها.
وعليه: فيمكن أن يقال بوجوب نفقته عليه في السفر كما في الحضر، وهذمثل المرض الذي يعرضه ويحتاج إلى صرف المال للمعالجة.
ثمّ إنّه فرّع على أصل المسألة أنّه يجوز للوالد إعطاء زكاته إلى ولده المشتغلبتحصيل العلوم الحوزويّة لما يحتاج إليه من الكتب العلميّة، وفي هذا الزمانتكون الحاجة إلى كثير من الكتب، خصوصاً المتنوّعة منها، غاية الأمر أنّالإعطاء المذكور لا يكون من سهم الفقراء؛ لأنّ الولد واجب النفقة، بل منسهم سبيل اللّه والصرف في المصالح العامّة والاُمور الراجحة كذلك، فتدبّر.
(صفحه 279)
مسألة 2: يجوز دفع الزكاة إلى الزوجة الدائمة، التي سقط وجوب نفقتهبالشرط ونحوه كما مرّ. وأمّا إذا كان السقوط لأجل النشوز فيشكل الجواز؛ لتمكّنهمن تحصيلها بتركه. وكذا يجوز الدفع إلى المتمتَّع بها حتّى من زوجها. نعم، لو وجبعلى الزوج نفقتها من جهة الشرط، لا يجوز له أن يدفع إليها، ولالغيره مع يسار الزوجوكونه باذلاً1.
1ـ قد مرّ في أصل المسألة السابقة أنّه لا يجوز دفع الزكاة إلى الزوجة الدائمةـ لا من الزوج ولا من غيره ـ فيما إذا كان الزوج موسراً باذلاً؛ لأنّ نفقةالزوجة دين على الزوج بخلاف سائر النفقات، لكن هذا بالإضافة إلىمنلميسقط وجوب نفقتها بالشرط من الزوج عليها.
وأمّا إذا كان سقوط نفقتها لأجل النشوز، فقد استشكل في المتن في الجوازحينئذٍ، نظراً إلى التمكّن من تحصيل النفقة برفع اليد عن النشوز وتركه، وهذيرجع إلى تمكّنها من إزالة المانع الموجود، لا إيجاد المقتضى مع وصف الفقركما هو المفروض، فلا ينتقض بمثل المرأة القادرة على تحصيل الزواج الموجبلرفع فقرها، كما لا يخفى.
وأمّا الزوجة المتمتّع بها، فقد عرفت(1) أنّها لا تكون من مصاديق واجبيالنفقة، فيجوز على الزوج وعلى غيره دفع الزكاة إليها مع الشرائط. نعم،لو شرط في عقد النكاح ثبوت النفقة على الزوج، فلا يجوز له أن يدفع إليهالزكاة حينئذٍ، ولا لغيره مع كون الزوج موسراً باذلاً، كما مرّ.
(صفحه280)
الرابع: أن لا يكون هاشميّاً لو كانت الزكاة من غيره، أمّا زكاة الهاشمي فلابأسبتناولها منه، كما لا بأس بتناولها من غيره مع الاضطرار، ولكنّ الأحوط إن لم يكنالأقوى الاقتصار على قدر الضرورة يوماً فيوماً، كما أنّ الأحوط له اجتناب مطلقالصدقة الواجبة ولو كان بالعارض؛ وإن كان الأقوى خلافه.
نعم، لابأس بدفع الصدقات المندوبة إليهم. والمشكوك كونه هاشميّاً مع عدمبيّنة أو شياع بحكم غيره، فيُعطى من الزكاة. نعم، لو ادّعى كونه هاشميّاً لا تُدفع إليهمن جهة إقراره بعدم الاستحقاق، لا من جهة ثبوت مدّعاه بمجرّد دعواه، ولذلايُعطى من الخمس أيضاً بذلك ما لم تثبت صحّة دعواه من الخارج1.
1ـ اعتبار هذا الأمر ممّا قام عليه الإجماع(1)، بل عن الجواهر نفي وجدانالخلاف فيه بين المسلمين(2)، ويدلّ عليه روايات كثيرة:
منها: صحيحة عيص بن القاسم، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال: إنّ اُناساً من بنيهاشم أتوا رسول اللّه صلىاللهعليهوآله فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي وقالوا:يكون لنا هذا السهم الذي جعل اللّه ـ عزّ وجلّ ـ للعاملين عليها فنحن أولىبه، فقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآله : يا بني عبدالمطلّب (هاشم خ ل) إنّ الصدقة لاتحلّ ليولا لكم، ولكنّي قد وعدت الشفاعة ـ إلى أن قال: ـ أتروني مؤثراً عليكم
- (1) الانتصار: 221 ـ 222، الخلاف 4: 240 مسألة26، غنية النزوع: 124 ـ 125، المعتبر 2: 583، كشف الرموز1: 257، منتهى المطلب 8 : 371، تذكرة الفقهاء 5: 268، تحرير الأحكام 1: 411، نهاية الإحكام في معرفةالأحكام 1: 397، مدارك الأحكام 5: 250، الحدائق الناضرة 12: 215، مصابيح الظلام 10: 491، رياضالمسائل 5: 181، مستند الشيعة 9: 318، المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمامالخوئي 24: 179.
(صفحه281)
غيركم(1).
ومنها: صحيحة الفضلاء، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهماالسلام قالا: قالرسول اللّه صلىاللهعليهوآله : إنّ الصدقة أوساخ أيدي الناس، وإنّ اللّه قد حرّم عليّمنها ومن غيرها ما قد حرّمه، وإنّ الصدقة لا تحلّ لبني عبدالمطّلب،الحديث(2).
ومنها: صحيحة ابن سنان ـ يعني عبد اللّه ـ عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال: لا تحلّالصدقة لولد العبّاس، ولا لنظرائهم من بني هاشم(3).
ومقتضى إطلاق هذه الأخبار عدم جواز الصدقة لبني هاشم ولو كانالمعطي منهم، لكن هنا رواية تدلّ على التقييد؛ وهي:
موثّقة إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبد اللّه عليهالسلام عن الصدقةالتي حرّمت على بني هاشم ما هي؟ فقال: هي الزكاة، قلت: فتحلّ صدقةبعضهم على بعض؟ قال: نعم(4).
وفي مقابلها: رواية أبي خديجة سالم بن مكرم الجمّال، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام أنّه قال: اُعطوا الزكاة من أرادها من بني هاشم؛ فإنّها تحلّ لهم، وإنّما تحرم على
- (1) الكافي 4: 58 ح1، تهذيب الأحكام 4: 58 ح154، وعنهما وسائل الشيعة 9: 268، كتاب الزكاة، أبوابالمستحقّين للزكاة ب29 ح1.
- (2) الكافي 4: 58 ح2، تهذيب الأحكام 4: 58 ح155، الاستبصار 2: 35 ح106، وعنها وسائل الشيعة 9: 268،كتاب الزكاة، أبواب المستحقّين للزكاة ب29 ح2.
- (3) تهذيب الأحكام 4: 59 ح158، الاستبصار 2: 35 ح109، وعنهما وسائل الشيعة 9: 269، كتاب الزكاة،أبواب المستحقّين للزكاة ب29 ح3.
- (4) تهذيب الأحكام 4: 58 ح156، الاستبصار 2: 35 ح107، المقنع: 177، الكافي 4: 59 ح5، وعنها وسائلالشيعة 9: 275، كتاب الزكاة، أبواب المستحقّين للزكاة ب32 ح5.