(صفحه334)
لحظاته، بل يصدق ذلك بالدرك ولو بلحظة قبل الغروب، فيصحّ حينئذٍالاستدلال بالرواية، مع أنّ فيها إشكالاً من جهة الاشتمال على اليهودي،أو عليه وعلى النصراني؛ نظراً إلى عدم كون الإسلام معدوداً من الشرائطالمعتبرة في المسألة السّابقة، وقد تقرّر في محلّه من البحث في القواعد الفقهيّة(1)أنّ الكفّار مكلّفون بالفروع كما أنّهم مكلّفون بالاُصول. وعليه: فيمكنأن يكون عدم وجوب الفطرة عليهما لقاعدة الجبّ، وأنّ الإسلام يجبّما قبله(2)، لا لعدم إدراك الشهر، كما لا يخفى.
ثمّ إنّه لو صار الفاقد للشرائط كلاًّ أو بعضاً في الوقت المزبور واجداً للجميعبعد الغروب إلى ما قبل الزوال من يوم العيد يستحبّ إخراج الفطرة حينئذٍ؛لما رواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليهالسلام قال:
سألته عمّا يجب على الرجل في أهله من صدقة الفطرة؟ قال: تصدّق عنجميع من تعول من حرّ أو عبد أو صغير أو كبير من أدرك منهم الصلاة(3).والظاهر أنّ المراد هي صلاة العيد.
وفي مرسلة الشيخ قال: وقد روي أنّه إن ولد له قبل الزوال تخرج عنهالفطرة، وكذلك من أسلم قبل الزوال(4).
وحيث إنّ المراد هو الاستحباب؛ لما عرفت من اشتراط الوجوب بإدراكالشهر ولو لحظة منه، فالبحث في السنّد غير لازم، والإرسال غير قادح.
- (1) القواعد الفقهيّة للمؤلّف قدسسره 1: 323 ـ 341.
- (2) القواعد الفقهيّة للمؤلّف قدسسره 1:265 ـ 286.
- (3) الفقيه 2: 118 ح511، وعنه وسائل الشيعة 9: 329، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الفطرة ب5 ح6.
- (4) تهذيب الأحكام 4: 72 ح198، وعنه وسائل الشيعة 9: 353، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الفطرة ب11 ح3.
(صفحه 335)
مسألة 3: يجب على من استكمل الشرائط المزبورة إخراجها عن نفسه وعمّنيعوله؛ من مسلم وكافر وحرّ وعبد وصغير وكبير، حتّى المولود قبل هلال شوّالولو بلحظة. وكذا كلّ من يدخل في عيلولته قبله، حتّى الضيف وإن لم يتحقّق منهالأكل، مع صدق كونه ممّن يعوله وإن لم يصدق أنّه عياله، بخلاف المولود بعده،وكذا من دخل في عيلولته بعده، فلا تجب عليه فطرتهم. نعم، هي مستحبّة إذا كانما ذكر قبل الزوال من العيد1.
1ـ يجب على من استكمل الشرائط الأربعة المعتبرة المذكورة في المسائلالسّابقة إخراج زكاة الفطرة عن نفسه وعمّن يعوله؛ من دون فرق بين واجبالنفقة عليه وغيره؛ سواء كان مسلماً أو كافراً، حرّاً أو عبداً، صغيراً أو كبيراً،حتّى المولود قبل هلال شوّال وليلة العيد ولو بلحظة، كماعرفت في المسألةالسّابقة، ويدلّ عليه ـ مضافاً إلى أنّه لا خلاف فيه، بل هو إجماعيّ كما حكيعن جماعة، منهم: صاحب الجواهر(1) ـ طائفة من الروايات، مثل:
صحيحة صفوان الجمّال قال: سألت أبا عبد اللّه عليهالسلام عن الفطرة؟ فقال:على الصغير والكبير، والحرّ والعبد، عن كلّ إنسان منهم صاع، الحديث(2).
ويجمع هذه العناوين الاشتراك في العيلولة التي كان اعتبارها فيمن تجب
- (1) الخلاف 2: 130 مسألة157، غنية النزوع: 127، تذكرة الفقهاء 5: 375 ـ 376 مسألة282 و 283، منتهىالمطلب 8 : 432، مدارك الأحكام 5: 315، مفاتيح الشرائع 1: 215، الحدائق الناضرة 12: 266، رياضالمسائل 5: 207، مستند الشيعة 9: 389، المسألة الاُولى، جواهر الكلام 16: 190، وفي أمالي الصدوق:738 و 747، أنّه من دين الإماميّة.
- (2) الفقيه 2: 114 ح491، الكافي 4: 171 ح2، تهذيب الأحكام 4: 71 ح194، وص80 ح228، الاستبصار2: 46 ح149، وعنها وسائل الشيعة 9: 327، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الفطرة ب5 ح1.
(صفحه336)
عنه زكاة الفطرة كأنّه كان مفروغاً عنه عند السائل.
وصحيحة عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد اللّه عليهالسلام عن الرجل يكون عندهالضيف من إخوانه فيحضر يوم الفطر، يؤدّي عنه الفطرة؟ فقال: نعم، الفطرةواجبة على كلّ من يعول من ذكر أو اُنثى، صغير أو كبير، حرّ أو مملوك(1).
وغير ذلك من الروايات الدالّة عليه(2). وتطبيق عنوان العيال على الضيفالذي هو مورد السؤال بمنزلة العلّة المعمّمة والمخصّصة، فيدلّ على وجوبالفطرة عن الضيف الذي يعدّ عيالاً له، ولا يبعد أن لا يكون من مصاديقهالمدعوّون لخصوص الإفطار ليلة العيد، كما ربما يتد اول بل يعتبر أن يكونالضيف وارداً عليه محسوباً من عياله عرفاً، كما أنّه يعمّم الحكم بالإضافةإلىمن يعوله وإن لم ينطبق عليه عنوان الضيف.
وكيف كان، فالصحيحة ظاهرة في الوجوب بالإضافة إلى كلّ من يعولولو كان مملوكاً. ثمّ إنّ في الضيف أقوالاً متعدّدة للمتقدّمين والمتأخّرين،والمستفاد من الصحيحة ما ذكرنا.
- (1) الفقيه 2: 116 ح497، الكافي 4: 173 ح16، تهذيب الأحكام 4: 72 ح196، وص332 ح1041، وعنهوسائل الشيعة 9: 327، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الفطرة ب5 ح2.
- (2) وسائل الشيعة 9: 327 ـ 332، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الفطرة ب5.
(صفحه 337)
مسألة 4: من وجبت فطرته على الغير لضيافة أو عيلولة، سقطت عنه ولو كانغنيّاً جامعاً لشرائط الوجوب لو لا العيلولة. بل الأقوى سقوطها عنه وإن كانالمضيِّف والمعيل فقيراً وهو غنّي، والأحوط إخراجه عن نفسه لو علم بعدم إخراجالغير ـ الذي خوطب بها نسياناً أو عصياناً ـ وإن كان الأقوى عدم وجوبه، والأقوىوجوبها على الضيف إذا لم يصدق أنّه ممّن يعوله، لكن لا ينبغي للمضيِّف تركالاحتياط بالإخراج أيضاً مضافاً إلى إخراج الضيف1.
1ـ وجه السقوط عنه وضوح عدم ثبوت الزكاة في مورد واحد مرّتين،فإذا وجبت فطرته على الغير لأيّة جهة سقطت عنه ولو كان جامعاً لجميعالشرائط، خصوصاً الغني لو لا العيلولة، بل الأقوى كما في المتن سقوطها عنهوإن كان المضيِّف والمعيل فقيراً وهو غنيّ؛ لأنّه المخاطب بها والواجبة عليه،وهو خارج عن دائرة الوجوب.
نعم، مقتضى الاحتياط الاستحبابي الإخراج عن النفس لو علم بعدمإخراج الغير ـ الذي هو المخاطب ـ لأجل النسيان أو العصيان، وقد عرفتحكم الضيف، وأنّ الأقوال فيه وإن كانت مختلفة جدّاً ومتعدّدة كثرة، إلأنّ المستفاد من الصحيحة كما عرفت هو الوجوب؛ لأجل كونه من مصاديقمن يعوله.
وما أفاده في محكيّ الجواهر(1)؛ من أنّ الجواب عن السؤال إنّما هو قوله عليهالسلام «نعم»، الظاهر في الوجوب عند تحقّق عنوان الضيف، وما بعده جملة مستأنفةمستقلّة غير مرتبطة بالضيف، فبطلانه ظاهر، لكن في صورة وجوب الإخراجعلىالضيف نفسه يكونمقتضى الاحتياطالاستحبابي الإخراج للمضيِّف أيضاً.
- (1) جواهر الكلام 16: 194.
(صفحه338)
مسألة 5: الغائب عن عياله يجب عليه أن يخرجها عنهم، إلاّ إذا وكّلهم فيإخراجها من ماله وكانوا موثوقاً بهم في الأداء1.
مسألة 6: الظاهر أنّ المدار في العيال هو فعليّة العيلولة لا على وجوب النفقةوإن كان الأحوط مراعاة أحد الأمرين، فلو كانت له زوجة دائمة في عيلولة الغير،تجب على ذلك الغير فطرتها لا عليه، ولو لم تكن في عيلولة أحد تجب عليها معاجتماع الشرائط، ومع عدمه لا تجب على أحد. وكذا الحال في المملوك2.
1ـ يجب على الغائب عن عياله أن يخرج الفطرة عنهم؛ لعدم مدخليّةالحضور في توجّه التكليف بزكاة الفطرة، كزكاة المال على ما تقدّم(1) في بابمن غاب عن أمواله. وقد استدرك في المقام واستثنى ما إذا وكّل الغائب العيالأو بعضهم في الإخراج عن ماله بشرط كون الوكيل موثوقاً به وموردللاطمئنان بالإعطاء، كما لا يخفى.
2ـ النصّ والفتوى متطابقان على أنّ الملاك فيمن تجب عنه زكاة الفطرة هيالعيلولة، وقد عرفت صحيحة عمر بن يزيد الدالّة على بيان الضابطة، وعرفتأيضاً أنّ اشتراك العناوين المذكورة في الصحيحة الاُخرى إنّما هو في العيلولة،فاعلم أنّ المدار فيها على فعليّة العيلولة كما هو الشأن في جميع العناوينالمأخوذة في موضوعات الأحكام، لكن حيث إنّ العيال يكون في الغالب ممّنتجب نفقته، فمقتضى الاحتياط الاستحبابي مراعاة أحد الأمرين من العيلولةووجوب النفقة.