(صفحه354)
وقت وجوب زكاة الفطرة
القول في وقت وجوبه
وهو دخول ليلة العيد، ويستمرّ وقت دفعها إلى وقت الزوال، والأفضل بلالأحوط التأخير إلى النهار، ولو كان يصلّي العيد فلا يترك الاحتياط بإخراجها قبلصلاته، فإن خرج وقتها وكان قد عزلها دفعها إلى مستحقّها، وإن لم يعزلها فالأحوطعدم سقوطها، بل يؤدّي ناوياً بها القُربة من غير تعرّض للأداء والقضاء1.
1ـ قد وقع الاختلاف بينهم في مبدأ وقت الوجوب، فعن الفاضلين(1)والشهيد الثاني(2) وجملة من الفقهاء(3)، بل المنسوب إلى المشهور بينالمتأخّرين(4)، أنّها تجب بغروب شمس آخر يوم من شهر رمضان جامعللشرائط، ومرادهم من ذلك كما عرفت(5) إدراك شهر رمضان ولو لحظة قبل
- (1) شرائع الإسلام 1: 175، المعتبر 2: 611، قواعد الأحكام 1: 359، تذكرة الفقهاء 5: 391، نهاية الإحكامفي معرفة الأحكام 2: 440.
- (2) مسالك الأفهام 1: 451 ـ 452.
- (3) الجمل والعقود (الرسائل العشر): 209، الاقتصاد: 429، مصباح المتهجّد: 665، شرح جمل العلموالعمل: 267، الوسيلة: 131، السرائر 1: 469، منتهى المطلب 8 : 475، الدورس الشرعيّة1: 248، كفاية الفقه، المشتهر بـ «كفاية الأحكام» 1: 199، مفاتيح الشرائع 1: 219 مفتاح248.
- (4) الحدائق الناضرة 12: 297، مصابيح الظلام 10: 613.
(صفحه355)
دخول ليلة العيد، كما صرّح به الماتن قدسسره سابقاً(1).
وعن السيّد صاحب المدارك(2) وجماعة آخرين(3)، أنّ وقتها طلوع الفجرمن يوم العيد، وقد اختاره بعض الأعلام قدسسره في التعليق على العروة(4).
وربما يستدلّ للمشهور بما رواه معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام فيالمولود يولد ليلة الفطر واليهودي والنصراني يسلم ليلة الفطر، قال: ليسعليهم فطرة، وليس الفطرة إلاّ على من أدرك الشهر(5).
ونوقش في السند بالضعف من جهة أنّ الراوي عن معاوية بن عمّار هوعلي بن أبي حمزة البطائني الكذّاب المعروف(6)، ولكن يدفع المناقشة استنادالمشهور إلى هذه الرواية والفتوى على طبقها، بعد توضيح فتوى المشهوربإدراك شهر رمضان ولو لحظة منه، كما عرفت، والتعبير بالوجوب بغروبالشمس لا ينافيه بعد تحقّق الفصل ـ ولو كان قليلاً ـ بين الغروب والمغربالشرعيّ، كما تقرّر في محلّه(7).
والإشكال في الرواية بقصور الدلالة ـ نظراً إلى أنّها لا تدلّ على مبدأ وقت
- (2) مدارك الأحكام 5: 344.
- (3) المقنعة: 249، جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) 3: 80 ، الكافي في الفقه: 169، المراسمالعلويّة: 136، النهاية: 191، المبسوط 1: 242، المهذّب 1: 176، غنية النزوع: 127، كتاب الزكاة (تراثالشيخ الأعظم): 428.
- (4) المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 24: 463 ـ 464.
- (6) المناقش هو السيّد الخوئي قدسسره في المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 24: 461.
- (7) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الصلاة 1: 162 ـ 191.
(صفحه356)
الوجوب، ومن الممكن أن يكون الوقت طلوع الفجر مشروطاً بإدراكالشهر ـ بعيد عن المتفاهم العرفي جدّاً.
وأمّا صاحب المدارك، فقد استدلّ لمختاره بصحيحة العيص بن القاسم قال:سألت أبا عبد اللّه عليهالسلام عن الفطرة متى هي؟ فقال: قبل الصلاة يوم الفطر، قلت:فإن بقي منه شيء بعد الصلاة؟ قال: لا بأس، نحن نعطي عيالنا منه ثمّ يبقىفنقسّمه(1).
واُورد على هذا الاستدلال بوجهين:
أحدهما: أنّ السؤال عن الفطرة بنفسها وأنّها متى هي؟ ظاهر في عطائهوأدائها لا وجوبها، فهي ظاهرة في السؤال عن وقت الإخراج، لا عن زمانالوجوب الذي هو محلّ الكلام.
ثانيهما: أنّه لا دلالة لها على مدّعاه، بل مفادها أنّ مبدأه طلوع الشمسالذي هو أوّل اليوم، كما في سائر إطلاقات اليوم، مثل: يوم المزدلفة(2).
والإنصاف تماميّة الإيراد عليه بالوجه الأوّل، وأمّا الوجه الثاني، فلامجالللإيراد عليه به؛ لعدم دلالة الرواية على أنّ المبدأ اليوم.
وقد انقدح من جميع ما ذكرنا تماميّة الاستدلال للمشهور برواية معاويةابن عمّار، وأنّ صحيحة العيص متعرّضة لوقت الأداء والإخراج، ولأجلها نهىالماتن عن ترك الاحتياط بالأداء قبل الصلاة لمن كان يصلّي صلاة العيد.
وإن خرج وقتها، فتارة: قد عزلها كما في عزل زكاة المال، فالواجب إعطاء
- (1) تهذيب الأحكام 4: 75 ح212، الاستبصار 2: 44 ح141، وعنهما وسائل الشيعة 9: 355، كتاب الزكاة،أبواب زكاة الفطرة ب12 ح5.
- (2) المورد هو السيّد الخوئي في المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 24: 462.
(صفحه 357)
المعزول إلى المستحقّ للتعيّن فيه، واُخرى: لم يتحقّق منه عزل، فمقتضىالاحتياط اللازم عدم السقوط وإعطاؤها ناوياً بها القربة، من دون نيّة الأداءوالقضاء.
وما ذكرناه(1) في زكاة الأموال تبعاً لبعض الأعلام قدسسره (2)؛ من حصولالشركة في الماليّة، غير قابل لفرضه هنا؛ لعدم ثبوت مال تعلّق به الزكاة، غايةالأمر أنّه مع خروج الوقت وعدم تحقّق العزل، لا دليل على السقوط وإن كانتكليفاً محضاً، خصوصاً مع أنّ المبدأ وإن كان مورداً للبحث كما تقدّم، إلاّ أنّهلميقع التعرّض للمنتهى بوجه، ولأجله ذكر في المتن عدم التعرّض للأداءوالقضاء.
- (2) المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 23: 387 ـ 390.
(صفحه358)
مسألة 1: لا يجوز تقديمها على شهر رمضان، بل مطلقاً على الأحوط. نعم،لابأس بإعطاء الفقير قرضاً ثمّ احتسابه عليه فطرة عند مجيء وقتها1.
1ـ عدم جواز تقديم زكاة الفطرة على شهر رمضان، بل مطلقعلى الأحوط الوجوبي؛ لما عرفت(1) من أنّ مبدأ وقت الوجوب ـ كما يستفادمن الرواية، وعليه المشهور ـ هو إدراك شهر رمضان ولو لحظة منه قبلدخول ليلة العيد، فإعطاؤها قبله إنّما هي كالصلاة قبل حلول وقتها.
نعم، لا بأس بإعطاء الفقير قرضاً ولو قبل شهر رمضان، ثمّ احتسابه عليهفطرة عند مجيء وقتها، وقد تقدّم مثله في ما سبق بالإضافة إلى زكاة المال،والأداء قبل تعلّق الوجوب، فراجع(2).