(صفحه 97)
مسألة 5: لا يضمّ مال شخص إلى غيره وإن كان مشتركاً، أو مختلطاً متّحدالمسرح والمراح والمشرب والفحل والحالب والمحلب، بل يُعتبر في كلّ واحدمنهما بلوغ النصاب ولو بتلفيق الكسور، ولا يفرّق بين مالي المالك الواحد ولو تباعدمكانهما1.
1ـ الدليل على أصل المسألة واضح؛ لأنّه ـ مضافاً إلى أنّ الإجماع بقسميهعليه كما في محكيّ الجواهر(1) ـ لا إشكال في أنّ الخطاب بالزكاة كالصلاة مثلانحلاليّ، وكلّ مكلّف لابدّ وأن يراعي مال نفسه، كما يدلّ عليه تقدير النصاب؛ضرورة أنّه بدونه يكون النصاب موجوداً دائماً، وقد وقع التصريح بذلك فيبعض الروايات.
كما في رواية زرارة المشتملة على سؤاله بقوله: قلت له: مائتي درهم بينخمس اُناس أو عشرة حال عليه الحول وهي عندهم، أيجب عليهم زكاتها؟قال: لا، هي بمنزلة تلك ـ يعنى جوابه في الحرث ـ ليس عليهم شيء حتّى يتمّلكلّ إنسان منهم مائتا درهم.
قلت: وكذلك في الشاة والإبل والبقر والذهب والفضّة وجميع الأموال؟ قال:نعم(2).
ولو بلغ مال واحد النصاب ولو بتلفيق الكسور، أو تقريب المالين اللذينتباعد مكانهما، فوجوب الزكاة بحاله كما لا يخفى.
- (1) جواهر الكلام 15: 156، وادّعى الإجماع قبله جماعة، كالشيخ في الخلاف 2:35 ـ 36 مسألة35،والعاملي في مدارك الأحكام 5: 66، والبهبهاني في مصابيح الظلام 10: 167 وغيرهم، فراجع مفتاحالكرامة 11: 233 ـ 234.
- (2) علل الشرائع: 374 ح1، وعنه وسائل الشيعة 9: 151، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الذهب والفضّة ب5 ح2.
(صفحه98)
اعتبار السّوم
القول في السّوم؛ أي الرّعي
مسألة 1: يعتبر السوم تمام الحول، فلو علفت في أثنائه بما يخرجها عن اسمالسائمة في الحول عرفاً، فلا زكاة. نعم، لا يقدح بمثل يوم أو يومين، بل عدم قدحأيّام قلائل إذا كانت متفرّقة جدّاً غير بعيد1.
1ـ أمّا أصل اعتبار السّوم في تمام الحول ـ فمضافاً إلى أنّه لا خلاف فيه منّا،بل عليه إجماع المسلمين كما ربما يحكى(1) ـ يدلّ عليه روايات متعدّدة، مثل:
صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهالسلام ـ في حديث زكاة الإبل قالا: وليس على العوامل شيء، إنّما ذلك على السّائمة الرّاعية(2).
وفي حديث زكاة البقر: ليس على النّيف شيء، ولا على الكسور شيء،
- (1) المعتبر 2: 505 ـ 506، منتهى المطلب 8 : 78 و 118، تحرير الأحكام 1: 363، الرقم1211، تذكرة الفقهاء5: 46 مسألة29، وص74 مسألة45، مدارك الأحكام 5: 67، ذخيرة المعاد: 432 س14 ـ 15، الحدائقالناضرة 12: 78، رياض المسائل 5: 64، جواهر الكلام 15: 157، كتاب الزكاة (تراث الشيخالأعظم): 148، مصباح الفقيه 13 (كتاب الزكاة): 152، المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمامالخوئي 23: 202.
- (2) الكافي 3: 532 قطعة من ح1، تهذيب الأحكام 4: 22 ـ 23 قطعة من ح55، الاستبصار 2: 21 قطعة منح59، معاني الأخبار: 328 قطعة من ح1، وعنها وسائل الشيعة 9: 118، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الأنعامب7 ح1.
(صفحه99)
ولا على العوامل شيء، إنّما الصدقة (ذلك خ ل) على السّائمة الرّاعية(1).
ورواية زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليهالسلام : هل على الفرس أو البعير يكونللرجل يركبهما شيء؟ فقال: لا، ليس على ما يعلف شيء، إنّما الصدقة علىالسّائمة المرسلة في مرجها عامها الذي يقتنيها فيه الرجل، فأمّا ما سوى ذلكفليس فيه شيء(2).
وهنا روايات تدلّ على ثبوت الزكاة في العوامل، مثل:
روايات إسحاق بن عمّار، التي هي في الحقيقة رواية واحدة، كروايته، قال:سألته عن الإبل تكون للجمّال، أو تكون في بعض الأمصار، أتجري عليهالزكاة كما تجري على السائمة في البريّة؟ فقال: نعم(3).
وقد ذكر صاحب الوسائل نقلاً عن الشيخ أنّ الأصل في هذه الأحاديثإسحاق بن عمّار؛ يعني: أنّها حديث واحد، فلا تعارض الأحاديث الكثيرة، ثمّحملها على الاستحباب، إلخ(4).
وقد تحقّق في محلّه(5) عدم كون الكثرة من المرجّحات، بل المرجّح الأوّل
- (1) الكافي 3: 534 قطعة من ح1، تهذيب الأحكام 4: 24 قطعة من ح57، وعنهما وسائل الشيعة 9: 119،كتاب الزكاة، أبواب زكاة الأنعام ب7 ح2.
- (2) الكافي 3: 530 ح2، تهذيب الأحكام 4:68 ذح184، وعنهما وسائل الشيعه 9: 78، كتاب الزكاة، أبوابما تجب فيه الزكاة ب16 ح3، وص119، أبواب زكاة الأنعام ب7 ح3.
- (3) تهذيب الأحكام 4:41 ح105، وص42 ح107، الاستبصار 2: 24 ح67 و 69، وعنهما وسائلالشيعة 9: 120، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الأنعام ب7 ح7.
- (4) تهذيب الأحكام 4: 42 ذح107، الإستبصار 2: 24 ذح69، وعنهما وسائل الشيعة 9: 121، كتاب الزكاة،أبواب زكاة الأنعام ب7 ذح8 .
- (5) تقدّم تخريجه في ص65، 77 و88 .
(صفحه100)
المذكور في مقبولة ابن حنظلة المعروفة(1) هي الشهرة الفتوائيّة الموافقةللروايات النافية، خصوصاً مع التعبير في الجميع بكلمة الحصر.
ثمّ إنّ هنا كلام في أنّه هل في المقام عنوانان في عدم تعلّق الزكاة وعدموجوبها؟ أحدهما: كونه معلوفاً، والثانية: كونه عاملاً، أم عنوان واحد؛ وهوعدم السّوم وكونه معلوفاً، والتعبير بالعامل إنّما هو لأجل استلزام العامل لعدمالسّوم؟ الظاهر هو الثاني؛ لعدم اجتماع الأمرين: السّوم، وكونه عاملاً إلاّ نادراً،كما لا يخفى، ولا أعرف من تعرّض له أصلاً.
ثمّ إنّ المعتبر هو السّوم تمام الحول عرفاً، فما هو المتعارف في بلادنا منتعليف الدوابّ أيّام الشتاء لأجل خلوّ البراري فيه عن العلف، يوجبالإخلال بالسّوم المذكور لا محالة. نعم، لا يقدح بمثل يوم أو يومين، كما أنّهلايقدح في أيّام قلائل ولو كانت متفرّقة غير متّصلة، كما نفى البعد عنه في المتن؛لعدم الإخلال بنظر العرف، مضافاً إلى استلزام الإخلال لعدم تحقّق السّائمةإلاّ نادراً.
- (1) تقدّم تخريجها في ص77.
(صفحه 101)
مسألة 2: لا فرق في سقوط الزكاة في المعلوفة بين أن تعلف بنفسها، أو علّفهمالكها، أو غيره من ماله، أو من مال المالك بإذنه، أو لا. كما لا فرق بين أن يكونبالاختيار، أو للاضطرار، أو لوجود مانع عن السّوم من ثلج ونحوه. وكذا لا فرق بينأن يعلفها بالعلف المجزور، أو يرسلها لترعى بنفسها في الزرع المملوك؛ فإنّها تخرجعن السّوم بذلك كلّه.
نعم، الظاهر عدم خروجها عن صدق السّوم باستئجار المرعى أو بشرائه إذلمتكن مزروعاً، ثمّ إنّ ما يخلّ به هو الرعي في الأراضي المعدّة للزرع إذا كانمزروعاً على النحو المتعارف المألوف. وأمّا لو فرض بذر البذور ـ التي هي منجنس كلأ المرعى ـ في المراتع من غير عمل في نمائها، فلا يبعد عدم إخلاله بالسّوممع الرّعي فيها. وكذا لا تخرج عنه بما يدفع إلى الظالم على الرّعي في الأرضالمباحة1.
1ـ لصدق المعلوفة في جميع الفروض المذكورة في المتن، ووجود الإذن منالمالك أو عدمه لا فرق له في هذه الجهة، كعدم الفرق بين صورتي الاختياروالاضطرار، كما أنّه لا فرق بين وجود المانع وعدمه، وكذا بين التعليف بالعلفالمجزور أو الإرسال لأن ترعى بنفسها في الزرع المملوك، وقد استظهر عدمالخروج عن صدق السّوم باستئجار المرعى أو بشرائه مع عدم كونه مزروعاً،كما يأتي؛ لأنّ الملاك هو العرف كما تقدّم، وهو حاكم بذلك.
ومنه يظهر أنّ ما يخلّ بالسّوم هو الرعي في الأراضي المعدّة للزرع إذا كانمزروعاً على النحو المتعارف المألوف. وأمّا لو فرض بذر البذور ـ التي هي منجنس كلأ المرعى ـ في المراتع من غير عمل في النماء الحاصل، فقد نفى البعد فيالمتن عن عدم إخلاله بالسّوم مع الرّعي فيها؛ والوجه فيه عدم إخلاله بالسّوم