لكن في المتن أنّ صيرورة الزكاة ملكاً لأربابها وإن كانت تتحقّق بتماميّةالأحد عشر، إلاّ أنّه ملك متزلزل غير مستقرّ، خلافاً لسيّد العروة، حيث إنّهقوّى استقراره أيضاً، ورتّب عليه أنّه لا يقدح فقد بعض الشروط قبلتمامه(1)، كما أنّه رتّب في المتن على مختاره أنّه لا يجوز للمالك التصرّف فيالنصاب تصرّفاً معدماً لحقّهم، بحيث لو فعل ضمن.
نعم، لو اختلّ أحد الشروط من غير اختيار ـ كأن نقص من النصاببالتلف في خلال الشهر الثاني عشر ـ يرجع الملك إلى صاحبه الأوّل وينقطعالوجوب، وكأنّه تبع في ذلك المحدّث الكاشاني الذي عدّ مخالفاً في أصلالمسألة، حيث إنّه صرّح بأنّ الوجوب لا يتأتّى إلاّ بعد مضيّ الحول بكامله،قائلاً: إنّ هذا من الضروريّات التي ثبتت بالروايات(2). وقد استجوده صاحبالحدائق لو لا أنّ الإجماع على خلافه(3).
والمستند الأصلي في هذا المجال صحيحة زرارة، ومحمّد بن مسلم قالا: قالأبو عبد اللّه عليهالسلام : أيّما رجل كان له مال وحال عليه الحول فإنّه يزكّيه، قلت له:فإن وهبه قبل حلّه بشهر أو بيوم؟ قال: ليس عليه شيء أبداً.
قال: وقال زرارة عنه: أنّه قال: إنّما هذا بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضانيوماً في إقامته ثمّ خرج في آخر النهار في سفر، فأراد بسفره ذلك إبطالالكفّارة التي وجبت عليه. وقال: إنّه حين رأى الهلال الثاني عشر وجبت عليهالزكاة، ولكنّه لو كان وهبها قبل ذلك لجاز ولم يكن عليه شيء، بمنزلة من
- (1) العروة الوثقى 2: 97، الشرط الرابع.
- (2) الوافي 10: 134 ـ 135.
- (3) الحدائق الناضرة 12: 75.
(صفحه 107)
خرج ثمّ أفطر إنّما لا يمنع الحال عليه، فأمّا ما لم يحل عليه فله منعه، ولا يحلّ لهمنع مال غيره فيما قد حلّ عليه.
قال زرارة: وقلت له: رجل كانت له مائتا درهم فوهبها لبعض إخوانهأو ولده أو أهله فراراً بها من الزكاة، فعل ذلك قبل حلّها بشهر؟ فقال: إذدخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليه الحول ووجبت عليه فيها الزكاة.
قلت له: فإن أحدث فيها قبل الحول؟ قال: جائز ذلك له. قلت: إنّه فرّ بهمن الزكاة، قال: ما أدخل على نفسه أعظم ممّا منع من زكاتها، فقلت له: إنّهيقدر عليها. قال: فقال: وما علمه أنّه يقدر عليها وقد خرجت من ملكه؟قلت: فإنّه دفعها إليه على شرط، فقال: إنّه إذا سمّـاها هبة جازت الهبة وسقطالشرط وضمن الزكاة.
قلت له: وكيف يسقط الشرط وتمضي الهبة ويضمن الزكاة؟ فقال: هذشرط فاسد، والهبة المضمونة ماضية، والزكاة له لازمة عقوبة له.
ثمّ قال: إنّما ذلك له إذا اشترى بها داراً أو أرضاً أو متاعاً.
ثمّ قال زرارة: قلت له: إنّ أباك قال لي: من فرّبها من الزكاة فعليهأن يؤدّيها، فقال: صدق أبي، عليه أن يؤدّي ما وجب عليه، وما لم يجب عليهفلا شيء عليه فيه... الحديث(1).
وغير خفيّ أنّ الهبة المضمونة في الرواية معناها هو ضمان الواهب لاالمتّهب،وهذا بخلاف العارية المضمونة التي معناها ضمان المستعير، مع اشتراط المعير
- (1) الكافي 3: 525 ح4، تهذيب الأحكام 4: 35 ح92، الفقيه 2: 17 ح54، وعنها وسائل الشيعة 9: 163، كتابالزكاة، أبواب زكاة الذهب والفضّة ب12 ح2.