(صفحه130)
القول في الشرط الأخير
مسألة: يعتبر فيها أن لا تكون عوامل في تمام الحول، فلو كانت كذلكولو في بعضه، فلا زكاة فيها وإن كانت سائمة، والمرجع في صدق العواملالعرف1.
1ـ يدلّ على اعتبار هذا الأمر ـ مضافاً إلى أنّه لا خلاف فيه(1)، بل فيمحكيّ كلمات جماعة ادّعاء الإجماع عليه(2) ـ جملة من الروايات التي تقدّمت(3)في السّوم وغيرها.
لكن في مقابلها موثّقة إسحاق بن عمّار ـ وقد جعلها في الوسائل روايتينمع وضوح اتّحادهما ـ قال: سألته، وفي النقل الآخر، سألت أبا إبراهيم عليهالسلام عنالإبل تكون للجمّال، أو تكون في بعض الأمصار، أتجري عليها الزكاة
- (1) ذخيرة المعاد: 433 س2، مصابيح الظلام 10: 50، جواهر الكلام 15: 189، مصباح الفقيه 13 (كتابالزكاة): 187، مستمسك العروة الوثقى 9: 93، المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي23: 208.
- (2) تذكرة الفقهاء 5: 46، مسألة29، منتهى المطلب 8 : 118، مدارك الأحكام 5: 79، الحدائق الناضرة12: 82 ، رياض المسائل 5: 70، كتاب الزكاة (تراث الشيخ الأعظم): 175.
(صفحه131)
كما تجري على السائمة في البريّة؟ فقال: نعم(1).
فإنّ الظاهر من الإسناد إلى الجمّال كونها عوامل كما لا يخفى، والظاهر أنّالمرجّح موافقة الشهرة.
ومن العجيب ما حكي عن الشيخ في أحد الوجهين من الحمل على التقيّة؛نظراً إلى أنّ المشهور عند الجمهور(2) عدم اعتبار هذا الشرط(3).
ثمّ إنّ اللازم أيضاً وجود هذا الشرط في تمام الحول، فلا يقدح يومأو يومين، بل أيّام قلائل لا يوجب الصدق عند العرف.
- (1) تهذيب الأحكام 4: 41 ـ 42 ح105 ـ 107، الاستبصار 2: 24 ح67 ـ 69، وعنهما وسائل الشيعة9: 120 ـ 121، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الأنعام ب7 ح7 و 8 .
- (2) المغني لابن قدامة 2: 441 و 468، الشرح الكبير 2: 467، بداية المجتهد 1: 259، حلية العلماء 3: 22،المحلّى بالآثار 4: 144، المدونة الكبرى 1: 313. ولم يقل بذلك الجمهور، بل قال به مالك فقطعلى ما عثرنا عليه في بعض كتبهم، وصرّح به في المعتبر 2: 512، والحدائق الناضرة 12: 82 ، أو الشاذّمنهم، كما في مدارك الأحكام 5: 79، والشاذّ هو مالك وربيعة ومكحول وقتادة وداود، كما في منتهىالمطلب 8 : 119، ومفتاح الكرامة 11: 141.
- (3) لم نعثر على ما نسب إلى الشيخ في كتبه عاجلاً، والحاكي هو السيّد الخوئي في المستند في شرح العروةالوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 23: 209. نعم، حملها العاملي والبحراني على التقيّة ـ بعد نقل قول الشيخفي التهذيبين بحملها على الاستحباب ـ في وسائل الشيعة 9: 121، والحدائق الناضرة 12: 82 .
(صفحه132)
ما يؤخذ في الزكاة
بقي الكلام فيما يؤخذ في الزكاة
مسألة 1: لا يؤخذ المريضة من نصاب السليم، ولا الهرمة من نصاب الشابّ،ولا ذات العوار من نصاب الصحيح وإن عُدّت منه. أمّا لو كان النِّصاب بأجمعهمريضاً بمرض متّحد لم يكلّف شراء صحيحة، وأجزأت مريضة منها ولو كان بعضهصحيحاً وبعضه مريضاً، فالأحوط لو لم يكن أقوى إخراج صحيحة من أواسطالشياه من غير ملاحظة التقسيط، وكذا لا تؤخذ الربّى ـ وهي الشاة الوالدة إلى خمسةعشر يوماً ـ وإن بذلها المالك، إلاّ إذا كان النصاب كلّه كذلك، ولا الأكولة؛ وهيالسمينة المعدّة للأكل، ولا فحل الضّراب، بل لا يعدّ المذكورات من النِّصاب علىالأقوى وإن كان الأحوط عدّها منه1.
1 ـ لا يؤخذ في الزكاة بعنوانها عناوين مذكورة في الروايات الواردة فيهذا المجال؛ وهي ثلاث:
منها: رواية عبدالرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال: ليس فيالأكيلة ولا في الربّى التي تربّي اثنين، ولا شاة لبن، ولا فحل الغنم، صدقة(1).
- (1) الفقيه 2: 14 ح37، الكافي 3: 535 ح2، مستطرفات السرائر: 99 ح26، وعنها وسائل الشيعة 9: 124،كتاب الزكاة، أبواب زكاة الأنعام ب10 ح1.
(صفحه133)
وذكر صاحب الوسائل أنّه حمله جماعة(1) على نفي الأخذ في الزكاة لا العدّ،وهو جيّد لما يأتي.
ومنها: رواية سماعة، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال: لا تؤخذ الأكولة ـ والأكولة:الكبيرة من الشاة تكون في الغنم ـ ولا والدة، ولا الكبش الفحل(2).
ومنها: صحيحة أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام ـ في حديث زكاة الإبل قال: ولا تؤخذ هرمة ولا ذات عوار إلاّ أن يشاء المصدّق، ويعدّ صغيرهوكبيرها(3).
إذا عرفت ذلك فأعلم أنّ الكلام يقع في مقامين:
الأوّل: في معدوديّة ذوي العناوين المذكورة وعدمها، فنقول:
ظاهر المتن المعدوديّة في الجميع، خصوصاً مع التفرّق وثبوت الاختلاف،وقد أفتى في بعض تلك العناوين بعدم المعدوديّة؛ وهي الربّى ذات الولد مععدم كون مجموع النصاب كذلك، والأكولة؛ أي المعدّة للأكل ليزيد لحمهويشتدّ الرغبة فيها، وفحل الضراب، وإن كان ظاهر رواية سماعة عدم الثبوتفيها، إلاّ أنّك عرفت استجواد صاحب الوسائل الحمل على نفي الأخذ لا العدّ،وإن احتاط استحباباً بالعدّ.
وأمّا المريضة، والهرمة، وذات العوار، فقد صرّح فيها بالعدّ وعدم جواز
- (1) كصاحب منتقى الجمان 2: 374، وروضة المتّقين 3: 69 ـ 70، والوافي 10: 97 ـ 98 ب6، زكاة الإبلوالبقر والغنم.
- (2) الكافي 3: 535 ح3، الفقيه 2: 14 ح38، وعنهما وسائل الشيعة 9: 125، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الأنعامب10 ح2.
- (3) تهذيب الأحكام 4: 20 ح52، الاستبصار 2: 19 ح56، وعنهما وسائل الشيعة 9: 125، كتاب الزكاة، أبوابزكاة الأنعام ب10 ح3.
(صفحه134)
الأخذ مع وجود غيرها في النصاب؛ والوجه فيه ـ مضافاً إلى دلالة الصحيحةعلى عدم أخذ الهرمة ولا ذات العوار الشامل للمريض؛ لأنّ العوار لغة مطلقالعيب ـ : أنّ التصريح باستثناء صورة مشيّة المصدّق، وكذا بعدّ الصغيروالكبير، يدلّ على عدم لزوم بذل الغير، خصوصاً مع ملاحظة تعلّق الزكاةبالعين بأيّة كيفيّة.
والتعبير في الربّى بالوالدة إلى خمسة عشر يوماً، بلحاظ استغناء الرضيععن اللبن في تلك المدّة ظاهراً في الحيوان.
الثاني: في جواز الأخذ وعدمه.
فأعلم أنّ ظاهر المتن الاحتياط اللزومي ـ لو لم يكن أقوى ـ فيما لو كانالبعض صحيحاً، والبعض الآخر مريضاً، بإخراج صحيحة من أواسط الشياهمن غير ملاحظة التقسيط، ولكنّ المشهور(1) هو التقسيط على الصحيحوالمعيب، وهو تامّ على مبنى ثبوت الشركة الحقيقيّة في الزكاة بين المالكوالمستحقّ، كما هو ظاهر بعض الروايات(2). وأمّا بناءً على الوجهين الآخرينمن الكلّي في المعيّن، أو الشركة في الماليّة لا في أصل المال، فلا، خصوصاً معملاحظة عدم قصور الصحيحة عن الدلالة على ذلك.
- (1) مستمسك العروة الوثقى 9: 89 ، المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 23: 201،وهو خيرة المبسوط 1: 195، والوسيلة: 125 ـ 126، ومنتهى المطلب 8 : 116 ـ 117، وتذكرةالفقهاء 5: 114، وتحرير الأحكام 1: 361 ـ 362، الرقم1209، وإرشاد الأذهان 1: 281، والبيان: 289،ومسالك الأفهام 1: 382، ومجمع الفائدة والبرهان 4: 79 ـ 80 ، والحدائق الناضرة 12: 66.
- (2) سيأتي البحث عنها في ص316 ـ 321.