(صفحه 135)
مسألة 2: الشاة المأخوذة في الزكاة في الغنم والإبل وفي الجبر، ما كمل له سنةودخل في الثانية إن كان من الضأن، وما دخل في الثالثة إن كان من المعز، وهو أقلّما يراد منها، ويجزىء الذكر عن الاُنثى وبالعكس، والمعز عن الضأن وبالعكس؛لأنّهما جنس واحد في الزكاة، كالبقر والجاموس، والإبل العراب والبخاتي1.
1ـ أمّا التفصيل بين المعز والضأن من حيث اختلاف السنّ بما ذكر في المتن،فيدلّ عليه أنّه المعروف والمشهور(1)، وقد عبّر سيّد العروة عن أقلّ ماتؤخذمن الضأن الجذع، ومن المعز الثنيّ، وقد فسّر العنوانين بما ذكر في المتن(2)،وليس عليه دليل ظاهر؛ ومن ثمّ اختار جمع من المتأخِّرين العدم(3)؛ نظراً إلىإطلاق عنوان الشاة المأخوذة في الروايات(4)، والمناقشة في الإطلاق ـ كما عنالجواهر(5)؛ بدعوى عدم الورود في مقام البيان من هذه الجهة ـ لعلّها واضحةالفساد، فتدبّر.
وأمّا إجزاء الذكر عن الاُنثى وبالعكس، والمعز عن الضأن وبالعكس؛ فيدلّعليه الإطلاق وكونهما جنساً واحداً في باب الزكاة. وأمّا البقر والجاموس،
- (1) ذخيرة المعاد: 436 س31، كفاية الفقه، المشتهر بـ «كفاية الأحكام» 1: 176، الحدائق الناضرة 12: 66،مصابيح الظلام 10: 261 شرح مفتاح229، مستند الشيعة 9: 125، المسألة الثالثة، جواهر الكلام 15: 224،مستمسك العروة الوثقى 9: 76، المستند في شرح العروة الوثقى 23: 178.
وفي رياض المسائل 5: 70 على الأظهر الأشهر، بل لا خلاف فيه يعرف، وفي الخلاف 2: 24 مسألة20،وغنية النزوع: 123، الإجماع عليه.
- (2) العروة الوثقى 2: 95 مسألة2636.
- (3) مجمع الفائدة والبرهان 4: 77، مدارك الأحكام 5: 92 ـ 93، ذخيرة المعاد: 436 س33، مفاتيح الشرائع1: 200 مفتاح229، الحدائق الناضرة 12: 66.
- (4) وسائل الشيعة 9: 108 ـ 113، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الأنعام ب2، وص117 ب6 ح1.
- (5) جواهر الكلام 15: 225 ـ 226.
(صفحه136)
فيدلّ على وحدة جنسهما ما عرفت(1) من دلالة رواية صحيحة على ذلك؛وهي ما رواه زرارة، عن أبي جعفر عليهالسلام قال: قلت له: في الجواميس شيء؟ قال:مثل ما في البقر(2).
وأمّا عدم الفرق في الإبل بين العراب والبخاتي، فيدلّ عليه صحيحةالفضلاء، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهماالسلام في حديث قال: قلت: فما في البختالسّائمة شيء؟ قال: مثل ما في الإبل العربيّة(3).
وفي مجمع البحرين: أنّ البخاتي أقوى خلق اللّه من الحيوان(4). وأضعفخلقه منه هو الّنمل.
- (3) الكافي 3: 531 ح1، تهذيب الأحكام 4: 23 ح55، الاستبصار 2: 21 ح59، معاني الأخبار: 328 ح1،وعنها وسائل الشيعة 9: 114، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الأنعام ب3 ح1.
(صفحه 137)
مسألة 3: لو كان للمالك أموال متفرّقة في أماكن مختلفة، كان له إخراج الزكاةمن أيّها شاء، ولا يتعيّن عليه أن يدفع من النصاب، ولا من جنس ما تعلّقت به الزكاة،بل له أن يدفع قيمتها السوقيّة من الدراهم والدنانير، بل وغيرهما من سائر الأجناسإن كان خيراً للفقراء، وإلاّ ففيه تأمّل وإن لا يخلو من وجه، والإخراج من العينأفضل.
والمدار في القيمة، قيمة وقت الأداء، والبلد الذي هي فيه لو كانت العينموجودة، ولو كانت تالفة بالضمان، فالظاهر أنّ المدار قيمة يوم التلف وبلده،والأحوط أكثر الأمرين من ذلك، ومن يوم الأداء وبلده1.
1ـ لا ينبغي الارتياب في أنّ التفرّق في أماكن مختلفة ـ مع وحدة المالكوعدم تعدّده ـ لا يوجب خروج تلك الأموال عن تعلّق الزكاة؛ وإن كان فيبعض الروايات لعلّه إشعار بالخلاف، مثل صحيحة محمّد بن قيس، عنأبي عبد اللّه عليهالسلام في حديث زكاة الغنم قال: ولا يفرّق بين مجتمع ولا يجمع بينمتفرّق(1)، إلاّ أنّ الظاهر أنّ المراد بها هي التفرقة والاجتماع في الملكيّة.
وتؤيّده رواية محمّد بن خالد أنّه سأل أبا عبد اللّه عليهالسلام عن الصدقة؟ فقال:مر مُصدّقك أن لا يحشر من ماء إلى ماء، ولا يجمع بين المتفرّق، ولايفرّق بينالمجتمع، الحديث(2).
وكيف كان، فالظاهر أنّه لا إشكال فيما ذكرنا، كما لا إشكال في أنّه لايتعيّنعليه أن يدفع من النصاب، بل ولا من جنس ما تعلّقت به الزكاة، بل كما في
- (1) تهذيب الأحكام 4: 25 ح59، وعنه وسائل الشيعة 9: 126، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الأنعام ب11 ح1.
- (2) الكافي 3: 538 ح5، تهذيب الأحكام 4: 98 ح276، وعنهما وسائل الشيعة 9: 126، كتاب الزكاة، أبوابزكاة الأنعام ب11 ح2، وص131 ب14 قطعة من ح3.
(صفحه138)
المتن له أن يدفع قيمتها السوقيّة من الدراهم والدنانير وغيرهما من سائرالأجناس إن كان ذلك خيراً للفقراء، وإلاّ فقد تأمّل فيه وإن جعل عدم خلوّالجواز عن الوجه.
أقول: الظاهر جواز دفع القيمة السوقيّة من الدراهم والدنانير وأشباههممن الأوراق النقديّة المتداولة بعنوان الثمن غالباً؛ لدلالة بعض الروايات، مثل:
صحيحة محمّد بن خالد البرقي قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليهالسلام : هليجوز أن أخرج عمّا يجب في الحرث من الحنطة والشعير، وما يجب على الذهبدراهم بقيمة ما يسوى، أم لا يجوز إلاّ أن يخرج من كلّ شيء مافيه؟فأجاب عليهالسلام : أيّما تيّسر يُخرج(1).
بدعوى إلغاء الخصوصيّة؛ ضرورة أنّه لا خصوصيّة للحنطة والشعيروالذهب.
ومثلها صحيحة عليّ بن جعفر عليهالسلام ـ الواردة في الذهب وإبداله بالدرهم،وبالعكس ـ قال: سألت أبا الحسن موسى عليهالسلام عن الرجل يعطي عن زكاته عنالدراهم دنانير وعن الدنانير دراهم بالقيمة، أيحلّ ذلك؟ قال: لا بأس به(2).
هذا بالنسبة إلى الدفع من الدراهم والدنانير وأشباههما.
وأمّا بالإضافة إلى الأجناس الاُخر، فقد دلّت معتبرة يونس بن يعقوب
- (1) الكافي 3: 559 ح1، تهذيب الأحكام 4: 95 ح271، الفقيه 2: 16 ح52، وعنها وسائل الشيعة 9: 167،كتاب الزكاة، أبواب زكاة الأنعام ب14 ح1.
- (2) الكافي 3: 559 ح2، قرب الإسناد: 229 ح896 ، الفقيه 2: 16 ح51، مسائل علي بن جعفر: 125 ح92،تهذيب الأحكام 4: 95 ح272، وعنها وسائل الشيعة 9: 167، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الذهب والفضّةب14 ح2.
(صفحه 139)
ـ المنقولة من كتاب قرب الإسناد ـ على عدم البأس، قال: قلتلأبي عبداللّه عليهالسلام : عيال المسلمين أُعطيهم من الزكاة، فأشتري لهم منها ثيابوطعاماً وأرى أنّ ذلك خير لهم؟ قال: فقال: لا بأس(1).
ولكن نوقش في الدلالة؛ نظراً إلى أنّ الرواية ناظرة إلى ما إذا عيّن زكاتهوأفرزها خارجاً ليعطيها لعائلة من عوائل المسلمين، وبما أنّ العيال يتضمّنالنساء والقاصرين بطبيعة الحال، ولا يتيسّر لهم غالباً الانتفاع من عين الزكاةالتي هي من النقدين في غالب الأحوال إلاّ بالتبديل بطعام أو ثياب ونحوهما.
ومن المعلوم عدم جواز التصرّف في الزكاة بعد الإفراز والعزل إلاّ بإذن ممّنبيده الأمر؛ فلأجل ذلك احتاج السائل إلى الاستجازة من الإمام عليهالسلام فيالتصرّف المزبور(2).
هذا، ولكنّ المناقشة مدفوعة؛ بأنّ فهم العرف من الرواية يقضي بخلافذلك، ويحكم بأنّه إذا كان الدفع من الأجناس الاُخر خيراً لهم، فلا مانع منه،كما أفاده في المتن، بل حيث إنّ هذا التقييد قد وقع في كلام السال يمكن أنيقالبعدم مدخليّته، وأنّ الحكم بالجواز مطلق غير مقيّد.
وقد ذكر بعض الفضلاء من الحاضرين في مجلس البحث، ما يرجع إلىأنّ«أُعطيهم من الزكاة» بصورة المجهول، والمراد: أنّ الزكاة من قبل من تجب عليهتدفع إلى يونس، الذي كان مأذوناً من قبل الإمام عليهالسلام ، وبعد الأخذ بعنوانه عليهالسلام هل يجوز له أن يبدّلها طعاماً وثياباً، بمناسبة أنّ خير الفقراء فيه؟
- (1) قرب الإسناد: 49 ح159، وعنه وسائل الشيعة 9: 168، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الذهب والفضّةب14 ح4.
- (2) المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 23: 192.