(صفحه146)
فيها «تسعة عشر»، بدل «تسعة وثلاثون»، وقد نبّه عليه في محكيّ الحدائق(1)،فيظهر من ذلك وقوع التحريف في التهذيب، ويضعف الاعتماد على روايةالشيخ، مع أنّه على تقدير الصحّة يكفي ذلك جواباً عن الإشكال الثاني ويبقىالأوّل بحاله، إلاّ أن يكون المراد وجود أحد الجنسين عند الرجل لا المجموع،والعمدة في الجواب ما أشرنا إليه من لزوم الرجوع إلىالشهرة كما عرفت. هذكلّه في النصاب الأوّل للذهب.
وأمّا النصاب الثاني: فهو أربعة دنانير، ثمّ إذا زاد أربعة فكذلك، ويدلّ عليهصحيحة زرارة، عن أحدهما عليهمالسلام في حديث قال: ليس في الذهب زكاة حتّىيبلغ عشرين مقالاً، فإذا بلغ عشرين مثقالاً ففيه نصف مثقال، ثمّ على حسابذلك إذا زاد المال في كلّ أربعين ديناراً دينار(2).
وأمّا مقدار الزكاة الواجب في كلّ نصاب من العشرين والأربعة، ثمّ الأربعةوهكذا، فهو ربع العشر. ففي النصاب الأوّل يكون مقدار الزكاة نصف دينار؛وهي عشرة قراريط؛ لأنّ كلّ دينار عشرون قيراطاً، كما أنّ الدينار عبارة عنالمثقال الشرعي، وهو ثلاثة أرباع الصيرفي، هذا بالنسبة إلىالنصاب الأوّل.
وأمّا بالإضافة إلى الأربعة الزائدة الموجبة لتحقّق النصاب الثاني، فربعالعشر فيها عبارة عن قيراطان، ولا زكاة في الذهب قبل أن يبلغ عشرينديناراً، كما أنّه ليس بعد العشرين قبل أن يزيد أربعة شيء. لكنّ الفرق إنّما هو
- (1) الحدائق الناضرة 12: 88 .
- (2) تهذيب الأحكام 4: 12 ح30، وعنه وسائل الشيعة 9: 140، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الذهب والفضّةب1 ح10.
(صفحه 147)
في أنّ الأقلّ من العشرين لا يكون متعلّقاً للزكاة أصلاً، وأمّا الزائد علىالعشرين قبل أن يبلغ أربعة، فليس خارجاً عن تعلّق الزكاة بالكليّة، بلمرجع تعلّق العفو به إلى عدم زيادة الزكاة قبل تحقّق الأربعة.
والثمرة تظهر في بعض الموارد السابقة، وفي عدم جواز التصرّف فيه قبلأداء الزكاة، بناءً على القول بعدم جواز التصرّف في العين الزكويّة.
ثمّ ليعلم أنّ ما تداول في زماننا ومكاننا ممّا يصنع من الذهب، ويعبّر عنهبـ «سكّة» لا يتعلّق به الزكاة وإن بلغت عشرين مثقالاً شرعيّاً؛ لأنّ الظاهر أنّمتعلّق الزكاة هو الذي كان يجعل ثمناً من الدينار، وأمّا ما يكون مبيعاً ومتاعاً،كما هو كذلك بالنسبة إلى ما عندنا، فخارج عن هذه الدائرة.
(صفحه148)
ونصاب الفضّة مائتا درهم، وفيه خمس دراهم، ثمّ كلّما زاد أربعين كان فيهدرهم بالغاً ما بلغ، وليس فيما دون المائتين شيء، وكذا فيما دون الأربعين، لكنبالمعنى المتقدّم في الذهب، والدرهم ستّة دوانيق عبارة عن نصف مثقال شرعيّوخمسه؛ لأنّ كلّ عشرة دراهم سبعة مثاقيل شرعيّة1.
فائدة: الضابط الكلّي في تأدية زكاة النقدين: أنّهما بعد ما بلغا حدّ النصابـ أعني عشرين ديناراً، أو مائتي درهم ـ يُعطي من كلّ أربعين واحداً، فقد أدّىماوجب عليه وإن زاد على المفروض في بعض الصور بقليل، ولا بأس به، بل أحسنوزاد خيراً2.
1ـ قد عرفت(1) أنّه لا خلاف بينهم ظاهراً في نصاب الفضّة وأنّه مائتدرهم، وفيه خمس دراهم، ثمّ كلّما زاد أربعين كان فيها درهم بالغاً ما بلغ،ولايكون فيما دون المائتين زكاة أصلاً، ولا بالإضافة إلى ما بين النصابين، لكنبالمعنى المتقدّم في نصاب الذهب، وقد عرفت دلالة بعض الروايات المعتبرةعلى ذلك، كصحيحة الحلبي المتقدّمة(2)، فلا ينبغي الإشكال في ذلك. والدرهمعبارة عن نصف مثقال شرعيّ وخمسه؛ لأنّ كلّ عشرة دراهم سبعة مثاقيلشرعيّة.
2ـ قد سيقت هذه الفائدة لتسهيل الأمر على المكلّف في تأدية زكاة النقدينوإن لم يكن عارفاً بخصوصيّات الحساب؛ وهي: أنّه بعد إحراز البلوغ إلى حدّالنصاب الأوّل في كلا الجنسين ـ أعني الدينار الذي يكون نصابه
(صفحه149)
عشرين، والفضّة التي تكون نصابها مائتين ـ وعدم إحراز البلوغإلى حدّ النصاب الثاني، الذي يزيد على الأوّل بالأربعة، وعلى الثانيبالأربعين.
وهكذا إذا أعطى من كلّ أربعين فيهما واحداً، فقد أدّى قطعاً ما وجب عليهمن مقدار الزكاة، وربما زاد على المفروض الواجب في بعض الصور بقليل،كما إذا كان مالكاً لثلاث وعشرين ديناراً، أو ثلاثين درهماً بعد المائتين؛ فإنّهلايكون الواجب عليه أداء زكاة هذا المقدار غير البالغ حدّ النصاب الثاني،لكن مع إعطاء واحد من الأربعين يقطع بأداء المفروض مع إضافة قليلة زادبها خيراً، من دون أن تكون واجبة عليه، كما لا يخفى.
ثمّ ليعلم أنّ هذا التعبير الواقع في المتن وفي العروة تبعاً للرواية الواردة بهذالمضمون، وارد فيما إذا اُحرز البلوغ إلى حدّ النصاب الأوّل قطعاً. وأمّا مع عدمالإحراز، فالظاهر عدم وجوب الزكاة، كعدم وجوب الفحص؛ لعدم وجوبه فيالشبهات الموضوعيّة على ما قرّر في علم الاُصول(1)، كما يدلّ عليه مثلالصحيحة الثانية لزرارة(2) في باب الاستصحاب وحجّيته.
حيث تدلّ على عدم لزوم الفحص عن الثوب الذي احتمل إصابة دمالرعاف إليه؛ وإن كان مظنوناً بالظنّ غير المعتبر، مع سهولة الفحص فيه قطعاً،وغير ذلك من الأدلّة، واستلزامه لتحقّق الإخلال بإيتاء الزكاة المقرون مع
- (1) فرائد الاُصول (تراث الشيخ الأعظم) 2: 140 و 441 ـ 446، فوائد الاُصول 4: 301 ـ 302، سيرى كاملدر اُصول فقه 13: 319 ـ 322 و 398 ـ 406.
- (2) تهذيب الأحكام 1: 421 ح1335، الاستبصار 1: 183 ح641، علل الشرائع: 361 ب80 ، وعنها وسائلالشيعة 3: 479، أبواب النجاسات، ب42 ح2، وص477 ب41 ح1، وص402 ب7 ح2.
(صفحه150)
الصلاة في الحكم بوجوبه في كثير من الآيات القرآنيّة(1)، إنّما هو كتحقّقالإخلال بسائر الأحكام في الموارد الاُخرى من الشبهات الموضوعيّةعلى فرض ثبوت الموضوع واقعاً، فتدبّر.
- (1) تقدّم تخريجها في ص13.