(صفحه 261)
الثامن: ابن السبيل؛ وهو المنقطع به في الغُربة وإن كان غنيّاً في بلده إذا كانسفره مباحاً، فلو كان في معصية لم يعط. وكذا لو تمكّن من الاقتراض وغيره، فيدفعإليه منها ما يوصله إلى بلده على وجه يليق بحاله وشأنه، أو إلى محلّ يمكنه تحصيلالنفقة ولو بالاستدانة.
ولو وصل إلى بلده وفضل ممّا اُعطي شيء ـ ولو بسبب التقتير على نفسه ـ أعادهعلى الأقوى حتّى في مثل الدابّة والثياب ونحوها، فيوصله إلى الدافع أو وكيله،ومع تعذّره أو حرجيّته يوصله إلىالحاكم، وعليه أيضاً إيصاله إلى أحدهما،أو الاستئذان من الدافع في صرفه على الأحوط لو لم يكن الأقوى1.
1ـ ابن السبيل آخر الأصناف الثمانية المذكورة في آية الصدقة(1)، والمراد بهـ كما في المتن تبعاً للمشهور(2) ـ هو المنقطع به في الغربة غير المتمكّن منالرجوع إلى بلده وإن كان غنيّاً فيه مع اعتبار أمرين:
أحدهما: كون سفره مباحاً، فلو كان في معصية لم يعط؛ من دون فرقظاهراً بين أن يكون الغرض من أصل السفر المعصية، وبين أن لا يكونالغرض ذلك، بل بدا له المعصية في إدامة سفره وإقامته خارج الوطن.
ثانيهما: عدم التمكّن من الاقتراض ونحوه، فإذا تمكّن من مثله لا يصدقعليه ابن السبيل المشعر بالملازمة للسفر؛ لأجل عدم القدرة على الرجوع كابن
- (2) حاشية إرشاد الأذهان، المطبوع ضمن حياة المحقّق الكركي وآثاره 9: 147، حاشية شرائع الإسلام،المطبوع ضمن حياة المحقّق الكركي وآثاره 10: 267، ذخيرة المعاد: 457 س3 و 7، كفاية الفقه، المشتهربـ «كفاية الأحكام» 1: 189 و 190، الحدائق الناضرة 12: 203، مستمسك العروة الوثقى 9: 269، المستندفي شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 24: 116.
(صفحه262)
البطن وابن الوقت ونظائرهما على ما في كلام بعض الأعلام قدسسره في الشرح(1).
وقد ورد تفسير ابن السبيل بالمنقطع في رواية علي بن إبراهيم في تفسيره،قال وابن السبيل أبناء الطريق الذين يكونون في الأسفار في طاعة اللّه، فيقطععليهم، إلخ(2).
والمقدار الذي يدفع إليه من الزكاة ما يُخرجه عن هذا العنوان ويوصلهإلى بلده على وجه يليق بحاله وشأنه، أو إلى محلّ يمكنه تحصيل النفقةولو بالاستدانة.
ثمّ إنّه لو وصل إلى بلده وفضل ممّا اُعطي شيء ولو بسبب التقتير على نفسهمع عدم وجوبه، فالظاهر لزوم الإعادة(3) حتّى في مثل الدابّة والثياب منالاُمور الباقية، فاللازم أوّلاً الإيصال إلى الدافع أو وكيله، ومع التعذّر يوصلهإلى الحاكم، وعلى الحاكم أيضاً الإيصال إلى أحد الشخصين، أو الاستئذان منخصوص الدافع على ما جعله مقتضى الاحتياط لو لم يكن الأقوى؛ لأنّ ولايةالحاكم إنّما هي مع عدم المالك، ولعلّه يريد مصرفاً خاصّاً.
- (1) المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 24: 116 ـ 117.
- (2) تفسير القمّي 1: 299، تهذيب الأحكام 4: 49 ح129، وعنهما وسائل الشيعة 9: 212، كتاب الزكاة، أبوابالمستحقّين للزكاة ب1 ح7.
- (3) وهو المشهور، كما في جواهر الكلام 15: 627.
(صفحه 263)
مسألة 19: إذا التزم بنذر أو شبهه أن يعطي زكاته فقيراً معيّناً، أو صرفها فيمصرف معيّن من مصارف الزكاة، وجب عليه، لكن لو سهى وأعطى غيره أو صرفهفي غيره أجزأه، ولا يجوز استردادها من الفقير حتّى مع بقاء العين، بل الظاهركذلك فيما لو أعطاه أو صرفها مع الالتفات والعمد وإن أثم بسبب مخالفة النذرحينئذٍ، وتجب عليه الكفّارة1.
1ـ في هذه المسألة التي يكون المفروض فيها الالتزام بسبب النذر أو أحدأخويه ـ بأن يعطي زكاته فقيراً معيّناً كزيد مثلاً، أو بأن يصرفها في مصرفمعيّن من المصارف الثمانية المتقدّمة المذكورة في آية الصدقة، كما عرفت(1) لابدّ أوّلاً من التوجّه والالتفات إلى صحّة هذا النذر ومثله وانعقاده؛ لثبوتالرجحان في متعلّق النذر، من دون أن يكون فرق بين اختلاف الفقراء فيبعض الخصوصيّات، كالعلم، والاشتغال بالعلوم الحوزويّة، أو الشدّة فيالتقوى، أو كونه رحماً أو قريباً له، وبين أنلايكون.
وكذا من دون فرق بين أن يكون المصرف الذي عيّنه في النذر صاحبرجحان زائد أم لا، بعد الاشتراك مع غيره في عنوان المصرفيّة، وعدمخصوصيّة من هذه الجهة أصلاً، وكيف كان ففي المسألة صورتان:
الاُولى: ما لو عرض له السّهو والنسيان، وأعطى غير ذلك الفقير الذيعيّنه في النذر لأجله، أو صرفها في غير المصرف الذي عيّنه، فالبحث فيهتارة: يقع في الإجزاء وعدمه، واُخرى: في جواز الاسترداد من الفقير الذيأعطاها إيّاه وعدمه.
(صفحه264)
أمّا الأوّل: فالظاهر أنّه لا مجال للإشكال في الإجزاء؛ لأنّه قد وضعت الزكاةفي محلّها، والنذر المذكور وإن كان صحيحاً يجب الوفاء به، إلاّ أنّ عروضالسّهو المانع عن تحقّق الوفاء لا أثر له إلاّ في عدم الحرمة وعدم لزوم الكفّارة،ولا يؤثّر في الزكاة ولا يوجب قدحاً.
وأمّا الثاني: فالظاهر أنّه لا يجوز الاسترداد بوجه بعد وقوع الزكاة فيمحلّها من الفقير وسائر المصارف، وذلك من دون فرق بين صورتي عدم العينوبقاؤها، كما لا يخفى.
الثانية: ما لو فعل ذلك مع التوجّه والعمد والالتفات، وقد استظهر في المتنأنّ الحكم فيها أيضاً كذلك، والظاهر أنّه لأجل وقوع الزكاة في موضعها، غايةالأمر أنّ تحقّق مخالفة النذر حينئذٍ يكون مسبّباً عن التعمّد، فيتحقّق الإثموتجب عليه الكفّارة.
(صفحه 265)