(صفحه266)
أوصاف المستحقّين للزكاة
القول في أوصاف المستحقّين للزكاة
وهي اُمور:
الأوّل: الإيمان، فلا يُعطى الكافر، ولا المخالف للحقّ وإن كان من فرق الشيعة،بل ولا المستضعف من فرق المخالفين إلاّ من سهم المؤلّفة قلوبهم، ولا يُعطى ابنالزنا من المؤمنين في حال صغره، فضلاً عمّن كان من غيرهم. ويُعطى أطفال الفرقةالحقّة؛ من غير فرق بين الذكر والاُنثى، ولا بين المميّز وغيره، بل لو تولّد بين المؤمنوغيره اُعطي منها إذا كان الأب مؤمناً، ومع عدم إيمانه لا يُعطى وإنكانت الاُمّمؤمنة. ولا تُسلّم إلى الطفل، بل تُدفع إلى وليّه، أو يصرفها عليه بنفسه أو بواسطةأمين، والمجنون كالطفل.
أمّا السفيه، فيجوز الدفع إليه وإن تعلّق الحجر به مع شرائطه1.
1ـ يعتبر في المستحقّين للزكاة من الأوصاف اُمور:
الأوّل: الإيمان، واعتبار هذا الأمر في الجملة مع كون مقتضى إطلاق الآيةـ على تقديره ـ في مثل الفقير والمسكين من الأصناف الثمانية، لا من سهمالمؤلّفة قلوبهم، كما عرفت المراد بهم فيما مضى(1)، يمكن أن يقال بأنّ دعويه من
(صفحه267)
ضروريّات المذهب، بل الدين كما عن الجواهر(1). وكذا المخالف للحقّ وإن كانمن فرق الشيعة، كالكيسانيّة والزيديّة والفطحيّة والواقفيّة، أو كان من فرقالمخالفين وكان مستضعفاً إلاّ من السهم المذكور، ويدلّ على الأمر الأخيرروايات:
منها: صحيحة بريد بن معاوية العجلي، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام في حديث قال:كلّ عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثمّ منّ اللّه عليه وعرّفه الولايةفإنّه يؤجر عليه إلاّ الزكاة؛ فإنّه يعيدها؛ لأنّه وضعها في غير مواضعها؛ لأنهلأهل الولاية، وأمّا الصلاة والحجّ والصيام فليس عليه قضاء(2)، ومن التعليليستفاد عدم جواز الإعطاء إلى الكافر بطريق أولى.
ومنها: صحيحة الفضلاء، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهماالسلام أنّهما قالا فيالرجل يكون في بعض هذه الأهواء الحروريّة والمرجئة والعثمانيّة والقدريّة، ثمّيتوب ويعرف هذا الأمر ويحسن رأيه، أيعيد كلّ صلاة صلاّها، أو صومأو زكاة، أو حجّ، أوليس عليه إعادة شيء من ذلك؟ قال: ليس عليه إعادةشيء من ذلك غير الزكاة لابدّ أن يؤدّيها؛ لأنّه وضع الزكاة في غير موضعها،وإنّما موضعها أهل الولاية(3).
وهنا روايات دالّة على عدم جواز صرف الزكاة في غير المؤمن،
- (2) تهذيب الأحكام 5: 9 ح23، وعنه وسائل الشيعة 9: 216، كتاب الزكاة، أبواب المستحقّين للزكاةب3 ح1.
- (3) الكافي 3: 545 ح1، تهذيب الأحكام 4: 54 ح143، علل الشرائع: 373 ح1، وعنها وسائل الشيعة9: 216، كتاب الزكاة، أبواب المستحقّين للزكاة ب3 ح2.
(صفحه268)
أو على الحصر في المؤمن.
فمن القسم الأوّل: صحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري، عن الرّضا عليهالسلام قال:سألته عن الزكاة هل توضع فيمن لا يعرف؟ قال: لا، ولا زكاة الفطرة(1).
ومن القسم الثاني: مكاتبة عليّ بن بلال قال: كتبت إليه أسأله هل يجوزأن أدفع زكاة المال والصدقة إلى محتاج غير أصحابي؟ فكتب: لا تعطِ الصدقةوالزكاة إلاّ لأصحابك(2).
وأمّا ولد الزنا، فإن لم يكن أبواه العرفي من المؤمنين، فلا إشكال في عدمجواز إعطاء الزكاة إليه في حال الصغر. وأمّا إذا كانا مؤمنين، ففي المتن أيضالعدم، والوجه فيه عدم اللحوق بهما إلاّ في بعض الآثار الخاصّة.
وأمّا الأطفال الحقيقيّة من المؤمن ومن فرق الحقّة، فلا إشكال في جوازالدفع إليهم، من غير فرق بين الذكر والاُنثى، ولا بين المميّز وغيره، بل فيه أنّالولد لو كان أبواه مختلفين من حيث المذهب، فإن كان أبوه مؤمناً يجوز دفعالزكاة إليه، ولا عكس؛ بأن كانت اُمّه مؤمنة دون أبيه؛ فإنّه لا يجوز الدفع إليه.
وقد وردت في الأطفال أعمّ من اليتيم روايات:
كصحيحة أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليهالسلام : الرجل يموت ويتركالعيال، أيعطون من الزكاة؟ قال: نعم، حتّى ينشؤوا ويبلغوا ويسألوا من أينكانوا يعيشون إذا قطع ذلك عنهم، فقلت: إنّهم لا يعرفون؟ قال: يحفظ فيهم
- (1) الكافي 3: 547 ح6، تهذيب الأحكام 4: 52 ح137، المقنعة: 242، وعنها وسائل الشيعة 9: 221، كتابالزكاة، أبواب المستحقّين للزكاة ب5 ح1.
- (2) تهذيب الأحكام 4: 53 ح140، وعنه وسائل الشيعة 9: 222، كتاب الزكاة، أبواب المستحقّين للزكاةب5 ح4.
(صفحه 269)
ميّتهم، ويحبّب إليهم دين أبيهم، فلا يلبثون أن يهتمّوا بدين أبيهم، فإذا بلغووعدلوا إلى غيركم فلا تعطوهم(1).
وموثقة أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال: ذريّة الرجل المسلم إذا ماتيعطون من الزكاة والفطرة، كما كان يعطى أبوهم حتّى يبلغوا، فإذا بلغووعرفوا ما كان أبوهم يعرف اُعطوا، وإن نصبوا لم يعطوا(2).
وصحيحة يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليهالسلام : عيال المسلميناُعطيهم من الزكاة فأشتري لهم منها ثياباً وطعاماً وأرى أنّ ذلك خير لهم؟قال: فقال: لا بأس(3).
وموثّقة عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لأبي الحسن عليهالسلام : رجل مسلممملوك ومولاه رجل مسلم وله مال يزكّيه، وللملوك ولد صغير حرّ، أيجزىءمولاه أن يعطي ابن عبده من الزكاة؟ فقال: لا بأس به(4).
هذا كلّه، مضافاً إلى أنّه لا دليل على اعتبار البلوغ في مثل الفقير والمسكين،ومقتضى إطلاق الآية العدم، كما أنّه لا دليل على اعتبار العقل، ثمّ إنّه أفاد فيالمتن أنّه لا تسلّم الزكاة إلى شخص الصغير، بل إلى وليّه الشرعي من مثلالأب أو الجدّ له، ويمكن أن يصرفها فيه صاحب الزكاة بشخصه، أو بواسطةأمين.
- (1) الكافي 3: 548 ح1، تهذيب الأحكام 4: 102 ح287، وعنهما وسائل الشيعة 9: 226، كتاب الزكاة، أبوابالمستحقّين للزكاة ب6 ح1.
- (2) الكافي 3: 549 ح3، وعنه وسائل الشيعة 9: 227، كتاب الزكاة، أبواب المستحقّين للزكاة ب6 ح2.
- (3) قرب الإسناد: 49 ح159، وعنه وسائل الشيعة 9: 227، كتاب الزكاة، أبواب المستحقّين للزكاة ب6 ح3.
- (4) الكافي 3: 563 ح14، وعنه وسائل الشيعة 9: 294، كتاب الزكاة، أبواب المستحقّين للزكاة ب45 ح1.
(صفحه270)
ثمّ إنّ المجنون كالطفل في جميع ما ذكر؛ لعدم الفرق.
وأمّا السّفيه، فلا إشكال في جواز إعطاء الزكاة إيّاه وإن كان بعد ثبوتحجره عند الحاكم؛ ضرورة أنّ السفاهة مانعة عن أخذ ماله لا إعطاء المالإيّاه، وقد صرّح سيّد العروة بأنّه يجوز دفع الزكاة إلى السّفيه تمليكاً وإن كانيحجر عليه بعد ذلك، كما أنّه يجوز الصرف عليه من سهم سبيل اللّه، بل منسهم الفقراء أيضاً على الأظهر من كونه كسائر السهام أعمّ من التمليكوالصرف(1)، انتهى.
أقول: الظاهر أنّه لا إشكال في الدفع إليه من سهم الفقراء، غاية الأمر أنّهإذا كان بنحو التمليك يدخل في أمواله التي يتعلّق بها الحجر. وأمّا الدفع منسهم سبيل اللّه، فهو إنّما يتمّ على أحد التفسيرين فيه. وأمّا على التفسير الآخرالذي نفينا البُعد عنه(2) من الاختصاص بالمصالح الراجعة إلى العموم والمنافعالعائدة إلى الاجتماع، فلا يجوز الدفع إليه بهذا العنوان، كما لا يخفى.
- (1) العروة الوثقى 2: 130 مسألة2732.