وأمّا فضل الزكاة، فعظيم، وثوابها جسيم.
وقد ورد في فضل الصدقة الشاملة لها: أنّ اللّه يربّيها ـ كما يربّي أحدكم ولده حتّى يلقاه يوم القيامة وهو مثل اُحد(3). وأنّها تدفع ميتة السوء(4). وصدقة السرّتطفئ غضب الربّ(5). إلى غير ذلك1.
وأمّا الثاني: أي النموّ؛ فلأنّ الفطرة في زكاتها بمعنى الخلقة والسلامة. وأمّالنموّ في الأموال، فلصراحة بعض الروايات(1).
الثاني: الكلام في ثبوت الحقيقة الشرعيّة وعدمها في الزكاة إنّما هو مثلالكلام في الصلاة من دون فرق، وقد عرفت(2) في محلّها عدم الثبوت.
الثالث: قد تقدّم البحث عن كون الزكاة في الجملة من ضروريّات الدِّين،وذكر كلمة «في الجملة» إنّما هو للاختلاف في ثبوت الزكاة في مثل الأرُز علىما سيأتي(3) تحقيقه، وأنّ منكرها مندرج فيالكفّار بنحو التفصيل في كتابالطهارة(4)، ويكفي في أهمّيتها اقترانها بالصلاة، وعطفها عليها في كثير منالآيات القرآنيّة(5)، سيّما مثل قوله ـ تعالى ـ : «الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّـهُمْ فِى الاْءَرْضِأَقَامُواْ الصَّلَوةَ وَ ءَاتَوُاْ الزَّكَوةَ»(6).
ولعلّ السرّ في الاقتران المذكور إفادة أنّ دين الإسلام ـ الذي هو أكملالأديان وخاتمها ـ لا يكون مشتملاً على الاُمور المعنويّة فقط، بل يكونمتكفّلاً لإقامة معاد الاجتماع ومعاشه.
والحقّ أنّ الواقع يكون كذلك؛ فإنّه لو أتوا بالزكاة بالإضافة إلى موارد
- (1) وسائل الشيعة 9: 9 ـ 15 و 21 ـ 31، كتاب الزكاة، أبواب ما تجب فيه الزكاة ب1 و 3.
- (2) دراسات في الاُصول 1: 187 ـ 202، سيرى كامل در اُصول فقه 2: 35 وما بعدها.
- (4) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الطهارة، النجاسات وأحكامها: 246 ـ 252.
- (5) سورة البقرة 2: 43، 83 ، 110، 177 و 277، سورة النساء 4: 77 و 162، سورة المائدة 5: 12 و 55، سورةالتوبة 9: 5 و 11 و 18 و 71، سورة مريم 19: 31 و 55، سورة الأنبياء 21: 73، سورة الحجّ 22: 41 و 78،سورة النور 24: 37 و 56، سورة النمل 27: 3، سورة لقمان 31: 4، سورة الأحزاب 33: 33، سورةالمجادلة 58: 13، سورة المزّمّل 73: 20، سورة البيّنة 98: 5.
(صفحه 13)
وجوبها، وصرفوها في الأقسام الثمانية المذكورة في الآية الشريفة(1)، وعمدتهالفقراء والمساكين، لا يبقى في المسلمين فقير ولا مستضعف، بل كان الجميعقادراً على إدامة المعاش من دون حرج ومشقّة.
وهذا الأمر مع أنّه محبوب في نفسه ربما يكون منشأً لعظمة الإسلاموالمسلمين، وعدم سلطة الاستكبار العالمي عليهم، ومن هذا الطريق لعلّهيعرف سرّ التعبيرات العجيبة بالإضافة إلى مانع الزكاة، وغير المتصدّيلإتيانها، وقد ذكر في المتن بعض تلك التعبيرات.
والأهمّ من الجميع التعبير بالكفر بالنسبة إلى مانع الزكاة، ومن المعلوم أنّهلا يكون المراد به هو الكفر الاصطلاحي الموجب لعروض النجاسة، بل هوكالتعبير بالكفر بالإضافة إلى تارك الحجّ في آية الاستطاعة(2)؛ ضرورةأنّ المراد بالكفر فيها إنّما هو بالإضافة إلى تارك الحجّ، لا منكره رأسعلى ما ذكرنا في كتاب الحجّ(3) من هذا الشرح.
فالمراد من الكفر في المقام بيان أنّ الزكاة من أهمّ الفرائض، كما ورد فيمورد الصلاة(4) والصيام(5)، والتعبير في الكتاب بالإتيان بالإضافة إلى الزكاةدليل على أنّ المراد به هو العمل والإجراء، كما أنّ قوله ـ تعالى ـ : «أَقِيمُواْالصَّلَوةَ» لا يكون المراد به إلاّ الإتيان، لا الإقامة بمعنى السعي على إتيانها.
- (3) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الحجّ 1: 8 ـ 13.
- (4) وسائل الشيعة 4: 41 ـ 43، كتاب الصلاة، أبواب أعداد الفرائض ب11.
- (5) وسائل الشيعة 10: 7 ـ 9، كتاب الصوم، أبواب وجوب الصوم ونيّته ب1.