(صفحه105)
مسألة 2: لو كان الإعراض والهجر مثلاً موجباً لتخفيف المنكر لا قلعه،ولم يحتمل تأثير أمره ونهيه لساناً في قلعه، ولم يمكنه الإنكار بغير ذلك،وجب1.
1ـ لو كان الإعراض والهجر مثلاً ـ الّذي يكون من درجات هذه المرتبة موجباً لتخفيف المنكر لا قلعه من أصله، ولم يحتمل تأثير أمره ونهيه لسانـ الّذي هو واقع في المرتبة الثانية، كما سيجيء(1) إن شاء اللّه تعالى، ولم يمكنهالإنكار بغير ذلك ـ وجب الإعراض والهجر؛ لأنّ تخفيف المنكر أيضاً مطلوبللشارع كقلعه من رأس، غاية الأمر الوقوع في الرتبة المتأخّرة، فالإعراضوالهجر في مفروض المسألة واجب.
(صفحه106)
مسألة 3: لو كان في إعراض علماء الدين ورؤساء المذهب ـ أعلى اللّه كلمتهم عن الظلمة وسلاطين الجور احتمال التأثير ـ ولو في تخفيف ظلمهم ـ يجب عليهمذلك، ولو فرض العكس ـ بأن كانت مراودتهم ومعاشرتهم موجبة له ـ لابدّ منملاحظة الجهات وترجيح الجانب الأهمّ.
ومع عدم محذور آخر ـ حتّى احتمال كون عشرتهم موجباً لشوكتهم وتقويتهم،وتجرّيهم على هتك الحرمات، أو احتمال هتك مقام العلم والروحانيّة، وإساءةالظنّ بعلماء الإسلام ـ وجبت لذلك المقصود1.
1ـ لو كان في إعراض العلماء عن الظلمة وسلاطين الجور احتمال التأثيرولو في تخفيف ظلمهم، كما مرّ في المسألة السابقة، وجب عليهم الإعراضوالهجر، ولو كان المفروض عكس ذلك؛ بأن كانت مراودتهم ومعاشرتهمموجبة لاحتمال التأثير ولو كذلك، لابدّ من ملاحظة الجهات وترجيح الجانبالأهمّ، ومع عدم شيء من المحذورين تجب العشرة لذلك المقصود، والمحذورانعبارة:
1ـ عن احتمال كون عشرتهم موجباً لشوكتهم وتقويتهم وتجرّيهم على هتكالحرمات الإلهيّة.
2ـ وعن احتمال هتك مقام العلم والروحانيّة، وإساءة الظنّ بعلماء الإسلام،وقد عرفت(1) اتّصال عقائد المسلمين سيّما الضعفاء بهم.
(صفحه107)
مسألة 4: لو كانت عشرة علماء الدين ورؤساء المذهب خالية عن مصلحةراجحة لازمة المراعاة، لا تجوز لهم، سيّما إذا كانت موجبة لاتّهامهم وانتسابهمإلى الرضا بما فعلوا1.
1ـ لو كانت عشرة العلماء خالية عن مصلحة راجحة لازمة المراعاةلاتجوز لهم؛ لعدم رجحان فيها أصلاً، بل المرجوحيّة نوعاً، خصوصاً إذا كانموجبة لاتّهامهم وانتسابهم إلى الرضا بما فعلوا، وخصوصاً إذا كان الظالم مثلالطاغوت، الّذي كان يريد الاتّصال بهم في مقابل الإمام الماتن قدسسره لكسر قوّةالمظاهرات وسلب عقائد الناس عن خطّ الإمام ومشيه.
والعلماء حيث يكونون بأنفسهم صالحين لا يكونون واردين في الاُمورالسياسيّة الّتي لها خطّ خاصّ من الإبهام، وعدم وضوح الوجه الواقعيللأفعال الصادرة منهم ومن حواشيهم، ولذا قد عرفت(1) أنّ هذه مرحلةخطيرة جدّاً، واللاّزم جعل الإنسان نفسه في حفظ اللّه ويتوكّل عليه إنّه قريبمجيب.
(صفحه108)
مسألة 5: لو كان في ردّ هدايا الظلمة وسلاطين الجور احتمال التأثير فيتخفيف ظلمهم، أو تخفيف تجرّيهم على مبتدعاتهم، وجب الردّ، ولا يجوز القبول،ولو كان بالعكس لابدّ من ملاحظة الجهات وترجيح الجانب الأهمّ، كما تقدّم1.
مسألة 6: لو كان في قبول هداياهم تقوية شوكتهم وتجرّيهم على ظلمهمأومبتدعاتهم يحرم القبول، ومع احتمالها فالأحوط عدم القبول، ولو كان الأمربالعكس تجب ملاحظة الجهات وتقديم الأهمّ2.
1 ، 2ـ لو كان في ردّ هدايا الظلمة وسلاطين الجور احتمال التأثير في تخفيفظلمهم، أو تجرّيهم على مبتدعاتهم، وجب الردّ، ولا يجوز القبول، وقد كانبعض عمّال الطاغوت في زمنه يخدعون في هذه الجهة، ويعطون بعض العلماءبعنوان سهم الإمام عليهالسلام مع عدم اعتقاده به، بل كان غرضه من ذلك ما ذكرنمن جلبهم وانحرافهم عن خطّ الإمام الماتن ومشيه، وإيجاد التفرقة بين العلماء،واللاّزم ملاحظة هذه الجهة الدقيقة لئلا يتأثّر الإنسان من السياسة الخبيثةالمضادّة للإسلام.
ونظيرذلكيوجد بالنسبةإلىبعضالسياسيّينغيرالمتعهّدينبالإسلاموالثورة،فيأخذون من الاستكبار العالمي مثل الدراهم والدنانير لإيجاد الاختلال فيالمملكة الإسلاميّة الإيرانيّة، والخدشة في أساس الثورة، وعددهم غير قليل،وكيف كان، لو كان في قبول هداياهم تقوية شوكتهم وتجرّيهم على ظلمهمومبتدعاتهم، يحرم القبول، ومع احتمالها يكون مقتضى الاحتياط اللاّزم عدمالقبول؛ لكون المحتمل قويّاً جدّاً، وفي مثله يكون الاحتياط لازماً. نعم، لو كانالأمر بالعكس تجب ملاحظة الجهات وتقديم الأهمّ، كما مرّ في المسألة الثالثة.
(صفحه109)
مسألة 7: يحرم الرضا بفعل المنكر وترك المعروف، بل لا يبعد وجوبكراهتهما قلباً، وهي غير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر1.
1ـ الكراهة القلبيّة بالنسبة إلى فعل المنكر وترك المعروف وإن لم تكنبمجرّدها من مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلاّ أنّه نفى البُعد فيالمتن عن وجوبها، وأفتى بحرمة الرضا بهما.
والظاهر أنّ الدليل على الثاني ما اشتهر من أنّ الراضي بفعل قوم كالداخلمعهم فيه(1)، وفي زيارة الوارث: ولعن اللّه اُمّة سمعت بذلك ـ أي بقتلالحسين عليهالسلام ـ فرضيت به(2).
وأمّا وجوب الكراهة؛ فلأنّها من موارد الموافقة الالتزاميّة الّتي هي لازمةالإسلام والإيمان والاعتقاد بهما، وقد وقع البحث عنها في كتاب القطع من علمالاُصول(3).
- (1) نهج البلاغة (الدكتور صبحي الصالح): 499، الحكمة 154، وعنه وسائل الشيعة 16: 141، كتاب الأمربالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي ب5 ح12.
- (2) مصباح المتهجد: 721، الرقم 806 ، البلد الأمين: 288، مصباح الكفعمي: 502، بحار الأنوار101: 199 ـ 200.
- (3) فرائد الاُصول (تراث الشيخ الأعظم) 1: 83 ـ 92، فوائد الاُصول 3: 80 ـ 81 ، دراسات في الاُصول2: 360 ـ 365.