(صفحه209)
مسألة 10: تثبت الشفعة للغائب، فله الأخذ بها بعد اطّلاعه على البيع ولو بعدزمان طويل، ولو كان له وكيل مطلق أو في الأخذ بها، واطّلع هو على البيع دونموكّله، له أن يأخذ بالشفعة له1.
1ـ يدلّ على الثبوت للغائب ـ مضافاً إلى ما عن الخلاف والتذكرة منالإجماع عليه(1) ـ خبر السكوني، عن أمير المؤمنين عليهالسلام : وصيّ اليتيم بمنزلةأبيه، يأخذ له الشفعة إذا كان له رغبة فيه، وقال: للغائب شفعة(2).
ويؤيّده الاعتبار؛ فإنّه لو لم يكن للغائب غير المطّلع على البيع نوعاً حقّالشفعة، ربما يتعمّد الشريك البائع والمشتري ترك البيع إلى حصول الغيبة،فهي غير مانعة ولو بعد زمان طويل، كما أنّه يجب الأخذ بها إذا أراد وكان لهفي محلّ البيع وكيل مطلق، أو في خصوص الأخذ بها، واطّلع هو على البيعوإن لم يطّلع الموكّل عليه، والوجه ظاهر.
- (1) الخلاف 3: 431 مسألة 5، تذكرة الفقهاء 12: 283 مسألة 757.
- (2) الكافي 5: 281 ح6، الفقيه 3: 46 ح160، تهذيب الأحكام 7: 166 ح 737، وعنهما وسائل الشيعة25: 401، كتاب الشفعة ب6 ح2.
(صفحه210)
مسألة 11: تثبت الشفعة للسفيه وإن لم ينفذ أخذه بها إلاّ بإذن الوليّ أو إجازتهفي مورد حجره. وكذا تثبت للصغير والمجنون وإن كان المتولّي للأخذ بها عنهموليّهما. نعم، لو كان الوليّ الوصيّ ليس له ذلك إلاّ مع الغبطة والمصلحة، بخلافالأب والجدّ؛ فإنّه يكفي فيهما عدم المفسدة، لكن لا ينبغي لهما ترك الاحتياطبمراعاة المصلحة، ولو ترك الوليّ الأخذ بها عنهما إلى أن كملا، فلهما أن يأخذبها1.
1ـ تثبت الشفعة للسفيه وإن كان الأخذ بها ـ الّذي هو تصرّف ماليّلامحالة ـ متوقّفاً على إذن الوليّ أو إجازته إذا حكم بحجره لذلك، وكذا تثبتللصغير والمجنون وإن لم يكن لهما التولّي لذلك، بل المتولّي هو الوليّ.
غاية الأمر أنّه إذا كان الوليّ الوصيّ، فاللاّزم له رعاية المصلحة والغبطةـ كما عرفت في خبر السكوني في ذيل المسألة المتقدّمة ـ ولو كان الوليّ الأبأو الجدّ؛ فإنّه يكفي فيهما عدم المفسدة، لكنّ الاحتياط بمراعاة المصلحة ـ كما فيالوصيّ ـ أولى وأحسن. ولو ترك الوليّ مطلقاً الأخذ بها عنهما إلىأنكملا، فلهمأن يأخذا بها، كالغائب إذا حضر واطّلع على ما عرفت.
(صفحه211)
مسألة 12: إذا كان الوليّ شريكاً مع المولّى عليه، فباع حصّته من أجنبيّ،أوالوكيل المطلق كان شريكاً مع موكّله، فباع حصّة موكّله من أجنبيّ، ففي ثبوتالشفعة لهما إشكال، بل عدمه لا يخلو من وجه1.
1ـ إذا كان الوليّ شريكاً مع المولّى عليه، كالصغير والمجنون، فباع حصّةالمولّى عليه من أجنبيّ مع مراعاة الغبطة، أو عدم المفسدة، فقد استشكل فيالمتن في ثبوت الشفعة للوليّ الشريك، بل نفى خلوّ عدمه من وجه؛ ولعلّالوجه فيه ثبوت الاتّهام من جهة البيع بالأقل للأخذ بالشفعة، وكذا الوكيلالمطلق إذا كان شريكاً مع موكّله، فباع حصّة موكّله من أجنبيّ؛ والوجه فيهماذكرنا.
لكن قال المحقّق في الشرائع: وإذا باع الأب أو الجدّ عن اليتيم شقصهالمشترك معه، جاز أن يشفعه وترتفع التهمة؛ لأنّه لا يزيد عن بيع ماله مننفسه، وهل ذلك للوصيّ؟ قال الشيخ: لا؛ لمكان التهمة(1). ولو قيل بالجوازكان أشبه كالوكيل(2).
ويظهر منه أنّ الحكم بالجواز في الوكيل كأنّه مسلّم بينهم، كما أنّه يظهر منهأنّ المخالفة إنّما هي بالإضافة إلى الوصيّ. وأمّا الأب أو الجدّ، فالحكم فيهمالجواز بلا خلاف، والتحقيق أنّ مقتضى القواعد والضوابط في الجميع ماجعلهالمحقّق أشبه ممّا عرفت.
- (2) شرائع الإسلام 3: 255.
(صفحه212)
مسألة 13: الأخذ بالشفعة إمّا بالقول؛ كأن يقول: أخذت بالشفعة، أو تملّكتالحصّة الكذائيّة، ونحو ذلك ممّا يفيد إنشاء تملّكه وانتزاع الحصّة المبيعة لأجلذلك الحقّ. وإمّا بالفعل؛ بأن يدفع الثمن ويأخذ الحصّة؛ بأن يرفع المشتري يده عنهويخلّي بين الشفيع وبينها. ويعتبر دفع الثمن عند الأخذ بها قولاً أو فعلاً إلاّ إذا رضيالمشتري بالتأخير.
نعم، لو كان الثمن مؤجّلاً، فالظّاهر أنّه يجوز له أن يأخذ بها ويتملّك الحصّةعاجلاً، ويكون الثمن عليه إلى وقته، كما أنّه يجوز له الأخذ بها وإعطاء الثمن عاجلاً،بل يجوز التأخير في الأخذ والإعطاء إلى وقته، لكن الأحوط الأخذ بها عاجلاً1.
1ـ الأخذ من الشريك بالشفعة تارةً: يكون بالقول، واُخرى: بالفعل، فهنطريقان:
الطريق الأوّل: القول، مثل أن يقول أخذت بالشفعة؛ فإنّه صريح في الأخذبها، أو يقول: تملّكت الحصّة الكذائيّة، ومثله ممّا يفيد إنشاء تملّكه لأجل ذلكالحقّ، لا لأجل الغصب أو غيره مثلاً.
الطريق الثاني: الفعل الظاهر في الأخذ بها؛ بأن يدفع الثمن ويأخذ الحصّةبهذا العنوان.
ويعتبر دفع الثمن في كلا الطريقين، وقد عرفت الرواية(1) الدالّة على أنّهإن اعتذر الشفيع من ذلك، فإن كان في البلد يؤجّل ثلاثة أيّام، وإن كانفي خارج البلد يؤجّل مضافاً إلى ذلك مقدار المسافرة الدالّة على أنّه لا صفقةمع عدم أداء الثمن في كلتا الصورتين، مع تقييد الحكم في الصورة الثانية بعدم
(صفحه213)
تضرّر المشتري من التأجيل. نعم، إذا رضى بالتأخير يكون الأخذ جائزاً؛ لأنّالحقّ لا يعدوهما.
نعم، فيما إذا كان الثمن في معاملة البيع مؤجّلاً؛ بأن باع من المشتري نسيئةمثلاً، فقد استظهر في المتن أنّه يجوز له أن يأخذ بها ويتملّك الحصّة عاجلاً،ويكون ثمن المعاملة عليه يدفعه إلى البائع زمان حلول الأجل.
ولكن يرد عليه في بادئ النظر: أنّ البائع ربما يكون له الاطمئنان بدفعالمشتري الثمن عند حلول الأجل، ولذا باع منه نسيئة، ولا يكون له هذالاطمئنان بالإضافة إلى الشريك أصلاً، ويرد هذا الإشكال إذا كان المراد دفعالثمن إلى المشتري عنده، لا الدفع إلى البائع؛ لأنّه ربما لا يكون المشتري لهالاطمئنان بذلك. نعم، لا ينبغي الإشكال في أنّه يجوز له الأخذ بالشفعةوإعطاء الثمن إلى المشتري عاجلاً، ولذا جعله مطابقاً للاحتياط، وجوّزالتأخير في الأخذ والإعطاء إلى وقته؛ لثبوت العذر الواضح.