(صفحه206)
الأصلي؛ لعدم تحقّق الاستحقاق قبل البيع، مع أنّ الشفعة الحقيقيّة لا تتحقّق إلبالبيع، كما عرفت(1) من تعريفها. وعليه: فالمراد بصاحب الأرض في الروايةهو المشتري. وعليه: فالمراد بالشريك المضاف إليه هو الشفيع، والتعبيربالبطلان إنّما يؤيّد هذا المطلب، ولعلّ هذا ظاهر الرواية.
وكيف كان، فالتفصيل في مثل المتن بين ما إذا كان في البلد فينتظر ثلاثةأيّام، وبين ما إذا كان في بلد آخر فينتظر مضافاً إلى الثلاثة مقدار المسافرةوالانصراف مع نقل المال ـ وإن كان في تعبير المتن مسامحة ـ لابدّ وأن يكونمستنداً إلى رواية، ولا رواية ظاهراً في المسألة غير الرواية المتقدّمة(2)،ولأجلها يمكن أن يقال بالانجبار لو كان فيها قصور من حيث الاعتبار.
وقد انقدح ممّا ذكرنا أنّه لا شفعة للعاجز عن الثمن مطلقاً وإن أتى بالضامنأو الرهن، إلاّ مع رضا المشتري؛ لأنّه طرف الحقّ.
وأمّا ما اُفيد في الذيل من أنّه إذا كان البلد بعيداً يتضرّر المشتري بتأجيلهفلا شفعة فيه، فلعلّ الوجه فيه أنّ المنساق من الرواية صورة عدم التضرّر؛لأجل ما ذكر، ويؤيّده الاعتبار كما لا يخفى.
نعم، في محكيّ مجمع البرهان بعد أن ذكر أنّ وجه ذلك نفيه عقلاً ونقلاً،قال: ولكنّه غير ظاهر؛ لأنّا نجد وقوعه في الشرع كثيراً، فليس له ضابطواضح، خصوصاً مع وجود النصّ(3).
- (3) مجمع الفائدة والبرهان 9: 21.
(صفحه 207)
قلت: قد مرّ(1) غير مرّة أنّ حديث نفي الضرر لا ارتباط له بالأحكام،والرواية منصرفة عن صورة الضرر، كما عرفت.
- (1) سيرى كامل در اصول فقه 13: 544 ـ 603، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الحج1: 105 ـ 107، 254، 274، 291 و 493 ـ 494، وكتاب الإجارة: 229 ـ 230، 340 ـ 342 و 500 ـ 501،وكتاب القضاء والشهادات: 17، 90، 151، 354 و 499، وثلاث رسائل: 111 ـ 112.
(صفحه208)
مسألة 9: يشترط في الشفيع الإسلام إن كان المشتري مسلماً، فلا شفعة للكافرعلى المسلم وإن اشتراه من كافر، وتثبت للكافر على مثله، وللمسلم على الكافر1.
1ـ والدليل على أنّه يشترط الإسلام في الشفيع إذا كان المشتري مسلمـ مضافاً إلى أنّه لا خلاف فيه(1)، بل عليه الإجماع(2) ـ قوله ـ تعالى ـ : «لَنيَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَـفِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً»(3). ومن الواضح: أنّ الشفعةالراجعة إلى أخذ المبيع من يد المشتري بثمنه سبيل له عليه، فاللاّزم أن يكونمسلماً إذا كان المشتري كذلك، مضافاً إلى قوله: الإسلام يعلو ولايعلى عليه(4).
وأمّا العكس فلا، كما أنّه تثبت للشريك الكافر إذا كان المشتري مثله؛للإطلاقات، وما في الرواية من أنّه ليس لليهودي والنصراني شفعة(5) منالإطلاق، محمول على ما إذا كان المشتري مسلماً؛ للإجماع كما في الجواهر(6).
- (1) المبسوط 3: 139، جواهر الكلام 37: 294.
- (2) الانتصار: 452 ـ 453، الخلاف 3: 453 ـ 454 مسألة 38، المبسوط 3: 139، غنية النزوع: 234، السرائر2: 387 ـ 388، تذكرة الفقهاء 12: 212 مسألة 714، مسالك الأفهام 12: 278، مجمع الفائدة والبرهان9: 26، مفاتيح الشرائع 3: 77، مفتاح 925، رياض المسائل 12: 310.
- (4) الفقيه 4: 243 ح778، وعنه وسائل الشيعة 26: 14، كتاب الفرائض والمواريث، أبواب موانع الارثب1 ح11، وص125 أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب15 ح2.
في مستدرك الوسائل 17: 142 ح20985، عن عوالي اللئالي 1: 226 ح118، وج3: 496 ح15، وفيصحيح البخاري 2: 118 ب79، الإسلام يعلوا ولا يُعلى.
- (5) الكافي 5: 281 ح6، تهذيب الأحكام 7: 166 ح737، الفقيه 3: 45 و 46 ح157 و 160، وعنها وسائلالشيعة 25: 401، كتاب الشفعة ب6 ح1 و 2.
- (6) جواهر الكلام 37: 293 ـ 294.
(صفحه209)
مسألة 10: تثبت الشفعة للغائب، فله الأخذ بها بعد اطّلاعه على البيع ولو بعدزمان طويل، ولو كان له وكيل مطلق أو في الأخذ بها، واطّلع هو على البيع دونموكّله، له أن يأخذ بالشفعة له1.
1ـ يدلّ على الثبوت للغائب ـ مضافاً إلى ما عن الخلاف والتذكرة منالإجماع عليه(1) ـ خبر السكوني، عن أمير المؤمنين عليهالسلام : وصيّ اليتيم بمنزلةأبيه، يأخذ له الشفعة إذا كان له رغبة فيه، وقال: للغائب شفعة(2).
ويؤيّده الاعتبار؛ فإنّه لو لم يكن للغائب غير المطّلع على البيع نوعاً حقّالشفعة، ربما يتعمّد الشريك البائع والمشتري ترك البيع إلى حصول الغيبة،فهي غير مانعة ولو بعد زمان طويل، كما أنّه يجب الأخذ بها إذا أراد وكان لهفي محلّ البيع وكيل مطلق، أو في خصوص الأخذ بها، واطّلع هو على البيعوإن لم يطّلع الموكّل عليه، والوجه ظاهر.
- (1) الخلاف 3: 431 مسألة 5، تذكرة الفقهاء 12: 283 مسألة 757.
- (2) الكافي 5: 281 ح6، الفقيه 3: 46 ح160، تهذيب الأحكام 7: 166 ح 737، وعنهما وسائل الشيعة25: 401، كتاب الشفعة ب6 ح2.
(صفحه210)
مسألة 11: تثبت الشفعة للسفيه وإن لم ينفذ أخذه بها إلاّ بإذن الوليّ أو إجازتهفي مورد حجره. وكذا تثبت للصغير والمجنون وإن كان المتولّي للأخذ بها عنهموليّهما. نعم، لو كان الوليّ الوصيّ ليس له ذلك إلاّ مع الغبطة والمصلحة، بخلافالأب والجدّ؛ فإنّه يكفي فيهما عدم المفسدة، لكن لا ينبغي لهما ترك الاحتياطبمراعاة المصلحة، ولو ترك الوليّ الأخذ بها عنهما إلى أن كملا، فلهما أن يأخذبها1.
1ـ تثبت الشفعة للسفيه وإن كان الأخذ بها ـ الّذي هو تصرّف ماليّلامحالة ـ متوقّفاً على إذن الوليّ أو إجازته إذا حكم بحجره لذلك، وكذا تثبتللصغير والمجنون وإن لم يكن لهما التولّي لذلك، بل المتولّي هو الوليّ.
غاية الأمر أنّه إذا كان الوليّ الوصيّ، فاللاّزم له رعاية المصلحة والغبطةـ كما عرفت في خبر السكوني في ذيل المسألة المتقدّمة ـ ولو كان الوليّ الأبأو الجدّ؛ فإنّه يكفي فيهما عدم المفسدة، لكنّ الاحتياط بمراعاة المصلحة ـ كما فيالوصيّ ـ أولى وأحسن. ولو ترك الوليّ مطلقاً الأخذ بها عنهما إلىأنكملا، فلهمأن يأخذا بها، كالغائب إذا حضر واطّلع على ما عرفت.