(صفحه89)
وقد رأينا الإمام الماتن قدسسره في هذه المرحلة في كمال التوجّه وشدّة الخلوص،وحتّى رفع اليد عمّا كان ملازماً له طول عمره من البحث والتدريس، ومعذلك كان مشتغلاً في ضمن العمل بالوظيفة بالتأليفات القيّمة والكتب المفيدةالّتي منها المتن، حشره اللّه مع أجداده الطيّبين والطاهرين.
(صفحه90)
مسألة 12: لو كان ورود بعض العلماء مثلاً في بعض شؤون الدول موجباً لإقامةفريضة أو فرائض، أو قلع منكر أو منكرات، ولم يكن محذور أهمّ ـ كهتك حيثيّةالعلم والعلماء، وتضعيف عقائد الضعفاء ـ وجب على الكفاية، إلاّ أن لا يمكن ذلكإلاّ لبعض معيّن لخصوصيّات فيه، فتعيّن عليه1.
1ـ في مفروض المسألة الّذي تكون فيه خصوصيّتان:
إحداهما: كون الورود موجباً لإقامة فريضة أو قلع منكر.
ثانيتهما: عدم وجود محذور أهمّ كالمثالين المذكورين في المتن، يظهر وجهالوجوب الكفائي؛ لتوقّف الإقامة والقلع عليه وعدم ما هو أهمّ، كما أنّه يظهرالوجوب العيني إذا لم يكن ذلك إلاّ لبعض خاصّ لأجل الخصوصيّات،أو الخصوصيّة الموجودة فيه، فيجب عليه عيناً الورود، كما هو ظاهر.
(صفحه91)
مسألة 13: لا يجوز لطلاّب العلوم الدينيّة الدخول في المؤسّسات الّتي أسّسهالدولة باسم المؤسّسة الدينيّة، كالمدارس القديمة الّتي قبضتها الدولة وأجرى علىطلاّبها من الأوقاف، ولا يجوز أخذ راتبها؛ سواء كان من الصندوق المشترك، أو منموقوفة نفس المدرسة أو غيرهما؛ لمفسدة عظيمة يُخشى منها على الإسلام1.
1ـ المراد بالدولة هي الدولة الظالمة الجائرة الّتي كانت تنتحل الإسلام بلالتشيّع إلى نفسها. وأمّا في الباطن وبحسب الأعمال والأفعال، فهي ضدّالإسلام، وتعمل على قلعه اُصولاً وفروعاً؛ لاستعانتها بالأجنبي الّذي يسعىجاهداً لذلك.
ووجه عدم جواز الدخول في المؤسّسات المذكورة أمران:
أحدهما: أنّ الغرض من التأسيسات المذكورة توجيه أعمال الطاغوت،وتربية الطلاّب الغافلين لأجل ذلك، مع أنّ المدارس الدينيّة موقوفة علىالطلاّب المشتغلين بالعلوم الإسلاميّة المروّجين لمذهب التشيّع وأحكامالإسلام.
ثانيهما: أنّ مثل المدارس ـ سواء كان له متولّ خاصّ، أم لم يكن ـ لايجوزلغير المجتهد الجامع للشرائط التصرّف فيها بإسكان الطلاّب الواقعيّة؛ ووجهعدم جواز أخذهم الرواتب الّتي ينفقها الطاغوت على الطلاّب ـ سواء كان منالصندوق المشترك (بودجه عمومى موقوفات) أو من موقوفة نفس المدرسة،أو غيرهما ـ هي المفسدة العظيمة الّتي يخشى منها على أساس الإسلام وأصله.
وأسوء من الصورة المفروضة في المسألة، التشكيلات الّتي كانت في زمنالطاغوت باسم دار الترويج، وكان مديرها ممّن ينتحل الروحانيّة إلى نفسه،
(صفحه92)
وكان يرسل بعض الشباب من الطلاّب المغفّلين عن حقيقة الحال، سيّما فيالأيّام المخصوصة من شهر رمضان وشهر محرّم الحرام لتوجيه أعمال الطاغوتفي مقابل الفضلاء الذين كانوا يسافرون باختيارهم لتبيين أهداف الإمامالماتن الخميني قدسسره ، وترويج أفكاره المقدّسة.
مع أنّ الطاغوت كان محاطاً بالمعاصي بأنواعها الكثيرة، سيّما الشهواتالجنسيّة الّتي يتضمّن بعض التواريخ لبيانها بما يخجل الإنسان من مطالعته،وعمدة ما كانوا يعتمدون عليه انحصار سلطان الشيعة به، مع أنّه لم يكنمعتقداً بالإسلام فضلاً عن التشيّع، ولقد سمعت من المكبّرة الكبيرة الّتي كانتتنشر كلامه الّذي ألقاه جنب صحن كريمة أهل البيت عليهمالسلام يقول: إنّ دينالإسلام الّذي لعلّه كان من الأديان الراقية بل أرقى منها يقول: كذا وكذا.
(صفحه 93)
مسألة 14: لا يجوز للعلماء وأئمّة الجماعات تصدّي مدرسة من المدارسالدينيّة من قبل الدولة؛ سواء أجرى عليهم وعلى طلاّبها من الصندوق المشتركأومن موقوفات نفس المدرسة أو غيرهما؛ لمفسدة عظيمة على الحوزات الدينيّةوالعلميّة في الآجل القريب1.
1ـ الدليل على عدم الجواز في فرض المسألة ما أفاده في ذيل المتن؛ من أنّهيخشى على الحوزات الدينيّة والعلميّة في الآجل القريب، وهو واضح جدّاً.