(صفحه137)
مسألة 9: ليس للمتجزّئ شيء من الاُمور المتقدّمة، فحاله حال العامّي في ذلكعلى الأحوط. نعم، لو فقد الفقيه والمجتهد المطلق، لا يبعد جواز تصدّيه للقضاء إذكان مجتهداً في بابه، وكذا هو مقدّم على سائر العدول في تصدّي الاُمور الحسبيّةعلى الأحوط1.
1ـ الاُمور المتقدّمة إنّما هي للمجتهد المطلق والفقيه الجامع للشرائط. وأمّالمجتهد المتجزّئ، فليس له شيء منها وإن كان متّصفاً بالعدالة، بل حاله حالالعامّي على الأحوط، الّذي منشؤه عدم ثبوت الولاية لأحد على أحد أوعلىأمر، إلاّ مع قيام الدليل، وقد قام(1) في المجتهد الجامع للشرائط.
نعم، لو كان الفقيه كذلك مفقوداً، فقد نفى البعد عن جواز تصدّيه للقضاء إذكان مجتهداً في هذا الباب، ولكن أشرنا(2) إلى الاكتفاء بكونه عالماً بالقضاءوبمسائلها ولو لم يكن مجتهداً في ذلك إذا كان بإذن الفقيه الجامع، وذلك لكثرةالابتلاء بالمسائل القضائيّة، وكثرة المراجعين إلى المحاكم، الذين يكونالاختلاف فيهم بين المدّعي والمنكر في أبعاد شتّى؛ من الاُمور الماليّةوالعرضيّة، والمرتبطة بالزوجيّة وغيرها من الاُمور الّتي تكون خارجة عنحدّ الإحصاء.
وفي هذا العصر الّذي هو عصر الحكومة الإسلاميّة في هذه الأمكنة لايقدرالفقهاء ـ ولو كانوا فرضاً كثيرين ـ على التصدّي بالمباشرة لمسألة القضاء،فاللاّزم الحكم بجواز المطّلع عنها لها مع الإذن من الفقيه الجامع للشرائط.وكذا الحال بالنسبة إلى الاُمور الحسبيّة، كالحفظ والتصرّف في أموال الغيّب
- (1) راجع كتاب البيع للإمام الخمينى رحمهالله 2: 627 ـ 669.
(صفحه138)
والقصّر، وصيرورتهم قيّمين بالإضافة إلى الأصاغر الخالية عن الأب والجدّ.
بل ذكر أنّ مقتضى الاحتياط تقدّم المتجزّئ على سائر العدول من المؤمنينفي تصدّي الاُمور الحسبيّة؛ لإشتراكه معهم في العدالة وافتراقه بثبوتالاجتهاد له وإن كان بنحو التجزّئ.
(صفحه 139)
مسألة 10: لا يجوز الرجوع في الخصومات إلى حكّام الجور وقضاته،بل يجب على المتخاصمين الرجوع إلى الفقيه الجامع للشرائط، ومع إمكان ذلكلو رجع إلى غيره كان ما أخذه بحكمه سحتاً على تفصيل فيه1.
1ـ لا يجوز الرجوع في الخصومات إلى حكّام الجور وقضاته، ويستفاد منالذيل التقييد بما إذا أمكن الرجوع فيها إلى الفقيه الجامع للشرائط، فلايجوز فيهذه الصورة، ولو رجع فيها إلى حكّام الجور كان ما أخذه بحكمه سحتاً.
كما يدلّ عليه المقبولة المعروفة، المشتملة على قوله عليهالسلام : «من تحاكمإلى الطاغوت فحكم (وما يحكم خ ل) له، فإنّما يأخذ سحتاً وإن كان حقّهثابتاً»(1)، ولعلّ التفصيل ناظر إلى الفرق بين ما إذا كان الحقّ عيناً، فيجوزأخذها، وبين ما إذا كان ديناً، فلا يتّصف باليقين بحكم الطاغوت، فتدبّر.
- (1) الكافي 7: 412 ح5، تهذيب الأحكام 6: 218 ح514، ورواه في وسائل الشيعة 27: 13 و 136، كتابالقضاء، أبواب صفات القاضي وما يجوز أن يقضى به ب1 ح4، وب11 ح1، عن الكافي 1: 67 ح10،وتهذيب الأحكام 6: 301 ح845 ، والاحتجاج 2: 260، الرقم 232 باختلاف.
(صفحه140)
مسألة 11: لو دعا المدّعي خصمه للتحاكم عند الفقيه يجب عليه القبول،كما أنّه لو رضي الخصم بالترافع عنده لا يجوز للمدّعي الرجوع إلى غيره1.
1ـ قال المحقّق في الشرائع: يجب على الخصم إجابة خصمه إذا دعاهللتحاكم عنده(1)؛ يعني عند المجتهد الجامع للشرائط، وأضاف إليه في الجواهر:كما يجب القبول على من حكم له وعليه منهما، بلا خلاف أجده في شيء منهما؛لما سمعته من قول الصادق عليهالسلام في مقبولي ابن حنظلة(2) وأبي خديجة(3)،وصاحب الزمان ـ روحي له الفداء ـ في التوقيع(4) المعتضد بالإجماع بقسميهعليه. وأضاف إليه قوله: نعم، قد يظهر من بعض عدم الوجوب بمجرّد طلبالخصم ذلك، بل يتوقّف على طلب الحاكم له، ولكن ظاهر النصوص ـ أيالمتقدّمة ـ وجوب الإجابة عليه بمجرّد طلب خصمه ذلك(5)، إنتهى.
- (1) شرائع الإسلام 1: 345.
- (2) تقدّمت تخريجها في ص140.
- (3) الفقيه 3: 2 ح1، الكافي 7: 412 ح4، تهذيب الأحكام 6: 219 ح516، وعنها وسائل الشيعة 27: 13، كتابالقضاء، أبواب صفات القاضي وما يجوز أن يقضى به ب1 ح5.
- (4) كمال الدين: 483 قطعة من ح4، الغيبة للشيخ الطوسي: 291 قطعة من ح247، الاحتجاج 2: 542 قطعةمن الرقم 344، وعنها وسائل الشيعة 27: 140، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي وما يجوز أن يقضىبه ب11 ح9.
- (5) جواهر الكلام 22: 686 ـ 687.
(صفحه141)
مسألة 12: لو رفع المدّعي إلى الحاكم الشرعي، فطلب الحاكم المدّعى عليه،يجب عليه الحضور، ولا يجوز التخلّف1.
مسألة 13: يجب كفاية على الحكّام الشرعيّة قبول الترافع، ومع الانحصاريتعيّن عليه2.
1ـ لو رفع المدّعي إلى الحاكم الشرعي، فطلب الحاكم خصمه لأجلالمحاكمة، يجب عليه الحضور، ولا يجوز التخلّف بلا خلاف(1)، حتّى ممّن يظهرمنه عدم الوجوب في المسألة السابقة، ومع التعدّد لا يجوز اختيار الخصمغيره؛ لأنّه المدّعي وله حقّ الدعوى، فالتعيين باختياره لا باختيار الخصم.
2ـ الوجوب كفاية مع عدم الانحصار، وعيناً مع الانحصار إنّما هو لأجلما ذكرنا؛ من أنّه مع وجدانه يكون القضاء والحكم من شؤونه ووظائفه،خصوصاً مع ملاحظة ما ذكرنا(2) من كثرة الابتلاء بالأحكام القضائيّةالإسلاميّة المبتنية على اُمور خاصّة من البيّنة واليمين وغيرهما، فلو لم يكنواجباً عليه لما كان يلائمه كونه من شؤونه ووظائفه، فنفس ذلك دليل علىالوجوب الكفائي والعيني في الفرضين المذكورين، وفي الجواهر(3): يجبتحصيل المرتبة المذبورة كذلك أيضاً على المشهور؛ لتوقّف حفظ النظام عليها.
- (1) جواهر الكلام 22: 686.
- (3) جواهر الكلام 22: 687.