(صفحه131)
مقطوع بها(1)، إنتهى(2).
مع أنّ هنا نصوصاً مذكورة في كتاب الحدود(3)، مضافاً إلى أنّ غير الفقيهالجامع للشرائط لا يكون عالماً بالخصوصيّات المعتبرة في هذه الاُموروبأحكام القضاء، وربما لا يجري الحدّ الشرعيّ أو لا يحكم بالقضاء الشرعيلأجل الفسق وعدم العدالة، فيلزم الفساد العظيم، والهرج والمرج الشديد.
ففي عصر الحضور وبسط يده عليهالسلام يكون المتصدّي لهذه الاُمور الإمام عليهالسلام ،أومن نصبه لخصوص ذلك، وليس مثل الحدود، كبعض مراتب الأمر والنهيالمستلزم للجرح أو القتل، كما ذكرناه آنفاً(4)؛ لأنّه ـ مضافاً إلى أنّا اخترنا تبعللمحقّق قدسسره في الشرائع أنّ الأظهر فيهما أيضاً إذن الإمام عليهالسلام علىما عرفت(5) ربما يفرّق بينهما، بأنّ الحدّ مطلوب شرعاً لذاته من حيث إنّه حكم شرعيّمتعلّق بمنصب الإمامة، فلابدّ من إذن الإمام عليهالسلام .
وأمّا الجرح والقتل؛ فإنّهما مطلوبان لامتثال الأمر والنهي لا لذاتهما،فلا يشترطان بإذن الإمام عليهالسلام كالدفاع، ولذا وقع الخلاف في الأوّل دون الثاني،وكيف؟ فاستثناء الجهاد البدوي في ذيل المسألة الثانية يدلّ على أنّ الجهاد إذكانللدفاع عنبيضةالإسلام، فلايكون مشروطاً بإذنالإمام عليهالسلام كماسيجيء(6)،وأمّا إذا كان بدويّاً فاللاّزم إذنه الخاصّ، والظاهر أنّه لا خلاف فيه.
- (2) جواهر الكلام 22: 658 ـ 659.
- (3) راجع وسائل الشيعة 28: 49 ـ 50، كتاب الحدود والتعزيرات، أبواب مقدّمات الحدود وأحكامها العامّةب28، وص56 ـ 58 ب32.
(صفحه132)
مسألة 3: يجب كفاية على النوّاب العامّة القيام بالاُمور المتقدّمة مع بسط يدهموعدم الخوف من حكّام الجور، وبقدر الميسور مع الإمكان1.
1ـ قد عرفت في المسألة السابقة أنّه في عصر الغيبة يقوم بالاُمورالمذكورة في المسألة الاُولى النوّاب العامّة، الذين هم الفقهاء الجامعونللشرائط، فأعلم أنّ تصدّيهم في عصر الغيبة لهذه الاُمور إنّما يجب عليهم كفايةمع بسط يدهم، وعدم الخوف من حكّام الجور بقدر الميسور مع الإمكان؛لأنّها من الاُمور الحسبيّة الّتي يكون وجودها مطلوباً للشارع، وليس منوظيفة غيرهم على ما عرفت.
(صفحه133)
مسألة 4: يجب على الناس كفاية مساعدة الفقهاء في إجراء السياساتوغيرها؛ من الحسبيّات الّتي من مختصّاتهم في عصر الغيبة مع الإمكان، ومع عدمهفبمقدار الميسور الممكن1.
1ـ حيث إنّ أكثر تلك الاُمور الحسبيّة بل جلّها لو لا كلّها لا يمكنتحقّقها من شخص واحد، فالواجب حينئذٍ على الناس كفاية مساعدة الفقهاءفي إجراء تلك الاُمور؛ من إجراء السياسات وغيرها من الحسبيّات الّتيهي من وظيفة الفقيه ومختصّاته مع الإمكان، ومع عدمه فبمقدار الميسورالممكن، وقد ذكرنا في كتاب القضاء أنّه لا يلزم أن يكون المتصدّي لهبالمباشرة هو الفقيه الجامع(1).
كيف؟ ولا يمكن ذلك حتّى في عصرنا الّذي زالت فيه حكومة الطاغوت،وحلّت محلّها حكومة إسلاميّة شيعيّة، والقضاء يجرى على موازين الإسلام،وقلنا بأنّه يكفي أن يكون القاضي عالماً بأحكام القضاء، عادلاً في حكمه،وأن كان مأذوناً من قبل الفقيه الجامع وإن لم يكن بنفسه فقيهاً.
- (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب القضاء والشهادات: 42 ـ 48.
(صفحه134)
مسألة 5: لا يجوز التولّي للحدود والقضاء وغيرها من قبل الجائر، فضلاً عنإجراء السياسات غير الشرعيّة، فلو تولّى من قبله مع الاختيار فأوقع ما يوجبالضمان ضمن، وكان فعله معصية كبيرة1.
1ـ لا يجوز التصدّي للحدود والقضاء وغيرها من قبل الجائر وإن كانجارياً على طبق الموازين الشرعيّة والضوابط المقرّرة، فضلاً عن إجراءالسياسات غير الشرعيّة كالحبس والإقصاء وغيرهما، فلو تولّى من قبله معالاختيار فأوقع ما يوجب الضمان ضمن، وكان فعله معصية كبيرة؛ لعدم جوازالتصدّي في هذه الصورة، وعدم جواز التولية من قبله على ما هو المفروض.
(صفحه135)
مسألة 6: لو أكرهه الجائر على تولّي أمر من الاُمور جاز إلاّ القتل وكان الجائرضامناً، وفي إلحاق الجرح بالقتل تأمّل. نعم، يلحق به بعض المهمّات، وقد أشرنإليه سابقاً1.
1ـ لو أكرهه الجائر على تصدّي أمر من الاُمور المذكورة يصير جائزبالإكراه ـ لرفع ما استكرهوا عليه(1) ـ ، إلاّ القتل؛ فإنّه لا يصير جائزاً بالإكراهولوكان مقروناً بالتوعيد على القتل، وفي صور الجواز يكون الجائر ضامنلوتحقّق منه ما يوجب الضمان، وقد تأمّل في إلحاق الجرح بالقتل، والظاهر أنّوجه التأمّل عدم كون الجرح الإكراهي منافياً لحقن الدم المطلوب للشارع.نعم، قد مرّ سابقاً أنّه يلحق بالقتل في عدم الجواز بعض المحرّمات المهمّة،كالوطء، والزنا بالمحارم النسبيّة على ما مثّلنا به آنفاً.
- (1) الفقيه 1: 36 ح132، الخصال: 417 ح9، التوحيد: 353، ح24، الكافي 2: 462 ـ 463، ح1 و 2، نوادر ابنعيسى: 74 ح157 ـ 159، تفيسر العيّاشي 1: 160 ح534، وعنها وسائل الشيعة 7: 293، كتاب الصلاة،أبواب قواطع الصلاة ب37 ح2، وج8 : 249، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب30 ح2،وج15: 369ـ 370، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس ب56 ح1 ـ 3، وج16: 218، كتاب الأمر بالمعروفوالنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي ب25 ح10، وج23: 237، كتاب الإيمان ب16 ح3 ـ 5.