(صفحه279)
مسألة 28: لو انهدم الجدار المشترك وأراد أحد الشريكين تعميره، لم يجبرشريكه على المشاركة في عمارته، وهل له التعمير من ماله مجّاناً بدون إذن شريكه؟لاإشكال في أنّ له ذلك إذا كان الأساس مختصّاً به وبناه بآلات مختصّة به،كما لاإشكال في عدم الجواز إن كان الأساس مختصّاً بشريكه.
وأمّا إذا كان مشتركاً، فإن كان قابلاً للقسمة ليس له التعمير بدون إذنه. نعم،له المطالبة بالقسمة، فيبني على حصّته المفروزة، وإن لم يكن قابلاً لها، ولم يوافقهالشريك في شيء، يرفع أمره إلى الحاكم ليخيّره بين عدّة اُمور: من بيع، أو إجارة،أو المشاركة معه في العمارة، أوالرخصة في تعميره وبنائه من ماله مجّاناً.
وكذا الحال لو كانت الشركة في بئر، أو نهر، أو قناة، أو ناعور ونحو ذلك، ففيجميع ذلك يرفع الأمر إلى الحاكم فيما لا يمكن القسمة، ولو أنفق في تعميرها منماله فنبع الماء أو زاد، ليس له أن يمنع شريكه غير المنفق من نصيبه من الماء1.
1ـ لو انهدم الجدار المشترك ـ وسيأتي في هذه المسألة تفصيله ـ وأراد أحدالشريكين تعميره، لم يجبر الشريك الآخر على المشاركة في تعميره؛ لأنّه ربملا يريد عمارة ماله. وهل له التعمير من ماله مجّاناً بدون الشركة وبدون الإذنمن الشريك؟ قد فرض فيه فروضاً:
الأوّل: ما إذا كان أساس الجدار مختصّاً بهذا الشريك الّذي يريد تعميره،والبناء بآلات مختصّة به، وقد نفى الإشكال عن الجواز في هذه الصورة؛ لفرضاختصاص الأساس به وانهدام الجدار.
الثاني: عكس هذا الفرض؛ وهو ما إذا كان الأساس مختصّاً بالشريكالآخر، وقد نفى الإشكال عن عدم الجواز حينئذٍ؛ لفرض الاختصاص.
الثالث: ما إذا كان الأساس مشتركاً بينهما، كأن استأجرا معاً شخصاً
(صفحه280)
واحداً لبنائه، مع إعطاء كلّ واحد منهما نصف اُجرته مثلاً، وفي هذا الفرضتارة: يكون الأساس المشترك قابلاً للقسمة، واُخرى: لا يكون قابلاً لها.
ففي الصورة الاُولى: ليس له التعمير بدون إذن الشريك؛ لبقاء الأمرالمشترك، ولا يجوز لأحد الشريكين التصرّف في المال المشترك بدون إذنالشريك ورضاه.
نعم، له مطالبة القسمة؛ لفرض كونه قابلاً لها، فبعد التقسيم وصيرورةحصّته مفروزة يبني عليها باختياره.
وفي الصورة الثانية، الّتي لا يكون الأساس فيها قابلاً للقسمة حتّى يبنيعلى حصّته المفروزة، ولا يوافقه الشريك في شيء أصلاً، يرفع أمره إلىالحاكم،فيخيّره بين عدّة اُمور: من بيع، أو إجارة، أو المشاركة معه في العمارة،أو الرخصة في تعميره وبنائه من ماله مجّاناً.
وكذلك الحال لو كانت الشركة في بئر، أو نهر، أو قناة، أو مثلها، ففي الجميعمع عدم إمكان القسمة يرفع الأمر إلى الحاكم، فيخيّره بين الاُمور المذكورة،ولابدّ له من اختيار أحدها.
ولو أنفق في تعميرها من ماله بدون المراجعة إلى الشريك وموافقته معه،فنبع الماء بسبب التعمير، أو زاد على مائه الأوّل، ليس له أن يمنع شريكه غيرالمنفق من نصيبه من الماء الثابت له قبل ذلك، ولا أن يزيد على نصيبه فيمقابل الإنفاق الّذي صدر منه في تعميره.
(صفحه 281)
مسألة 29: لو كانت جذوع دار أحد موضوعة على حائط جاره، ولم يعلم علىأيّ وجه وضعت، حكم في الظاهر بكونه عن حقّ حتّى يثبت خلافه، فليس للجارأنيطالبه برفعها عنه، بل ولا منعه من التجديد لو انهدم السقف. وكذا الحال لو وجدبناء، أو مجرى ماء، أو نصب ميزاب في ملك غيره ولم يعلم سببه، فيحكم في أمثالذلك بكونه عن حقّ، إلاّ أن يثبت كونها عن عدوان، أو بعنوان العارية الّتي يجوز فيهالرجوع1.
1ـ لو كانت جذوع دار أحد موضوعة على حائط جاره، وفرض أنّهاشتراه مثلاً كذلك، ولم يعلم على أيّ وجه وضعت، أبصورة المجاز، أمبصورةالغصب والظلم؟ ففي المتن حكم في الظاهر بكونه عن حقّ حتّى يثبت خلافه،ولعلّه لجريان أصالة الصحّة في فعل المسلم؛ من دون فرق بين أن يكون هوصاحب الجذوع وواضعها على حائط الجار، أم غيره، وعليه: فليس للجارأن يطالبه برفع الجذوع عن الدار، بل ولا منعه من التجديد لوانهدم السقفوأراده.
وكذا الحال لو وجد بناء، أو مجرى ماء، أو نصب ميزاب في ملك غيره،ولم يعلم سببه وكيفيّته، فالحكم في الجميع البناء على كونه عن حقّ إلاّ أنيثبت كونها ناشئاً عن العدوان، أو بعنوان العارية الّتي يجوز فيها الرجوع، فلهحقّ الرجوع في كلا الفرضين؛ والوجه واضح.
(صفحه282)
مسألة 30: لو خرجت أغصان شجرة إلى فضاء ملك الجار من غير استحقاق، لهأن يطالب مالكها بعطف الأغصان أو قطعها من حدّ ملكه، وإن امتنع صاحبها يجوزله عطفها أو قطعها، ومع إمكان الأوّل لا يجوز الثاني1.
1ـ قال المحقّق قدسسره في الشرائع: إذا خرجت(1) أغصان شجرة إلى ملك الجار،وجب عطفها إن أمكن، وإلاّ قطعت من حدّ ملكه، وإن امتنع صاحبها قطعهالجار، ولا يتوقّف على إذن الحاكم(2). وعطف في الجواهر(3) على الأغصانالعروق؛ والوجه لما في المتن من أنّه له أن يطالب مالكها بعطف الأغصانأو قطعها من حدّ ملكه، وأنّ الفضاء ملك للجار، ولا يجوز التصرّف في مالغير بغير إذنه ورضاه. ولو امتنع مالك الأغصان عن العطف أو القلع، يجوزللجار التصدّي لذلك بنفسه، ولا يتوقّف على إذن الحاكم لرفع المانععن تصرّف غير في ماله، كما في سائر الموارد.
وقد وقع الفراغ بحمد اللّه والمنّة عن تسويد هذه الأوراق بيد العبد المفتاقإلى رحمة ربّه الغنيّ؛ محمّد الفاضل اللنكراني ـ عفي عنه وعن والديهالمرحومين، وجعل مستقبل أمره خيراً من ماضيه، وعاقبته محمودة حسنةسليمة ـ مع تشتّت البال، وتبدّل الأحوال، والابتلاء بأمراض كثيرة، بعضه
- (1) كذا أثبته المؤلّف قدسسره ، وهو موافق لنسخة شرائع الإسلام طبعة اسماعيليان بتحقيق عبد الحسين بقّال2: 103 سنة 1373هـ ش، وغاية المرام 2: 229، ومسالك الأفهام 4: 293، وجواهر الكلام، ولكن في سائرنسخ الشرائع: إذ أخرجت.
- (2) شرائع الإسلام 2: 125.
- (3) جواهر الكلام 26: 277.
(صفحه283)
بل أكثرها مهمّ.
مضافاً إلى الآلام الاجتماعيّة، والمعضلات الروحيّة الناشئة من المسائلالسياسيّة، وعروض بعض الحوادث، كالزلزلة الّتي صارت موجبة لانهدام بلدكبير، وارتحال أفراد كثيرة، ربما يتجاوز عددهم عن أربعين ألفاً، في زمانلا يبلغ إلاّ دقيقة واحدة، بل في ظرف ثانيتين، ولا محيص من أن يقال إنّا للّهوإنّا إليه راجعون، فإلى اللّه المشتكى، وعليه المعوّل في الشدّة والرخاء.
والرجاء الواثق شمول العناية الربوبيّة، والإفاضة الإلهيّة، التوفيقلاستكمال هذا الشرح ـ الّذي كان شروعه من ثلاثين سنة ـ خدمةً للعلموالدِّين، ونشراً لآثار أئـمّة الحقّ واليقين، الّذين صاروا مظلومين، وقد وفّقنياللّه ـ تبارك وتعالى ـ لتأسيس مركز لفقه الأئـمّة الأطهار ـ عليهم صلوات اللّهالملك الجبّار ـ لأداء جزء يسير من حقوقهم، وإحياء أمر من اُمورهم،والإنصاف الخالي من التعصّب والعناد، أنّهم أعطونا من العلوم ما هو أكملها،وبيّنوا لنا ما لا يتصوّر فوقه أصلاً، مع شهادة التاريخ والحقيقة بعدم تعلّمهمولو في زمن الصغر عند أحد، بل مناظرات بعضهم عليهمالسلام مع أجلّة علمائهموالغلبة عليهم في زمان لميبلغ سنّه عشر سنوات معروفة(1).
فلهم علينا حقوق لا يمكن إحصاؤها، نسأل اللّه أداء بعضها إليهم إن شاءاللّه تعالى، وكان تاريخ تسويد هذه الأوراق ليلة الخميس الثاني والعشرينمن ذي القعدة الحرام من شهور سنة 1424، وللّه عاقبة الاُمور.
- (1) الكافي 1: 496 ح7، مناقب آل أبي طالب 4: 382 ـ 384، كشف الغمّة 3: 134 و 144 ـ 146، عيونالمعجزات: 119 ـ 120، وعنها بحار الأنوار 50: 89 ـ 94 ح5 و 6، وص99 ـ 100 ح12.