(صفحه46)
مسألة 6: لو كان ما ارتكبه مخالفاً للاحتياط اللاّزم بنظرهما، أو نظر مقلّدهما،فالأحوط إنكاره، بل لا يبعد وجوبه1.
1ـ إذا كان هنا احتياط لازم بنظرهما إذا كانا مجتهدين، أو نظر مقلّدهما إذكانا مقلّدين، وكان ما ارتكب مخالفاً لذلك الاحتياط اللاّزم، فقد جعل مقتضىالاحتياط فيه الأمر والنهي، بل نفى خلوّ الوجوب عن البعد.
ولعلّ السرّ فيه: أنّ الحاكم بلزوم الاحتياط هو العقل الحاكم في بابالإطاعة والعصيان؛ إذ ليس لزوم إيجاد الاُولى وترك الثاني إلاّ من شؤونالعقل، فكما أنّه يحكم بلزوم رعاية الإطاعة وترك العصيان، كذلك يحكم بلزومالاحتياط على ما هو المفروض في المقام، فلا يبعد الوجوب حينئذٍ.
(صفحه47)
مسألة 7: لو ارتكب طرفي العلم الإجمالي للحرام، أو أحد الأطراف، يجب فيالأوّل نهيه، ولا يبعد ذلك في الثاني أيضاً، إلاّ مع احتمال عدم منجّزيّة العلمالإجمالي عنده مطلقاً، فلا يجب مطلقاً، بل لا يجوز، أو بالنسبة إلى الموافقةالقطعيّة، فلا يجب، بل لا يجوز في الثاني، وكذا الحال في ترك أطراف المعلومبالإجمال وجوبه1.
1ـ لو ارتكب الطرفين أو الأطراف من جميع أطراف العلم الإجمالي للحرام،أو ارتكب أحد الطرفين أو الأطراف، فهنا صورتان:
إحداهما: ارتكاب الطرفين للحرام أو الأطراف جميعاً، فقد أوجب فيهنهيه؛ لأنّ النهي عنه نهي عن الحرام المعلوم بالإجمال، مضافاً إلى أنّك عرفتفي المسألة السابقة نفي البُعد عن الوجوب فيما إذا خالف الاحتياط اللاّزم، إلأنيحتمل فيمفروض المقام عدم منجّزية العلم الإجمالي عنده مطلقاً، لا بالنسبةإلى وجوب الموافقة القطعيّة، ولا بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعيّة، ففي هذالفرض لا يجب نهيه، بل لا يجوز؛ لعدم كونه آتياً بالمنكر باعتقاده احتمالاً.
ثانيتهما: ارتكاب أحد الطرفين أو الأطراف، وفي هذه الصورة أيضاً يجبنهيه إلاّ مع احتمال أن لا يكون العلم الإجمالي عنده منجّزاً بالنسبة إلىالموافقةالقطعيّة ووجوبها، وفي هذه الصورة لا يجب بل لا يجوز كما عرفت في الصورةالاُولى، ثمّ إنّ نظير ذلك يتصوّر بالنسبة إلى الطرفين أو أطراف المعلومبالإجمال وجوبه؛ لعدم الفرق بين الفرضين.
ثمّ اعلم أنّ عبارة المتن في طرح المسألة غير خالية عن الاضطراب، وحقّهأن يقال: لو ارتكب جميع أطراف العلم الإجمالي بالحرام، أو أحد الأطراف إلخ.
(صفحه48)
مسألة 8 : يجب تعلّم شرائط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومواردالوجوب وعدمه، والجواز وعدمه، حتّى لا يقع في المنكر في أمره ونهيه1.
مسألة 9: لو أمر بالمعروف أو نهى عن المنكر في مورد لا يجوز له، يجب علىغيره نهيه عنهما2.
1ـ حيث إنّك عرفت(1) أنّ نفس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منالواجبات المسلّمة، ولكن كان لهما شرائط قد تقدّم(2) بعضها، وتأتي البقيّةإنشاء اللّه تعالى(3)، وعرفت وستعرف موارد الوجوب وعدمه، والجوازوعدمه، وقد مرّ في المسألة السابقة أنّ المرتكب لجميع أطراف العلم الإجماليللحرام إذا احتمل في حقّه أنّه لا يقول بمنجّزية العلم الإجمالي أصلاً، حتّىبالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعيّة، لا يجوز أمره ونهيه، فاللاّزم تعلّمالخصوصيّات وموارد الجواز وعدمه؛ لاحتمال وقوع شخصه في المنكر بعملهالّذي يراه بحسب الظاهر واجباً، فتدبّر.
2ـ لو أمر شخص بالمعروف أو نهى عن المنكر في مورد لا يجوز له شيءمنهما، فقد ارتكب أمراً غير جائز وهو منكر، يجب على الآخر نهي هذالشخص عنه.
(صفحه49)
مسألة 10: لو كان الأمر أو النهي في مورد بالنسبة إلى بعض موجباً لوهنالشريعة المقدّسة ولو عند غيره لا يجوز، خصوصاً مع صرف احتمال التأثير، إلأن يكون المورد من المهمّات، والموارد مختلفة1.
1ـ لو فرض أنّ الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر في مورد موجب لوهنالشريعة المقدّسة الغرّاء، ولإيجاد الشبهة والتزلزل بالإضافة إليها، ولوعند غيرالمأمور والمنهيّ، كما أنّه قد يرى ذلك في هذه الأزمنة وهذه الأمكنة بالنسبةإلى بعض المعاصي الصغيرة، كحلق اللحية مثلاً عند من يرى حرمته، وأنّه منالمعاصي، فلا يجوز ذلك، خصوصاً مع مجرّد احتمال التأثير دون العلمأو الاطمئنان به، وقد استثنى في المتن ما إذا كان المورد من المهمّات.
والموارد مختلفة، وقد عرفت(1) اختلاف المحرّمات، وكذا الواجبات بحسبالرتبة والدرجة، فإذا فرض أنّ امرأة مؤمنة لا تراعي الحجاب الإسلاميّ،فاللاّزم مع وجود الشرائط نهيها عنه إلاّ إذا كان موجباً لوهن الشريعةكما عرفت.
أمّا إذا أرادت الحكومة رفع الحجاب عن الاُمّة الإسلاميّة، فاللاّزم الثورةضدّها، كما حصل نظائر ذلك كثيراً في زمن الطاغوت، وانتهى الأمر أخيرلصالح الحكومة الدينيّة القائمة على الاُصول والقوانين، المطابقة للشريعةالإسلاميّة بيد الإمام الماتن قدسسره ، وتأييد الاُمّة الإسلاميّة.
(صفحه50)
الشرط الثاني: أن يجوّز ويحتمل تأثير الأمر أو النهي، فلو علم أو اطمئنّبعدمه فلا يجب1.
1ـ الأمر الثاني: من الاُمور المعتبرة في وجوب الأمرين في المقام أنيجوّزويحتمل احتمالاً عقلائيّاً تأثير الأمر أو النهي في حصول المطلوب، فلو علمبالقطع الّذي هي حجّة عقليّة، أو الاطمئنان الّذي هي حجّة عقلائيّة بعدمالتأثير، فلا يجبان. أمّا عدم الوجوب في صورة العلم أو الاطمئنان المذكور؛فللإجماع(1) على السقوط حينئذٍ، ولكن ظاهر عبارة الشرائع(2): السقوط فيصورة غلبة الظنّ أيضاً، والظاهر أنّه لا مجال له كما سيأتي في شرح المسألةالآتية إن شاء اللّه تعالى.
وهنا إشكال لصاحب الجواهر(3)، خلاصته: أنّ اعتبار هذا الشرط مشكلبالنسبة إلى المرتبة الاُولى من مراتب الأمرين، وهو الإنكار القلبي؛ لأنّه ليسهناك إظهار حتّى يشترط فيه احتمال التأثير، إلاّ أن يقال: إنّ المراد منه ليسمعناه بحسب الظاهر؛ لأنّه من توابع الإيمان، بل المراد إظهار عدم الرضا بنحومن الإعراض وإظهار الكراهة، ولهذه الجهة تعدّ آمراً وناهياً، وإظهاره أمرونهياً.
- (1) راجع منتهى المطلب 2: 993 س13، الطبعة الحجريّة، وتحرير الأحكام 2: 241، وجواهر الكلام22: 627.
- (2) شرائع الإسلام 1: 342.
- (3) جواهر الكلام 22: 627 ـ 628.