(صفحه230)
مسألة 24: يصحّ أن يصالح الشفيع المشتري عن شفعته بعوض وبدونه، ويكونأثره سقوطها، فلا يحتاج إلى إنشاء مسقط، ولو صالحه على إسقاطه، أو على تركالأخذ بها صحّ أيضاً ولزم الوفاء به، ولو لم يوجد المسقط وأخذ بها، فهل يترتّبعليه أثره ـ وإن أثم في عدم الوفاء بما التزم ـ أو لا أثر له؟ وجهان، أوجههما أوّلهمفي الأوّل، بل في الثاني أيضاً إن كان المراد ترك الأخذ بها مع بقائها، لا جعله كنايةعن سقوطها1.
1ـ مصالحة الشفيع مع المشتري لحصّة الشريك على أنحاء:
الأوّل: أن يصالحه على حقّ شفعته بعوض أو بدونها، ويكون أثرهسقوطه بلا احتياج إلى إنشاء مسقط، وقد علّله في الشرائع بأنّه حقّ ماليّفينفذ فيه الصلح(1).
الثاني: أن يصالحه على إسقاطه الّذي هو عمل وفعل للشفيع.
الثالث: أن يصالحه على ترك الأخذ بالشفعة، وقد احتمل في هذا النحوأن يكون المراد ترك الأخذ بها مع بقائها، وأن يكون المراد جعله كناية عنسقوطها كالنحو الأوّل.
والمصالحة في كلا النحوين: الثاني والثالث صحيحة ويلزم الوفاء بها،ولو لم يوجد هناك مسقط وأخذ بالشفعة فيهما، فقد تردّد في أنّه يترتّب عليهأثره ـ وإن أثم في عدم الوفاء بما التزم، كمخالفة الشرط الصحيح، كالخياطةمثلاً في البيع، حيث لا توجب البطلان، غاية الأمر ثبوت خيار تخلّف الشرطهناك ـ أو لا أثر لأخذه بالشفعة، فيه وجهان، جعل الأوجه في الأوّل؛ وهي
- (1) شرائع الإسلام 3: 264.
(صفحه231)
المصالحة على الإسقاط الأوّل؛ لأنّ الإسقاط المتصالح عنه فعل الشفيع وعمله.
وقد التزم به بسبب المصالحة، فترك العمل بالمصالحة لا يوجب سقوطحقّ الشفعة، بل جعل الأوجه في الثاني ـ أي الثالث في تقسيمنا ـ الأوّل أيضبناءً على الاحتمال الأوّل فيه. وأمّا بناءً على الاحتمال الثاني، يكون المراد جعلهكناية عن سقوطها، فالظاهر هو السقوط، فتدبّر.
(صفحه232)
مسألة 25: لو كانت دار مثلاً بين حاضر وغائب، وكانت حصّة الغائب بيدشخص باعها بدعوى الوكالة عنه، لا إشكال في جواز الشراء منه، وتصرّف المشتريفيما اشتراه أنواع التصرّفات ما لم يعلم كذبه، وإنّما الإشكال في أنّه هل يجوزللشريك الأخذ بالشفعة وانتزاعها من المشتري، أم لا؟ الأشبه الثاني1.
1ـ لو كانت دار مثلاً مشتركة بين حاضر وغائب، وكانت حصّة الغائببيد شخص يدّعي الوكالة عنه في البيع فباعها، فتارةً: يلاحظ الحكمبالإضافة إلى المشتري عن مدّعي وكالة الغائب، واُخرى: يلاحظ الحكمبالإضافة إلى الشريك الحاضر.
أمّا الأوّل: فقد ذكر في المتن أنّه يجوز له الشراء أوّلاً، ويجوز التصرّفللمشتري فيما اشتراه أنواع التصرّفات ثانياً ما لم يعلم كذب الوكيل في ادّعائه؛فإنّه حينئذٍ لا يجوز له الشراء ولا التصرّفات؛ والوجه فيه: أنّه حينئذٍمدّع بلا معارض. نعم، في صورة العلم بالكذب لا يترتّب على دعواه أثر،كما لا يخفى.
وأمّا الثاني: فقد تردّد فيه في المتن في ثبوت حقّ الشفعة للشريكوالانتزاع من المشتري، والعدم، ثمّ جعل الثاني أشبه؛ والوجه فيه: أنّكعرفت(1) أنّ الشفعة من أصلها يكون على خلاف الأصل والقاعدة، وظاهرأدلّة ثبوتها إنّما هو الثبوت فيما إذا تحقّق البيع من الشريك البائع، أو وكيلهالمسلّم.
وأمّا صورة بيع مدّعي الوكالة عن الشريك مع عدم العلم بصدقه، فأدلّة
- (1) في ص195 ـ 196، 201 ـ 202، 215 و 229.
(صفحه233)
الشفعة منصرفة عنها، والظاهر أنّ المراد بالعلم ليس خصوص القطع الّذي هيحجّة عقليّة، بل أعمّ منه ومن الاطمئنان الّذي هي حجّة عقلائيّة وعرفيّة،كما نبّهنا عليه(1) مراراً.
ثمّ لا يخفى أنّ مسائل الشفعة وفروعها كثيرة، وحيث إنّه اقتصر الماتن قدسسره على ما ذكر، فلذا اقتصرنا في الشرح على المقدار الّذي أفاده، والتفصيل يطلبمن الكتب الفقهيّة المفصّلة، كالجواهر وشبهها(2).
- (2) تحرير الأحكام الشرعيّة 4: 557 ـ 599، تذكرة الفقهاء 12: 193 ـ 370، الدروس الشرعيّة 3: 355 ـ 380،جامع المقاصد 6: 342 ـ 493، مسالك الأفهام 12: 259 ـ 386، مجمع الفائدة والبرهان 9: 5 ـ 47، مفتاحالكرامة 18: 394 ـ 800 ، رياض المسائل 12: 297 ـ 341، جواهر الكلام 37: 237 ـ 474.
(صفحه234)
كتاب الصلح